مالك سلطان يكتب: لا وقت للراحة أمام الشركات الناشئة

مع إتجاه بنك الإحتياط الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة بشكل متكرر و الانخفاض الشديد في أسعار أسهم الشركات التكنولوجية بمؤشر ناسداك في أمريكا، وفي مصر أيضا مع قواعد تنظيم الاستيراد الجديدة، ظهرت تحديات جديدة أمام الشركات الناشئة، تحديات تتشابه ما واجهته هذه الشركات خلال عامي 2000 و 2008.
ما حدث أن التمويل أصبح أصعب، وإقبال المستثمرين أصبح أقل بسبب إرتفاع سعر الفائدة في أمريكا وغيرها من بلدان العالم، كما أن الإنهيارات المتتالية في أسعار أسهم التكنولوجيا في أمريكا خلقت مزيدا من القلق، خاصة على صعيد الشركات المصرية الناشئة التي تعتمد علي بيع بضائعا مستوردة، حيث خلق ذلك تحديا إضافيا فماذا تفعل ؟.

أولا: لو أن هناك شركه ناشئة و استطاعت جمع تمويل جيد قبل مارس 2022، فهذه فرصة إستثمارية كبيرة ، لأن المنافسين قد يتعثرون في الحصول على التمويل فسيصبح لديك فرصة نمو علي حسابهم، لكن يجب الحرص علي “الكاش” وأن يتم الإنفاق بحذر، بمعني أن كل ما يتم صرفه يجب أن يساهم بشكل واضح في تحقيق النمو.
هناك معادلة مهمة وهي كيفية الحفاظ علي ” الكاش” أطول فترة ممكنة وكيفية الإنفاق بشكل يحقق نموا جيدا في الوقت الذي يتراجع فيه المنافسين.

ثانيا: لو أن الشركة الناشئة حاليا في وضع البحث عن تمويل فيجب مراعاة أن الوضع لن يكون سهلا، حيث أن طلبات صناديق رأس المال المخاطر ستكون أكبر و التقييم سيكون أقل و كثيرا منهم سيرفضون الدخول، نظرا لأن الصناديق ستكون أكثر حرصا عند الدخول في تمويل أي شركات ناشئة جديدة لذا يجب أن تقوم الشركة الناشئة ببعض الخطوات على سبيل المثال:

– يجب الإتقاء بأكبر عدد ممكن من الصناديق الإستثمارية، فكلما تمت مقابلة عدد كبير منها كلما كانت فرصة الحصول على تمويل أكبر.

– ضرورة البحث عن الصناديق الإفريقية التي قد تكون مهتمه بمصر، وعدم الإكتفاء بالبحث عن الصناديق الإستثمارية المعروفة ، فهناك صناديق كثيرة مهمتة بمصر لكنها تحتاج مجهودا أكبر للوصول إليها.

– يجب التدرب لساعات طيولة على كيفية عرض الشركة أمام المستثمرين، فيجب التجهيز المسبق بشكل جيد للإجابة عن كافة التفاصيل التي تخص الشركة.

– الوضع في الحسبان أن الضغط النفسي سيكون شديدا جدا، وستحتاج الشركة لساعات طويلة تقابل فيها المستثمرين المحتملين و ساعات اطول للتركيز في نشاط الشركة والعمل على نموها وتنفيذ خططها، فلا وقت للراحة.

– فرص النجاح في الحصول على تمويلات تزيد كلما كان الرؤية عن النمو و الربحية واضحة، وكلما تمكنت الشركة من أن تثبت أن الوحده المباعة تحقق مكاسب، مع الوضع في الإعتبار تكاليف الإنفاق علي التسويق و التكنولوجيا الضروريان للنمو، وسيتم تغطية تكاليفهما بعد فتره النمو.

ثالثا: إذا كانت الشركة الناشئة متوسطة الحجم وفي إحتياج للتمويل فإن الأمر يحتاج مزيد من الحكمة .

– هناك إحتمالات لتقبل جولات تمويلية “داون راوند” وهي التي يكون فيها التقييم أقل من الواقع أو من أخر عمليات تقييمم، لذا يجب الإستعداد لهذا السيناريو والحديث بوضوح مع المستثمرين الفعليين كما أن الامر يحتاج بذل مزيد من الجهد معهم.

– يجب العمل على تقليص النفقات والتكاليف، وهناك شركات ناشئة كبيرة في أمريكا أعلنت عن تخفيض عدد الموظفين بنسب ١٠٪ أو أكثر ، ويجب أن يكون هناك خطة واضحة أمام المستثمرين بشأن تقليص التكاليف، مع مراعاة البعد الإجتماعي في حال الإتجاه لتقليص عدد الموظفين.

– هذا أفضل وقت للإندماجات و الاستحواذات، والأمر يحتاج إلى تخطيط جيد والإعداد خاصة أن تلك العملية معقدة وليست بسيطة وتحتاج تخطيط طويل و تفاوض أطول .

– الأمر الأكثر أهمية هو كيفية تحسين وضعية الشركة ومنتجاتها والخدمات التي تقدمها كي تصبح أكثر تنافسية وتسهم في زيادة الدخل، وأيضا الدراسة الجيدة للسوق أمر هام جدا للتحسن.

– القدرة على الصمود في المواقف الصعبة وأمام الرياح العاتية التي تجتاح الأسواق وعدم الإستسلام لها، سيساعد في تجاوز الاوقات العصيبة وستصبح من الماضي وسيتم تذكرها بنوع من الفخر .

رابعا: إذا كان لديك فكرة لشركة ناشئة و لم تبدأ بعد، فلا تترك عملك الحالي الذي يمنحك دخلا حتي تستطيع أن تغلق جوله تمويلية توفر تلك ما يكفيك لتمويل فترة زمنية تصل إلى 18 شهرا على الأقل ، فالوقت الحالي ليس وقت التهمر إلا إذا كانت فكرة مشروعك إستثنائية.

خامسا: هناك مجموعة نصائح عامة قد تفيد في مثل هذه المواقف:

– يقول وارن بافيت “حين نعوم معا في البحر فان الامواج تغطينا، لكن حين تنحسر سنعرف من كان يعوم عاريا”، بمعني مع إنخفاض التمويل المتاح سنعرف ما هي الشركات القوية فعليا و ما هي الشركات التي كانت مجرد دعاية وتعتمد على التسويق فقط ولا تستند إلى منتج قوي و طلب حقيقي ينمو.

في مثل هذه الأوقات تزداد أهمية المدير المالي المحترف ، القادر على عمل تقارير مالية تفصيلية، بما يساعد على وضع خطط مستقبلية منضبطة ودقيقة، وكي تتمكن الشركة من إقناع المستثمرين الحاليين و المرتقبين بضخ أموال داخل الشركة ، وإيجاد مثل هذا المدير المالي لن يكون سهلا ولكنه ضرورة.

– الإعتماد على منتجات و مدخلات إنتاجية مستوردة يزيد من معامل المخاطر لدى الشركة الناشئة في ظل الأوضاع الحالية، لذا يجب العمل على تغيير ذلك والاعتماد علي منتج أو مدخل إنتاج محلي، وإن كانت هذه ليست مهمة سهلة ، بالإضافة إلى أن الأوضاع الحالية تتطلب بناء علاقات إستراتيجية قوية مع أصحاب المنتج المحلي، وفي نفس الوقت العمل على التوسع في الأسواق الخارجية خاصة الخليجية وشرق إفريقيا.

– في النهاية ..في وقت الأزمات تأتي الثروات، سيحتاج الأمر لإنضباط نفسي و عقلي ضخم و قدرات تخطيطية إستثنائية و ومرنة و قدرة تفاوض بارعة ولنكن على يقين بأن هناك دوما فرصة.

مالك سلطان، شريك مؤسس صندوق ديسربتك لراس المال المخاطر

اقرأ أيضا..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.