كشف تقرير صادر عن البنك الدولي، عن أن اعتماد التقنيات الرقمية في كل أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 46 بالمئة على الأقل على مدى 30 عامًا، مع مكاسب تقدّر بحوالى 300 مليار دولار في السنة الأولى وحدها.
وذكر التقرير ان المبالغ التي أنفقتها الإمارات العربية المتحدة وقطر على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ساهمت في رفع إجمالي إنفاق منطقة الخليج على القطاع إلى 70 مليار دولار أمريكي، ما جعل الدولتين من بين الدول الخمس الأكثر تحسنًا في مجال الشمول الرقمي بين عامي 2017 و2020.
واعتبر التقرير مصر ثالث أفضل دولة تشهد تحسّنًا في مجال الشمول الرقمي في تصنيفات شركة رولاند بيرجر نظرًا للتقدم الملحوظ الذي حققته في هذا المجال.
في ظل تحوّل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتزايد نحو الاستثمار في المجتمعات الشاملة رقميًا من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية وتحسين خدماتها الحكومية، برزت “فجوة رقمية” تستدعي شمولًا رقميًا على نطاق أوسع. ويأتي ذلك وفقًا لأحدث تقرير صادر عن شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط بعنوان “سدّ الفجوة الرقمية: حالة الشمول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
ينظر التقرير في التباينات الرقمية السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نظرًا لتنوّعها الثقافي والمالي، ما يؤدي إلى وجود فجوة رقمية، وفي الأثر المترتب على تحقيق الشمول الرقمي. ويشمل ذلك إطلاق العنان للإمكانيات الكاملة للمنطقة، والحدّ من حالات عدم المساواة، وتعزيز مشاركة المنطقة في الاقتصاد الدولي.
ووفقًا لدراسة أجرتها شركة رولاند بيرجر وتقوم على مقارنة 80 دولة في جميع أنحاء العالم لتتبّع معدّل الشمول الرقمي، اتضح أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأتي في مرتبة خلف أمريكا الشمالية وأوروبا وذلك من حيث الدرجات التي حققتها في الشمول الرقمي والتي هي أدنى بقليل من المتوسط العالمي. وقد قيّمت هذه الدراسة الشمول الرقمي استنادًا إلى أربعة مقاييس: إمكانية الوصول إلى المعدات الرقمية، والقدرة على تحمّل تكاليف الوصول الرقمي، والقدرة على فهم الأدوات والإجراءات الرقمية، ومدى الاستعداد لاعتماد الحياة الرقمية.
وينطوي الشمول الرقمي على مجموعة من المنافع الاجتماعية والاقتصادية، فبحسب التقرير الجديد الصادر عن البنك الدولي، يعزّز اعتماد التقنيات الرقمية في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا النموّ الاقتصادي، ويزيد من مشاركة المرأة في القوى العاملة، ويحدّ من البطالة الانتقالية.
وقد توصل التقرير إلى نتيجة مفادها أن الشمول الرقمي سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 46 بالمئة على الأقل على مدى 30 عامًا، مع مكاسب يقدّر أن تصل إلى 300 مليار دولار في السنة الأولى وحدها. كذلك، توقّع التقرير أن تتضاعف نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 40 مليون إلى 80 مليون على مدى ثلاثين عامًا في حين تنخفض البطالة الانتقالية من 10 بالمئة إلى 7 بالمئة خلال فترة تمتد على ست سنوات وصولًا إلى 0 بالمئة في غضون ستة عشر عامًا.
وفي هذا السياق، علّق فادي قماطي، الشريك في قسم الاستراتيجيات والتحوّل في مجال الرقمنة، والتقنيات، والأمن السيبراني، قائلًا: “تعمل الحكومات في كل أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الاستثمار في العديد من مبادرات الشمول الرقمي،إلا أن التداعيات المترتبة على الفجوة الرقمية تختلف من دولة إلى أخرى.
ففي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يسير الشمول الرقمي على المسار الصحيح نظرًا إلى الجهود الرائعة التي تبذلها المنطقة.
وتعدّ الإمارات العربية المتحدة وقطر من بين الدول الخمس الأكثر تحسنًا في مجال الشمول الرقمي بين عامي 2017 و2020، فقد استثمرت الدولتان مبالغ ضخمة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ما أدى إلى ارتفاع استثمارات منطقة الخليج في هذا المجال لتصل إلى 70 مليار دولار وذلك بحسب دراسة أجرتها شركة رولاند بيرجر. وقد تبيّن أن التحديات الكبيرة التي تواجهها الدول المتوسطة أو المنخفضة الدخل تشمل التمييز بين الجنسين، والمشاكل المتعلقة بالخصوصية الاقتصادية والرقمية، والاتصال المحدود في بعض المناطق الريفية، ما يؤدي إلى بطء ملحوظ في هذا المجال”.
وأضاف قائلًا: “مع أن بعض التحديات الرقمية ما زالت قائمة في هذه الدول، تم اتخاذ مجموعة من الخطوات الفعالة بهدف تعزيز الشمول الرقمي. فقد حققت مصر تقدمًا واضحًا في هذا المجال من خلال تحسين إمكانية الوصول إلى حد كبير، وتعزيز توافر البيانات على الهاتف الجوال، وتحسين البنية التحتية للتغطية، وتعزيز القدرة على تحمل التكاليف، وهذا ما انعكس على الدرجة الإجمالية التي حققتها مصر في مؤشر الشمول الرقمي الخاص بشركة رولاند بيرجر إذ ارتفعت من 52 في العام 2017 إلى 60 خلال العام 2020، ما جعلها ثالث أفضل دولة تشهد تحسّنًا في تصنيفات الشركة.
وتؤكّد هذه الجهود، إلى جانب المبادرات الأخرى التي أطلقتها المغرب وتونس، الآفاق الواعدة المتعلقة بتحسين الشمول الرقمي في الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل بشكل خاص وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام”.
وأخيرًا، بحث التقرير في عدد من الحلول المحتملة التي من شأنها معالجة العوائق التي تواجهها المنطقة في مجال الشمول الرقمي وسدّ الفجوة الرقمية. ويمكن تحقيق هذه الغاية باعتماد طرق مختلفة مثل: تعزيز الاتصال الرقمي، وتطوير الأنظمة والتشريعات الرقمية المناسبة لتعزيز الثقة الرقمية والاستثمار في مبادرات التوعية المستهدفة، والتعلم النشط للإلمام بأساسيات المجال الرقمي، وتبني ثقافة تدعم مشاركة المرأة في المجال الرقمي في المجتمعات التي ما زالت بحاجة إلى ذلك في المنطقة.