جوجل تجري تحديثا على محركها البحثي بأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي

المصدر:وكالات

تعرضت جوجل على مدار أشهر لضغوط لتحديث نشاطها البحثي الأساسي والتعاطي مع ظهور برامج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إنشاء المحتوى وفقا لموقع الشرق بلومبرج.

بدأت الشركة تقديم المزيد من منتجاتها للجمهور. وفي مؤتمرها السنوي للمطورين، كشفت عملاقة التكنولوجيا عن إصدار من محرك البحث الخاص بها يستخدم النماذج اللغوية الكبيرة وأدوات الذكاء الاصطناعي المدربة على كميات هائلة من النصوص للإجابة على استفسارات المستخدمين في صورة حوار.

سيُتاح التحديث فقط في مساحة تجريبية جديدة يُطلق عليها اسم (سيرش لابس) أو “مختبرات الأبحاث”، والتي سيتمكن المستخدمون من الوصول إليها بعد الإدراج في قائمة انتظار. بعض الميزات قد تُضاف في النهاية إلى محرك البحث الرئيسي فيما سيُصرف النظر على الأخرى تماماً.

يعزل هذا النهج “جوجل” عن بعض المخاوف الأخلاقية المحيطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما يمنح الشركة أيضاً مزيداً من الوقت لتقييم التأثير على نشاط إعلانات البحث، المحرك الرئيسي لإيرادات شركتها الأم “ألفابت”.

وعليه، فإن “جوجل” تتبع بذلك موقفاً يتجنب المخاطرة أكثر من الذي تتبناه “مايكروسوفت”، والتي عززت بالفعل محرك البحث الخاص بها، “بينغ” (Bing)، بتكنولوجيا شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) الناشئة، وجعلت أدوات الذكاء الاصطناعي متاحة على نطاق واسع للجمهور. غير أنه في ظل سيطرة “غوغل” على نحو 93% من سوق البحث العالمية على الإنترنت، فإن لدى الشركة الكثير لتخسره.

وقال برابهاكار راغافان، نائب الرئيس الأول في “غوغل”، في مقابلة قبل المؤتمر، إن الشركة تحاول أيضاً التفكير في كيفية تحديد التوقعات مع المستخدمين بشأن قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

أضاف راغافان: “أحد الأسئلة الجوهرية بالنسبة لي هو، كيف تحدد بدقة ما يمكن وما لا تستطيع هذه الأشياء فعله بطريقة مفهومة للمستخدمين والشركات؟ أو للنظام البيئي ككل؟ في كلتا الحالتين، كان المستثمرون متفائلين. فقد ارتفعت أسهم “ألفابت” 4.4% إلى 111.75 دولار، لتكون صاحبة أفضل أداء على المؤشر ناسداك.

منذ إطلاق “أوبن إيه آي” برنامج الدردشة الشهير “تشات جي بي تي” (ChatGPT) العام الماضي، بدأ الناس على نحو متزايد تجريب أدوات الذكاء الاصطناعي للقيام بمهام تستغرق وقتاً طويلاً، مثل التخطيط للحفلات أو البحث عن منتج.

ساق راغافان مثال تخطيط رحلة إلى باريس، والتي تتطلب التحقق من ساعات عمل المؤسسات المحلية- وهي مهمة يمكن بسهولة أن تراوغ نظام ذكاء اصطناعي. فعندما سُئل راغافان عما إذا كانت أداة بحث “غوغل” المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، والمعروفة باسم “إس جي إي” (SGE)، اختصار لـ”تجربة البحث التوليدي”- يمكنها تنفيذ مثل هذه المهمة، أجاب: “يوماً ما”.

وإذا جاءت إجابات الذكاء الاصطناعي سريعة تغلفها الثقة، فقد يصدقها الناس دون التحقق من الحقائق. وقال راغافان: “نريد أن يكون عمل هذا التطبيق جديراً بالثقة للمستخدمين. لم نصل لذلك المستوى بعد.”.

بيد أن “جوجل” أشارت في عرضها التقديمي إلى أنه لا يزال هناك العديد من الطرق التي يمكن للشركة من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لمساعدة المستخدمين حالياً.

وقالت ليز ريد، نائبة رئيس البحث لدى الشركة إن “جوجل” تركز في مختبرات البحث الخاصة بها على مساعدة المستخدمين على إنجاز المهام “الصعبة” في الإصدار الحالي من محرك البحث، والتي تتطلب استفسارات متعددة. وأضافت في مقابلة: “نعتقد بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو نوع من التطور التالي للبحث، ويمكن أن يساعد في زيادة سرعته”.

ثمة حدود للمدى الذي ستذهب إليه “غوغل”. فبالنسبة للاستفسارات الشديدة الحساسية، مثل الانتحار، قالت ريد إن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي من “جوجل”، لن تتفاعل معها. (ستعرض الشركة بدلاً من ذلك معلومات عن منع الانتحار). وستأتي عمليات البحث عن مواضيع أخرى، مثل الصحة والتمويل، مصحوبة بإخلاء مسؤولية يفيد بعدم استخدام الردود كنصيحة.

تضيف ريد: “نعلم أنه حتى مع كل هذا، سنظل نرتكب الأخطاء. ولهذا السبب نطلقها في مختبرات البحث ونحاول أن نكون واضحين جداً في رسائلنا وفي (التأكيد على) أن المنتج هذا لا يزال تجريبياً إلى حد بعيد”.

سبق أن اختبرت “جوجل” ميزات بحث جديدة من خلال تقديمها لمجموعات عشوائية من المستخدمين.

قالت ريد إنه من خلال طرح “مختبرات البحث”، تأمل “غوغل” في الدخول في حوار أكثر تفاعلاً مع المستخدمين حيال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وأضاف أنه سيكون بوسع المستخدمين إبداء القبول أو الرفض في التعليق على النتائج، على أن تراجع الشركة انتهاكات السياسة المحتملة باستخدام “مزيج من البشر والآلات”.

ورغم هذه الاحتياطات، أعرب خبراء في أخلاقيات التكنولوجيا عن قلقهم من أن بدء الشركات بطرح التقنيات الناشئة لمجموعات أصغر من المستخدمين غير كاف.

ونادوا بضرورة اتخاذ هذه الشركات خطوات أخرى للتخفيف من الآثار الضارة على الأشخاص، وخاصة المنتمين لفئات تعاني نقص التمثيل والأقليات، والتي يمكن أن تكون عرضة لخطر شديد عند ظهور تقنية جديدة.

دائما ما تواجه شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “غوغل”، التي تستثمر بقوة في الأبحاث، أسئلة عن توقيت مشاركة نتائجها مع المجتمع الأكاديمي ومتى يجب التركيز على دمج التطورات التكنولوجية في المنتجات.

قال راغافان إن الشركة تعمل حالياً على “ضبط” نهجها، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي السريع التطور. و”أتوقع تماماً أن نستمر في المساهمة في مجتمع علوم الكمبيوتر، ولكن من المحتمل أن نستمر في البحث بجدية أكبر في تحويل الأشياء (الأبحاث) إلى منتج بسرعة”.

عند سؤاله عما إذا كان الذكاء الاصطناعي التوليدي ولد ليبقى، استشهد راغافان بطبيعة “الصندوق الأسود”؛ في إشارة إلى فكرة أن الأشخاص الذين يبنون نماذج الذكاء الاصطناعي هذه لا يفهمون دائماً سبب اختيارها لإجابة دون أخرى.

أضاف: “هذه الأشياء مبهمة للغاية. لذلك من المتصور وجود سبب غامض لم يُعرف حتى الآن، إنه أمر مروع للغاية.. فعلينا أن نأخذ نفساً عميقاً ونستعد لما هو تالٍ”.

وقال راغافان إنه مع تقدم التكنولوجيا، ستكون “غوغل” حريصة على ضمان أن الفوائد التي تعود على المستخدمين من الذكاء الاصطناعي التوليدي تفوق الأضرار. وأضاف: “في الوقت الحالي، تُظهر الدراسات واختبارات المستخدمين أنهم يكتسبون قيمة من هذا. وهذا بالنسبة لنا الغاية والمراد”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.