بقلم:محسن محمود
قبل عدة أسابيع أخبرني صديق مصرفي قدير أن الفترة المقبلة سيشهد القطاع المصرفي، أفكارا عديدة خارج الصندوق، لم يَعتد عليها القطاع ولا الشارع الاقتصادي في مصر ولا المواطنين.
أخذت كلامه بشئ من الأمل في أن القادم سيكون أفضل وهناك حقا حلولا لدى القطاع المصرفي المصري الذي لطالما كان هو حائط الصد المنيع للإقتصاد المصري في كل أزماته، وقائد نهضته وقت البناء.
هذا الحديث، ذكرني على الفور بنقاشات لي مع العديد من القيادات المصرفية في مصر قبل عدة أشهر حول كيفية الخروج من أزمة نقص الموارد الدولارية في البلاد وإيجاد حلول لها، مع تزايد عمليات المضاربة على الدولار في السوق السوداء، وما صاحبها من إرتفاعات مرعبة لأسعار السلع.
أفكار عديدة تم طرحها وقتها، كانت تهدف إلى إيجاد حلول للتعامل مع سيكيولوجية المضاربين على الدولار الذين صعب كبحهم، والذين كانوا يرغبون في الإحتفاظ بالعملة الأمريكية وليس لديهم استعداد للتنازل عنها ختى مقابل أسعار الشهادات التي رأوا أنها لا ترضي طموحهم، ولا تمكنهم من مواجهة التضخم.
أيضا كان المصريون في الخارج واستعادة ثقتهم من جديد، بعد أشهر من التراجع الملحوظ في تحويلاتهم التي كانت تعد المورد الأول للنقد الأجنبي لمصر، هي أحد أهم المحاور التي جرى التفكير فيها، ووسط كل ذلك، جاءت فكرة طرح أوعية إدخارية بالدولار يصرف عائدها بالجنيه المصري.
هذه الأوعية توفر العديد من المميزات وتسهم بشكل كبير في حل المعادلة الصعبة والأزمة التي تكبل سوق النقد الأجنبي، حيث كان مكتنزو الدولار :بين نارين” الأولى رغبتهم في الإحتفاظ بالدولار كقيمة تحفظ أموالهم في ظل التراجع المستمر في قيمة العملة المحلية، وثانيها رغبتهم في الحصول على عائد بالجنيه المصري يتسطيعون من خلاله الإنفاق على إحتياجاتهم اليومية.
وبعدما كان هناك ثمة صعوبات كبيرة في طرح شهادات ذات عائد مرتفع ما بين 25 و 30% والتي كثيرا ما طالب بها السوق، على إعتبار أنها كانت تعويضا عن إرتفاع الأسعار، لكن نظرا لتكلفتها الباهظة على البنوك وعلى الموازنة العامة للدولة، كان هناك صعوبة كبيرة لطرحها وبالتالي حل تلك الأزمة.
وجاءت فكرة طرح أوعية إدخارية بالدولار، بعائد مرتفع لكن يصرف بالعملة المحلية – الجنيه، كحل أرى أنه “مثالي” لتلك المعضلة، حيث ستحقق لكل طرف هدفه وسيحصل الطرفان على “الدولار”، حائز الدولار لن يفقده بوضعه وديعة في البنك، وكذلك البنك سيحصل على الدولار الذي شحت مصادره مؤخرا، وعائد مرضي للكل الأطراف المودع الذي سيحصل على عائد مرتفع جدا مقارنة بعائد الدولار المحدود وأيضا في نفس الوقت تكلفة وأعباء أقل على البنوك والدولة نظرا لأن العائد سيصرف بالجنيه وبسعر البنك الرسمي.
وأرى أن أكثر مزايا هذه المقترح، يتمثل في القضاء على السوق السوداء، التي نهشت في عظم الاقتصاد طوال الفترة الماضية، وساهمت بشكل كبير تعقيد الأوضاع.
ومع ما يتم تداوله من مستندات لا يوجد هناك ما يؤكدها أو ما ينفيها، حول دراسة بنوك طرح شهادات دولارية بعائد يصل إلى 17% يصرف بالجنيه المصري، أتمنى أن تكون حقيقة لأنها ستسهم بدرجة كبيرة في توفير الدولار وستمثل ضربة قاسمة للسوق السوداء.
أعلم أن الواقع أكثر تعقيدا من الأفكار البسيطة، لكن إذا ما كانت تلك الأفكار محل دراسة فعلا وقابلة للتحقيق ، أتمنى أن تتم يآلية ميسرة وتسهم في استعادة الثقة وتنفذ بشكل سليم، مع ووضع آليه شرعية تتيح لحاملي الدولار والتي يكتنزونها في منازلهم شراء تلك الشهادات وهو ما سيسهم في نقل هذه الدولارات من المنازل إلى البنك، وأيضا تخفيف الاشتراطات الخاصة بالتحويلات من الخارج.
بقلم محسن محمود
رئيس تحرير بوابة التكنولوجيا المالية
www.FIntechgate.net
editor@fintechgate.net