بقلم: د/ مروة المصري
بكل تأكيد يلعب فن النحت دورًا هامًا في تحقيق الهوية المعمارية للمدن، و يعود استخدام النحت في العماره إلى العصور القديمة، وتستمر هذه العلاقة بين النحت والمعمارى حتى الوقت الحاضر، حيث يتم استخدام النحت كوسيلة لإبراز الهوية المعمارية للمدن وتعزيز الروح الثقافية والتاريخية للمكان، كما ان النحت تطور من مفهومه في عمل كتله مجسمه تحوي مضمون معين الي كون مجسم ثلاثي الابعاد ينتشر بالفراغ ليكون حاله تساهم في بناء مفهوم محدد مثل ما بطلق عليه التجهيز بالفراغ وفن الارض وفنون البيئه باشكالها المختلفه، كما يمكن استغلال المواد السابقه الصنع وعمل ما يطلق عليه فن التجميع او ( الاسيمبلاج) ، وأيضا ان ارتباط النحت بالعماره يمكن ان يكون في صوره التقليديه او تشكيل العماره بشكل مجسم نحتي، هناك تأثيرات متبادلة لفن النحت في تحقيق الهوية المعمارية للمدن، وذلك من خلال :
تعزيز الهوية المحلية: يساهم فن النحت في خلق هوية معمارية فريدة للمدن، حيث يمكن أن يتم تشكيل المنحوتات بشكل يعبر عن التراث الثقافي والتاريخي للمجتمع المحلي، وبالتالي يعزز الشعور بالانتماء والهوية المحلية لدى السكان والزوار.
إثراء التجربة الحضرية: يعمل النحت على إثراء التجربة الحضرية وجعل المدن أكثر جاذبية وجمالًا. يمكن أن يتم وضع النحتات في الأماكن العامة مثل الحدائق والساحات والشوارع، مما يعزز الجمالية المعمارية ويخلق بيئة حضرية فريدة ومميزة.
إبراز العناصر الثقافية والتاريخية: يستخدم النحت لإبراز العناصر الثقافية والتاريخية الهامة في المدينة. يمكن أن يتم تصميم النحتات لتمثيل أحداث تاريخية مهمة، أو رموز ثقافية مميزة، أو شخصيات تاريخية مشهورة، مما يساهم في تعزيز الوعي التاريخي والثقافي للمجتمع.
تعزيز الجذب السياحي: يمكن أن يصبح النحت جزءًا من معالم المدينة ومعالمها السياحية. يستطيع النحت أن يكون وسيلة لجذب السياح وزيادة الاهتمام بالوجهات السياحية، حيث يعتبر الجمال المعماري والفني جزءًا من تجربة السياحة في المدينة.
تفاعل المجتمع: يمكن للنحت أن يساهم في تعزيز التفاعل بين المجتمع والمكان العام. يمكن أن تصبح النحتات موضوعًا للنقاش والتفاعل الاجتماعي، وتشجع الزوار والسكان على المشاركة والاستمتاع بالفن والتعبير عن آرائهم وانطباعاتهم حول الأعمال النحتية.
كما أن استخدام فن النحت في التصميمات الداخلية للمباني أصبح له دور رئيسي وهام في تحقيق الاستدامة العمرانية بعدة طرق إعادة التدوير والاستخدام المستدام للمواد ، حيث يمكن استخدام النحت لتحويل المواد المعاد تدويرها أو المواد الطبيعية المستدامة إلى أعمال فنية داخلية، على سبيل المثال، يمكن استخدام الأخشاب المعاد تدويرها في نحت الجدران أو الأعمدة الداخلية للمبنى. هذا يقلل من استهلاك الموارد ويعزز الممارسات المستدامة في التصميم الداخلي، وكذلك تعزيز الإضاءة الطبيعية.
ويمكن استخدام النحت لخلق تأثيرات ضوئية مبتكرة وتوجيه الإضاءة الطبيعية في المبنى. من خلال استخدام تقنيات النحت المعماري المناسبة، يمكن توجيه الضوء ليعكس ويتلاعب بالأشكال والأنماط، مما يقلل من الحاجة إلى الإضاءة الاصطناعية ويوفر الطاقة ، بالاضافه الي تحسين جودة الهواء الداخلي ، حيث يمكن استخدام النحت لتصميم عناصر داخلية تعمل على تحسين جودة الهواء داخل المبنى. على سبيل المثال، يمكن تصميم نظام لوحات نحتية مثقبة تعمل على تنقية الهواء وتحسين تدفق الهواء في المساحات الداخلية، وأيضا تعزيز استخدام الطاقة المتجددة: يمكن استخدام النحت لتصميم عناصر داخلية تدعم استخدام الطاقة المتجددة. على سبيل المثال، يمكن تضمين أعمال نحتية تعمل كألواح شمسية مدمجة في الجدران أو السقوف الداخلية لتوليد الطاقة الكهربائية، وكذلك تعزيز الوعي البيئي: يمكن استخدام النحت لنشر الوعي بالقضايا البيئية والاستدامة. يمكن تصميم أعمال نحتية تعبر عن قيم الاستدامة وتحفز السكان على اتخاذ إجراءات مستدامة في حياتهم اليومية.
وبطل تأكيد تجمع هذه النقاط بين الجمالية الفنية والاستدامة العمرانية في التصميم الداخلي للمباني من خلال استخدام فن النحت بشكل مبتكر ومستدام، يمكن تحقيق تصميمات داخلية فريدة وجميلة تعزز الاستدامة البيئية ، إن استخدام فن النحت في التصميمات الداخلية للمباني يمكن أن يساعد في تحقيق الاستدامة العمرانية بعدة طرق أخري أيضا لعل من أهمها تحسين جودة المواد، حيث يمكن استخدام النحت لإعطاء المواد المستخدمة في التصميمات الداخلية مظهرًا فنيًا وجماليًا.
على سبيل المثال، يمكن نحت الخشب لإضفاء تفاصيل فنية على الأثاث أو الجدران، مما يزيد من جاذبية المساحة الداخلية ويجعلها أكثر جمالًا واستدامة ، و كذلك إعادة التدوير وإعادة الاستخدام ، حيث يمكن استخدام النحت لتحويل المواد المعاد تدويرها أو المواد القابلة لإعادة الاستخدام إلى قطع فنية داخلية. على سبيل المثال، يمكن تحويل الزجاج المعاد تدويره إلى أعمال فنية مميزة مثل اللوحات الزجاجية أو القواطع الزجاجية المنحوتة. يساهم ذلك في تقليل النفايات واستغلال الموارد بشكل أفضل ، وأيضا تحسين الأداء البيئي، فا من خلال استخدام النحت لتصميم عناصر داخلية تعمل على تحسين الأداء البيئي للمبنى.
فعلى سبيل المثال، يمكن نحت الجدران لإنشاء تصاميم تعزز التهوية الطبيعية وتعزز تدفق الهواء والإضاءة الطبيعية في المبنى، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام الطاقة الاصطناعية ، كما أن استخدام النحت يمكن ان يضيف عناصر تعزز التوازن الحراري والعزل الحراري في المبنى. يمكن تصميم أعمال نحتية معقدة تعمل كحواجز حرارية أو جدران مزدوجة، مما يقلل من استهلاك الطاقة الحرارية ويحسن كفاءة التدفئة والتبريد في المبنى ، وكذلك توفير المياه والطاقة، فا يمكن استخدام النحت لتصميم عناصر داخلية تعزز توفير المياه والطاقة في المبنى. على سبيل المثال، يمكن تصميم صنابير مائية نحتية تحد من تدفق المياه أو تصميم أعمال فنية تعمل كمصابيح LED فعالة من حيث استهلاك الطاقة.
وخلال الفتره الاخيره، حدثت مجموعه من التطورات الخاصه بفن النحت ، سمحت بتوفير العديد من التقنيات الحديثة التي يتم استخدامها في فن النحت المعماري، و هذه التقنيات تسمح بتحقيق تأثيرات فنية مبتكرة وتعزيز التفاصيل والدقة في الأعمال النحتية، ومنها :
النحت بالحاسوب (النمذجة ثلاثية الأبعاد): يستخدم النحت بالحاسوب في إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للأعمال النحتية المعمارية. يتم استخدام برامج تصميم ثلاثية الأبعاد مثل AutoCAD وRhino و3ds Max وغيرها لإنشاء نماذج رقمية دقيقة للتصاميم المعمارية، ومن ثم يتم تحويلها إلى أعمال نحتية حقيقية باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد أو الحفر الرقمي.
النحت بالليزر: يتم استخدام تقنية الليزر للنحت على مواد مختلفة مثل الخشب والمعدن والحجر. يتم استخدام الليزر لتحديد الأشكال والتفاصيل بدقة عالية على المواد، ويمكن أن ينتج تأثيرات ضوئية وظلية مميزة. تعتبر التقنية مفيدة في إنشاء تفاصيل دقيقة ومعقدة في الأعمال النحتية.
النحت بالروبوتات: يمكن استخدام الروبوتات المبرمجة للقيام بعمليات النحت على المواد المختلفة. يتم تحميل الروبوت بأدوات النحت المناسبة وتوجيهه لتنفيذ التصميم المطلوب. تتيح هذه التقنية إمكانية نحت تصاميم معقدة وتفاصيل دقيقة بدقة وسرعة عالية.
النحت بالمواد المبتكرة: يتم استخدام مواد جديدة ومبتكرة في فن النحت المعماري، مثل الألياف الزجاجية المقواة بالبوليمر والمواد البلاستيكية المعززة بالألياف والمواد المركبة. تتميز هذه المواد بخفة الوزن والمتانة والقابلية للتشكيل والتعديل، مما يتيح إمكانية خلق تصاميم معمارية فريدة ومبتكرة.
وخلال الفتره الاخيره حدثت تطورات متلاحقه في استخدام فن النحت ، حيث اصبح يمكن استخدام فن النحت في تصميم الأثاث الداخلي للمباني. يمكن أن يضفي النحت لمسة فنية فريدة على الأثاث ويعزز جمالياته. يتيح فن النحت إمكانية تشكيل الأشكال والأنماط والتفاصيل الفريدة التي تعكس الإبداع والتفرد ، و يمكن استخدام النحت في تصميم الأثاث الداخلي بعدة طرق، مثل:
نحت الأخشاب: يمكن استخدام النحت لإضافة تفاصيل محفورة أو منحوتة على الأخشاب المستخدمة في تصميم الأثاث، مثل الجداول أو الكراسي أو الأرائك. يمكن استخدام النحت لإضفاء أشكال هندسية أو أنماط طبيعية أو رموز فنية على الأثاث، مما يعزز جمالياته ويجعله قطعة فنية مميزة في المساحة الداخلية.
تشكيل المعادن: يمكن استخدام النحت لتشكيل المعادن المستخدمة في تصميم الأثاث الداخلي، مثل الحديد المشغول أو الألمنيوم. يمكن استخدام النحت لإضفاء تفاصيل معمارية معقدة أو تشكيلات هندسية على الأثاث المعدني، مما يعزز جاذبيته ويضفي لمسة فنية على التصميم.
النحت على الحجر أو الرخام: يمكن استخدام النحت لنحت الأشكال والتفاصيل على الحجر أو الرخام المستخدم في تصميم الأثاث، مثل الطاولات أو الأعمدة. النحت على الحجر أو الرخام يمنح الأثاث مظهرًا فاخرًا وفريدًا من نوعه.
النحت على المواد الأخرى: بالإضافة إلى الأخشاب والمعادن والحجر والرخام، يمكن استخدام النحت على مجموعة متنوعة من المواد الأخرى المستخدمة في تصميم الأثاث الداخلي، مثل البلاستيك أو الزجاج أو الخزف. يمكن تشكيل المواد هذه بواسطة النحت لإضفاء لمسة فنية فريدة وتخصيص الأثاث حسب الاحتياجات الفنية والجمالية.
بقلم:
دكتوره مروه المصري – المدرس بكليه الفنون التطبيقية
قسم النحت والتشكيل المعماري
جامعه حلوان