چون جميل يطرح التساؤل: هل تمتد عدوى الإنهيار المتسارع للقطاع العقاري في الصين لباقي قطاعات الاقتصاد

الأرض تهتز تحت شركات العقارات الصينية

بقلم چون جميل

يعاني القطاع العقاري في الصين من ضغوطات واسعة، في وقت تواجه فيه كبري شركات التطوير العقاري الصينيه مخاطر محتدمة ما بين التعثر والإفلاس، وسط تراجعات لافتة بالسوق، تنعكس بشكل مباشر على الأسواق الأخرى، لا سيما السلع المرتبطة بالصناعة العقاريه كصناعه مواد البناء، وكذلك على قطاعات رئيسية بالبلاد مثل قطاع البنوك لارتباطه المباشر مع شركات تطوير عقاريه ، فضلاً عن الامتدادات والانعكاسات المحتملة لتلك الأزمة إلى خارج الصين.

يأتي ذلك في وقت تشكل فيه أزمة القطاع العقاري -الذي يعد مصدرا رئيسيا من مصادر الاقتصاد الصيني، ومحرك أساسي لنمو الاقتصاد الصيني للنمو- تهديداً واسعاً لتعافي الاقتصاد الصيني، بينما يواجه القطاع نقصاً حاداً في السيولة منذ نهاية العام 2021 مع انهيار “إيفرغراند” وتبعات ذلك في سياق حالات العجز عن سداد الديون.

وتحت عنوان “العقارات في الصين.. الانهيار المتسارع يهدد الأسواق الأخرى”، ذكر تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن الأرض تهتز تحت شركات العقارات الصينية، وهو ما عبّرت عنه انخفاضات أسعار أسهم القطاع بأكبر قدر هذا العام أخيراً مطلع الأسبوع.

ومع انخفاض سهم Evergrande بنسبة 21 بالمئة بعد إلغاء اجتماعات الدائنين، وبحسب التقرير، فإن خطر انتشار العدوى داخل الصين وخارجها لا يزال قائماً.

كما يمكن أن ينتشر هذا التوتر إلى السلع أيضاً في إشارة للسلع المرتبطة بالقطاع بشكل أساسي، مثل خام الحديد الذي انخفضت أسعاره بأكثر من 4 بالمئة مطلع الأسبوع بالأسواق الصينية.

يأتي هذا في الوقت الذي كان فيه الطلب الموسمي من الصين قوياً وتاريخياً، وتشتري الصين نحو 70 بالمئة من خام الحديد المنقول بحراً في العالم، كما توقف المطورون الصينيون عن إعادة تخزين الفولاذ.

وبحسب “فاينانشال تايمز”، فإن السوق تخشى التخلف عن السداد من قبل شركة Country Garden (أحد أكبر شركات التطوير العقاري في الصين، والمعرضة للتعثر عن السداد فيما يتعلق بسنداتها) وهي الشركة التي كانت الأكثر أماناً في وقت سابق، وقد تراجع أخيراً سعر سنداتها الدولارية إلى أقل من 10 سنتات.

ويأتي ذلك أيضاً في وقت تلوح فيه في الأفق تصفية شركة China Oceanwide بطلب من المحكمة، هذا بالإضافة إلى الضغوطات التي تواجهها شركة China Aoyuan Group Ltd والتي انخفض سعر سهمها بنسبة 73 بالمئة بعد استئناف تداولها بعد توقف دام 18 شهراً.

وعادة ما يكون لأي توتر قلق بالقطاع العقاري تأثير مباشر على أسهم وسندات المطورين، ولكن هناك روابط مع قطاعات أخرى أيضاً، وأبرزها البنوك كذلك؛ فشركة China Oceanwide هي أحد المساهمين في بنك China Minsheng، أكبر بنك مملوك للقطاع الخاص في الصين.

وقد رفعت شركة Minsheng Banking Corp بالفعل دعوى قضائية ضد شركة Oceanwide Holdings لفشلها في سداد ديونها.

وبلاشك ان انهيار إيفرغراند يعد مؤشراً على نقاط الضعف الاساسيه داخل قطاع العقارات في الصين، والذي يمثل ما يقرب من 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هناك.

كما أن الحجم الضخم لهذه الصناعة، مقترناً بترابطها بقطاعات أخرى مثل البناء والصلب وحتى قطاع البنوك، يؤدي إلى تضخيم خطر حدوث تأثير متتالي قد يزعزع استقرار الاقتصاد المحلي في الصين.

كما أن المخاوف بشأن ازمه القطاع العقاري في الصين دفعت بنوك عالمية لتخفيض توقعات نمو الاقتصاد الصيني لهذا العام، على النحو التالي، حيث توقع مورغان ستانلي نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين 4.7 بالمئة انخفاضا من توقعه السابق نمواً يبلغ خمسة بالمئة، كما خفض توقعه لنمو الناتج الإجمالي المحلي لعام 2024 إلى 4.2 بالمئة من 4.5 بالمئة، كما خفض جيه.بي مورغان توقعات النمو إلى 4.8 بالمئة من خمسة بالمئة بينما خفض باركليز التوقع إلى 4.5 بالمئة، وأرجعت هذه البنوك توقعاتها الجديدة لنمو الاقتصاد الصيني إلى تدهور سوق الإسكان.

في حين حددت بكين النمو المستهدف لاقتصاد البلاد هذا العام بنحو 5 بالمئة.

إن الأزمة الراهنة قد تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الصين بعدة طرق، على النحو التالي:

أولاً: قد يؤدي انهيار سوق العقارات في الصين إلى انخفاض الطلب العالمي على السلع الأساسية مثل خام الحديد والصلب بشكل كبير، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الأسواق والاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على الاستهلاك الصيني.
ثانياً: استخدمت شركات العقارات الصينية أسواق رأس المال العالمية على نطاق واسع لتمويل ديونها، وبالتالي فإن التخلف عن السداد بهذا الحجم قد يؤدي إلى إعادة تسعير المخاطر وأزمة سيولة محتملة، مع الشعور بالهزات الارتدادية في الأسواق المالية في مختلف أنحاء العالم.
ثالثاً: يمكن أن تتأثر معنويات المستثمرين على نطاق واسع، ما يؤدي إلى زيادة التقلبات في الأسواق المالية العالمية.

وفي الوقت نفسه، استمرت أسعار العقارات في الانخفاض، حيث لم يفعل تخفيف السياسة الصارمة الكثير لإنعاش المبيعات وتوقف المشاريع. وفي النصف الأول من شهر أغسطس، انخفضت مبيعات المنازل الصينية في 50 مدينة رئيسية بنسبة 29.3 بالمئة على أساس سنوي، وفقاً لشركة S&P Global Commodity Insights.

 

بقلم:

جون جميل/ متخصص في مف التنمية العمرانية والتطوير العقاري

 

إقرأ أيضا:
جون جميل: التنمية العمرانية والمدن الجديدة أحد شواهد التنمية الاقتصادية في مصر في 10 سنوات

جون جميل يشرح كيف تستفيد مصر والسعودية من معرض سيتي سكيب الرياض

جون جميل: كي نستفيد من “بريكس” في تصدير العقار نحتاج إصلاحات جذرية في القطاع العقاري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.