دكتور محمد راشد يرصد تطورات قطاع التنمية العمرانية في مصر في 10 سنوات

تغيرات جذريه صنعت التنميه

بقلم: دكتور محمد راشد

خلال السنوات العشر الماضية، شهدت مصر تحولات عميقة في مجالات عدة، بما في ذلك التنمية والإسكان والعمران، فخلال تلك الفترة، نجحت مصر في إقامة مئات المشروعات القومية في مختلف المجالات، ولا سيما في قطاع الإسكان وأصبحت أحلام المصريين حقيقة ملموسة، حيث سعت الدولة المصرية جاهدة إلى تطوير الطرق وإنشاء مدن جديدة بغرض تلبية احتياجات المواطنين في المقام الأول، ومواكبة التطورات العصرية في نظم البناء. فتم بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في مختلف المحافظات، وتطوير مشروعات سكنية متكاملة تتضمن المناطق السكنية والخدمات الأساسية، مثل المدارس والمستشفيات والمراكز التجارية، بهدف تحسين جودة الحياة للمواطنين.

ولم يقتصر العمل على تطوير المشروعات الكبرى فقط، بل شهدت القرى والمدن الصغيرة في مصر أيضًا تحسينات ملحوظة، من خلال المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري “حياة كريمة”، بالإضافة إلى تطوير المباني القائمة والقضاء على العشوائيات، وهو ما يعكس التزام الدولة خلال العشر سنوات الماضية بتطوير البيئة العمرانية، والبنية التحتية، وتوفير سكن لائق بسعر مناسب، مما يعزز آمال المصريين في مستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا، ويعزز من عملية بناء وتنمية المواطن المصري. وقبل الحديث عن ما تم تحقيقه في ملف الإسكان خلال السنوات الماضية، سيتم التطرق الي الأسباب التي صنعت أزمة مصر غمرانيا ، وكانت سببا رئيسيا في ان تتجه مصر إلي صناعه تجربه عمرانيه جديده تعالج بها الازمه.

يتمحور سبب مشكلة ظهور العشوائيات والمناطق غير الآمنة، حول الزيادة السكانية، حيث ظهرت الفجوة بين حجم المطلوب من الوحدات السكنية والمعروض بسعر مناسب، خاصة في ظل غياب حلول أو خطة للدولة على مدى عقود، فعلى سبيل المثال كان إجمالي عدد الوحدات المنفذة عام 2006/2007 من قبل القطاع العام 16567 وحدة سكنية، في حين كان المنفذ من قبل القطاع الخاص يقدر بإجمالي 142482 وحدة سكنية، والتي لا تناسب أسعارها كافة المواطنين ، فما تم تنفيذه خلال 38 عامًا (1976-2013) يعادل ما تم تنفيذه في 7 سنوات (منذ 2015 حتى الآن). فخلال الفترة (1976 – 2005) والتي تعادل 30 سنة تم تنفيذ 1.2 مليون وحدة سكنية، بمتوسط 42 ألف وحدة سكنية سنويًا، فيما زادت معدلات البناء قليلًا في الـ 8 أعوام التالية (2005-2013)، ليصبح إجمالي المنفذ 383 ألف وحدة بمتوسط 48 ألف وحدة سنويًا.

وكذلك عدم وجود البديل الحكومي الأقل سعرًا والأيسر ماليًا على المواطن خاصة لمحدودي الدخل، وفي ظل غياب الرقابة الإدارية من قبل المحليات، وضعنا أمام حلول عشوائية من قبل المواطنين. وتمثلت الحلول العشوائية في عدة طرق، أبرزها:

التعدي على الأراضي الزراعية: فخلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى يوليو 2019 فقط، تمت قرابة مليوني حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية أفقدتنا حوالي 70 ألف فدان. وهو ما خلق بؤرًا عشوائية تفتقر للمرافق والخدمات.

البناء في مناطق غير مخططة: أدى إلى ظهور العشوائيات. وتنتشر المناطق غير المخططة على مساحة 152 ألف فدان، بـ 135 منطقة، وتحتاج إلى 318 مليار جنيه، ونتج عن هذه التجمعات العشوائية 1105 أسواق عشوائية يحتاج تنظيمها إلى 44 مليار جنيه. ويقطن بهذه المناطق 1.1 مليون أسرة. وحتى عام 2021، تم تطوير 56 منطقة منها بـمساحة 4616 فدانًا (تخدم 460 ألف أسرة)، وجارٍ تطوير 79 منطقة أخرى (تخدم 690 ألف أسرة).

خلق مناطق غير آمنة: وهي ناتجة عن البناء العشوائي في مناطق لا تتسم تربتها بالصلاحية الكافية للبناء، أو البناء بطرق تقليدية لا تتناسب مع نوع التربة، أو من خلال زيادة ارتفاعات مبان قائمة بالفعل، وتنتشر المناطق غير الآمنة بـ 357 منطقة بـ 25 محافظة، ويقطن بهذه الوحدات 246 ألف أسرة تمثل حوالي 1.2 مليون نسمة. وكانت التكلفة الفعلية المقدرة لعلاجها 63 مليار جنيه. وتحصد محافظة القاهرة نصيب الأسد في عدد المناطق غير الآمنة، إذ ينتشر بها 54 منطقة غير آمنة، وتحتاج 70 ألف وحدة لسكن بديل،نسب المباني المتصلة بمرافق المياه، الكهرباء، الصرف الصحي، والغاز الطبيعي وفقًا للنتائج النهائية لتعداد 2017.

هذه الطريقة في الحل من قبل المواطنين كان لها بالغ الأثر على مدى توصيل المرافق للمباني السكنية، فنجد أن حوالي 60% من المباني السكنية غير متصلة بالصرف الصحي حتى عام 2017، بجانب أن 10% من المباني غير متصلة بمرفق المياه، و13% فقط من المنازل تتمتع بمرفق الغاز الطبيعي.

وقد أثر بناء أدوار مخالفة على حالة المباني، فأصبح حوالي 25% من المباني يحتاج إلى ترميم، و1% منها يحتاج إلى الهدم. هذا بخلاف ارتفاع المخزون الحراري للكتلة العمرانية وزيادة معدلات التلوث نتيجة التزايد السكاني بالمنطقة.

وتكمن مشكلة التعدي على الأراضي الزراعية والبناء العشوائي غير المخطط، أو حتى بناء أدوار مخالفة للارتفاع المخطط، في أن زيادة المنطقة السكنية عن عدد الوحدات السكنية والسكان المقدر لها، يتطلب بالضرورة تعديل تصميم شبكات المرافق المتناسبة مع العدد المقدر مسبقًا للمكان. وذلك نظرًا لعدم كفاية المياه التي تضخ بالمنطقة، وكذلك عدم قدرة مواسير الصرف الصحي على استيعاب الكميات التي تضخ فيها من جميع الوحدات السكنية بالمنطقة. هذا بخلاف زيادة متوسط الكثافة السكانية بالقاهرة عن مثيلاتها بالدول الأخرى، فمثلًا وصلت الكثافة السكانية المأهولة بالقاهرة لحوالي 52 ألف مواطن/ كم 2.

وتتسبب المخالفات في زيادة استخدام التيار الكهربائي وزيادة الطلب على خطوط التليفون وسائر الخدمات المرفقية، وزيادة صيانة الطرق ونقص الخدمات العامة. فالبنية التحتية للطرق والمياه والكهرباء لا تتناسب مع النمو الكبير الذي يحدث بشكل مخالف، ما ينتج عنه انقطاع الكهرباء والمياه بشكل متواصل، فكل المرافق المقدمة تتم وفق طاقة استيعابية لها لا تتحمل هذه الأعباء السكانية المتزايدة.

ويتطلب تصحيح الوضع القائم إلى إعادة تقييم للمرافق المخططة وتعديلها بما يتناسب مع الزيادة المطردة والعشوائية، هذا فضلًا عن أن تصحيح الوضع بإدخال مرافق إلى أماكن غير مخططة كأراضي صالحة للبناء، قد تؤدي إلى الجور على أراضٍ أخرى لإنشاء محطات كهرباء، ومياه وغاز لتغذية بؤرة عشوائية. وتحتاج أزمة تطوير العشوائيات فقط لحلها إلى 425 مليار جنيه.

رؤية استراتيجية

وضعت الدولة والحكومة أهدافًا محددة للارتقاء بحياة المصريين بكافة المناطق الجغرافية، وفق معايير ومقاييس دولية صارمة في رؤية 2030. ومن بين الأهداف التي تتماس مع قضية توفير سكن لائق للمواطنين، هدف جودة الحياة والذي يؤكد على ضرورة الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مستوى معيشته، كذلك هدف العدالة والاندماج والذي يؤكد على توفير الموارد في كافة المناطق الجغرافية بالريف والحضر وكافة الأقاليم على حد سواء. وهو ما يقضي على عدم عدالة توزيع المشروعات ومستويات التنمية بين ربوع الدولة والذي عانت منه الدولة لعقود.

وفي سبيل ذلك، بذلت الدولة جهودًا حثيثة لتوفير حياة كريمة للشعب المصري، ولكن عند حل المشكلة على أرض الواقع نجد الأمر يتخطى حدود توفير سكن أو مبنى لائق بسعر مناسب للعيش فيه، لكن الأمر يصل إلى حد توفير خدمات صحية لائقة، ومد أذرع الرعاية الاجتماعية للمواطنين غير القادرين، ودعم وتمكين الشباب والمرأة، ودفع جهود التحول الرقمي.

وبالفعل دُشنت العديد من المبادرات الرئاسية التي تهدف إلى علاج أوجه القصور بحياة المواطنين. كمبادرة سكن لكل المصريين، ومبادرة 100 مليون صحة، وبرنامج تكافل وكرامة، وغيرها من المبادرات الرئاسية.
وانقسمت استراتيجية الدولة في حل أزمة الإسكان إلى محورين رئيسين، الأول، تطوير العمران القائم بما يشمله من عملية تطوير للعشوائيات وعواصم المحافظات، وكذلك تطوير الريف المصري، والثاني، إقامة مدن جديدة تستوعب الطلب المتجدد على المسكن وخلخلة التكدس السكاني، وبذلك تغطي التنمية كافة ربوع الدولة تحقيقًا لأهداف التنمية المستدامة بالحد من أوجه عدم المساواة، وبناء مدن ومجتمعات سكنية مستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، يتعلق المحور الثاني من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويختص البند السابع من هذا المحور بالحق في السكن اللائق، ويضم المحور الثاني عددًا من البنود التي يتم العمل على تحقيقها ضمن مشروعات تطوير المناطق غير الآمنة، بجانب بند الحق في السكن اللائق، وهي (الحق في الصحة – الحق في العمل – الحق في التعليم – الحق في المياه والصرف). وكما أوضحنا سالفًا فقد تم تنفيذ 1.5 مليون وحدة سكنية خلال الفترة (2015-2021) بمتوسط 225 ألف وحدة سكنية سنويًا.

هذه الخطة وهذا الجهد الذي سنتناوله تفصيلًا فيما يلي، كان جديرًا بحصول هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالإجماع، على الجائزة التقديرية التي يمنحها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام 2021، في مجال تطوير العمران المستدام، من بين أكثر من 170 ترشيحًا من العديد من البلدان، وهي إحدى أعرق الجوائز في العالم، وتقدم للأفراد والمدن والمنظمات والمشروعات التي تعمل على التحضر المستدام؛ من خلال توفير مشروعات إسكان اجتماعي آمنة، وبأسعار معقولة، لتشجيع التماسك الاجتماعي للسكان، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.

حلول ناجعة ومتوازية

من خلال توصيف المشكلة وأسبابها ومحدداتها، تمكنت الحكومة من وضع عدد من المستهدفات لتطوير البيئة العمرانية وتحسن جودة الحياة، فقد تم استهداف أن تصل كثافة السكان إلى 250 نسمة/فدان بدلًا من 500 نسمة/فدان، من خلال التوسع في إنشاء وتنمية مجتمعات عمرانية جديدة، وخلخلة العمران القائم. وكذلك تخفيض الاستعمالات غير السكنية إلى 20-25% بدلًا من 30-35% من خلال عمل مناطق صناعية بالمدن الجديدة.

وفيما يخص نسب البناء، فمن المستهدف تخفيضها من 70% إلى 50%، من خلال زيادة المناطق الخضراء والمناطق المفتوحة بالمدن الجديدة، ووضع الاشتراطات التخطيطية والبنائية الجديدة لحوكمة وضبط العمران في إقليم القاهرة الكبرى على وجه الخصوص. كذلك من المخطط زيادة نسب الطرق إلى 30% بدلًا من 20% من خلال رفع كفاءة وتوسع الطرق الحالية، وإنشاء شبكة طرق كبرى تربط كافة ربوع الدولة ببعضها البعض، وربط المدن الجديدة والمحافظات المختلفة بإقليم القاهرة الكبرى.

وعلى نفس المنوال من سياسة الدولة في إيجاد حلول لأزماتها والتي دائما ما تسير في خطوط متوازية، اتخذت الدولة عدة خطى متوازية لحل أزمة توفير سكن لائق للمصريين. كان أبرزها ما يلي:

1- الشق القانوني: تم إصدار قرار بوقف البناء، في محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، وإصدار قانون التصالح بشأن مخالفات البناء لتقنين أوضاع المباني الموجودة حاليًا للحد من العشوائيات، وحماية الرقعة الزراعية التي تتآكل بسبب البناء العشوائي على الأراضي الزراعية، والذي أثبتت نتائجه تسجيل 2.8 مليون حالة مخالفة.

وراعت الدولة البعد الاجتماعي في قراراتها، حيث أقرت الدولة حزمة من التسهيلات في السداد لتخفيف العبء عن المواطنين، ومن أهمها تخفيض قيمة التصالح للمتر في الريف إلى 50 جنيهًا فقط، إلى جانب تخفيض قيمة التصالح في بعض المحافظات إلى نسبة 70%، وخصم 25% من قيمة التصالح للسداد الفوري.

2- توفير بديل جيد: في مقابل منع المزيد من البناء العشوائي، كان يجب على الدولة توفير بديل جيد يوفر حياة كريمة للمواطنين، وقد أولت القيادة السياسية وأجهزة الدولة اهتمامًا بالغًا بمشروعات الإسكان الاجتماعي، بوصفه بديلًا آدميًا، وذا تكلفة منخفضة، ويتم الدفع وفق إجراءات ميسرة، تتناسب مع كل الفئات وبخاصة محدودي الدخل.
إجمالي عدد الوحدات السكنية المنفذة بمشروع الإسكان الاجتماعي (مشروع المليون وحدة)

ونفذت الدولة الآلاف من مشروعات الإسكان على كافة المستويات، وأصبحت تحظى باهتمام وثقة المواطن نظرًا لجودة المسكن ووجود وسائل دفع ميسرة تصل إلى مدى 20 سنة، وبفوائد مخفضة تصل إلى 3% فقط بدعم من البنك المركزي المصري.

وفي إطار مراعاة الدولة للموروث الاجتماعي بتملك منزل خاص، فقد تم خلال الفترة من 2014 وحتى 2020، طرح 328 ألف قطعة أرض لمختلف شرائح المجتمع (أراضي إسكان: اجتماعي – متميز – أكثر تميزًا)، وهذه الأراضي وفرت ملايين الوحدات السكنية المستقلة.

ولتوسيع تغطية المستفيدين من مشروع التمويل العقاري أعلن البنك المركزي المصري في 13 يوليو 2021، عن إطلاق مبادرة التمويل العقاري بفائدة 3%، وتسديد الأقساط لمدة تصل إلى 30 سنة، ليستفيد منها كافة المواطنين. وتنطبق المبادرة على محدودي الدخل الذين يتم تحديد قيمة الدخل والوحدات الخاصة بهم، من خلال صندوق الإسكان الاجتماعي. وتطرح وزارة الإسكان ممثلة في صندوق الإسكان الاجتماعي وهيئة المجتمعات العمرانية العديد من المشروعات التي تتوافق مع المبادرة الجديدة لمحدودي ومتوسطي الدخل.

3- تطوير العشوائيات: مثلما استعرضنا سابقًا، يقف البناء غير المخطط والتكدس السكاني خلف الكثير من المناطق العشوائية، وغير الآمنة، وقد تدخلت الدولة لتوفير حياة كريمة لقاطني تلك المناطق، فتم تنفيذ 165.958 ألف وحدة، في 298 منطقة تم تطويرها، بتكلفة 41 مليار جنيه (26 مليارًا للمشروعات + 15 مليار قيمة الأراضي)، وجاري تنفيذ 74.927 ألف وحدة أخرى، في 59 منطقة جارٍ تطويرها، بتكلفة 22 مليار جنيه (14 مليارًا للمشروعات + 8 مليارات قيمة الأراضي)، وتم تطوير 53 منطقة غير مخططة، وجارٍ تطوير 17 منطقة أخرى، بتكلفة إجمالية 318 مليار جنيه، وفقًا لتصريحات الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.

وتعتبر القاهرة المستحوذة على نصيب الأسد في عدد المناطق غير الآمنة والتي ينتشر بها 54 منطقة غير آمنة، وتحتاج 70 ألف وحدة لسكن بديل -وفق ما تمت الإشارة مسبقًا- تم بالفعل نقل 15 منطقة منهم للسلام ومنطقة معًا، واستوعبت مشاريع الأسمرات 1 و2، 11 منطقة غير أمنة بإجمالي 10980 وحدة سكنية، وتضم الأسمرات 3 حوالي 7298 وحدة سكنية تستوعب 12 منطقة غير آمنة، كما تستوعب المحروسة 1 و2 حوالي 4777 وحدة سكنية، وأهالينا 1 الذي يضم 1096 وحدة سكنية.

ويعتبر من أبرز المشروعات التي تم افتتاحها في هذا الصدد، مشروعات سكنية بمدينة 6 أكتوبر كسكن بديل للمناطق غير الآمنة بـ 11 منطقة، ليتم إعلان عام 2021 هو عام إعلان الانتهاء من تطوير المناطق غير الآمنة، حيث تم الانتهاء من تنفيذ 210 آلاف وحدة سكنية تخدم 1.1 مليون مواطن، وتضم 12415 وحدة (11380 وحدة – 1035 بيتًا) لتغيير حياة 65 ألف مواطن.

وأول هذه المشروعات، هو مشروع “روضة أكتوبر” (السكن البديل لسن العجوز)، وليتم نقل سكان منطقة سن العجوز (نزلة السمان) إلى منطقة جديدة بمدينة حدائق أكتوبر، حيث إن مساحة المنطقة غير الآمنة والتي كانت تشوه الشكل العام للأهرامات وأبو الهول، تبلغ 17 فدانًا، يسكنها 4 آلاف نسمة (829 أسرة)، وتضم المرحلة الأولى من المشروع 2500 وحدة سكنية (104 عمارات – 4 وحدات بالدور – 3 غرف وصالة – مساحة 94 م2)، و60 وحدة نشاط، بتكلفة 1.5 مليار جنيه، بينما المرحلة الثانية من المشروع، يجري بها تنفيذ 4440 وحدة سكنية (74 عمارة – أرضى + 9 أدوار)، ومن المقرر الانتهاء منها في شهر 6-2022، ويتم العمل على توفير وحدات النشاط التي تستخدم للتجارة والأنشطة الحرفية من أجل تكامل الخدمات في المكان.

وثاني مشروع هو “روضة السيدة” بمحافظة القاهرة، وهو مشروع مخصص لإعادة تسكين قاطني منطقتي تل العقارب والطيبي في منطقة روضة السيدة، وهم (816 أسرة – 4080 نسمة)، ويضم المشروع (816 وحدة – 16 عمارة – 198 وحدة نشاط) بتكلفة 400 مليون جنيه، وتم تسكين 603 أسر من تل العقارب، و213 أسرة من منطقة الطيبي، وجارٍ تطوير منطقة الطيبي 2، بعد أن طلب سكان المنطقة أن ينضموا لقطار التطوير بعد أن رأوا جدية الدولة في تطوير روضة السيدة، وإعادة السكان إلى الوحدات الجديدة.

وثالث مشروع هو “مشروع معًا”، بحي السلام، بمحافظة القاهرة، ويضم (4416 وحدة سكنية – 184 عمارة)، بتكلفة 2.6 مليار جنيه، بجانب الخدمات الاجتماعية، وهو مخصص لنقل سكان منطقة رملة بولاق، وبطن البقرة (جزئي)، وعزبة أبو قرن (جزئي) إلى منطقة جديدة بحي السلام، وهم (4416 أسرة – 20 ألف نسمة)، وتطوير هذه المناطق كان حلمًا وأصبح واقعًا ملموسًا.

والمشروع الرابع هو “روضة العبور”، وبه 4171 وحدة سكنية، و901 وحدة نشاط، لنقل سكان منطقة عزبة أبو قرن، وبطن البقرة (جزئي)، وعزبة أبو حشيش، وعددهم 4171 أسرة، وتضم المرحلة الأولى منه (2171 وحدة سكنية – 70 عمارة – 226 وحدة نشاط) بتكلفة 1.4 مليار جنيه، كما يضم عددًا من المشروعات الخدمية (حضانة – مركز طبي – مركز الطفولة السعيدة – مدرسة تعليم أساسي)، وتتوزع خطة تسكين المشروع كالتالي، ألف وحدة (بولاق أبو العلا)، و1800 وحدة لحدائق القبة (عزبة أبو حشيش)، و2500 وحدة لمنشأة ناصر (جنوب الحرفيين)، و1420 لمصر القديمة ودار السلام، و80 وحدة لـ السلام 2 (عشش النهضة).

والمشروع الخامس هو “شمال وجنوب الصيادين برأس البر”، لإعادة تسكين 250 أسرة – 1250 نسمة، في 12 عمارة، بتكلفة 125 مليون جنيه.

والمشروع السادس “مشروع الرويسات” بمحافظة جنوب سيناء، لنقل سكان منطقة الرويسات إلى منطقة جديدة، وعددهم 496 أسرة – 2480 نسمة، إلى (31 عمارة – 496 وحدة سكنية) بتكلفة 315 مليون جنيه.

والمشروع السابع هو “مشروع الجبيل” (الصيادين بجنوب سيناء)، وبه 62 بيتًا بدويًا، بتكلفة 53 مليون جنيه.

والمشروع الثامن، “مشروع روضة رأس غارب” بالبحر الأحمر، لنقل سكان منطقة عشش الجبل، وعددهم 545 أسرة، ويضم المشروع 32 وحدة سكنية، و513 بيتًا بدويًا (3 غرف + صالة + حوش بمساحة 150 م2)، بتكلفة 600 مليون جنيه.

والمشروع التاسع، “روضة الغردقة” بالبحر الأحمر، لنقل سكان منطقة زرزارة، وعددهم 850 أسرة – 4250 نسمة، ويضم المشروع 600 وحدة سكنية، و250 بيتًا بدويًا (3 غرف + صالة + حوش بمساحة 150 م2)، بتكلفة 350 مليون جنيه.

والمشروع العاشر، “روضة القصير” بالبحر الأحمر، لنقل سكان منطقة الكلاحين، وهم 76 أسرة – 380 نسمة، ويضم المشروع 40 وحدة سكنية، و36 بيتًا بدويًا (3 غرف + صالة + حوش بمساحة 150 م2)، بتكلفة 30 مليون جنيه.

والمشروع الحادي عشر هو، “روضة سفاجا” بالبحر الأحمر، لنقل سكان منطقة زرزارة، وهم 234 أسرة – 1200 نسمة، ويضم المشروع 60 وحدة سكنية، و174 بيتًا بدويًا (3 غرف + صالة + حوش بمساحة 150 م2)، بتكلفة 100 مليون جنيه.

ومثلت منطقة مثلث ماسبيرو –أكبر منطقة عشوائية- التحدي الأكبر لكافة الحكومات السابقة. وتحولت إلى منطقة ذات طراز عالمي، حيث تم بناء 9 أبراج بمنطقة المثلث خلف مبنى الإذاعة والتليفزيون بكورنيش النيل. وتم الانتهاء من المرحلة الأولى “الإنشاءات الخرسانية” لـ 4 أبراج تطل على شارع 26 يوليو.

وكذا، تم الانتهاء من إنشاء الوحدات السكنية الخاصة بالسكان الراغبين في العودة وعددها 936 وحدة. ومن المقرر أن يتم إنشاء مناطق تجارية وترفيهية لخدمة منطقة الأبراج السكنية، ويتضمن مخطط إنشاء مشروع تطوير مثلث ماسبيرو مشروعات فندقية وسكنية وتجارية وإدارية وترفيهية وسياحية.

ومن بين المناطق التي تم إخلاؤها خلال الفترة الماضية، “منطقة عزبة الصفيح بروض الفرج، وحكر السكاكيني بالشرابية، ومناطق شمال وجنوب الحرفيين الدويقة و الرزاز بمنشأة ناصر، ومثلث ماسبيرو ببولاق، وعرب اليسار ومحيط بحيرة عين الصيرة بالخليفة، ومساكن الطيبي وتل العقارب بالسيدة زينب، وكوم غراب والسحلية وإسطبل عنتر والمدابغ وعزبة المدابغ وأكشاك ابو السعود والجيارة بمصر القديمة، وأجزاء من عزبة خير الله بدار السلام، ومحجر فوزي عليوة وتسربات المياه بأحمد هاشم وسلم قلعة الكبش، والمواردي، وأبو رجيلة بالسلام والجبخانة وعزبة العرب غرب مدينة نصر، وعشوائيات بميدان السيدة عائشة بجوار مسجد المسبح، وترعة الطوارئ بالسلام” وغيرها.

ومن أبرز المشروعات التي تم إنشاؤها لاستيعاب سكان المناطق غير الآمنة، مشروعات إسكان الأسمرات وبشائر الخير، والتي تهدف إلى توفير وحدات سكنية لسكان المناطق العشوائية مفروشة بالأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية مجانًا، على أن تسلم الوحدات بنظام الإيجار التمليكي بإيجار رمزي قيمته 350 جنيهًا شهريًا. وصرح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بأنه جارٍ الإعداد لخطة مجتمعات متكاملة بمنطقة مسطرد على غرار ما جرى إنشاؤه في مجمع الأسمرات وبشاير الخير، بمساحات الأراضي المملوكة بالدولة.

وبذلت الحكومة كذلك جهدًا كبيرًا في تنفيذ مشروعات الطرق، ولا سيما محاور الطرق القومية، من أجل توفير شبكة طرق قوية تعمل كمواصلات بين أقاليم التنمية الجاري العمل بها، والعمران القائم، وذلك لحل أزمة التكدس العمراني والإسهام في تسهيل الانتقال للمدن الجديدة.

4- مظهر حضاري: ولأن من ليس له ماضٍ له حاضر أو مستقبل، لم يكن اهتمام القيادة السياسية وأجهزة الدولة بتوفير مساكن جديدة للمواطنين لاستيعاب الزيادة السكانية أو إصلاح عمليات الإهمال والتدهور الناتج عن البناء العشوائي فقط، بل أيضًا الحفاظ على التراث المعماري والحضاري الذي تزخر به مختلف المحافظات.

لذا تبنت الدولة مشروع تطوير القاهرة الخديوية والقاهرة التاريخية، وأضرحة آل البيت، والتي جمعت العديد من الأمثلة المعمارية الفريدة من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، للحفاظ على الهوية المصرية والذي شكل كل عصر منها جزءًا من حضارة وتاريخ الدولة المصرية.

والفريد في هذا المشروع إنه لا يستهدف تطوير بعض المباني الأثرية القائمة بها فقط، بل يستهدف إحداث تطوير شامل متكامل قائم على مجموعة من الثوابت، منها أن هذه المنطقة تمثل منطقة تراث عالمي، وتتطلب أسلوبًا محددًا لإدارتها والتعامل معها، إلى جانب هدف آخر يتمثل في الحفاظ على المنطقة ككل وليس على المباني الأثرية فقط، جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على النسيج الحضري الذي يميزها، وكذا الحفاظ على الحرف التراثية التي كانت جزءًا من التميز الشديد المتواجد في هذه المنطقة.

واختصارًا، فإن مشروعات تطوير القاهرة والأماكن الأثرية تهدف إلى تحويل القاهرة إلى “متحف مفتوح” للمصريين والعالم أجمع، كشاهد على كافة الحقب التاريخية التي مرت بها مصر، وحفظ التراث والهوية المصرية للأجيال الحالية والقادمة.

وأخيرًا، قد وجه الرئيس السيسي في يوم 12يونيو 2023 بتشكيل لجنة برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية؛ لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأي العام قبل يوم الأول من يوليو 2023.

ووجه الرئيس كذلك بإنشاء “مقبرة الخالدين” في موقع مناسب، لتكون صرحًا يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوي الإسهامات البارزة في رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضًا متحفًا للأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم، ويكون هذا الصرح شاهدًا متجددًا.

وتنفيذًا للتكليفات الرئاسية، أجرى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في يوم السبت 24 يونيو، زيارة تفقدية لمنطقة المقابر، وأكد خلال هذه الزيارة على أن هناك توافقًا على ضرورة وضع تصور شامل لمنطقة المقابر وحل مشكلة المياه الجوفية التي اضطرت العديد من الأسر لنقل رفات موتاها إلى أماكن بديلة، وتوفير بدائل إنسانية ودينية بحيث تراعي حرمة الموتى وهو ما تقوم الدولة به حاليًا، وأن الأماكن التي لا تصلح للدفن هناك تصور بإقامة حدائق ومتنزهات حضارية عليها أو مجموعة من الطرق والخدمات لا تشمل إقامة أي مبان، وأن “مقبرة الخالدين” ستكون مصممة على أعلى مستوى وبشكل حضاري ليجمع كل الخالدين وزعماء الوطن، ويكون مزار لنا جميعًا نفخر به ونرسخ من خلاله تاريخنا، ويمثل أيضًا جزء من رفع كفاءة القاهرة القديمة.

5- تطوير عواصم المحافظات والمدن الكبرى: يقدر عدد المواقع المقرر العمل بها 32 موقعًا بـ 13 محافظة، ومن المقرر في هذا المشروع إنشاء 500 ألف وحدة سكنية (بديل للعشوائيات – متوسط – فوق متوسط) بتكلفة 262 مليار جنيه، حيث تم البدء بتنفيذ نحو 25% من هذا المشروع، ويتم من خلاله تنفيذ 125 ألف وحدة سكنية حاليًا.

ورغم ما تم تنفيذه من مشروعات لتطوير العشوائيات وتوفير سكن لائق للمواطنين، إلا أن غالبية هذه العشوائيات كانت تتمركز بالأماكن الحضرية، ولم تتوقف مجهودات الدولة عند تطوير الحضر وعواصم المحافظات فقط، لكن طالت أيدي التطوير كافة ربوع مصر. فقد تم تخصيص مشروع متكامل تتعاون فيه أجهزة الدولة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، لتطوير وتنمية الريف المصري تحت مظلة واحدة وهي مشروع “حياة كريمة”، والذي يهدف بالأساس إلى رفعة وتنمية المواطن الريفي وتوفير حياة لائقة وكريمة لأهالينا بالريف.

6- تطوير الريف المصري حياة كريمة: انقسم المشروع إلى مرحلتين رئيسين:

– المرحلة التمهيدية: وتم إطلاقها في يناير 2019، وشملت تطوير 275 قرية، وتم فيها تنفيذ 16 ألف تدخل لتوفير سكن كريم للمواطنين استفاد منه حوالي 80 ألف مواطن حتى مايو 2021.

– المرحلة الشاملة: تم إطلاقها في يوليو 2021، لتطوير 4584 قرية على مدار 3 سنوات بتكلفة تقديرية 700 مليار جنيه، يستفيد منها 58% من سكان الجمهورية، حيث يعاني 92% من هذه القرى من عشوائية البناء.

وتم تقسيم العمل في هذه المرحلة إلى ثلاث مراحل جاري العمل على تنفيذ المرحلة الأولى منها خلال العام المالي 2021/2022 والتي تضم القرى الأكثر فقرًا، وتشمل المرحلة تطوير 52 مركز بـ 20 محافظة، وتغطي 1412 قرية و10600 تابع بتكلفة إجمالية تقديرية 260 مليار جنيه. ومن المقرر خلال المرحلة الأولى تنفيذ 360 ألف وحدة سكنية.

مجمل القول، على مدى العشر سنوات الأخيرة تم تدشين عدة مشروعات قومية في مجال الإسكان والعمران، تهدف إلى حل أزمات تراكمت على مدى عقود، وتحسين وتطوير البنية التحتية العمرانية وتوفير سكن لائق ومستدام للمصريين. فالإسكان يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة، حيث يسهم في تحسين مستوى المعيشة والتخفيف من الفقر والبطالة، ويعزز الاستقرار الاجتماعي، ويعزز بناء مستقبل أفضل للمواطنين وتعزيز التنمية الشاملة في البلاد.

 

بقلم:

دكتور محمد راشد – عضو غرفه صناعة التطوير العقاري

 

 

إقرأ أيضا:

دكتور محمد راشد يكتب..أزمه إيفرجراند عملاق التطوير العقاري في الصين وسيناريو تفجير الشركة

بعد تويته محمد بن راشد..4700 طلب ترشح لمنصب وزير الشباب في الإمارات

دكتور محمد راشد يكتب..صناعة التطوير العقاري..وهندسة اتخاذ القرارات الاستثمارية