بلغت 86 مليار دولار..أهم صفقات الإندماج والإستحواذ في الشرق الأوسط في 2023 (الصناديق الخليجية تهيمن)
بحسب تقرير لإرنست ويونج
كتب:محمد بدوي
كشف تقرير إرنست ويونغ (EY) لصفقات الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن سوق الصفقات كان ثابتاً خلال عام 2023، مع تحقيق قيمة إجمالية بلغت 86 مليار دولار أمريكي، بارتفاع نسبته 4% مقارنة مع العام السابق. واستحوذت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي على أغلبية تلك الصفقات، مع 565 صفقة بقيمة بلغت 83.2 مليار دولار أمريكي.
واستمر نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في عام 2023 جيداً، إذ تجاهل صانعو الصفقات ضغوط التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكلفة رأس المال وحالة عدم اليقين الاقتصادي العامة التي هيمنت على الأسواق الغربية. وهيمنت الصفقات المحلية على نشاط الصفقات في المنطقة من حيث الحجم إذ مثلت ما نسبته 49% من إجمالي عدد الصفقات، في حين ساهمت صفقات الاندماج والاستحواذ العابرة للحدود بنسبة 72% من القيمة الإجمالية للصفقات. وارتفعت قيمة الصفقات العابرة للحدود بنسبة 14% على أساس سنوي، وذلك في ظل سعي الشركات إلى اكتساب مزايا استراتيجية على نطاق عالمي.
وواصلت صناديق الثروة السيادية، مثل جهاز أبو ظبي للاستثمار وشركة مبادلة من الإمارات العربية المتحدة، وصندوق الاستثمارات العامة من المملكة العربية السعودية، وجهاز قطر للاستثمار، قيادة نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في المنطقة لدعم الاستراتيجيات الاقتصادية في كلا البلدين.
كما سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر صفقة اندماج واستحواذ في المنطقة هذا العام مع إعلان شركة إدارة الأصول الأمريكية “أبوللو جلوبال مانجمنت وجهاز أبوظبي للاستثمار المعلن عنها في مارس 2023، عن خطتهما للاستحواذ على شركة يونيفار سوليوشنز ومقرها الإمارات، مقابل 8.2 مليار دولار أمريكي. وأعقب ذلك استحواذ مجموعة سافي للألعاب الإلكترونية، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، على شركة تطوير ألعاب الهاتف المحمول الأمريكية “Scopely” مقابل 4.9 مليار دولار أمريكي، واستحواذ شركة بلاكستون وجهاز أبوظبي للاستثمار على شركة سي ڤنت القابضة الإماراتية مقابل 4.7 مليار دولار أمريكي. وتمثل هذه الصفقات أكبر ثلاث صفقات اندماج واستحواذ في عام 2023.
وهيمنت الصفقات الصادرة على الحصة الأكبر من نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في عام 2023، مع 208 صفقات بقيمة إجمالية بلغت 53.5 مليار دولار أمريكي.
أما على صعيد القطاعات، فقد استحوذ قطاع التكنولوجيا على العدد الأكبر من الصفقات، مع تسجيل 141 صفقة، بينما حل قطاع المواد الكيماوية أولاً من حيث قيمة الصفقات مع صفقات بلغت قيمتها الإجمالية 17 مليار دولار.
كما حافظت منطقة أمريكا الشمالية على وصفها أكبر منطقة مستحوذة من خارج المنطقة من حيث قيمة الصفقات، مع تنفيذها صفقات استحواذ بقيمة إجمالية بلغت 2.7 مليار دولار أمريكي، وصاحبة أكبر عدد من الصفقات الواردة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بواقع 32 صفقة في عام 2023.
وفي تعليقه على التقرير، قال براد واتسون، رئيس قطاع الصفقات والاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في EY: “استمر نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ قوياً في عام 2023، وقادت صناديق الثروة السيادية هذا النشاط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وذلك على خلفية التركيز على مشاريع التنمية الوطنية والاستثمار في قطاعات المستقبل. ونحن نتوقع أن يحافظ نشاط الاندماج والاستحواذ في المنطقة على قوته خلال عام 2024، نظراً للاتجاهات المستمرة حول تحول الطاقة والتحول الرقمي لكل شيء”.
وعززت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كوجهة مفضلة للمستثمرين وذلك بفضل لوائحها التنظيمية الصديقة للأعمال وإطارها القانوني الفعّال. وفي عام 2023، كانت الولايات المتحدة الوجهة المفضلة للمستثمرين الإماراتيين، مع 21 صفقة بقيمة إجمالية بلغت 15.3 مليار دولار أمريكي. ويعمل مجلس الأعمال الأمريكي الإماراتي بنشاط على تعزيز الشراكات بين البلدين.
وتعد المملكة العربية السعودية أيضاً من الوجهات الاستثمارية المفضلة في المنطقة، حيث استحوذت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على 305 صفقة من إجمالي الصفقات المعلنة في عام 2023، بقيمة بلغت 24.8 مليار دولار أمريكي. وكان البلدان أيضاً من بين أكبر مقدمي العروض في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يشير إلى مشاركتهما النشطة في صفقات الاندماج والاستحواذ.
كان تركيز المنطقة على قطاع الطاقة والموارد واضحاً جداً مع نشر كميات كبيرة من رؤوس الأموال في مختلف مجلات هذا القطاع، وقد شهدت صفقات الاندماج والاستحواذ الواردة في قطاع النفط والغاز زيادة في الحجم والقيمة خلال عام 2023. وساهمت صفقات استحواذ شركة توتال على حصص في حقول نفط سطح الرزبوط (20%)، والمبرز (12.9%)، وأم اللولو (20%)، وبن ناشر (20%)، والبتيل (20%) مقابل 1.6 مليار دولار أمريكي، بنسبة 97% من قيمة الصفقات الواردة في هذا القطاع.
كما شهد قطاع المواد الكيماوية ارتفاعاً كبيراً في قيمة الصفقات المعلنة خلال عام 2023، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 4.7 مليار دولار أمريكي. وكانت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) استحوذت على حصة تبلغ 50٪ من شركة فيرتيجلوب مقابل 3.7 مليار دولار أمريكي، وذلك في سياق جهودها لتحقيق استراتيجيتها في مجال المواد الكيماوية وأهدافها لتحول الطاقة، وتمثل هذه الصفقة أكبر صفقة محلية في العام الماضي.
كما شهد قطاع المعادن والتعدين أربع صفقات بقيمة بلغت 3.4 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع صفقتين في عام 2022. وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحوذ على الشركة السعودية للحديد والصلب (حديد) مقابل 3.3 مليار دولار أمريكي، لتسريع التنمية الصناعية في المملكة العربية السعودية. ويتسق هذا التوجه مع قيام صناديق ثروة سيادية في المنطقة بتأسيس شركات وطنية كبيرة، لتكون بمثابة منصات محلية تكتسب ميزة تنافسية من خلال حجمها الضخم.
من جانبه، قال أنيل مينون، رئيس خدمات استشارات صفقات الاندماج والاستحواذ وأسواق رأس المال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى EY: “”أظهر سوق الاندماج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرونة ملحوظة خلال عام 2023، على الرغم من التوترات السياسية الإقليمية وحالة عدم اليقين الاقتصادي المنتشرة حول العالم. ولا تزال الثقة في مجالس إدارات الشركات الإقليمية مرتفعة، لا سيما وأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تمضيان قدماً في تحقيق أكبر نهضة من نوعها”.