أثرياء العملات المشفرة في أمريكا يوجهون تحذيرات لمرشحي مجلس الشيوخ

المصدر: وكالات

أطلقت جماعات الضغط في قطاع العملات المشفرة تحذيراً للمرشحين السياسيين الأمريكيين مفاده: إما أن تقفوا في صفنا أو تخاطروا بالهزيمة في الانتخابات، كدليل على قدرتهم في تحقيق ذلك، فس إشارة إلى هزيمة النائبة الديمقراطية كاتي بورتر في الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا الأسبوع الماضي وفقا لتقرير للشرق بلومبرج.

وضخت أطراف مشاركة من أثرياء القطاع نحو 10 ملايين دولار، ضمن جهود الدعاية وتحفيز الناخبين للتصويت، وزعموا أنها ساعدت على هزيمة “بورتر” في الانتخابات التمهيدية المفتوحة لجميع التيارات السياسية. وضع ذلك مساراً أكثر وضوحاً لزميلها من الحزب الديمقراطي آدم شيف -الذي يعتبر أكثر تأييداً للعملات المشفرة– للفوز بالمقعد في انتخابات نوفمبر الماضي.

وقدم المليارديرات المتعاطفون دعماً كبيراً وأموالاً في هذا الصدد، وجمعت لجنة العمل السياسي “فيرشاك” (Fairshake)، الداعمة بطريقة هائلة لقطاع العملات المشفرة، تمويلاً يبلغ إجماليه حالياً 75 مليون دولار تقريباً لإنفاقه على الانتخابات الأميركية.

ومن بين الداعمين الرئيس التنفيذي لشركة “كوين بيس” بريان أرمسترونغ وكاميرون وتايلر وينكليفوس -مؤسسا بورصة الأصول المشفرة “جيمياني”- ومارك أندريسن الشريك المؤسس لشركة “أندريسن هورويتز”.

ويقر مؤيدو العملات المشفرة بأن فرصهم ضئيلة في الإطاحة بواحدة من أشد منتقدي القطاع، وهي السيناتورة إليزابيث وارين من ولاية ماساتشوستس، التي ترشحت لإعادة انتخابها العام الحالي في مقعد مضمون نسبياً. لكنهم يخططون لاستخدام نموذج خسارة “بورتر” للضغط على حلفاء السيناتورة الديمقراطية الأكثر ضعفاً.

قالت كريستين سميث، الرئيسة التنفيذية لرابطة “بلوكتشين أسوسييشن (Blockchain Association) التجارية للعملات المشفرة، خلال مقابلة، إن التعاون مع وارن “سيجعل انتخابك أشد صعوبة”.

يعد السيناتور شيرود براون، أحد المرشحين الذين تراقبهم رابطة “سميث”. قاد العضو الديموقراطي عن ولاية أوهايو ورئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ مجموعة مشرعين يضغطون لفرض قيود أشد صرامة على قطاع العملات المشفرة.

تحدثت “سميث” عن نشاط براون قائلة: “إنه نوع من السؤال المطروح حول ما هي الإجراءات، إن وجدت، التي سيتخذها بشأن قطاع العملات المشفرة خلال بقية السنة الجارية”.

وامتنع متحدث باسم حملة السيناتور براون عن التعليق على الموضوع.

يراقب القطاع مقترحات تشريعية تستهدف مكافحة التمويل غير المشروع. ويرمي مشروعا قانونين -أحدهما مدعوم من وارن والسيناتور الجمهوري روجر مارشال، وطرح الآخر السيناتور مارك وارنر وجاك ريد وميت رومني ومايك راوندز- إلى تطبيق قواعد مكافحة غسل الأموال القائمة في الوقت الحالي الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية الأخرى على شركات العملات المشفرة.

استُخدمت شبكات صنع الجريمة قطاع العملات المشفرة لنقل الأموال غير المشروعة واستُغلت أدواته التي تسمح بإجراء معاملات مجهولة الهوية.

ذكرت مجموعات مثل رابطة “بلوكتشين أسوسييشن” وغرفة التجارة الرقمية أن مشروعي القانون الحاليين سيفرضان متطلبات غير مجدية، وستقوض القطاع نهائياً في الولايات المتحدة الأميركية.

تُشكل لغة التناول السياسي الحادة تطوراً ملحوظاً منذ سنة مضت، عندما بدا أن قطاع العملات المشفرة لن يتعافى مطلقاً من سلسلة فضائح وإخفاقات للشركات ومن بينها مشاهدة إدانة سام بانكمان فريد، أحد أكبر شخصياتها العامة، في تهم جنائية.

وخفتت فترات تفاؤل أخرى تجاه قطاع العملات المشفرة بعد عمليات تدقيق الجهات التنظيمية وصعوبة تطوير استخدام عملي للتكنولوجيا. وتستمر الجهات التنظيمية في فحص العديد من جوانب الأنشطة التجارية.

أشار النائب براد شيرمان، وهو عضو ديمقراطي في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب والذي يشكك بصورة دائماً بالفائدة التي تعود من قطاع العملات المشفرة، إلى أن تأثير القطاع على الانتخابات ربما يجري تضخيمه. لكن قدرة شركاته على إنفاق ملايين الدولارات في المنافسات لن تغيب عن المشرعين.

أضاف خلال مقابلة”: “كونها حاسمة بالفعل أم لا، تعد مسألة أقل أهمية مقارنة بإشارتها التحذيرية التي تستهدف 430 من أعضاء الكونغرس الأميركي غير المنخرطين بسباقات انتخابية”.

كان الثلاثاء الكبير -يوم الانتخابات- أول اختبار مهم لـ”فيرشاك” لجنة العمل السياسي الهائل. تتمثل المنافسات الرئيسية التي يمكن أن تقفز إليها تلك اللجنة بعد ذلك، بحسب المتحدث جوش فلاستو، هي الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ الديمقراطي في ميشيغان وماريلاند، حول مقعدين يشغلهما حالياً ديبي ستابينو وبن كاردين، وكلاهما يعتزم عدم الترشح- فضلاً عن سباق عضو اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ جون تيستر بولاية مونتانا.

وتمر سوق العملات المشفرة بمرحلة انتعاش بفضل موافقة الجهات التنظيمية الأميركية على صدور الصناديق المتداولة في البورصة التي تتعقب معاملات “بتكوين” الفورية يناير الماضي. أضفى هذا القرار هالة جديدة من الاحترام للعملة المشفرة الأكثر انتشاراً بين حائزي هذه الأصول.

لم يكن بلوغ هذه المرحلة أمراً يسيراً بعد سلسلة إخفاقات تجارية خلال 2022 وصلت لذروتها مع انهيار أحد أكثر المشروعات شهرة بالقطاع، وهي بورصة “إف تي إكس”. ينتظر المؤسس المشارك للشركة بانكمان فريد صدور الحكم عليه في أعقاب إدانته السنة الماضية في تهمة الاحتيال على العملاء.

سعى آخرون بالقطاع لإعادة بناء العلاقات مع أعضاء الكونغرس الأميركي، حيث يدرس المشرعون عدداً من مشاريع القوانين التي ترمي إلى تنظيم السوق، بما فيها فرض تدابير لمكافحة التمويل غير المشروع وكبح العملات المستقرة، والرموز المشفرة المرتبطة بأصول على غرار الدولار. إذا أٌقرت القواعد الجديدة، يمكن أن تغير من طريقة تشغيل الأنشطة التجارية.

في غضون ذلك، ينتظر القطاع معرفة ما إذا كانت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ستوافق على الصناديق المتداولة في البورصة التي تتعقب عملة “إيثر”، وهي تُعد ثاني أكبر عملة مشفرة حول العالم.

ما زال المنتقدون متشككين في قدرة القطاع على التأثير في الانتخابات. وذكروا أن بعض الإعلانات التلفزيونية التي مولتها لجنة العمل السياسي المرتبطة بقطاع العملات المشفرة قبل إجراء الانتخابات تجنبت الإشارة إلى القطاع، وعوضاً عن ذلك ركزت على القضايا المثيرة للجدل على غرار حقوق الإنجاب وسلامة استخدام السلاح في الرسائل التي تدعم الديمقراطيين، وتخفيض الضرائب والتضخم بالنسبة للجمهوريين.

أوضح دينيس كيليهر، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “بيتر ماركتس” (Better Markets)، وهي مجموعة تضغط لفرض مزيد من الرقابة على السوق: “إنهم يعرفون أن الجمهور ينظر للعملات المشفرة بطريقة سلبية، فهي تثبط الناخبين أكثر من تحفيزهم، مضيفا: “لكن يمكنك المراهنة على أنه أينما تنفق شركات قطاع العملات المشفرة الأموال، فستزعم أنها صاحبة الفضل في نتيجة الانتخابات وستنتظر أن يرد الفائزون لها المعروف”.