كتب:محمد بدوي
أعلن معهد الابتكار التكنولوجي، المركز العالمي الرائد للبحث العلمي وأحد أعمدة الأبحاث التطبيقية التابع لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، اليوم عن إطلاق الإصدار الثاني من نموذجه اللغوي الكبير باسم فالكون 2. وهي مجموعة جديدة تضم نسختين متطورتين؛ فالكون 2 11 بي، نموذج لغوي كبير أكثر كفاءة ومدرب على 5.5 تريليون رمز توكن وبـ 11 مليار عامل متغير، والنسخة الثانية فالكون 2 11 بي (في أل أم)، الذي يتميز بقدرات “الرؤية إلى اللغة” التي تتيح إمكانية تحويل المدخلات المرئية إلى مُخرجات نصية بكل فعالية.
والجدير بالذكر أن كلا الطرازين مزودان بخاصية التشغيل متعدد اللغات، ويعد نموذج فالكون 2 11 بي (في إل إم) أول نموذج متعدد الوسائط أطلقه معهد الابتكار التكنولوجي، كما أنه النموذج الوحيد في السوق الذي يمتلك القدرة على تحويل الصور المرئية إلى نصوص مكتوبة، الأمر الذي يمثل تطوراً مهماً في ابتكارات الذكاء الاصطناعي.
وتم اختبار فالكون 2 11 بي بالمقارنة مع العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي البارزة ضمن نفس الفئة، حيث قدم أداءً يفوق أداء نموذج لاما 3 الجديد من شركة ميتا بـ 8 مليار معامل متغير (8 بي)، وأداءً مشابهاً لنموذج جيما 7 بي من جوجل (فالكون 2 11 بي: 64.28 مقابل جيما 7 بي: 64.29)، وذلك وفقاً للقائمة الصادرة عن منصة Hugging Face الرائدة عالمياً، وهي منصة في الولايات المتحدة تستخدم أدوات تقييم موضوعية وصممت قائمة تقييم للنماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر.
والأهم من ذلك أن إصداري فالكون 2 11 بي و11 بي (في إل إم) كلاهما مفتوح المصدر، وذلك لتمكين المطورين في جميع أنحاء العالم من الاستخدام والوصول غير المحدود، ومن المقرر قريباً التوسع وتطوير الجيل القادم من نماذج فالكون 2 لتوفير مجموعة من الأحجام والنطاقات المتنوعة. كما سيتم تعزيز هذه النماذج بقدرات التعلم الآلي المتقدمة مثل نظام “مزيج الخبراء” (MoE) الذي يهدف إلى رفع مستوى الأداء إلى مستويات أكثر تقدماً.
الجدير بالذكر أن جميع نماذج الذكاء الاصطناعي الصادرة عن معهد الابتكار التكنولوجي حتى الآن تم ترتيبها ضمن أعلى التصنيفات حول العالم وهي تعد من أفضل النماذج اللغوية مفتوحة المصدر. ومن المتوقع أن تمنح نماذج فالكون 2 11 بي الجديدة والمتطورة القدرة على تلبية الاحتياجات السوقية بشكل أكبر، لا سيما في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي المتطور باستمرار.
وزودت نماذج فالكون 2 11 بي بقدرات الاستخدام متعدد اللغات وهي تتعامل بسلاسة مع المهام باللغة الإنجليزية والفرنسية والاسبانية والألمانية والبرتغالية والعديد من اللغات الأخرى، مما يثري تنوعها ويزيد من فعاليتها في مختلف السيناريوهات. أما فالكون 2 11 بي (في إل إم)، فهو يضم نظام “الرؤية إلى اللغة” القادر على تحديد وتحليل الصور المرئية لتوفير مجموعة واسعة من التطبيقات والاستخدامات في قطاعات متعددة مثل الرعاية الصحية والمالية والتجارة الإلكترونية والتعليم والقطاعات القانونية، سواء لإدارة الوثائق والأرشفة الرقمية ودعم الأفراد ذوي الإعاقة البصرية وغيرها من الاستخدامات القيّمة. وعلاوة على ذلك، يمكن تشغيل هذه النماذج بكفاءة على وحدة معالجة رسومية واحدة، مما يجعلها قابلة للتطوير وسهلة النشر والإدماج في البنى التحتية الخفيفة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الصغيرة.
ومن جانبه، قال فيصل البناي، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، ومستشار شؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة: “يمثل نموذج فالكون 2 11 بي الإصدار الأول ضمن سلسلة نماذج فالكون 2. وعلى الرغم من الأداء المتميز الذي قدمه نموذج فالكون 2 11بي، إلا أننا نؤكد مجدداً التزامنا تجاه تطوير النماذج مفتوحة المصدر وبما يتماشى مع أهداف مؤسسة فالكون. وترقبوا قريباً تطوير نماذج جديدة متعددة الوسائط ودخولها إلى السوق بأحجام مختلفة، إذ إننا نهدف إلى تمكين المطورين والمؤسسات من تعزيز خصوصيتها وتعزيز وصولها إلى أحد أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي لإثراء استخدامها لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.”
وفي تعليق له على النموذج، صرّح الدكتور حكيم حسيد، المدير التنفيذي ورئيس قسم الأبحاث بالإنابة في وحدة الذكاء الاصطناعي في معهد الابتكار التكنولوجي: “في هذا المجال الذي يتسم بتطوره السريع والمستمر، يدرك المطورون الفوائد الجمة التي سيحصلون عليها من النماذج اللغوية المرنة وصغيرة الحجم، فضلاً عن دورها في الحد من متطلبات الطاقة الحاسوبية وتلبية معايير وأسس الاستدامة، كما تتسم هذه النماذج بمرونتها وقابلية استخدامها بسلاسة مع بنية الذكاء الاصطناعي المتطورة والتي تعد الوجهة المستقبلية للتطور التكنولوجي. وإن قدرات فالكون 2 الجديدة في تحديد الصور المرئية وتحويلها إلى نصوص مكتوبة تفتح آفاق جديدة في استخدام الذكاء الاصطناعي ويعزز تجربة المستخدمين في هذا المجال الواعد.”
ومن المؤكد أن تنوع ومرونة نموذج فالكون 2 11 بي سيدفع معهد الابتكار التكنولوجي إلى التوسع للعمل على ابتكارات أكبر وأكثر إثارة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل اعتماد نوع جديد من قدرات التعلم الآلي الذي يعرف باسم “مزيج الخبراء”، وهو يتضمن دمج شبكات صغيرة ذات تخصصات متعددة بما يضمن تعزيز التعاون بين مختلف المجالات لتقديم استجابات متطورة ومخصصة، الأمر يشبه وجود فريق من المساعدين الأذكياء الذين يعرف كل منهم شيئاً مختلفاً ويعملون معاً للتنبؤ أو اتخاذ القرارات عند الحاجة. ويساهم هذا الأسلوب في رفع مستوى الدقة وتسريع عملية صنع القرار، مما يمهد الطريق لتصميم أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاء وكفاءة.