كتب: محمد نور
انطلقت اليوم الخميس بتونس العاصمة فعاليات ملتقى الكوميسا للاستثمار(CIF 2024) والذي تنظمه الوكالة الإقليمية للإستثمار (RIA) التابعة لمنظمة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا-الكوميسا لأول مرة في تونس، بتمويل من الإتحاد الأوروبي والشراكة مع وزارة الإقتصاد والتخطيط التونسية ووكالة النهوض بالإستثمار الخارجي في تونس.
وشارك في المنتدى أكثر من 350 شخصية بارزة من وزراء وصناع قرار ورجال أعمال ومستثمرين وممثلي القطاع الخاص التونسي ومسئولي هيئات ووكالات الإستثمار في 21 دولة الأعضاء في تجمع الكوميسا، بجانب عدد من المنظمات والجهات الدولية والأفريقية والتونسية ومنها الإتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (OECD).
وقال سمير عبد الحفيظ كاتب الدولة التونسي لدى وزارة الإقتصاد والتخطيط المكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة في كلمته الإفتتاحية للمنتدى الذي يعقد لأول مرة في تونس، إن استضافة تونس لهذا المنتدى تسهم في خلق منصة تبادلية بين الفاعلين الرئيسيين والمستثمرين والقطاع الخاص وبين الدول الأعضاء في منظمة الكوميسا للاطلاع على الفرص الإستثمارية والتجارية المختلفة.
وأضاف إن العالم يشهد إعادة لرسم الحدود الاقتصادية التي باتت تخضع لسيطرة التعقيدات الجيوساسية والسياسية، ما يتطلب منا جميعا في المنطقة تحرير الامكانيات التي تزخر القارة الأفريقية، والتعاون بين صناع القرار لإتخاذ التدابير اللازمة لتسريع عجلة التنمية والتدفقات التجارية والاستثمارية، والعمل على جذب المستثمرين الاجانب والاستفادة من الامكانات التي نمتلكها للدفاع عل مصالح القارة وشعوبها.
وأكد أن تونس تركز على أهمية التنسيق بين الحكومات والمنظمات الدولية والاقليمية من أجل تضافر الجهود لمواجهة التحديات في القارة الأفريقية ومنها الارهاب والهجرة غير الشريعة، وتعمل تونس على تنمية هذه العلاقات في إطار ثنائي ومتعدد الاطراف، بما يتماشى مع المحافظة على الانتماء الافريقي.
وأعرب عن امله في قيام القارة الأفريقية بدور أكبر على الصعيد الإقليمي والعالمي والمساهمة في حل أزمات العالم هي تطلعات مشروعة يمكن تحقيقها في ظل الموارد الطبيعية الغنية التي تزخر بها القارة وهو ما يمكن تحقيقه من خلال تعزيز التعاون المشترك سواء الحكومي أو مع القطاع الخاص.
من جانبه..أعرب السفير محمد قدح، مساعد الأمين العام للبرامج في منظمة الكوميسا عن شكره للجمهورية التونسية لاستضافتها منتدى الكوميسا للإستثمار (CIF 2024)، والذي يأتي في إطار تنفيذ أحد أهم أهداف المنظمة والمتمثل في تعزيز التكامل الإقليمي بين الدول الأعضاء وتعزيز الاستثمار في القارة الأفريقية ومنطقة الكوميسا.
وقال إنه على الرغم من انخفاض عدد المشاريع بنسبة 30٪ منذ عام 2019، إلا أن الاستثمار الرأسمالي في إفريقيا كان أعلى بأكثر من 2.5 مرة في عام 2022 مقارنة بعام 2019، كما إرتفع عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر المعلنة في إفريقيا من 517 مشروعًا في عام 2021 إلى 734 مشروعًا في عام 2022، وقفز حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة كوميسا بنحو 52% في عام 2022 إلى 23 مليار دولار أمريكي مقارنة بعام 2020 وبنسبة 43٪ في عام 2021.
وأكد أن منظمة الكوميسا تسعى لخلق بيئة أعمال مواتية وتنافسية، وزيادة تدفقات الاستثمار الدولية والمحلية، وتعزيز المشاركة في سلاسل القيمة العالمية ومعالجة آثار التحديات الحالية بما في ذلك التوترات الجيوسياسية التي عطلت سلاسل التوريد العالمية، وإرتفاع أسعار السلع الأساسية وضغوط الديون ، والتي كان لها تأثير سلبي على البيئة العالمية للأعمال الدولية والاستثمار عبر الحدود.
ونوه بأن منطقة الكوميسا غنية بالمعادن ويجب أن تكون مشاركتها في إمدادات وسلاسل توريد الكهرباء مؤثرة بشكل أكبر في ظل الإمكانات التصديرية التي تمتلكها في هذا القطاع والتي من المتوقع أن تصل إلى 9 مليارات يورو بحلول عام 2026 ، مع عائد يقترب من 10٪ من هذا الرقم إلى القارة الأفريقية، يتزامن ذلك مع توقعات بزيادة حادة في الطلب العالمي على بطاريات الليثيوم في السنوات المقبلة مع الإتجاه للاعتماد بشكل أكبر على وسائل النقل الكهربائية.
من جانبها..أكدت هبة سلامة، الرئيس التنفيذي للوكالة الإقليمية للاستثمار في الكوميسا (RIA) إن الاستثمار في أفريقيا يهيمن عليه المستثمرون من خارج القارة، ويتم توجيه نصيب الأسد من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مجموعة محدودة من الدول تصل إلى 10 دولة فقط، ما يجعل هناك إمكانات إقتصادية كبيرة غير مستغلة داخل القارة.
وأضافت أن قارة أفريقيا تتميز بثقافات مختلفة ويوجد أكثر من 3000 مجموعة إثنية مميزة، ونحو 2000 لغة، ونحن الأفارقة أكثر الأمم على وجه الأرض من حيث التنوع الجيني.
وشددت هبة سلامة على أن الشباب الأفريقي هم أصحاب همة وشجاعة، ولديهم الطموح والابتكار ومستعدون للمخاطرة، كما أن لديهم مفاتيح المستقبل، وإفريقيا التي يكبرون فيها آخذة في الظهور أيضًا وتمتلك قوة عاملة ضخمة، ووظائف أكثر في القطاع الخاص مع حرية أكبر وسياسات أفضل.
وطالبت الرئيس التنفيذي للوكالة الإقليمية للاستثمار بالكوميسا المستثمرون والشركات بتجاوز الحدود والإقدام على خوض المخاطر واغتنام الفرص والتوسع في الأعمال عبر القارة، لافتة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لدول التجمع يتجاوز تريليون دولار، وتقع على مساحة أكثر من 12 مليون كيلومتر مربع، نحو 90% منها صالحة للزراعة تمثل أيضا نحو 40% من مساحة أراضي أفريقيا ككل، كما تزخر بسوق سكاني ضخم يتجاوز 640 مليون عميل بقوة شرائية كبيرة، وتمتلك فرصة كبيرة للوصول إلى الأسواق العالمية من خلال اتفاقيات التجارة الإقليمية والدولية.
بدوره، قال ماركو ستيلا رئيس القسم الإقتصادي بالإتحاد الأوروبي بتونس إننا فخورون بالقفزة التي حققها التعاون المشترك مع منظمة الكوميسا، من خلال العديد من البرامج التي يقوم بتمويلها الإتحاد الأوربي لمساعدة دول التجمع ووكالات الإستثمار فيه على النفاذ نحو الأسواق الخارجية.
وأشار إلى أن ملتقى الكوميسا للإستثمار المنعقد في تونس حاليا هي مثال لهذا التعاون والشراكة المثمرة مع الكوميسا والوكالة الإقليمية للإستثمارRIA، مؤكدا مواصلة الاتحاد الاوربي الدعم من أجل النفاذ الى الاسواق الأخرى وتنفيذ البرامج من من أجل تعزيز التنافسية والنفاذ الى الاسواق وبناء القدرات لتحقيق المستهدفات ودعم سلاسل القيمة.
من جانبه..أكد سمير ماجول رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في تونس، الإهتمام البالغ بالفرص الاستثمارية الواعدة المتاحة في دول الكوميسا، مشيرا إلى أننا نؤمن بأن التعاون مع دول الكوميسا يمكن أن يُسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتنويع الصادرات التونسية.
وأكد استعداد المؤسسات التونسية لاستكشاف الشراكات الجديدة وتعزيز الروابط القائمة، مع التركيز على الابتكار والتكنولوجيا والتوظيف الأمثل للإمكانات بهدف تعزيز مكانة قارتنا في سلاسل القيمة العالمية وبما يمكنها من تحقيق السيادة الغذائية والصحية والطاقية.
ودعا رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة الصناعات التقليدية جميع الأطراف المعنية إلى الانخراط في هذا المسعى المشترك والاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي توفرها هذه الشراكة الاستراتيجية.
وذكر أن تونس تراهن على استقطاب الاستثمار وبناء شراكات مع الدول الأعضاء في كوميسا يفضل تمتعها بميزات تفاضلية متعددة ومناخ تنافسي للاستثمار والشراكة الاقتصادية، وبفضل موقعها الاستراتيجي كبوابة بين أوروبا وأفريقيا، ونظامها الضريبي التنافسي، وقوى عاملة ماهرة ومتعددة اللغات.
وأكد سمير ماجول رئيس الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية القدرة على أن نبني معًا مستقبل اقتصادي مزدهر يعود بالنفع على جميع دول وشعوب منطقة الكوميسا.