كيف تُساهم الإمارات في تمكين مسار تحوّل الشبكات في عصر الذكاء الاصطناعي

بقلم : جاكوب تشاكو

لا تزال مجموعة كبيرة من البالغين تتذكر الحقبة الزمنية التي لم تكن فيها الهواتف الذكية محور الحياة اليومية، إلا أن ملايين الشباب حول العالم لا يتذكرونها. ونحن اليوم نشهد نقطة تحول مشابهة مع تقارب تقنيتي الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي.

إن عملية تمكين الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي ستغير بشكل جذري طريقة عيشنا وعملنا ورفاهيتنا، وذلك بفضل شبكات الجيل الخامس ذات الأداء العالي وزمن الانتقال المنخفض وشبكات الجيل الخامس الخاصة، نظرًا إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتطلب قدرات حوسبة أعلى وشبكات أكبر بكثير مما شهدته البشرية من قبل، وكذلك بفضل حلول الشبكات الطرفية ذات السعة العالية، والتي تلعب شبكات الجيل الخامس وشبكات الجيل الخامس الخاصة دورًا مهمًا في تمكينها.

لقد اعتمدت الإمارات “استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031″، التي تهدف إلى جعل البلاد رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2031، وتطوير نظام متكامل يوظف الذكاء الاصطناعي في المجالات الحيوية. فبدءًا من الرؤية الحاسوبية وصولًا إلى تطبيقات التحاليل متعددة المصادر، من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 3.4 مليار دولار أميركي هذا العام، وأن يرتفع معدل النمو السنوي بنسبة 28.63% ليبلغ نحو 15.40 مليار دولار بحلول العام 2030. باختصار، سيستمر الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة الابتكار في المستقبل المنظور.

القطاعات الأكثر استفادة
على الرغم من أن جميع الأعمال ستستفيد من تقارب الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، إلا أن بعض القطاعات الرئيسية ستكون في طليعة المستفيدين، حيث إن هذه التطبيقات التي كانت قيد التطوير والاختبار منذ فترة، تنتظر أن تصبح شبكات الجيل الخامس وشبكات الجيل الخامس الخاصة أكثر شيوعًا. إليكم بعض الأمثلة:

قطاع الرعاية الصحية: في أكتوبر 2023، أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع رسميًا أول مركز تميز للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي في الإمارات، يهدف إلى تعزيز رقمنة البيانات الصحية، واستخدام التقنيات الذكية لتطوير القدرات الصحية والخدمات، وإنشاء منظومة رقمية شاملة تقدم للمستخدمين خدمات مستدامة مبتكرة وعالية الجودة . سيساهم الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس في تحسين عملية تقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد بشكل كبير، حيث ستصبح العلاجات الشخصية واقعًا، لأن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، وقياس نتائج المريض باستمرار، لتقديم وتغيير العلاجات المحددة بناءً على الظروف المتغيرة.
القطاع الصناعي: يعتبر النهج الاستراتيجي الذي تعتمده الإمارات لتحقيق التنمية الصناعية المستدامة وتعزيز دور التكنولوجيا المتقدمة أمرًا حيويًا في خطتها الرامية إلى زيادة حجم الاقتصاد الوطني. وتتبنى البلاد مبادرات عدة لتمكين مسيرة التحول الرقمي وتحديث القوانين الصناعية وإرساء بنية تحتية متكاملة للجودة في القطاع الصناعي . لذلك، لن يساهم الذكاء الاصطناعي بزيادة القدرة على أتمتة الإنتاج وتحسين سلاسل الإمداد وتعزيز سلامة العمال فحسب، بل سيقلل بشكل كبير من المشاكل، ويؤدي بالتالي إلى زيادة الربحية للشركات، وتحسين جودة المنتجات للمستخدمين، والحد من نسبة الهدر الحاصلة على الكوكب.

البلديات: في إمارة دبي، تركز هيئة دبي الرقمية على إرساء منظومة رقمية موثوقة وقوية تدعم وتمكّن الاقتصاد الرقمي، وفي هذا الإطار يلعب الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس دورًا بارزًا في تمكين هذه المنظومة. نظرًا للتقدم السريع للذكاء الاصطناعي وإمكانية الابتكار في مجالات عدة، تعد مسألة إجراء مناقشة شاملة ومفتوحة حول مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها المنظمات لهذا الغرض حاجة ملحة. تم تصميم “مجموعة أدوات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” في دبي لتكون دعمًا عمليًا عند تبني الذكاء الاصطناعي عبر منظومة المدن، وهي توفر لخبراء التقنية والمهتمين من الأكاديميين والأفراد دليلاً لكيفية استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لأنها عامل تمكين كبير.

الرياضة والترفيه: سواء تتابعون مباراة كرة قدم أو مسلسل درامي، فإن عملية الجمع بين الذكاء الاصطناعي والاتصال تخول المشاهدين الانتقال من مجرد مشاهدة الحدث إلى الانخراط فيه. والذكاء الاصطناعي سيمكّن الأفراد من اختيار البرامج المفضلة لديهم، وستسمح الخوارزميات بتقديم المحتوى المطلوب المناسب للجهاز المتاح.

تحضير الشبكات لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من الجيل التالي
إن جعل عملية تحول الذكاء الاصطناعي ممكنة يتطلب من مشغلي الاتصالات والشركات إعداد شبكات الجيل الخامس وشبكات الجيل الخامس الخاصة للتعامل مع تدفق البيانات والتوقعات المتسارعة للأداء المطلوب من أجل دعم التطبيقات المعقدة في الوقت الفعلي.

ستتعاون الشركات الناجحة مع مزودي الشبكات الذين يقدمون حلولًا متكاملة وشاملة، وستبحث عن محفظات تقنية تتضمن دعمًا قويًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. هناك أيضًا اختلافات دقيقة أساسية لمشغلي الاتصالات والشركات لضمان تحسين شبكات الجيل الخامس وشبكات الجيل الخامس الخاصة بطريقة تتناسب مع عصر الذكاء الاصطناعي:

مشغلو الاتصالات: أطلقت شركة E&، مشغل الاتصالات في الإمارات، تقريرًا يقدم خارطة طريق للتنقل في مستقبل الاتصالات مع الذكاء الاصطناعي تحت عنوان “إطلاق قوة الذكاء الاصطناعي: كيف تعمل E& الإمارات على صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي في الاتصالات وما بعده”. ويقدم هذا التقرير دراسة معمقة لرحلة مشغلي الاتصالات في الإمارات ليصبحوا منظمة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، مما يسهم بشكل كبير في تعزيز المستقبل الرقمي للبلاد.

وبهدف تسريع عملية طرح حلول الجيل الخامس المحسنة، يعمد مشغلو الاتصالات الرائدون إلى تحديث شبكاتهم من خلال اعتماد شبكات الوصول الراديوي المفتوحة (Open RAN) وحلول أخرى مفتوحة تتيح الانتقال إلى بنية تحتية متكاملة مع الذكاء الاصطناعي، والتي تم تحسينها لاستدلال الذكاء الاصطناعي على الشبكات الطرفية. يشمل ذلك تبني حلول الإدارة المركزية، مثل الذكاء الاصطناعي لعمليات تكنولوجيا المعلومات لإدارة الشبكات وبرامج أتمتة نواة الاتصالات التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة التشغيلية والاستجابة.

الشركات: بالإضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على شبكات الجيل الخامس التي تديرها شركات الاتصالات، يُتوقع أن تعتمد العديد من حالات الأعمال أيضًا على الشبكات الداخلية للشركات التي تجمع بين شبكات الجيل الخامس الخاصة وشبكات الواي فاي لدعم متطلبات البيانات والأداء للذكاء الاصطناعي.

يقوم مزودو الشبكات الرائدون في الشركات بتطوير بنية تحتية مدمجة ومبسطة لشبكات الجيل الخامس الخاصة والواي فاي تُمكّن موظفي تقنية المعلومات ومزودي الخدمات المُدارة من استخدام واجهة واحدة للتوفير الموحد، والاعتماد، والإدارة، والأمان.

الفرص المتاحة

في ظل قيادة الذكاء الاصطناعي للتغيرات السريعة في مشهد التكنولوجيا، سيستفيد مشغلو الاتصالات والشركات من العديد من الفرص الجديدة الماثلة والتي هي قيد التطوير. إن وجود حلول شبكات الجيل الخامس وشبكات الجيل الخامس الخاصة المناسبة سيُمكّن من تلبية احتياجات الاتصال المعقدة بكفاءة وفعالية وأمان. لذا، تعتبر هذه الفترة فعالة ومثيرة للابتكار، وستتسارع في السنوات القادمة.

الكاتب:  جاكوب تشاكو المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط والسعودية وجنوب أفريقيا، في أتش بي إي أروبا للشبكات