دكتور محمد راشد : القطاع العقاري السعودي يشهد ذروته بفضل رؤية المملكة للتنويع الاقتصادي

كتب: أحمد أبو علي 

صرح الدكتور محمد راشد العضو المنتدب لشركه PIM لدراسات الجدوي العقارية والاستشارات وإدارة المشروعات، و عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري، بأن المملكة العربية السعودية تشهد الأن تحولات اقتصادية هامة تأتي في سياق الجهود الواسعة التي تبذلها المملكة لتعزيز نمو الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل بها.

وقال راشد إن  القطاع العقاري بالمملكة يعتبر من أبرز القطاعات التي تشهد تطوراً مستمراً، وهو ما يعزز دوره الحيوي في دعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات، و تسعى الحكومة السعودية من خلال رؤية 2030 إلى تعزيز هذا القطاع الحيوي عبر تحسين البيئة التشريعية وتقديم تسهيلات للمستثمرين، ممّا أدى إلى تحفيز النشاط العقاري وزيادة الطلب على مختلف أنواع العقارات بالمملكه ، وساهم بقوه في تعزيز نهضه المملكه إقتصاديا وساهم في دفع مسيره التنميه الاقتصاديه للمملكه.

وأضاف راشد ، إن أهم ما يميز الصعود الكبير للقطاع العقاري بالمملكه العربيه السعوديه الأن ، هو أنه يأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة في حركة رؤوس الأموال بعيدًا عن ملذاتها التقليدية، تجاه الأسواق الصاعدة بقوة وعلى رأسها السعودية، الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على القطاع العقاري السعودي، والذي يشهد حاله قويه من الطلب الخارجي الان علي صعيد المستثمرين وراغبي الاستثمار العقاري من قبل مواطني الدوله أو الدول الأخري.

و ذكر راشد أنه بفضل المشاريع الكبري التي دشنتها السعوديه منذ إطلاق الرؤية وفي مقدمتها مشروع نيوم، تحولت السعودية لتكون واحدة من أهم أسواق العقارات في العالم، حيث بلغ حجم المشاريع التي تم ترسيتها بعد في السعودية في عام 2024 يصل إلى 1.5 تريليون دولار، مما جعلها تستحوذ على 39% من المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما وصل حجم العقود التي تم منحها في عام 2023 إلى نحو 97 مليار دولار، وساهمت تلك المشاريع في تلبية مختلف أنواع الطلب مثل السكني والفندقي والوحدات التجارية والإدارية والعقارات ذات الاستخدام الصناعي واللوجستي.

وأوضح راشد، بأن المملكه قامت بجهود ضخمه لإحداث تنميه قويه بالقطاع العقاري بها ، ويرجع ذلك إلي العديد من الأسباب ، والتي علي رأسها رغبة السعودية في تلبية الطلب المحلي المتزايد على العقارات، وذلك عبر التوسع في المشاريع في مختلف المناطق، حيث تهدف الرؤية لعام 2030 إلى رفع نسبة تملك الأسر السعودية للعقارات إلى 70% بحلول 2030 مقارنة بـ47% في عام 2016 التي ارتفعت في 2023 وبلغت 63,74%، وذلك عبر عدة محاور أهمهما توفير التمويل وزيادة المعروض في السوق لتلبية رغبات مختلف الفئات، بجانب الطلب المحلي.

وأوضح أن لسوق السعودية أيضا تشهد طلبًا خارجيًا متزايدا في مختلف القطاعات. على سبيل المثال تكشف مؤشرات السياحة في السعودية عن أرقام غير مسبوقة في تدفقات السياح، فقد وصل عدد السياح الوافدين من الخارج خلال 2023 إلى 27.4 مليون سائح مقارنة بـ16.6 مليون سائح في 2022، مع توقعات بأن يستمر العدد في الارتفاع مستقبلًا، ولتلبية الطلب المتزايد للسياحة تحتاج السعودية إلى التوسع في المنشآت الفندقية علي سبيل المثال ، وهو ماكان سببا في خلق حاله طلب قوي علي الوحدات السكنيه الفندقيه بها ، وبدأت بالفعل العديد من شركات التطوير العقاري السعوديه تتجه صوب توفير هذا النوع من الوحدات العقارية.

هذا بجانب أن السعوديه الأن تستهدف التحول إلى مركز مالي عالمي جاذب لتدفقات الاستثمار الأجنبي، وهو ما يستلزم وجود قطاع عقاري قوي ومتنوع، وترتب علي ذلك أنه أصبح هناك طلب قوي ومتزايد بالسعوديه على المكاتب الإدارية وبالأخص في مدينة الرياض بسبب اتجاه الشركات العالمية لاتخاذ مدينة الرياض كمقر إقليمي لإدارة أعمالها في المنطقة.

وعلى الرغم من الطلب المرتفع الحالي إلا أن مختلف المؤشرات تدفع باتجاه أن الطلب سيقفز في الأعوام المقبلة مدعوما بالإصلاحات الكبيرة التي تنفذها السعودية، وتدفقات الاستثمار أيضا يتبعها تدفق الأثرياء لاتخاذ السعودية كمقر لإدارة أعمالهم، فوفقًا لمؤسسة هنلي آند بارتنرز فإنه من المتوقع أن تجذب السعودية في عام 2024 أكثر من 300 مليونير لتأتي بذلك في مقدمة الدول الواعدة الجاذبة للأثرياء، الأمر الذي من المتوقع أن يعزز من الطلب على العقارات في السعودية.

بجانب السياحة وقطاع الأعمال، هناك عامل مهم يدعم ازدهار القطاع العقاري بالمملكه وهو تحول السعودية إلى وجهة عالمية لاستضافة أهم الفعاليات والأحداث وعلى رأسها معرض أكسبو 2030 بجانب بطولة كأس العالم لعام 2034 وغيرها من الأحداث المهمة المنتظرة استضافتها، ونظرًا لأهمية تلك الفعاليات لأنها تجذب ملايين من الزوار والمشاركين ، الأمر الذي ينعكس في النهاية بالإيجاب على الاقتصاد السعودي.

وإستكمل راشد ،إن القطاع العقاري في السعودية يسير نحو تحقيق قفزات تنمويه كبري ،بفضل الاستثمار الكبير الموجه من القطاعين العام والخاص، ويبدو القطاع في وضع قوي مدعومًا باقتصاد متنوع وطلب محلي وخارجي جيد للغاية، يجعله يستمر في تحقيق أهدافه الأساسية وأهداف التنمية لرؤية السعودية 2030.

وإردف راشد بأن هناك أيضا العديد من العوامل التي ساهمت أيضا في زياده نسب التنميه داخل القطاع العقاري السعودي، وهي تتمثل في :-

زيادة التملك الأجنبي

حيث أحدثت السعودية تعديلات هامة في قوانين العقارات لتسهيل تملك الأجانب للعقارات في مناطق محدده، حيث يعزز هذا القرار جاذبية السوق العقاري للمستثمرين الأجانب ويعزز الثقة في الاقتصاد المحلي، وبلاشك تهدف هذه الخطوة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاع العقاري، ممّا يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تنويع مصادر الدخل الاقتصادي للمملكة بما يتماشى مع رؤية 2030.

استقرار الأسعار

بلاشك حدث استقرار كبير في الأسواق المالية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، ممّا ساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والمشترين في سوق العقارات، حيث يعتبر الاستقرار الاقتصادي عنصراً حيوياً في دعم الثقة والاستقرار في السوق العقارية، كما يشجع على اتخاذ القرارات الاستثمارية بثقة ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتحولات الاقتصادية، وهذا الاستقرار يعزز النمو المستدام في سوق العقارات ويسهم في استمرارية تطورها. ممّا يؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.

زيادة النشاط الاقتصادي

حيث تسعي رؤيه المملكه ٢٠٣٠ إلى تحقيق تنمية مستدامة وتنويع مصادر الدخل عبر تعزيز القطاعات غير النفطية.، وهذه الاستراتيجية الطموحة تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل من خلال تطوير مجالات متنوعة مثل الصناعة، السياحة، الترفيه، والتكنولوجيا ، وبكل تأكيد أظهرت هذه الجهود تأثيرًا إيجابيًا واضحًا على النشاط الاقتصادي بشكل عام، ممّا عزز الاستقرار الاقتصادي ، وكذلك تعزيز البيئة الاستثمارية وتحسين البنية التحتية القانونية والإدارية ساهم في جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، و هذا التحسن في المناخ الاستثماري كان له دور كبير في زيادة الاستثمارات في قطاع العقارات، حيث أصبح القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين بفضل السياسات الحكومية الداعمة والتسهيلات المقدمةو ولعل ماسبق يؤكد أن زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري لم تكن مجرد تطور إيجابي على صعيد القطاع نفسه فحسب، بل كان لها تأثير كبير على الاقتصاد الوطني بشكل عام. إذ أدى هذا النمو إلى خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الطلب على المواد والخدمات المتعلقة بالبناء والتطوير العقاري. ممّا أسهم في دفع عجلة النشاط الاقتصادي وتعزيز التنمية الشاملة للبلاد.

زيادة الطلب على العقارات

حيث أدي تزايد النشاط الاقتصادي في المملكة العربية السعودية إلى زيادة الطلب على العقارات بشكل ملحوظ، و هذا الارتفاع في النشاط الاقتصادي ساهم في تحسين مستويات الدخل لدى السكان، ممّا أدى إلى زيادة قدرتهم الشرائية وتحفيزهم للاستثمار في العقارات سواءً كانت سكنية أو تجاريه ، كما أن أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في زيادة الطلب على العقارات بالمملكه هو التحسن العام في البيئة الاقتصادية للمملكه ، حيث أدت السياسات الاقتصادية الرشيدة والتدابير الحكومية الداعمة إلى خلق مناخ استثماري مواتٍ، ممّا شجع الشركات والمستثمرين على توسيع نشاطاتهم وتطوير مشاريع جديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحسينات في البنية التحتية والمواصلات قد جعلت المناطق الريفية والنائية أكثر جاذبية للسكن والاستثمار.

تحسين البيئة التجارية

بكل تأكيد كان لتحسين بيئة الأعمال والبيئة التجارية في المملكة العربية السعودية تأثير كبير على قطاع العقارات، و بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتبسيط الإجراءات وتحسين البيئة التنظيمية والتشريعية، شهد القطاع تحسنًا كبيرًا في جاذبيته للمستثمرين ،وهذه الإصلاحات والتحسينات ساهمت في جذب المزيد من المستثمرين إلى قطاع العقارات وشجعتهم على تنفيذ مشاريعهم العقارية، ممّا ساهم في دفع عجلة التطوير والنمو في هذا القطاع ، فعلي سبيل المثال لأحد أبرز المبادرات الحكومية لتحسين البيئة التجارية شمل تسهيل عمليات الترخيص والتصاريح المطلوبة لإنشاء المشاريع العقارية، كما تم تقليل الوقت المستغرق للحصول على الموافقات اللازمة بفضل التحول الرقمي وتبسيط العمليات البيروقراطية، ممّا جعل الاستثمار في القطاع العقاري أكثر جاذبية وسلاسة، إضافةً إلى ذلك، شهدت البيئة التشريعية تحسينات ملحوظة في مجال حماية حقوق الملكية وتوفير مناخ قانوني آمن وشفاف للمستثمرين.

وهذه التغييرات عززت الثقة في السوق العقاري وساهمت في جذب استثمارات طويلة الأجل، حيث بات المستثمرون يشعرون بأن استثماراتهم محمية ومدعومة بإطار قانوني مستقر، كما أن التحسينات في البنية التحتية العامة، مثل تطوير شبكات النقل والمواصلات، لعبت دورًا حيويًا في تعزيز جاذبية المناطق المختلفة للاستثمار العقاري. أصبحت المناطق الريفية والنائية أكثر اتصالًا وسهولة في الوصول. ممّا أدى إلى توسع نطاق الفرص الاستثمارية وزيادة الطلب على العقارات في هذه المناطق.

وإختتم راشد ، بأن كافه التحولات الاقتصادية في السوق العقاري السعودي عكست التزام الحكومة بتعزيز البنية الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما عزز من فرص الاستثمار داخل القطاع و جاذبيته للمستثمرين، وهو مّا يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو المستدام للاقتصاد السعودي ، وتعزيز مكانه المملكه العربيه السعوديه كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة.