كتب:الدكتور محمد راشد العضو المنتدب لشركة PIM لدراسات الجدوى العقارية والاستشارات وإدارة المشروعات، و عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية
بلاشك تعد الاستثمارات العقارية من أهم الاستثمارات التي يمكن للمستثمرين الاستفادة منها، وذلك بسبب الخصائص الفريدة التي تتمتع بها. ولكن، كما هو الحال في أي نوع من أنواع الاستثمار، فإن هناك مخاطر اقتصادية يجب على المستثمرين تحوطها بفعاليه.
كما أنه يمكن للمستثمرين استخدام استراتيجيات محددة للتحوط بفعالية ضد المخاطر الاقتصادية، وتشمل هذه الاستراتيجيات التنويع عبر أنواع مختلفة من العقارات والمواقع الجغرافية وهياكل الاستثمار، حيث يساعد التنويع على تقليل المخاطر المحتملة، أنه يمكن من خلال استخدام الرافعة المالية وتقنيات إدارة الممتلكات وأدوات التخفيف من المخاطر للتحوط بفعالية ضد المخاطر الاقتصادية، وهو مايوكد أن استثمارات العقارات تتطلب دراسة دقيقة وتحليل شامل للأسواق والظروف الاقتصادية، لضمان تحقيق أفضل عائد ممكن، حيث أنه بإستخدام استراتيجيات التحوط المناسبة، يمكن للمستثمرين تحقيق نجاحٍ كبير في هذه الصناعة المهمة.
وببساطه ، تعد الرافعة المالية أداة مالية شائعة الاستخدام في مختلف القطاعات، وتعتبر هذه الأداة الأكثر استخدامًا في القطاع العقاري الان في كثير من دول العالم ، حيث تتيح للمستثمرين فرصة الدخول في مشاريع كبيرة دون الحاجة إلى توفير رأس المال الكامل من خلال زيادة القدرة الشرائية والاستثمار في أصول أكبر من قيمة رأس المال المتوفر.
وتعد الرافعة المالية من الاستراتيجيات المالية المهمة التي تستخدم في الأسواق المالية لمضاعفة الأصول والأرباح خصوصا في مرحلة انتعاش ونمو الأسواق المالية.
ويستخدمها الان كثير من المستثمرين ، والأفراد لزيادة حجم إجمالي الأصول من خلال تمويل هذه الزيادة بشكل رئيسي من الدين مقارنة برأس المال، وتحقق هذه الاستراتيجية أهدافها ما دامت عوائدها تغطي تكاليف التمويل ، و يتم تحديد نسبة الرفع المالي في العقار من خلال تحديد نسبة الحد الأقصى للتمويل العقاري Loan-to-Value Ratio، فتتحدد نسبة الدفعة المقدمة وتتحدد معها نسبة الرافعة المالية للأفراد Leverage Ratio، حيث تساوي 1 على نسبة الدفعة المقدمة ، وهذه النسبة تلعب دورا مهما في المحافظة على الاستقرار المالي وتفادي الوقوع في الأزمات المالية خصوصا بعد سياسات تسهيل الائتمان، التي يقوم بها الآن كثير من البنوك المركزية في دول العالم لتفادي الآثار السلبية للازمات الاقتصاديه التي يشهدها العالم الآن، وللمحافظة علي مستويات التوظيف ، واستثمارات القطاع الخاص، حيث أن سياسات تسهيل الائتمان وتخفيض تكلفة التمويلات البنكية خصوصا التمويلات العقارية منها، أسهمت في ارتفاع أسعار العقارات ، وبخاصه السكنية عالميا الأن إلى مستويات تجاوزت 10 في المائة.
وبكل تأكيد ، يمكن أن يكون استخدام الرافعة المالية في الاستثمار العقاري مفيدًا إذا تم استخدامه بحكمة وتطبيق تقنيات إدارة الممتلكات الفعالة، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الرافعة المالية لشراء عقار بسعر أعلى مما يمكن تحمله بشكل فردي، ولكن يجب التأكد من أن الإيرادات المتوقعة من العقار ستغطي تكاليف القرض وتحقق أرباحًا جيدة.
ومن ناحيه أخري يجب على المستثمر تطبيق تقنيات إدارة الممتلكات الفعالة، مثل الحفاظ على صيانة جيدة للعقار وتأجيره للمستأجرين المناسبين، لتحقيق أفضل عوائد ممكنة، وباستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للمستثمر تحوط ضد التقلبات الاقتصادية والحد من التعرض للمخاطر في الاستثمار العقاري، يمكن أن تكون الرافعة المالية أداة قوية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى تضخيم عوائدهم في المشتقات العقارية، ومن خلال استخدام الرافعة المالية، تتاح للمستثمرين الفرصة لزيادة تعرضهم للأصول الأساسية دون الحاجة إلى استثمار كبير مقدماً، في حين أن الرافعة المالية يمكن أن تعزز بالتأكيد المكاسب المحتملة، فمن المهم فهم المخاطر التي تنطوي عليها واتخاذ قرارات مستنيرة.
فعندما يستخدم المستثمرون الرافعة المالية في المشتقات العقارية، فمن المحتمل أن يحققوا عوائد أعلى مقارنة بالاستثمار برؤوس أموالهم الخاصة وحدها، ومن خلال اقتراض الأموال لزيادة حجم استثماراتهم، يمكن للمستثمرين الاستفادة من حركة أسعار العقار الأساسي دون ربط مبلغ كبير من أموالهم الخاصة.
فعلى سبيل المثال، إذا كان لدى المستثمر 100000 دولار ويريد الاستثمار في مشتقات عقارية بنسبة رافعة مالية تبلغ 3:1، فيمكنه التحكم في عقار بقيمة 300000 دولار. إذا ارتفعت قيمة العقار بنسبة 10%، فإن ربح المستثمر سيكون 30. 000 دولار، مما يؤدي إلى عائد بنسبة 30% على استثماره الأولي.
وعلي مستوي الافراد ، عندما يشتري شخص عقارا، فإجمالي الأصول أو قيمة العقار يتم تمويلها من مصدرين رئيسين: رأس المال والخصوم “الديون”، كما هو الحال في قائمة المركز المالي للشركات، فيتوازن المركز المالي للفرد بتساوي إجمالي أصوله مع إجمالي خصومه ورأسماله .
على سبيل المثال لو قام شخص بشراء عقار بقيمة 500 ألف جنيه ودفع 100 ألف جنيه كدفعة مقدمة “20 في المائة” فالمتبقي سيتم تمويله من البنك بتمويل عقاري، وبالتالي فإن هذا الشخص استطاع شراء هذا العقار من خلال استخدام الرافعة المالية بمضاعفة رأسماله بخمسة أضعاف باستخدام الدين، حيث إن نسبة الرفع المالي تساوي إجمالي الأصول إلى رأس المال ، أي أنه كلما زادت نسبة الدين مقارنة برأس المال في تمويل الأصول “قيمة العقار”، زادت معها نسبة الرافعة المالية، وارتفعت معها المخاطر المالية للأفراد خصوصا مع زيادة التقلبات السعرية في إجمالي الأصول، فالرافعة المالية يمكن استخدامها استراتيجية مالية “ذكية” في بناء ثروات الأفراد والشركات في حالة انتعاش الاقتصاد ونمو الأسعار، وقد تكون استراتيجية مالية “سلبية” للثروات في حالة انخفاض أسعار الأصول ، على سبيل المثال عندما تبدأ قيمة الأصول في الانخفاض إلى درجة أنها لا تغطي قيمة الخصوم أو الديون، فيقع الفرد هنا في منطقة رأس المال السالب Negative equity وفيها لن يستطيع استخدام الأصول “قيمة العقار” لتغطية الخصوم “التمويل العقاري” ولا سدادها، وهنا يظهر ضرر استخدام الرافعة المالية على الأفراد في حالة توقع تغير الدورة الاقتصادية وانخفاض أسعار الأصول.
أن الرافعة المالية يمكن أن تؤدي إلى تضخيم المكاسب من جراء استخدامها في قطاع الاستثمارات العقاريه ، لذا من الضروري التعامل معها بحذر من خلال اتباع بعض الآليات الاتيه ، منها إدارة المخاطر، لذا قبل استخدام الرافعة المالية، من المهم تقييم قدرتك على تحمل المخاطر ووضع الاستراتيجيات المناسبة لإدارة المخاطر، ومن الضروري فهم الجانب السلبي المحتمل ووضع خطة للتخفيف من المخاطر ، وكذلك التنويع، حيث إن توزيع الاستثمارات عبر مشتقات عقارية مختلفة يمكن أن يساعد في تقليل مخاطر التركيز.
، كما يمكن أن يساعد التنويع في تعويض أي خسائر محتملة وزيادة فرص نمو المحفظة بشكل عام ، وأخيرا إجراء أبحاث السوق ، حيث يعد إجراء بحث شامل عن سوق العقارات والبقاء على اطلاع دائم باتجاهات السوق أمراً حيوياً عند استخدام الرافعة المالية، ومن خلال الفهم العميق لديناميكيات السوق، يمكن للمستثمرين اتخاذ قرارات أكثر استنارة وتقليل مخاطر اتخاذ خيارات استثمارية سيئة، وهو مايعني أن استخدام الرافعة المالية ليس خاليًا من المخاطر، فإذا لم يكن العقار قادرًا على توليد دخل كافٍ لتغطية تكاليف القروض والفوائد، فإن المستثمر قد يواجه مشاكل مالية قد تؤدي إلى خسائر كبيرة، كما أن التقلبات في سوق العقارات يمكن أن تزيد من حدة هذه المخاطر، حيث قد تنخفض قيمة العقارات خصوصًا العقارات التجارية بشكل مفاجئ مما يزيد من صعوبة تسديد القروض، وهذا قد يؤدي إلى التمويلات العقارية الخاسرة (Underwater Mortgages). وبالتالي التساهل في هذه النسبة قد ينتج عنه حصول أفراد وشركات غير مؤهلين لتحمل هذه الأعباء المالية. وحينها يضطر المرتهن (البنك الممول) إلى تسييل العقار لاسترداد مبلغ التمويل وخسارة الراهن لعقاره.
إن ارتفاع نسبة الرافعة المالية يساعد كثيرا من العملاء على التملك وعلى بناء ثروة من خلال تضخم أسعار هذه الأصول التي تم تمويلها وشراؤها بالاستفادة من استراتيجية الرفع المالي المرتفعة، ولكن ماذا عن ثبات نسبة الرفع المالي على هذه المستويات المرتفعة في ظل ارتفاع أسعار الأصول العقارية في الوقت الحالي وآثارها في زيادة المخاطر الائتمانية للأفراد، وهذا قد يؤدي إلى التمويلات العقارية الخاسرة Underwater Mortgages.
وبالتالي التساهل في هذه النسبة قد ينتج عنه حصول أفراد وشركات غير مؤهلين لتحمل هذه الأعباء المالية، وأيضا أفراد عالقين في مساكن لا يستطيعون تحملها ماليا أو بيعها، ومع استمرار نمو القطاع العقاري وزيادة تعقيداته، يبدو أن الرافعة المالية ستبقى جزءًا أساسيًا من أدوات المستثمرين ،ولكن من الضروري توخي الحذر وتقييم المخاطر بشكل دقيق قبل اتخاذ قرار استخدام الرافعة المالية ، لذا يجب الأخذ في الاعتبار ليس فقط العوائد المحتملة ولكن أيضًا السيناريوهات السلبية وكيفية التعامل معها، وخصوصا في حالات القوة القاهرة كما حدث في فترة الكوفيد او الاضطرابات الجيوسياسية التي تشهدها منطقه الشرق الأوسط الان وتأثيراتها على أسواق المال والقطاع العقاري والمؤسسات المالية الممولة.
اقرا ايضا:
«بلتون» للتمويل العقاري راعيا للاتحاد المصري للبادل
«فنتيك جلوبال» : 750 مليون دولار استثمارات شركات التكنولوجيا المالية بالأسبوع الأخير من أغسطس الماضى