دكتور محمد راشد يكتب :- ديناميكية صناعة العقار .. حوكمة الشركات العقارية و تعزيز فرص الاستمرار والنمو

بقلم : دكتور محمد راشد

في ضوء التطورات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها صناعة العقار محليا وعالميا ، والتي أفرزت قدرا كبيرا من التطورات ساهمت في تسريع ديناميكية صناعه العقار ، لم تعد تنفيذ آليات الحوكمة القوية مجرد إجراء شكلي، بل أمتد الأمر ليصبح حجر الزاوية لتعزيز فرص النمو المستدام لأهم أطراف معادله صناعة العقار ، وهي شركات التطوير العقاري، وهو ما يتطلب حرفية قوية لإداره التوازن المعقد بين إدارة الموارد بفعالية والالتزام بتعظيم أداء تلك الشركات، وهو ما يؤثر بشكل كبير على مسار عمل هذه الشركات وإستمراريتها بالسوق العقارية.

ركائز حوكمة الشركات في الشركات العقارية

وبكل تأكيد، يعد إنشاء هيكل حوكمة قوي أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح المستمر لأي شركة عقاريه ، حيث أن عملية الحوكمة تعد أساس ملموس يوجه عملية صنع القرار الإستثماري لتلك الشركات في ضوء ديناميكيات السوق التي تميز صناعة العقارات الآن .

وترتكز عملية الحوكمة على عدة ركائز تتمثل في وجود مجلس إدارة متنوع وماهر ، وتوافر الإدارة الفعالة في تحديد المخاطر وتخفيفها ، وتخطيط السيناريوهات للتحضير للتحولات المحتملة في السوق ، هذا بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بجانب المسؤولية الاجتماعيهلهذه الشركات ، حيث يؤدي دمج الممارسات المستدامة والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع إلى تعزيز سمعة الشركة وقدرتها على الاستمرار على المدى الطويل ، و من خلال دمج الشركات العقاريه هذه الركائز في نسيج عملياتها، لا تقوم بتأمين ازدهارها فحسب، بل تتمكن أيضا من تعزيز تنافسيتها مستقبلا على نطاق أوسع.

وفي مجال حوكمة الشركات العقارية، يعد تجميع وتنظيم مجلس إدارة الشركة أمرًا محوريًا في توجيه الشركة نحو الازدهار ، ولكن بشرط مراعاه عده أمور ، من شأنها أن تساهم في تحقيق فعالية مجلس الإدارة في الحوكمة، وهي:

1- التنوع في الخبرات : يمكن لمجلس الإدارة الذي يجمع نطاقًا واسعًا من الخبرات المهنية، ، أن يقدم رؤية شاملة بشأن القرارات الإستراتيجية.
2- .موائمه الحجم والديناميكيات: يجب أن يعكس حجم مجلس الإدارة حجم عمليات الشركة، فقد قد يكون مجلس الإدارة الأصغر حجمًا أكثر مرونة، مما يؤدي إلى تعزيز عملية صنع القرار .
3- فترة ولاية مجلس الإدارة : حيث تحافظ الشركة العقارية التي تقوم بتناوب أعضاء مجلس إدارتها بشكل استراتيجي كل بضع سنوات على الذاكرة المؤسسية مع الحفاظ على قدرتها على التكيف مع تحولات الصناعة.
4- سياسات الحوكمة: تعد السياسات الواضحة بشأن حوكمة مجلس الإدارة، بما في ذلك الأدوار والمسؤوليات، أمرًا ضروريًا.

ومن خلال ما سبق ، يتضح أن تكوين مجلس الإدارة وهيكله ليس مجرد إجراءات شكلية، بل إنه يلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الحوكمة، وفي نهاية المطاف نجاح كافه الأعمال العقارية للشركه .

استراتيجيات إدارة المخاطر

ففي مجال حوكمة الشركات العقارية، تعد استراتيجيات إدارة المخاطر أمرًا بالغ الأهمية، حيث يضمن هذا الأمر تحصين كافة الأنشطة العقارية للشركات ضد كافه المخاطر المالية والتشغيلية والمخاطر المحتملة المتعلقة بديناميكيات السوق، وبكل تأكيد يعد تكامل كافة استراتيجيات إدارة المخاطر عملية ديناميكية، مما يتطلب التقييم والتكيف المستمر استجابة لظروف السوق المتطورة والمتغيرة ، ويتم ذلك في ضوء الآليات التالية:-
1- تحديد المخاطر وتقييمها: ويتم ذلك من خلال إجراء تحليل شامل للمخاطر المحتملة، بدءًا من تقلبات السوق ومخاطر الائتمان إلى التحديات البيئية والقانونية ، فعلى سبيل المثال، إستخدام شركة عقارية اختبار التحمل لقياس تأثير الركود الاقتصادي المفاجئ على قيم الأصول العقاريه لها
2- تنفيذ تدابير التخفيف: وذلك لأنه بمجرد تحديد المخاطر، يتم تصميم استراتيجيات التخفيف المناسبة ، ويتم ذلك من خلال تنويع الاستثمارات، أو اعتماد تقنيات متقدمة لتحسين إدارة الممتلكات.
3- التخطيط لإدارة الأزمات: حيث يعد الاستعداد لما هو غير متوقع أمرًا بالغ الأهميه، و يتضمن ذلك إنشاء خطط طوارئ لسيناريوهات الأزمات المختلفة.

ومن خلال نسج هذه الاستراتيجيات في نسيج حوكمة الشركات العقاريه ، فإن الشركات العقارية لا تحمي أصولها وسمعتها فحسب، بل تضع نفسها أيضًا في موضع النمو المستدام والنجاح ، فعلى سبيل المثال، قد يقوم صندوق الاستثمار العقاري (REIT) بتنفيذ تدابير متقدمة للأمن السيبراني لحماية أصوله الرقمية وبيانات العملاء، وبالتالي التخفيف من مخاطر التهديدات السيبرانية وضمان الامتثال للوائح الأمن السيبراني، وقد لا يمنع هذا النهج الاستباقي الانتهاكات المحتملة فحسب، بل يعزز أيضًا ثقة المستثمرين في ممارسات حوكمة صندوق الاستثمار العقاري.

تطوير القيادة

وفي سياق الحديث عن مجال حوكمة الشركات العقارية، فإن هناك جانب هام في هذا الأمر ، وهو آليات التطوير المستمر للقيادات ، حيث تعد استمرارية القيادة أمرًا محوريًا لتحقيق النجاح الدائم، ويستلزم اتباع نهج استراتيجي لضمان وجود أفراد ماهرين دائمًا على استعداد لتولي الأدوار الرئيسية حسب الحاجة، ولا تقتصر هذه العملية على الاستبدال فحسب، بل تتعلق بتعزيز ثقافة يتم فيها دمج تنمية المهارات القيادية في نسيج عمليات المنظمة ، وتتم تلك العملية من خلال تحديد القادة المحتملين ،حيث أن الخطوة الأولى تتمثل في التعرف على الأشخاص داخل المنظمة الذين لديهم القدرة على الصعود إلى مناصب قيادية، ولا يتضمن ذلك تقييم الأداء فحسب، بل يشمل أيضًا تقييم القدرة على تجسيد قيم الشركة ورؤيتها ، هذا بجانب تنفيذ برامج تطوير متخصصة، حيث أنه بمجرد تحديد القادة المحتملين، تصبح خطط التطوير الشخصية ضرورية ، وينبغي تصميم هذه البرامج لتوسيع مجموعة مهاراتهم، وتزويدهم بتحديات جديدة، وإعدادهم للمسؤوليات التي سيواجهونها، و عندما يحين وقت انتقال القيادة، يجب وضع آليات الدعم لتسهيل التغيير السلس ، ومن خلال دمج هذه العناصر في هيكل الحوكمة، يمكن للشركات العقارية تأمين قيادتها المستقبلية، وبالتالي مكانتها في السوق ومسار نموها.

وأخيرا فإن أنماط حوكمة الشركات بمختلف أنواع أنشطتها الاقتصاديه ، ومنها العقاريه تحديدا ، تستطيع من خلال إعتماد ماسبق ذكره وإستعراضه من أطر تنفيذ عمليه الحوكمة ، تستطيع تحويل التحديات إلى فرص، مما يضمن بقاء الشركات العقارية ليس فقط على قيد الحياة، بل أيضًا ازدهارها في مواجهة الشدائد ، وهو ما يؤكد على أهمية الحوكمة كمحفز للتغيير الإيجابي وقيادة الصناعة.

بقلم دكتور محمد راشد  عضو مجلس اداره غرفة صناعة التطوير العقاري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.