«جارتنر» تتوقع تحول 40% من حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى حلول متعددة الوسائط بحلول عام 2027

كتب: محمد بدوي

كشف تقرير جديد لشركة جارتنر للأبحاث أن 40% من حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي ستصبح بحلول عام 2027 متعددة الوسائط (نصوص، صور، صوت، فيديو) في ارتفاع عن النسبة المسجلة عام 2023 والبالغة 1%. ويتيح هذا الانتقال من النماذج الفردية إلى النماذج متعددة الوسائط تفاعلاً أفضل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، ويوفر فرصة لتمايز عروض الخدمات المعززة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.

وقال إريك بريثينوكس، نائب الرئيس لشؤون التحليلات لدى جارتنر: “بالتزامن مع التطور الذي يشهده سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحول باتجاه النماذج التي يتم تدريبها منذ البداية على عدة وسائط، فإن هذا الأمر سيساعد في تسليط الضوء على العلاقات بين قنوات تدفق البيانات المختلفة، ويتمتع بالقدرة على توسيع نطاق الفوائد الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي على امتداد جميع أنواع البيانات والتطبيقات، كما يسهم في تمكين الذكاء الاصطناعي من دعم العنصر البشري في أداء المزيد من المهام بغض النظر عن البيئة”.

ويعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي متعدد الوسائط واحد من تقنيتين تم تحديدهما في تقرير موجة شعبية الذكاء الاصطناعي التوليدي “هايب سايكل 2024” الصادر عن جارتنر والذي أشار إلى أن التبني المبكر لهما سيوفر مزايا تنافسية ملموسة وفوائد مرتبطة بالوقت اللازم للوصول إلى السوق. وبالإضافة إلى نماذج اللغات الكبيرة مفتوحة المصدر، تنطوي التقنيتان على أثر كبير محتمل على المؤسسات خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وأشارت توقعات جارتنر إلى أنه من ضمن ابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتعددة التي سيتم تبنيها في القطاعات الرئيسية خلال الأعوام العشرة المقبلة، فإن هناك تقنيتين تمت الإشارة إليهما على أنهما تتمتعان بأكبر قدر ممكن من الإمكانيات وهما: نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محددة القطاعات، والوكلاء المستقلون.

من جهته قال أرون شاندراسكاران، نائب الرئيس لشؤون التحليلات لدى جارتنر: “سيبقى التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي صعباً بالنسبة للمؤسسات نظراً للمنظومة الفوضوية والسريعة للتقنيات والمزودين. لقد وصل توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى مرحلة تضاؤل الآمال بالتزامن مع بداية دمجه في القطاعات، إذ أن الفوائد الفعلية ستبدأ بالظهور بعد هدوء الضجة المثارة حوله، ومن المرجح أن تتوالى التطورات في القدرات بوتيرة متسارعة على مدى الأعوام القليلة المقبلة”.

الذكاء الاصطناعي التوليدي متعدد الوسائط

سيكون للذكاء الاصطناعي التوليدي أثر تحولي على تطبيقات المؤسسات إذ سيسهم في تمكينها من إضافة خصائص ووظائف جديدة لم تكن ممكنة في السابق. ولن يكون الأثر مقتصراً على قطاعات أو حالات استخدام محددة، إذ يمكن تطبيق هذه التقنية في أي نقطة من نقاط التفاعل ما بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. وتتسم العديد من النماذج متعددة الوسائط الحالية باقتصارها على اثنتين أو أكثر من الوسائط، إلا أن هذا العدد مرجح للزيادة خلال الأعوام القليلة المقبلة.

وأضاف بريثينوكس: “يتفاعل الأفراد في عالم الواقع مع المعلومات ويفهمونها من خلال مجموعة من الوسائط المختلفة مثل الصوت والصورة والاستشعار. وتأتي أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي متعدد الوسائط من حقيقة أن البيانات عادة ما تكون هي الأخرى متعددة الوسائط. ولدى دمج نماذج الوسائط الفردية أو تجميعها بهدف دعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي متعدد الوسائط، فإن هذا الأمر غالباً ما يسفر عن فترات تأخير وتحقيق نتائج أقل دقة، ما يؤدي بدوره إلى تقديم تجربة ذات جودة أقل”.

نماذج اللغات الكبيرة مفتوحة المصدر

تعتبر نماذج اللغات الكبيرة مفتوحة المصدر نماذج أساسية للتعلم العميق تسهم في زيادة القيمة التي يمكن للمؤسسات تحقيقها من تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي وذلك من خلال نشر الاستخدام التجاري وإتاحة الفرصة للمطورين لتحسين النماذج المستخدمة في مهام وحالات استخدام محددة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها توفر إمكانية الوصول إلى مجتمعات المطورين في المؤسسات والأوساط الأكاديمية وغيرها من المهام البحثية التي تسعى لتحقيق أهداف مشتركة تتمثل في تحسين النماذج وجعلها أكثر قيمة.

وأوضح شاندراسكاران قائلاً: “تسهم نماذج اللغات الكبيرة في زيادة إمكانيات الابتكار من خلال تحسين التخصيص، والتحكم الأفضل بالخصوصية والأمن، وشفافية النماذج، والقدرة على الاستفادة من التطوير التعاوني، وإمكانيات التقليل من الاعتماد على موردين محددين. وفي نهاية المطاف، فإنها تقدم إلى المؤسسات نماذج أصغر تتسم بسهولة التدريب والتكلفة الأقل وتدعم تطبيقات الأعمال والعمليات الأساسية”.

نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محددة القطاعات

يتم تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محددة القطاعات بهدف تلبية احتياجات هذه القطاعات ووظائف ومهام الأعمال. ويمكن لهذه النماذج أن تسهم في تحسين التوافق ما بين حالة الاستخدام والمؤسسة، كما تقوم في ذات الوقت بتوفير مستويات محسنة من الدقة والأمن والخصوصية، إضافة إلى تقديم أجوبة سياقية أفضل. وتسهم هذه الأمور جميعها في تقليل الحاجة إلى هندسة أوامر متقدمة مقارنة بنماذج الأغراض العامة، كما يمكنها أن تقلل من مخاطر الآمال الكبيرة المتعلقة بقدرات هذه التقنيات وذلك عبر التدريب المستهدف.

وعلق شاندراسكاران بالقول: “يمكن للنماذج محددة القطاعات تقليل الوقت اللازم لتحقيق القيمة وتحسين الأداء ومستويات الأمان لمشاريع الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال توفير نقطة بداية أكثر تقدماً لتنفيذ المهام في القطاعات المحددة. سيؤدي هذا الأمر إلى تشجيع التبني الأوسع للذكاء الاصطناعي التوليدي لأن المؤسسات ستكون أكثر قدرة على تطبيقه في حالات الاستخدام التي لا تتمتع نماذج الأغراض العامة فيها بأداء جيد”.

الوكلاء المستقلون

الوكلاء المستقلون هم عبارة عن أنظمة مشتركة تحقق أهدافاً محددة بدون تدخل بشري. وتستخدم هذه الأنظمة مجموعة من أساليب الذكاء الاصطناعي التوليدي من أجل تحديد الأنماط السائدة في بيئتهم، واتخاذ القرارات، وتحفيز سلسلة من الإجراءات، وتقديم النتائج. ويتمتع الوكلاء بالقدرة على التعلم من بيئاتهم وتحسين قدراتهم بمرور الوقت، ما يمكّنهم من التعامل مع المهام المعقدة.

واختتم بريثينوكس بالقول: “يجسد الوكلاء المستقلون نقلة كبيرة في قدرات الذكاء الاصطناعي، إذ تتيح قدرتهم على العمل بصورة مستقلة واتخاذ القرارات تحسين عمليات الأعمال وتجربة العميل ودعم المنتجات والخدمات الجديدة، ما يؤدي بدوره إلى تحقيق وفورات في التكاليف وضمان ميزة تنافسية للمؤسسات. كما يمثل هؤلاء الوكلاء تحولاً في القوى العاملة المؤسسية من أداء أدوار التنفيذ إلى أدوار الإشراف”.