بي دبليو سي: الصناديق السيادية بدول الخليج ستسهم برؤوس أموال كبيرة في بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي

  • نتائج النمو غير النفطي حتى الآن لعام 2024 مشجعة حيث بلغت نسبة 4% في الإمارات العربية المتحدة و3.7% في المملكة العربية السعودية و3.8% في سلطنة عمان وعودة الكويت إلى النمو بنسبة 4.7%
  • لا تزال توقعات زيادة النمو غير النفطي إيجابية لعام 2025 مع انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية مما يتيح لدول مجلس التعاون الخليجي خفض أسعار الفائدة أيضا
  •  اتفاق منظمة أوبك+ وحلفائها على تمديد التعاون وتأجيل التخفيض المخطط له وسط توقعات بتراجع الطلب مع انخفاض النفط إلى مستوى 70 دولار أمريكي مما يزيد من حالة عدم اليقين المالي
  • مكنت المساعدات المالية المقدمة من الإمارات العربية المتحدة وأطراف ثالثة، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي، من تحقيق انتعاش اقتصادي قوي في مصر.
  • دول مجلس التعاون الخليجي في وضع جيد للاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي وسط الابتكار المحلي والاستثمار الدولي

كتب: محمد علي

أصدرت بي دبليو سي الشرق الأوسط اليوم أحدث تقاريرها حول الاقتصاد في الشرق الأوسط، والتي تسلط الضوء على أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تشهد نمواً قوياً في القطاعات غير النفطية وسط حالة من عدم اليقين التي تلوح في الأفق.

شهد عام 2024 تطورات اقتصادية إيجابية نسبياً في دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، لا يزال العام مليئًا بالتحديات بالنسبة للمنطقة ككل، حيث امتد التأثير الاقتصادي للحرب في غزة إلى البلدان المجاورة.

وفي يونيو تغلبت منظمة أوبك+ على التوترات الداخلية واتفقت على تمديد اتفاقية التعاون حتى عام 2025 على الأقل، وتم إجراء تعديل آخر في سبتمبر مما يعكس تجدد ديناميكيات العرض والطلب في سوق النفط. بالإضافة إلى ذلك، تبدو مؤشرات نمو القطاع غير النفطي قوية هذا العام. الصفقات على سبيل المثال، استمر إبرام 214 صفقة في النصف الأول من عام 2024 مع استمرار التوطين واستثمارات صناديق الثروة السيادية والتحول على قدم وساق. كما كانت نتائج المالية العامة إيجابية أيضاً، حيث حققت الإمارات العربية المتحدة وقطر وعُمان فوائض مالية بينما قلصت المملكة العربية السعودية عجزها.

وتلوح في الأفق حالة من عدم اليقين في المنطقة بسبب النزاعات المستمرة والاضطرابات في البحر الأحمر وانخفاض إنتاج النفط. ومع ذلك، مع انخفاض أسعار الفائدة، خاصة في البلدان ذات العملات المرتبطة بالدولار الأمريكي، من المفترض أن تتحسن إمكانية الحصول على الائتمان، مما يعزز النمو في الاقتصاد غير النفطي.

تشير توقعات الناتج المحلي الإجمالي الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى تسارع معدل النمو في المنطقة الأوسع نطاقًا إلى 2.8% في عام 2024 (ارتفاعًا من 2% في عام 2023) و4.2% في عام 2025. بالنسبة لأعضاء مجلس التعاون الخليجي، تستعد القطاعات غير النفطية لتكون المحرك الرئيسي للنمو مع استمرار هذه الدول في تنويع اقتصاداتها. كما ستستفيد المنطقة من ا من الأنماط التجارية المتغيرة من خلال تقليل الحواجز التجارية وتنويع المنتجات والأسواق وتطوير ممرات تجارية بديلة.

وقد علّق ريتشارد بوكسشال، الشريك وكبير الخبراء الاقتصاديين في بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً ”في حين تظل قرارات أوبك+ وتقلبات أسعار النفط عوامل مهمة، فإن النمو القوي للقطاع غير النفطي في المنطقة يوفر حاجزاً ضد التقلبات. وبالنظر إلى المستقبل، فإن التنويع المستمر والتركيز على الابتكار سيكونان عاملين أساسيين لتحقيق النمو المستدام”.

ويتناول التقرير ثلاثة محاور رئيسية:

1. تحاول أوبك + التخفيض التدريجي والنمو غير النفطي لا يزال قوياً:

اتفق التحالف على تمديد حصص الإنتاج حتى عام 2025، مع الحفاظ على المستويات المحددة في أكتوبر 2022.

وكما هو الحال دائمًا، يمكن تعديل خطط أوبك+ بسرعة إذا تغيرت ظروف سوق النفط بشكل جوهري. وقد حدث هذا في سبتمبر عندما انخفض خام برنت نحو 70 دولاراً أمريكياً بعد أن بلغ متوسط سعره 82 دولاراً أمريكياً في العام حتى أغسطس، وسط قلق بشأن نمو الطلب. ورداً على ذلك، تم تأجيل خطة التخفيضات الطوعية التدريجية لمدة شهرين وستبدأ الآن في ديسمبر بدلاً من أكتوبر. تم تأجيل التقييمات المستقلة للدول حتى أواخر عام 2025. وهذا بدوره إشارة إلى أن بعض تخفيضات أوبك + قد تستمر حتى عام 2026، مما سيشكل العام العاشر على التوالي من الإجراءات التي تتخذها الدول المنتجة.

2. شهدت مصر تحولاً اقتصادياً ملحوظاً بدعم من الإمارات العربية المتحدة:

مكن التمويل المقدم من الإمارات العربية المتحدة وأطراف ثالثة بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي، من تحقيق انتعاش قوي في مصر.

وقد تضاعف الفائض المالي الأولي أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 18 مليار دولار للسنة المالية المنتهية في يونيو، مع تراجع معدلات التضخم وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى مستويات قياسية مرتفعة.

وعلى الرغم من التحديات المستمرة المتمثلة في البطالة المقنعة والتوترات الجيوسياسية، إلا أن قطاعات مثل السياحة تواصل ازدهارها في مصر.

3. تلعب دول مجلس التعاون الخليجي دوراً رائداً في ثورة الذكاء الاصطناعي:

تحتل المنطقة موقعاً جيداً للاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل العديد من المزايا الرئيسية، مثل وفرة رأس المال الاستثماري، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ذات المستوى العالمي، والعلاقات القوية مع شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون، والأهم من ذلك الحرص على تبني التقنيات الجديدة.

لقد كان ظهور الذكاء الاصطناعي الجيني في السنوات الأخيرة تحويلياً بشكل خاص للمنطقة. وبالنظر إلى المستقبل، ستواصل دول مجلس التعاون الخليجي لعب دور رائد في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، مدفوعة بالاستثمارات والمبادرات الاستراتيجية.

ومن المرجح أيضاً أن تساهم صناديق الثروة السيادية برؤوس أموال كبيرة للاستثمار في بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تصنيع الرقائق ومراكز البيانات، والتي يمكن استضافة بعضها في المنطقة.

وقال ستيفن أندرسون، الشريك ورئيس قسم الاستراتيجية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: ”في وسط حالة عدم اليقين العالمية، تبرز المنطقة استمرارها في التحول الذي يقود الرقمنة وإزالة الكربون والخصخصة والتوطين والتحديث. فهي تبرز كلاعب عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي مدعومة بالاستثمارات، والتركيز على دفع عجلة الابتكار المحلي في النماذج اللغوية الكبيرة، والتعاون مع مؤسسات التكنولوجيا العالمية، ووفرة إمدادات الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي“.