مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال يدعم نمو الشركات الناشئة

كتب: محمد بدوي

في عالم تتطوّر فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي وإمكاناته الاستثنائية بوتيرة غير مسبوقة، رسّخت أبوظبي مكانتها كمركز عالمي للابتكار في هذا المجال. فقد احتلّت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الخامسة في تصنيف ستانفورد العالمي للذكاء الاصطناعي لعام 2024 بفضل الجهود التي بذلتها العاصمة الإماراتية لإنشاء منظومة تقنية رفيعة المستوى شبيهة بتلك الموجودة في وادي السيليكون الأميركي.

لذا، يسعى مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال، الذي يحتفل بعامه الأول، إلى الاستفادة من زخم هذا التصنيف العالمي، وذلك من أجل تعزيز الخبرات في مجال الاستثمار في التقنيات العميقة واستقطاب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، وهما ركيزتان أساسيتان في منظومة الذكاء الاصطناعي. كما يؤدي المركز دوراً مهماً وحاسماً في دعم هذه المنظومة، مستفيداً من مكانته الفريدة كأول حاضنة محلية للذكاء الاصطناعي في المنطقة.

ويتجلى تأثير المركز بوضوح من خلال مساهمته في دعم نمو 9 شركات ناشئة. فقد استقطب المركز تمويلاً خارجياً جديداً يتجاوز قيمة المنح الداخلية بثمانية أضعاف، ما يسلط الضوء على أهمية المركز وإمكاناته الفريدة التي تجمع ما بين الخبرات التقنية ومهارات ريادة الأعمال وإلمامه بالسوق المحلية وترسخ دوره في دعم الشركات الناشئة على التوسع.

في هذا السياق، قال البروفيسور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي: “نفخر بأن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وهي أول جامعة متخصصة في بحوث الذكاء الاصطناعي في العالم، قد رسّخت خلال فترة قصيرة دورها كقوّة داعمة لتحويل الأفكار الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى شركات ناشئة طموحة ستؤدي دوراً محورياً في تطوير منظومة الابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات. فمكانة الجامعة الراسخة تتيح لها تعزيز ثقافة ريادة الأعمال بفضل هيئتها التدريسية عالمية المستوى وعلاقاتها المتينة مع الشركات ومؤسسات القطاع الصناعي”.

هذا وقد أطلق مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال، في إطار جهوده الرامية إلى تعزيز نموه، شبكة الموجهين في مجال الذكاء الاصطناعي التي تسهّل التواصل بين الجهات المعنية بالذكاء الاصطناعي، من خبراء ومستثمرين دوليين مع مؤسسي الشركات الناشئة.

وقد أطلق المركز هذه الشبكة بالتعاون مع البروفيسور ستيف ليو، نائب المدير المساعد للأبحاث في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والشريك المؤسس لمختبر الذكاء الاصطناعي “Proactive AI Lab“؛ والبروفيسورة إليزابيث تشرشل، رئيسة قسم تفاعل الإنسان والحاسوب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي؛ والدكتور هاو لي، أستاذ مشارك في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومؤسس شركة “Pinscreen” ورئيسها التنفيذي؛ وعبد العزيز شيخ الصاغة، الشريك العام في شركة BECO Capital؛ وفرانكلين أورتيجا، مستشار سابق في البيت الأبيض  في الولايات المتحدة الأمريكية، والشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة oigetit.ai؛ وجوليان باجود، الشريك الإداري في شركة Sparkle Ventures؛ ومحمد شرف الدين، نائب الرئيس للبيانات والذكاء الاصطناعي في شركة Careem؛ ويوسف بركاوي، شريك في شركة Deolitte ورئيس قسم الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في الشرق الأوسط.

وأضاف البروفيسور زينغ: “من خلال المركز، نُعزز التزامنا بتدريب الجيل الجديد من مبتكري ورواد الذكاء الاصطناعي”.

يُذكر أن الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن غرفة تجارة وصناعة أبوظبي قد أظهرت أنّ الغرفة شهدت زيادة في عدد الشركات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 41.3% خلال النصف الأول من العام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ليصل إجمالي عدد الشركات في هذا القطاع إلى أكثر من 400 شركة في الإمارة، ما يشير إلى النمو المتزايد لمنظومة الذكاء الاصطناعي في أبوظبي ويسلط الضوء على أهمية إتاحة الدعم المتخصص للتحقق من التقنيات العميقة وتنمية المواهب في هذا المجال.

أما سلطان الحجي، نائب الرئيس للشؤون العامة وعلاقات الخريجين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، فصرّح قائلاً: “تم إنشاء مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال في إطار رؤية الجامعة التي تركّز على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي ودوره في حلّ التحديات العالمية التي تواجهها الإنسانية. يسعى المركز إلى تزويد المؤسسين بما يلزمهم من تمويل وخبرة، وقد سبق أن تعاون مع مطوّرين طموحين لتحويل برمجيات تقنية إلى مؤسسات تجارية”.

الخبرة في برمجية الذكاء الاصطناعي مفتاح النجاح في السوق

إنّ ثقافة ريادة الأعمال متأصلة في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، التي تضم في هيئتها التدريسية شخصيات بارزة كالبروفيسور يوشيهيو ناكامورا، أستاذ ورئيس قسم علم الروبوتات، الذي أسس وأصبح الرئيس التنفيذي لشركة“Kinescopic Inc.”؛ إلى جانب البروفيسور إيفان لابتيف، أستاذ الرؤية الحاسوبية، الذي شارك في تأسيس “VisionLabs”؛ والدكتور هاو لي، الأستاذ المساعد في الرؤية الحاسوبية ومدير مركز الميتافيرس في الجامعة، الذي أسس “Pinscreen”؛ والدكتورة إكاترينا كوشمار، الأستاذة المساعدة في قسم معالجة اللغات الطبيعية، وهي شريكة مؤسِسة ومديرة علمية في “Korbit AI”.

إلى جانب تقديم الإرشاد والتوجيه، أطلق المركز مبادرة المِنَح التي تهدف إلى توفير التمويل اللازم لمؤسسي الشركات الناشئة من الجامعة، بهدف دعم مشاريعهم، إلى جانب سلسلة من ورش العمل التي تركز على ريادة الأعمال وتهدف إلى تعزيز مهارات المشاركين فيها على المستوى العملي.

وقد تقدّم أكثر من 200 طالب وباحث بطلبات للمشاركة في ورش العمل حتى الآن بحضور 100 مشاركٍ، وقدّمت 17 شركة ناشئة عروضاً تجارية. وقد قدّم المركز أكثر من 80 ساعة من ورش العمل والاستشارات، حيث شارك الخبراء من الجامعة إلى جانب ضيوف آخرين من مؤسسات رائدة مثل “أوبن إيه آي”، “مايكروسوفت” و”أمازون ويب سيرفس” في تدريب مؤسسي الشركات الناشئة.

وتعليقًا على ورش العمل التي يقدّمها المركز، قال الحجي: “تُعتبر ورش العمل هذه ضرورية في السياق الأكاديمي، حيث يحتاج العديد من الطلاب إلى الخبرة العملية في مجال ريادة الأعمال. فمن خلال دمج التدريب على ريادة الأعمال في مسيرتهم الأكاديمية، يضمن المركز إعداد طلابٍ يتمتعون بالخبرة التقنية والعقلية التجارية في آنٍ واحد، ما يفتح أمامهم المزيد من الأبواب في سوق العمل أو يجهزهم ليؤسسوا شركاتهم الخاصة مستقبلاً”.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المركز أطلق نشرة إخبارية تصدر كل أسبوعين بعنوان Insights Minute، وذلك من أجل تعزيز المعرفة في مجال التعلّم وريادة الأعمال. ففي عصر يشهد تطورات هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، تساهم هذه النشرة الإخبارية في تحويل تطوّرات الذكاء الاصطناعي إلى إشارات استراتيجية، وتقدّم مقتطفات تساعد مجتمع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال على مواكبة المستجدات بوضوح وسهولة في مجال الذكاء الاصطناعي سريع التطوّر.

كما ينظّم مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال سلسلة “الدردشة الذكية”، التي استضافت حتى الآن كبار المسؤولين من أبرز شركات التكنولوجيا مثل “مايكروسوفت” و”أمازون” و”كريم” و “أوبن إيه آي” وذلك لإتاحة الخبرات العالمية والدولية على المستوى المحلي. وقد انضمّ أكثر من 300 مشارك إلى هذه الجلسات التي شكّلت صلة وصل بين الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي من حول العالم ومجتمع أبوظبي التقني الذي يشهد نمواً مستمراً.

دعم منظومة الذكاء الاصطناعي في أبوظبي

يعمل مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال ضمن منظومة أوسع، حيث يتبنى نهجاً استباقياً لتعزيز الشراكات داخل أبوظبي وخارجها، وذلك بهدف توسيع شبكة علاقاته وتعزيز إمكاناته. فقد عقد المركز العديد من اتفاقيات الشراكة مع مجموعة من الشركات والمؤسسات، منها startAD، Hub71، صندوق الوطن، Microsoft Founders Hub، شروق بارتنرز، BECO Capital، Nvidia، e& Capital، وغيرها من المؤسسات.

وانطلاقًا من شبكة علاقاته وشراكاته المتينة، يُدير مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال برنامجين رئيسيين لتعزيز تأثير عمله في أبوظبي:

  •  يهدف برنامج AI Venturepad إلى تطوير قدرات المواهب المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي وتقديم مجموعة من الحلول لمواجهة التحديات المحلية، من خلال إتاحة الدعم الشامل للمشاركين، عن طريق التوجيه، ومزايا بناء المنتجات العالمية، وفرص توسيع الشركات.
  • يهدف برنامج Trailblazers إلى اكتشاف وتمكين المواهب الإماراتية الشابة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتعزيز المنظومة الريادية في دولة الإمارات وتسريع وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاستراتيجية.

وأبرم المركز في عامه الأول شراكة مع دائرة التنمية الاقتصادية -أبوظبي نصت على تطوير روبوت محادثة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارة. وبعد تنظيم مسابقة شاركت فيها جامعات أبوظبي، وشهدت تقديم أكثر من 1,000 طالب للمساعدة في تطوير الحل، أصبح روبوت “تشات بوت للشركات الصغيرة والمتوسطة” جاهزًا إلى حدٍ ما للإطلاق. الجدير بالذكر أن أكثر من 200 مستخدم قد أُدرجوا على قائمة الانتظار بعد أن أبدوا اهتمامهم بهذا البرنامج.

وفيما تواصل أبوظبي رحلتها لترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، يتبنى مركز جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي لحضانة وريادة الأعمال مقاربة فريدة تجمع بين خبرته التقنية الراسخة وإلمامه بالسوق، ما يتيح له مساعدة الشركات الناشئة على الابتكار وتحقيق النجاح التجاري في آنٍ واحد. كما يبذل المركز جهوداً حثيثة لتشكيل منظومة مواتية لتوسيع مشاريع الذكاء الاصطناعي وازدهارها، ما يساهم في تحقيق رؤية أبوظبي للمستقبل.