ريادة الأعمال والشركات الناشئة في الخليج تدخل عصرها الذهبي

المصدر:وكالات

يعد هذا هو العصر الذهبي لرواد الأعمال والشركات الناشئة في دول مجلس التعاون الخليجي الست، إذ تضافرت العوامل الجيوسياسية والتكنولوجية مع الحاجة الملحة لمواجهة التغير المناخي وأجندات وطنية طموحة لتوفير ظروف هي الأفضل للشركات الصغيرة في أي مكان.

وأصبح توسيع القطاع الخاص الركيزة الأساسية لطموحات جميع الدول الخليجية، حيث يزداد اعتماد القادة في المنطقة على الشركات الصغيرة ورواد الأعمال كمحركات لخلق الوظائف والابتكار، بحسب تقرير لمنتدى الاقتصاد العالمي اطلعت عليه “العربية Business”.

1 – التمويل:
تمتلك الصناديق السيادية الخليجية أكثر من 4 تريليونات دولار من الأصول تحت الإدارة، أي ما يعادل 40% من ثروة الصناديق السيادية العالمية. ومع زيادة تركيز هذه الصناديق على الاستثمار المحلي لتعزيز النمو في القطاع الخاص، تتوفر فرص ضخمة للشركات الناشئة.

على سبيل المثال، تحول صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) نحو تقليل حصة استثماراته الخارجية من 30% في 2020 إلى 18% فقط، ليركز على مشاريع جديدة داخل المملكة.

كما استثمرت “مبادلة” الإماراتية مؤخرًا في شركة “Odoo” البلجيكية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

إضافة إلى ذلك، شهدت استثمارات رأس المال الجريء في دول الخليج نموًا استثنائيًا، حيث تضاعف أربع مرات بين عامي 2017 و2022، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 24%.

وتتدفق الاستثمارات إلى الشركات الناشئة في الخليج في مجال الذكاء الاصطناعي، والأسواق المتخصصة عبر الإنترنت، وتكنولوجيا المناخ، وتطبيقات التوصيل، والتكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا التعليمية، ومنصات الاستثمار.

وفي الوقت نفسه، تعمل صناديق أجنبية مثل شركة ” ScienceWerx” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها على ترسيخ جذورها في المملكة العربية السعودية والدول المجاورة حتى تتمكن من أن تكون أول من يتحرك في مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الصحية وغيرها من المجالات الناشئة.

وعلى نحو مماثل، قالت شركة “Brookfield Asset Management” إنها تجمع ما لا يقل عن ملياري دولار لصندوق استثماري خاص جديد يركز على الشرق الأوسط مع صندوق الاستثمارات العامة وشركاء آخرين.

2 – مشاريع ضخمة تعزز نمو الشركات الصغيرة

لا تتلقى معظم الشركات الصغيرة استثمارات مباشرة من الصناديق السيادية أو رأس المال الجريء، لكنها تستفيد من التأثير المضاعف الناتج عن الإنفاق الهائل في المنطقة على مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي.

في الولايات المتحدة، أثبتت الدراسات أن استحداث وظيفة واحدة في القطاعات ذات المهارات العالية يخلق 2.5 وظيفة أخرى في قطاعات محلية مثل البناء والخدمات الغذائية، مما يشير إلى إمكانيات مشابهة في الخليج.

3 – حوافز تنظيمية لدعم النمو

تعتمد الحكومات الخليجية على سياسات محفزة لخلق الوظائف وتعزيز النمو في القطاع الخاص. ففي الإمارات، على سبيل المثل، تتسابق المناطق الحرة لتقديم أفضل التسهيلات، مثل مركز “Ajman NuVentures” الذي يمنح تراخيص الشركات خلال 15 دقيقة فقط.

كما أن البرامج التي تشجع التوطين في القطاع الخاص، مثل المنح والإعفاءات في الإمارات، تدعم الشركات الصغيرة التي توظف مواطنين.

علاوة على ذلك، فإن برنامج المقر الإقليمي للمملكة العربية السعودية، والذي يهدف إلى حث الشركات المتعددة الجنسيات على إنشاء مكاتبها الإقليمية في المملكة، من شأنه أن يضيف إلى التأثير المضاعف من خلال إرسال الشركات العالمية بحثاً عن شركاء سعوديين في كل شيء بدءاً من التوظيف المحلي إلى العلامات التجارية والإعلان والتسويق.

4 – تعزيز المهارات والترويج للشركات

أصبحت دول الخليج أكثر قدرة على تحديد احتياجات الشركات الناشئة والصغيرة. فبينما كانت الصادرات غير المرتبطة بالطاقة ضئيلة في الماضي، أصبحت الآن السعودية والإمارات وحكومات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تروج لها بقوة.

فعلى سبيل المثال أطلقت الكويت، التي رخصت 6700 شركة جديدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، برنامج “مبادر بلس” لتقديم ورش عمل ودورات إرشادية.

كما استضافت دبي حدث “Expand North Star” في 2024، الذي حضره 70 ألف شخص، وهو أكبر فعالية عالمية للاستثمار في الشركات الناشئة.

5 – فرص تجارية وتقنية هائلة
تتبنى دول الخليج النموذج الأميركي في استخدام التمويل الحكومي لدعم الأبحاث الجامعية التي تؤدي لاحقًا إلى الابتكارات القابلة للتسويق.

كما تسير اتجاهات التجارة في مسار مواتي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. إذ تقترب المملكة المتحدة وست دول من مجلس التعاون الخليجي من الانتهاء من اتفاقية التجارة الحرة الجديدة بقيمة 73 مليار دولار سنويًا. ومن المرجح أن تعمل اتفاقية التجارة الحرة الجديدة مع المملكة المتحدة على تسريع التكامل الاقتصادي بين الدول الست، وكذلك التجارة الإلكترونية الخليجية، التي لا تزال تتفوق على المناطق الأخرى في النمو السنوي.

لا ينبغي إغفال الصين، إذ تتطلع الشركات الصينية إلى الخليج بهدف تنويع قاعدتها التصنيعية، والاستثمار في الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين وتصبح رائدة في حصة سوق السيارات الكهربائية.

ويُشار إلى أن الاستثمار الصيني في تطوير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا يجعل دول مجلس التعاون الخليجي مركزًا للتحول الرقمي والتجارة.

مع هذه البيئة المزدهرة، لا شك أن الوقت الحالي يمثل أفضل فرصة لرواد الأعمال والشركات الناشئة في الخليج لتحقيق النجاح.