تقرير: مصطفى عيد
في عام 2024، شهد الذهب تحركات غير مسبوقة بين الارتفاعات والانخفاضات التي أثارت الكثير من الجدل في أسواق المال. وسط اضطرابات الاقتصاد العالمي والتغيرات المتسارعة في السياسة النقدية، تربع المعدن الأصفر على عرش الأصول الأكثر جذبًا للمستثمرين. منذ بداية العام، قفز الذهب من مستوى 2064 دولارًا للأوقية إلى 2631 بنحو 567 دولارًا للأوقية، محققًا نموًا مذهلاً بلغ 27,5%، وفى التقرير التالى نتابع تحركات الذهب الشهرية التي تأثرت بعوامل متعددة، بما في ذلك قرارات الفيدرالي الأمريكي، التوترات الجيوسياسية، والضغوط الاقتصادية العالمية.
• يناير: بداية متقلبة مع تراجع طفيف
بدأت تحركات الذهب في يناير 2024 بتذبذب ملحوظ، حيث بدأ المعدن الأصفر الشهر عند مستوى مرتفع بلغ حوالي 2064 دولارًا للأوقية، ولكن مع تزايد التفاؤل بشأن خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الربع الأول من العام، تراجعت الأسعار بشكل طفيف. كان هذا الانخفاض ناجمًا عن تحول توقعات السوق بخصوص السياسة النقدية، حيث تم دفع آمال الخفض إلى الربع الثاني من 2024، وأنهى الذهب شهر يناير عند 2037 دولار، بانخفاض قدره 27 دولارًا عن بداية الشهر
• فبراير: تحركات محدودة بسبب الأوضاع الاقتصادية
دخل الذهب فبراير 2024 في نطاق تداول ضيق حيث استقر السعر حول 2,030 دولارًا للأوقية. استمر الهدوء النسبي في الأسواق المالية بعد خفض التوقعات الخاصة بتقليص أسعار الفائدة.
جاءت تحركات الذهب متأثرة أيضًا بتحركات الدولار الأمريكي، الذي سجل مكاسب في ظل التوقعات بزيادة العوائد الحقيقية للسندات الأمريكية، وخلال منتصف فبراير سجل الذهب أدنى مستوي له خلال الشهر عند مستوي 1990 دولار للأوقية.
• مارس: إرتفاع الطلب
مع بداية الربع الأول من العام، تباطأت وتيرة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، ما أتاح للذهب فرصة لتحقيق ارتفاعات ملحوظة، وشهدت أسعار الذهب ارتفاعات بنحو 149 دولارًا بعدما أغلق الذهب عند مستوي 2232 دولار للأوقية مقابل 2083 دولارًا للأوقية فى بداية الشهر.
• أبريل: تحطيم الأرقام القياسية
ارتفع سعر الذهب بنسبة 2.5% في أبريل، ليغلق الشهر عند 2,286.1 دولار للأوقية. وواصل المعدن الأصفر تحطيم العديد من الأرقام القياسية في الأسعار، ليحقق في نهاية الشهر سعرًا قياسيًا جديدًا بلغ 2,392 دولارًا. تظل العوامل الرئيسية التي تقود الاتجاه الصعودي قائمة، وعلى رأسها وضع الذهب كـ “ملاذ آمن” والمخاطر الاقتصادية الكبرى.
وأنهى الذهب شهر أبريل بزيادة قدرها 56 دولارًا، وهو رقم قياسي جديد في نهاية الشهر، على الرغم من أن المعدن سجل رقمًا قياسيًا جديدًا كل يوم في الأسبوع الأول من الشهر، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2,392 دولارًا في 19 أبريل 2024. ومع انخفاض التوترات في منطقة الشرق الأوسط، فقد الذهب بعضًا من هذه المكاسب، ليغلق الشهر عند 2,286 دولارًا.
• مايو: انتعاشة قوية
ارتفع سعر الذهب بنسبة 1.8% في مايو ليغلق الشهر عند 2,327.1 دولارًا للأوقية، على الرغم من أن المعدن سجل في هذا الشهر أعلى مستوى له على الإطلاق بلغ 2,450 دولارًا. عند مراجعة البيانات، نلاحظ أن الذهب عاد للتفاعل مع المحركات التقليدية مثل العوائد الحقيقية الأمريكية وقوة الدولار الأمريكي، بينما ساعدت أيضًا مشتريات الصين والتوترات الجيوسياسية المستمرة في دعم سعر الذهب.
سجل سعر الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق في بداية تداولات 20 مايو عند 2,450 دولارًا، قبل أن يتخذ المستثمرون أرباحهم، مما دفع المعدن للارتفاع بمقدار 41 دولارًا ليغلق الشهر عند 2,327 دولارًا. وأدى انخفاض العوائد الحقيقية في الولايات المتحدة وضعف الدولار الأمريكي إلى دفع سعر الذهب للارتفاع بنسبة 1.8% على مدار الشهر، ومنذ بداية العام، ارتفع سعر الذهب بنسبة 12.8%.
• يونيو: تدفقات رأس المال
تأثر الذهب في يونيو 2024 بتدفقات رأس المال التي جاءت من صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) المدعومة بالذهب، مع بداية الربع الثاني، أظهرت تقارير الاقتصاد الأمريكي تحسنًا طفيفًا في سوق العمل، ولكن تزايد المخاوف بشأن استدامة الانتعاش الاقتصادي العالمي دفع الذهب لتحقيق مكاسب إضافية.
وأغلق الذهب الشهر عند نفس المستوى الذي بدأ به، وهو 2,327 دولارًا. سجل الذهب أعلى مستوى خلال الشهر عند 2,376 دولارًا قبل أن ينخفض إلى أدنى مستوى له في الشهر عند 2,294 دولارًا، وبعد صدور بيانات التوظيف في القطاع غير الزراعي، استعاد الذهب بعض مكاسبه مع اقتراب نهاية الشهر، حيث تراجع الدولار الأمريكي من أعلى مستوى له في شهرين.
يوليو: مستوي قياسي جديد
أنهي الذهب شهر يوليو عند 2,448 دولارًا، بارتفاع بنسبة 5.2% ليحقق سعرًا قياسيًا جديدًا في نهاية الشهر، فيما سجل الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2,484 دولارًا في 17 يوليو بسبب تزايد المخاطر السياسية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وبلغ الذهب ذروته بعد أن سجل ترامب أعلى تقدم له ضد بايدن وتحديدُا فى 15 يوليو، قبل نحو أسبوع من نهاية حملة بايدن لإعادة انتخابه.
وعلى الرغم من وصول الذهب إلى أعلى مستوى له، فقد عاد ليواصل ارتفاعه مسجلًا مستوى جديدًا في نهاية الشهر عند 2,448 دولارًا. ومع اقتراب تخفيضات أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات مالية إيجابية. ارتفعت إجمالي الحيازات المعروفة من الذهب في صناديق الاستثمار المتداولة بنسبة 1.8% لتصل إلى 82.5 مليون أونصة، وهو أعلى مستوى لها خلال خمسة أشهر.
• أغسطس: تجاوز 2500 دولار
ارتفع سعر الذهب بنسبة 2.3% في أغسطس، ليغلق عند مستوى قياسي جديد في نهاية الشهر بعد أن اخترق حاجز 2,500 دولار لأول مرة في التاريخ.
وأنهى الذهب شهر أغسطس عند 2,503 دولارًا، ليحقق بذلك سعرًا قياسيًا جديدًا في نهاية الشهر. ساهمت الانخفاضات في كل من الدولار الأمريكي وعوائد الخزينة في دعم المعدن الثمين، كما بدت البيانات الاقتصادية الصادرة في الشهر تمهد الطريق لأول خفض لأسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر الماضى.
وكان أغسطس الشهر الثالث على التوالي الذي يشهد تدفقات صافية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب على مستوى العالم، وإن كانت بمبالغ معتدلة نسبيًا. ارتفع الذهب بنسبة 21.3% حتى الآن في 2024، مما يجعله أحد أفضل الأصول أداءً هذا العام.
سبتمبر: أعلى مستوى له على الإطلاق
أنهى الذهب شهر سبتمبر عند 2,635 دولارًا، بزيادة 5.2% عن الشهر السابق، ليغلق قريبًا من أعلى مستوى قياسي تم تحقيقه في وقت سابق من الشهر. كان العامل الرئيس وراء هذا الارتفاع هو خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من الفيدرالي الأمريكي، الذي فاجأ السوق من حيث حجمه فقط، بينما كانت التدابير التحفيزية في الصين أيضًا مفيدة. كما ساعدت التصعيدات في الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتي كان لها تأثير مباشر أكثر، على تعزيز مكانة الذهب كأصل “ملاذ آمن”.
• أكتوبر: مستويات قياسية جديدة
ارتفع سعر الذهب بنسبة 4.2% في أكتوبر، رغم الرياح المعاكسة القوية عادة من ارتفاع الدولار الأمريكي وعوائد سندات الخزانة، مدفوعًا بتصاعد الصراع في الشرق الأوسط وزيادة حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مما أدى إلى تعزيز الطلب على المعدن النفيس، متفوقًا على التأثيرات السلبية لارتفاع الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد سندات الخزانة.
وقد سجل الذهب مرة أخرى مستويات قياسية جديدة، حيث أغلق الشهر عند 2,744 دولارًا للأونصة، بزيادة بنسبة 4.2% خلال الشهر و33.0% منذ بداية العام. يعتبر الذهب أحد الأصول الأفضل أداءً حتى الآن في عام 2024.
نوفمبر: ترامب يهبط بالذهب 3.7%
انخفض سعر الذهب بنسبة 3.7% في نوفمبر، منهياً سلسلة من المكاسب المتتالية لمدة أربعة أشهر، ليُسجل أسوأ أداء شهري له منذ سبتمبر 2023، حيث استمر الدولار الأمريكي في الارتفاع بعد فوز ترامب، مع افتراض الأسواق أن التعريفات الجمركية التي اقترحها ستؤدي إلى زيادة التضخم وتبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، ووصلت الصراعات في كل من الشرق الأوسط وأوكرانيا وروسيا إلى مراحل هامة، وبدأ الرئيس المنتخب في معالجة وعده بإنهاء تلك الصراعات.
بحلول منتصف الشهر، كان سعر الذهب قد فقد 180 دولاراً منذ يوم الانتخابات، وهو انخفاض بنسبة 6.6%.
• توقعات
ووفقًا لتوقعات LongForecast المحدثة، يُتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 3,150 دولار أمريكي في عام 2025. وبحلول نهاية العام، من المرجح أن يتراوح السعر بين 3,150 و 3,356 دولار أمريكي.
وفي عام 2026، من المحتمل أن يواجه الذهب تقلبات مرتفعة. وفقًا لـ Gov Capital، سيشهد المعدن الثمين تقلبات واسعة بين 3,440 و 4,907 دولار أمريكي. ستظل قيمته عرضة للاضطرابات الجيوسياسية وتعديلات السياسات النقدية للبنوك المركزية.
كما يتوقع محللو Coin Price Forecast أنه بحلول عام 2030، سيظل الذهب يحتفظ بمكانته كأصل آمن رئيسي، وقد يصل إلى 5,085 دولار أمريكي. ويقدر معدل النمو السنوي المتوسط طويل الأجل بحوالي 7%.