مستقبل البنوك في عصر الذكاء الاصطناعي

المصدر:وكالات

تعمل التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل ملامح القطاع المصرفي في الشرق الأوسط، إذ تحسن طرق تشغيل البنوك التقليدية والبنوك الرقمية.

وقال أحمد عبد العال، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك المشرق الإماراتي، في مقال له على موقع “The Banker” واطلعت عليه “العربية Business”، إن القطاع يشهد تحولًا من الأساليب التقليدية المعتمدة على البيانات إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدم، مما يحدث ثورة في الكفاءة التشغيلية وتفاعلات العملاء بطرق لم يسبق لها مثيل.

وفقًا لشركة الاستشارات “Strategy &”، فمن المتوقع أن تحقق منطقة مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030 عائدًا اقتصاديًا يصل إلى 9.9 دولار لكل دولار يتم استثماره في الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يمكن أن يدر عائدا اقتصاديا سنويا يصل إلى 23.5 مليار دولار. ومع تقديم أدوات موجهة نحو العملاء تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، تعتمد البنوك بشكل متزايد على أحدث التقنيات لتعزيز الإنتاجية وتحسين تجربة العملاء.

يمثل ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على دمج وتحليل البيانات الكبيرة للتنبؤ بالنتائج، تطورًا رئيسيًا يمكن أن يُحدث ثورة إضافية في العمليات المصرفية وأطرها الاستراتيجية. إذ كانت أولوية البنوك دائما في الشرق الأوسط للأمن وإدارة العمليات بسلاسة مع فرض ضوابط صارمة على المخاطر.

ومع ذلك، أتاحت التطورات الحديثة في تكامل الذكاء الاصطناعي إمكانية تركيز إضافي على تحسين تفاعل العملاء ورضاهم، بما يتماشى مع التركيز المتزايد في المنطقة على الابتكار وحلول مصرفية تتمحور حول العملاء.

وأوضح عبد العال أن بنك المشرق يتبنى رؤية شاملة واستراتيجية لكيفية تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل كبير على تجربة العملاء. فعلى سبيل المثال، مع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي كواجهة للغة طبيعية، قد يتغير أسلوب تفاعل العملاء مع بنوكهم ليصبح أسهل، إذ قد يكتفي العميل بطرح أسئلة مباشرة عبر الصوت أو النص بدلاً من التنقل بين القوائم داخل التطبيقات.

الذكاء الاصطناعي التوليدي

ومع تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي ليصبح قادرًا على توقع احتياجات العملاء وتخصيص الخدمة في الوقت الفعلي، يمكن أن يعيد هذا صياغة الطريقة التي يدير بها الأشخاص شؤونهم المالية بشكل عام، من خلال دعم احتياجاتهم المالية وتعزيز رفاهيتهم بشكل استباقي دون الحاجة للبحث عنها.

روبوتات الدردشة

أصبحت روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من عمليات خدمة العملاء في البنوك، حيث تقدم إجابات فورية لاستفسارات العملاء وتوفر الدعم المستمر على مدار الساعة. وعززت التطورات في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من قدرات هذه الروبوتات اللغوية بشكل كبير، مما مكن البنوك من فهم سلوك المستخدمين بشكل أعمق وتقديم خدمات شخصية وودودة تلبي احتياجاتهم.

والأهم من ذلك، أن هذه التكنولوجيا تمكن من التنبؤ باحتياجات العملاء إلى جانب تحديد أي مخاطر محتملة أو أنشطة احتيالية قبل حدوثها، مما يعزز الكفاءة التشغيلية ويضع العملاء في صميم العمليات.

تعزيز الأمن السيبراني

يُعتبر الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة بشكل متزايد في تعزيز الأمن السيبراني في القطاع المصرفي، بفضل قدرته على تحليل مجموعات بيانات ضخمة في الوقت الفعلي، والتعرف على الأنماط التي تشير إلى تهديدات إلكترونية محتملة. وهذا يمكن من الكشف المبكر عن التهديدات وتعزيز القدرة على إحباط الهجمات الإلكترونية قبل حدوثها.

علاوة على ذلك، يقوم الذكاء الاصطناعي بأتمتة عملية الاستجابة للحوادث، مما يتيح لخبراء الأمن السيبراني التركيز على التحديات الأكثر تعقيدًا.

وتُعتبر قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم والتكيف باستمرار أمرًا بالغ الأهمية لضمان بقاء التدابير الأمنية مواكبة للتطور المستمر للتهديدات السيبرانية.

تحديات الذكاء الاصطناعي بالقطاع المصرفي

ومع استفادة القطاع المصرفي من الذكاء الاصطناعي، من الضروري مواجهة التحديات المصاحبة لهذه التقنية، بما في ذلك حماية خصوصية البيانات.

كما أن ضمان تشغيل الذكاء الاصطناعي بشفافية وإنصاف يعد أمرًا بالغ الأهمية، مما يبرز الحاجة إلى وضع أطر حوكمة قوية للإشراف على استخدامه.

يرى عبد العال أن مستقبل القطاع المصرفي لا يقتصر على تبني التكنولوجيا فقط، بل يتمحور حول دمجها بشكل يتماشى مع نهج يركز على العملاء.

تُعد قابلية التوسع في حلول الذكاء الاصطناعي واندماجها مع الأنظمة المصرفية الحالية أمرًا بالغ الأهمية للبنوك التي تسعى إلى تحصين عملياتها للمستقبل.

ويتطلب هذا الجهد ما هو أكثر من مجرد تحديثات تقنية، إذ يشمل تطوير المواهب، وإدارة القدرات المتقدمة للذكاء الاصطناعي، والحفاظ على الشفافية والمساءلة في القرارات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي.

ومع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، فإنه يعد بعصر جديد من الخدمات المصرفية يتميز بالكفاءة المحسنة والمرونة التشغيلية، والأمان المعزز، وتخصيص الخدمات بشكل أعمق، مما يجعل الذكاء الاصطناعي صديقًا أكثر من كونه تحديًا في تطور القطاع المصرفي.