بقلم .د محمد راشد
بعد مدة طويلة من الصراع والمعاناة أسفرت عن 46 ألف قتيل وأكثر من 110 آلاف جريح، تواجه عملية إعادة إعمار غزة تحديات هائلة تعكس حجم الدمار الذي خلفته الحرب، وتعتبر إعادة إعمار غزة ليست مجرد عملية بناء، بل هي معركة اقتصادية وسياسية تتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا مشتركة.
فالتعامل مع هذه التحديات الهائلة يستدعي حلولًا مبتكرة ودعمًا مستدامًا لإعادة الأمل إلى القطاع وسكانه ، و بعد 15 شهرًا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والكشف عن حجم الدمار الكبير الذي لحق بالقطاع، أثارت التساؤلات حول المدة الزمنية والتكاليف اللازمة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة والخبراء إلى أن عملية إعادة الإعمار قد تستغرق 350 عامًا في حال استمر الحصار، بحسب مجلة «TIME» الأمريكية
لقد ألحق العدوان على غزة أضرارًا جسيمة طالت كافة جوانب الحياة اليومية، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في سبتمبر 2024، فقد تم تدمير أكثر من 70% من مباني القطاع التي كانت تضم نحو 600 ألف شخص، بجانب البنية التحتية الأساسية من طرق وشبكات كهرباء ومياه، كما تضررت 48.7% من المباني في مدينة رفح الواقعة في أقصى الجنوب.
وعلي الرغم من أن الحرب وضعت أوزارها في قطاع غزة، وغلّف الفرح أجواء القطاع، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، يبرز ملف إعادة الإعمار باعتباره “معضلة” لن تنتهي بانتهاء الحرب، فأكثر من عام ونصف على امتداد الحرب، كانت كفيلة بأن تجعل غزة أثرا بعد عين، بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات البرية والقصف المدفعي .
ومع صمت أزيز الطائرات وفوهات المدافع، يتصدر ملف إعادة الإعمار في القطاع، أحد أكبر المعضلات التي لن تنتهي مع وقف الحرب، وأحد أكبر التساؤلات بين ركام الحرب والمؤجلة فيما يسمى اليوم التالي للحرب، والتقديرات بشأن الموعد المتوقع لعودة الحياة إلى طبيعتها في القطاع.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن مسألة إعادة الإعمار ستكلف أكثر من ثمانين مليار دولار، لكن المعضلة الأكبر التي ستواجه هذه العملية هي إزالة الأنقاض، لا سيما وأن أكثر من سبعين في المئة من مساكن غزة تضررت بين تدمير كلي وجزئي، إلى جانب المستشفيات والمدارس والمرافق الأخرى من البنى التحتية.
ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الحرب في غزة دمرت الاقتصاد الفلسطيني إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي 35% منذ بداية الحرب قبل عام في حين انهارت مستويات التنمية في القطاع نفسه لتعود إلى ما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي.
وبناءا علي الدراسه التي أطلقها برنامج تشيتوسي نوجوتشي حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحرب إنه استنادا إلى بعض المعايير اقترب مستوى الفقر في قطاع غزة الآن من 100% نتيجة للاضطرابات في حين بلغ معدل البطالة 80% ، ووفقا لتقرير أممي فإن اقتصاد غزة يحتاج نحو 350 عاما ليعود لوضعه المتعثر قبل الحرب .
حيث تُقدر كمية الركام الناتجة عن الدمار في غزة بنحو 42 مليون طن، وهو رقم يعادل خطًا من الشاحنات يمتد من غزة إلى آخر نقطة في أميركا، أو من نيويورك إلى سنغافورة، كما تصل تكلفة نقل هذا الركام وحدها تبلغ حوالي 700 مليون دولار، وتتطلب هذه العملية سنوات طويلة، حتى فكرة التخلص من الركام في البحر تثير تعقيدات سياسية، حيث يمكن أن تؤدي إلى تغيير جغرافي لتوسيع مساحة غزة.
التكلفة الإجماليه لإعاده الإعمار
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة بالكامل تتجاوز 80 مليار دولار ، حيث تشمل هذه التكلفة بناء الإسكان، وترميم البنية التحتية، وإعادة تأهيل الزراعة، وإصلاح الأنظمة الصحية التي دُمرت جزئيًا أو كليًا ، ويطرح هذا الرقم تساؤلات كبيرة حول مصادر التمويل والجهات التي ستتولى تقديم الدعم المالي، وبكل تأكيد فإن تدمير المساكن يمثل الجزء الأكبر من التكاليف، حيث تصل تقديرات إعادة بناء المنازل إلى حوالي 13 مليار دولار، و يعود ذلك إلى حجم الدمار الكبير الذي طال المنازل وأدى إلى تشريد آلاف الأسر ، كما تضرر أكثر من 70% من المساكن، والمدارس، والمستشفيات، والشركات في غزة، ما يزيد من تعقيد عملية إعادة الإعمار ويؤثر على حياة السكان اليومية.كما تُعد الأراضي الزراعية واحدة من القطاعات الأكثر تضررًا، حيث دُمِّر ما لا يقل عن 50% منها ، حيث كانت الزراعة تشكل جزءًا رئيسيًا من اقتصاد غزة، ما يعني أن هذه الخسائر تُلقي بظلالها على الأمن الغذائي لسكان القطاع، كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 70% من الأراضي الزراعية، بما يعادل 103 كيلومترات مربعة، تضررت نتيجة للقصف، وفي بعض المناطق، مثل شمال غزة، تجاوزت نسبة الأضرار 79%، ما شكل ضغط وتهديد للأمن الغذائي للقطاع.
تكاليف إعادة الإعمار
و تقدر الأمم المتحدة أن إعادة إعمار غزة من حيث البنية التحتية والمباني ستستغرق نحو 15 عامًا، وستكلف أكثر من 51 مليار دولار، كما أن هناك بعض التقارير تري أن التكاليف قد تتجاوز 80 مليار دولار عند احتساب جميع النفقات المباشرة وغير المباشرة، ورغم إمكانية إعادة بناء المباني، فإن التحدي الأكبر يتمثل في إعادة بناء حياة مليوني فلسطيني منهم مليون طفل، تأثروا بشدة من آثار الحرب، وهناك العديد من التحديات الاقتصادية والإنسانية المستقبلية لإعادة إعمار غزة، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه في حال تم تطبيق سيناريو نمو اقتصادي سنوي بنسبة 10%، فقد تحتاج غزة إلى عقود عديدة لتعافي كامل ، وفي حال تجنب تجدد العدوان الإسرائيلي، قد يتطلب الأمر حتى عام 2050 لتعود مستويات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما كانت عليه في عام 2022.
وهناك دراسة لمؤسسة راند البحثية الأميركية تقول أن الحرب على غزة خلّفت 42 مليون طن من الأنقاض، وهو ما يكفي لملء ما يزيد على 1.3 مليون شاحنة ، كما أن تكلفة إزالة الركام والأنقاض تزيد على 700 مليون دولار وتستغرق عدة سنوات، كما أن عملية إزالة الأنقاض معقدة بسبب وجود القنابل والألغام والصواريخ غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والجثث التي لا تزال تحت الأنقاض، فضلا عن مصاعب العثور على مواقع للتخلص من كل تلك الأنقاض الملوثة ، وحسب «وول ستريت جورنال».أن إعادة بناء القطاع شبه المدمر بالكامل قد تتكلف عشرات مليارات الدولارات، وقد تصل التكلفة إلى تريليون دولار. كما وجدت تقديرات الأمم المتحدة أن استعادة الإنتاج الاقتصادي للقطاع مستوى ما قبل الحرب الإسرائيلية ستستغرق 350 عاما تقريباز
عراقيل سياسية وتمويلية
ولاشك أن هناك عراقيل سياسية أمام عملية إعادة إعمار غزة، وقالت: «التعقيدات التي لا حصر لها التي تواجه عملية إعادة الإعمار لا تتعلق بالجانب العملي فحسب، لكنها أيضا سياسية بالمقام الأول ، حيث أنه جرى استغلال تجارب إعادة الإعمار السابقة في غزة من قِبل (إسرائيل) كوسيلة للحفاظ على الهيمنة والصراع في نهاية المطاف»، موضحة أن حظر دخول مواد البناء للقطاع كان أحد السمات المميزة للحصار الذي فرضته تل أبيب منذ العام 2007، حيث جرى تصنيف مئات العناصر، بما فيها معدات الحفر وقوالب الخرسانة والأسفلت والأسلاك، على أنها عناصر ذات استخدام مزدوج ، كما أنه هذه المره ستكون المهمة أكبر وأوسع نطاقا بالنظر إلى حجم الدمار بالقطاع واحتياجات الفلسطينيين. وهنا تبرز المعضلة الأولى المتعقلة بالتخلص من 50 مليون طن من الأنقاض والحطام، وهي 17 مرة أكبر من كل الحطام الناتج عن الحروب في القطاع منذ العام 2008، بحسب تقديرات أممية .
كما تقدر الأمم المتحدة أن التخلص من الحطام في القطاع سيستغرق ما يصل إلى عشرين عاما بتكلفة تقترب من مليار دولار على الأقل ، أما المعضلة الثانية فستكون الفترة التي تستغرقها عملية إعادة الإعمار، ففي حين أن الأمر قد يستغرق عقودا، يؤكد الواقع أن العملية برمتها تعتمد على الظروف السياسية، وهناك أيضا أزمة ثالثة تتمثل في كيفية تقييم الاحتياجات الحقيقية للسكان من حيث المأوى والدعم، وكيفية نقل المجتمعات المحلية إلى مناطق بديلة داخل القطاع، لإتمام عملية الإعمار، وما ينتج عن ذلك من ضرر اجتماعي، وإلى جانب البنية الأساسية المادية، هناك أضرار أخرى أقل وضوحا، حيث تضررت أكثر من نصف الأراضي الزراعية الحيوية في غزة بسبب الصراع، ونفق 95% من الماشية إلى جانب ما يقرب من نصف الأغنام. تثير كل تلك المشاكل تساؤلات أكبر بشأن كيفية إنشاء آلية واضحة تسمح بإعادة البناء على نطاق واسع، وتضمن في الوقت نفسه عدم تدخل «إسرائيل» أو الإدارة الأميركية.
ومن المتوقع أن يؤدي اتفاق غزة لعودة النشاط إلى مسار البحر الأحمر الحيوي، ما من شأنه أن يدعم حتماً إيرادات قناة السويس، وبالتالي الاقتصاد المصري .
كما أن أحد الافتراضات الرئيسية بالنسبة للاقتصاد المصري، كان يقوم على بدء تراجع الضغوط عن قناة السويس في الربع الثاني من السنة الحالية على أقرب تقدير، ما يعني أن إقرار الاتفاق قد يوصل إلى تحقيق هذا السيناريو قبل الفترة الزمنية المزمعة، ما من شأنه أن ينعكس تحسناً في الإيرادات الدولارية للقناة، ويُسهم باستقرار أسعار الصرف، ويدعم الموازين الخارجية.
وهذه الظروف قد تشكل “فرصة” أمام مصر، إذ “يُمكن أن تسهم بتحسين توقعات نمو اقتصاد البلاد، إضافةً إلى تخفيف حدّة التضخم والمخاطر المرتبطة به، بما يتيح للبنك المركزي تخفيض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، وكافة هذه التطورات قد تدفع وكالات الائتمان الدولية لرفع تصنيف مصر بكل تأكيد ، كما لا تقتصر آثار اتفاق وقف النار في غزة على تحسين إيرادات قناة السويس، أو دعم الاقتصاد الكلّي للبلاد، بل يُرجّح أن تطال الشركات المصرية بشكلٍ مباشر، لاسيما المقاولات ومواد البناء، في حال صمود الاتفاق وتنفيذ بنوده، كما أنه من شأن عملية إعادة الإعمار أن تدعم الشركات العاملة في مصر، وخصوصاً تلك العاملة في مجاليّ الإنشاءات وتصنيع مواد البناء، لكونها الأقرب جغرافياً ولديها خبرات في هذا المجال، وسبق أن عملت بمجال إعادة الإعمار في عدة دول
فعلي سبيل المثال مصر ساهمت في عمليات إعادة الإعمار في العراق وسوريا وليبيا ولبنان خلال السنوات الماضية. لافتاً، كنموذج، إلى الاتفاق بين القاهرة وبغداد عام 2019 بهدف إعادة إعمار العراق بعد حرب مدمرة مع “داعش”، حيث تُصدّر مصر بموجبه مواد بناء إلى العراق بنحو مليار دولار سنوياً. كما تعمل الشركات المصرية في مشاريع بمناطق مثل صلاح الدين، والأنبار، ونينوى، وسامراء.
و تقدّر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام في غزة، مشيرةً في تقرير أن هذا يعادل 14 مرة كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب في أكتوبر 2023، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017. ولفتت الأمم المتحدة إلى أن إزالة هذه الكمية من الركام ستستغرق 14 عاماً وتكلف 1.2 مليار دولار، بينما أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون حالياً إلى مأوى في غزة. وعملية إعادة بناء المنازل المدمرة في القطاع قد تستمر حتى عام 2040 على الأقل. وتبلغ تكلفة إعادة الإعمار، بحسب مؤسسة “راند” الأميركية، أكثر من 80 مليار دولار.
إزالة الأنقاض
و تقدر الأمم المتحدة وجود 42 مليون طن من الأنقاض الناتجة عن القصف الإسرائيلي، وهو ما قد يتطلب 14 عاماً لإزالتها بتكلفة تصل إلى نحو 700 مليون دولار ، وتحتوي هذه الأنقاض على مواد خطرة مثل الأسبستوس وبقايا بشرية؛ ما يزيد تعقيد عملية الإزالة، كما تقدر وزارة الصحة الفلسطينية وجود 10 آلاف جثة تحت الأنقاض ، كما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تدمير ثلثي مباني غزة، أي نحو 170 ألف مبنى، بما في ذلك 245,123 وحدة سكنية، وقد أدى ذلك إلى تشريد أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى مأوى طارئ. عملية إعادة بناء هذه المنازل قد تستمر حتى عام 2040 أو أكثر؛ ما يعكس مدى تعقيد الوضع الحالي ، و بلغت قيمة الأضرار في البنية التحتية نحو 18.5 مليار دولار، وفق تقرير مشترك بين الأمم المتحدة والبنك الدولي، وتضررت القطاعات الحيوية كالمياه والصرف الصحي والطاقة بشكل كبير، حيث تراجعت إمدادات المياه الصالحة للشرب إلى أقل من 25% من مستواها قبل الحرب، كما تأثرت 68% من شبكة الطرق .
كما تسببت الحرب في تدمير أكثر من 136 مدرسة وجامعة، و200 منشأة حكومية و823 مسجداً وثلاث كنائس، كما تضررت المستشفيات، حيث لم تعد سوى 17 وحدة طبية من أصل 36 قيد العمل. هذه الأضرار تعكس تأثير الصراع على القطاعات الحيوية التي تمثل عمود الحياة اليومية ، كما تضررت 70 في المئة من شبكة الطرق بنحو 1190 كلم من الشوارع، من بينها 415 كلم تضررت بشدة و1440 كلم تضررت بشكل متوسط، وفقا لـ “تحليل أولي” أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية “يونوسات” في أغسطس من 2024.
وتشير التقارير الأوليه إلى أن الخسائر القطاعية المختلفة، تصل ما بين 650 مليون دولار خسائر بالقطاع التجاري، و450 مليون دولار خسائر في القطاع الصناعي، و420 مليون دولار القطاع الزراعي ، أما فيما يتعلق بالخدمات، فتصل خسائر القطاع الصحي إلى 230 مليون دولار، والتعليم لنحو 720 مليون دولار، والكهرباء لحوالي 120 مليون دولار، والترفيه نحو 400 مليون دولار. بينما خسر قطاع الاتصالات والإنترنت نحو 600 مليون دولار، والنقل والمواصلات حوالي 480 مليون دولار. فيما تُشير تقديرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى أنّ الخسائر من المرجح أن تصل إلى نحو 20 مليار دولار ، وفي المقابل، تقدر حجم خسائر القطاع الخاص وحده بحوالي 700 مليون دولار، حيث توقف 147 ألف عامل عن العمل، وتوقفت 56 ألف منشأة عن العمل، كما توقع ارتفاع نسبة الفقر في قطاع غزة إلى حوالي 90%، ونسبة البطالة لحوالي 65%. كما أن تكلفة تلبية الاحتياجات الإنسانية لـ2.7 مليون شخص في قطاع غزة و500 ألف آخرين في الضفة الغربية تقدر بنحو 1.2 مليار دولار.
آليات الاستجابة
عادةً ما يتم النظر في قضية إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن. لذا فمن أجل بدء عمليات الإعمار لا بد من الدخول في مفاوضات لتحديد الوضع النهائي للعلاقة بين السلطة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية وقطاع غزة مع إسرائيل، بما سيرسل إشارة إيجابية للدول التي تعتزم تقديم المساعدة لإعمار غزة. وفيما يلي أبرز آليات الاستجابة المحتملة:
تأسيس صندوق عربي لدعم غزة:
حيث تتطلب عملية تمويل إعادة إعمار غزة تخصيص دعم عربي من خلال تأسيس صندوق تساهم فيه جميع الدول العربية لتحمل هذه التكاليف، ولتأكيد مسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل تصاعد الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها قطاع غزة يومًا تلو الآخر.
حشد التمويلات الدولية:
تلتزم إعادة إعمار غزة بحشد تمويلات دولية خاصة من الدول الغربية وتوجيهها للقطاعات الحيوية كقطاع الصحة، باعتباره أكثر القطاعات التي تضررت من القصف الإسرائيلي، وذلك من خلال الدعوة إلى مؤتمر دولي يضم الدول المانحة المحتملة.
ضمان عدم تكرار الأزمة:
يبدو أن فاتورة إعادة إعمار غزة ستكون ضخمة نظرًا لعدم وجود أي إشارات لتوقف الحرب في الوقت الحالي، ولهذا فمن الصعب التطرق لملف الإعمار من دون إيقاف الحرب، مع ضمان عدم تكرار هذه الصدامات بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، حيث من المرجح أن تتمهل الدول قبل تقديم الدعم لإعمار غزة، بسبب مخاوف من تدمير المنشآت وعودة الاقتتال مثلما يحدث في كل مرة.
و مع ذلك، هناك عدد من التحديات والمعوقات التي يُمكن أن تواجه عملية إعادة الإعمار في حال البدء في تنفيذها، والتي يُمكن استعراضها في عدم الالتزام بالتعهدات المالية، حيث أظهرت التجارب السابقة أن الدول لا تلتزم بتعهداتها والإسهام في تمويل إعادة الإعمار، لذا يجب أن تقدم الدول تعهدات واقعية تستطيع الوفاء بها، مع التركيز على ضمان العودة إلى الأوضاع الطبيعية عن طريق تقديم الإغاثة الإنسانية على وجه السرعة، وإصلاح الأضرار ذات الأولوية التي لحقت بالبنى التحتية، واستئناف الخدمات الأساسية التي عطلتها الأعمال العدائية، على أن تعود على الأقل إلى مستويات ما قبل الأعمال العدائية .
كما تضع إسرائيل شروطًا صعبة تعيق سير عملية إعادة الإعمار، من أبرزها: تشديد الحصار، وفرض القيود على المعابر، ورهن إعادة الإعمار بقضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين لدى حماس ، هذا بالاضافه إلي صعوبة تحديد الجهة المشرفة على إعادة الإعمار، حيث تستلزم عملية إعادة إعمار غزة تحديد الجهات التي سوف تشرف على التمويل وسير العملية بانتظام بما يحقق الهدف المرجو منها، كما ترتبط إعادة الإعمار بالشكل الذي ستنتهي عليه الحرب والجهة التي ستدير القطاع، ومن ثمّ فمن اللازم الوصول إلى آلية مناسبة حال توقفت الحرب، نظرًا لما يتطلبه الإعمار من دعم أطراف متعددة، في ظل حجم الدمار الواسع النطاق الذي يشهده القطاع.
وأخيرا ، لا تُعد عملية إعادة إعمار غزة أمرًا يسيرًا نظرًا للواقع السياسي المنقسم في فلسطين، إضافة إلى الشروط الإسرائيلية التي تعيق عملية الإعمار وتساهم في تباطؤ وتيرة إنجازها، ونقص التمويل الدولي المخصص لها وعدم الالتزام به في الكثير من الأحيان، إلى جانب تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على غزة التي تمحو ثمار جهود عملية إعادة الإعمار.
وعلى هذا الأساس، أصبحت عملية إعادة الإعمار مرهونة بوقف إطلاق النار وإيقاف الاعتداءات على غزة مع الوصول لحل للنزاع مع ضمان عدم تدمير القطاع مرة أخرى بعد إعادة إعماره مثلما يحدث في الوقت الحالي.
بقلم الدكتور محمد راشد – رئيس مجلس اداره شركه راشد للاستشارات ودراسات الجدوي العقاريه ، وعضو مجلس اداره غرفه صناعه التطوير العقاري