الأصول الحقيقية المُرمَّزة: ما الذي يعيق سوقا عالميا بقيمة 2 تريليون دولار؟

كتب: محمد بدوي

أصدرت “توكينفست”، وهي شركة رائدة مُرخصة في دبي للأصول الحقيقية المرمّزة، تقريرًا جديدًا بعنوان”ما الذي يعيق سوقًا عالميًا بقيمة 2 تريليون دولار؟”، مستكشفًا الإمكانيات الهائلة لترميز الأصول المادية. ويُحلل هذا التقرير بدقة الفرص والتحديات التي تواجه هذا القطاع المتنامي، كما يضع نهجًا مبتكرًا لجعل الاستثمار في الأصول المُرمَّزة متاحة للجميع.

يأتي هذا التقرير في لحظة حاسمة، حيث تستمر تقنية البلوكشين في إعادة تشكيل القطاع المالي، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، مستكشفًا كيف يُمكن أن يُساهم ترميز الأصول في إتاحة الفرصة أمام شريحة أوسع من الجمهور للاستثمار في أصول حصرية وذات قيمة عالية، وذلك من خلال أُطر تنظيمية آمنة وشفافة.
النقاط الرئيسية التي يتناولها التقرير:
• سوق في بداياته: وصل حجم سوق ترميز الأصول الحقيقية إلى 15.2 مليار دولار بحلول نهاية عام 2024، وهو ما يمثل فجوة كبيرة مقارنةً بالتقديرات السابقة البالغة 1.5 تريليون دولار. ومع ذلك، ما تزال التقديرات المتحفظة تتوقع أن يصل حجم السوق إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030؛ إذ بدأت شركات رائدة، مثل بلاك روك، بالاستثمار بكثافة في هذا المجال، مما يشير إلى إمكاناته الهائلة.
• الترميز مقابل العملات المشفرة: يُبرز التقرير الفرق الجوهري بين الأصول الحقيقية المُرمَّزة والعملات الرقمية المشفرة. فبينما تشهد العملات المشفرة غالبًا تقلبات كبيرة في قيمتها وتداولات مضاربة عالية، فإن الأصول الحقيقية المُرمَّزة تمثل أصولاً مادية ملموسة مثل العقارات والسلع وصناديق الاستثمار، حيث توفر هذه الرموز استقرارًا وشفافية وقيمة ملموسة ضمن أطر تنظيمية.
• التغلب على التحديات الرئيسية في النمو: يواجه هذا القطاع تحديات رئيسية، تشمل التعقيدات التنظيمية، وعدم تكامل النظم في تقنية البلوكتشين، إلى جانب نقص المنتجات المبتكرة. ويدعو التقرير إلى وضع أُطر عمل معيارية، وتحسين التوافق التشغيلي، وإيجاد حلول مبتكرة لتحفيز تبني الترميز.
• دور دبي الريادي: بفضل بيئتها التنظيمية المتقدمة، رسخت دبي مكانتها كوجهة عالمية للابتكار في مجال تقنيات الويب 3. وقد اتخذت كبرى الشركات من دبي وجهةً مثاليةً لتأسيس مقراتها الرئيسية، وهو ما يعكس الجهود التي تبذلها الإمارة لتوفير بيئة آمنة ومحفزة لنمو الترميز. وبفضل رؤيتها الاستراتيجية الطموحة في مجالي التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي، تُعد دبي بيئةً مثالية لنمو توكينفست وازدهار أعمالها في هذا المجال.
في هذا السياق صرح سكوت ثيل، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لـ توكينفيست قائلاً “أن هذا التقرير بمثابة جرس إنذار للعالم المالي. وأن الترميز ليس مجرد مصطلح رائج، بل هو فرصة حقيقية لتمكين المزيد من الأفراد من الوصول إلى استثمارات قيّمة مثل العقارات والسلع والصناديق الخاصة. و لتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى تعاون عالمي بين الجهات التنظيمية وقادة الصناعة ومقدمي التكنولوجيا. دبي تقدم نموذجًا رائدًا برؤيتها المستقبلية، و توكينفست تفخر بأن تكون جزءًا من هذه المسيرة.”

رؤية مستقبلية

يُوضح التقرير الخطوات اللازمة لتحقيق الإمكانات الكاملة للترميز، على النحو التالي:
• بناء أنظمة بلوكتشين قابلة للتطوير والتشغيل المتوافق، ومُصممة لتناسب أنواع الأصول المُختلفة.
• استبدال الهياكل التقليدية، مثل الشركات ذات الأغراض الخاصة، بحلول فعالة قائمة على العقود الذكية بهدف تبسيط إدارة الأصول.
• تصميم منتجات مُرمَّزة مبتكرة تُتيح فرصًا جديدة واعدة لكل من المستثمرين الأفراد والمؤسسات.

لماذا تتصدر دبي وتوكنفست المشهد؟

وتابع ثيل: “يُساهم تركيز دبي القوي على الويب ٣ والابتكار، إلى جانب وضوح الأُطر التنظيمية، في جعلها لاعبًا رئيسيًا في قيادة ثورة تقنية الترميز؛ إذ اتخذت الحكومة خطوات استباقية، من خلال وضع سياسات مستقبلية لدعم نمو تقنية البلوكتشين وشركات العملات المشفرة من خلال توفير بيئة تنظيمية قوية تُحفز على الابتكار وتضمن استدامة النمو”. لافتًا إلى دور هذه المبادرات في المساهمة بترسيخ مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة في مجال التمويل الرقمي. مؤكدًا على دعم توكينفست لهذه المنظومة من خلال توفير منصة آمنة وسهلة الاستخدام تتيح للمستثمرين إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من الأصول مُرمَّزة من مختلف أنحاء العالم.

تضع الإمارات السيادة الرقمية كعنصر أساسي في استراتيجيتها الوطنية، إدراكًا لدورها المحوري في تشكيل الاقتصاد الرقمي. ويعتبر ترميز الأصول التقليدية مثل العقارات والسلع والأدوات المالية حجر الأساس في هذه الرؤية، حيث يعيد تعريف فرص الاستثمار. ومن خلال أطر تنظيمية استراتيجية، مثل الاستراتيجية الوطنية للبلوكتشين، وسلطة تنظيم الأصول الافتراضية، والتوجيهات الصادرة عن هيئة الأوراق المالية والسلع، نجحت الإمارات في إنشاء بيئة آمنة وشفافة تعزز الابتكار وتحافظ على نزاهة السوق. كما يساهم إطلاق مركز دبي للسلع المتعددة للعملات المشفرة، إلى التطورات المتواصلة داخل مركز دبي المالي العالمي من تعزيز مكانة دبي كوجهة عالمية رائدة في تبني تقنية البلوكتشين. ومن خلال التنسيق بين مبادرات البلوكتشين والأجندات الوطنية مثل رؤية الإمارات 2031، وخطة دبي الرئيسية للتطوير الحضري 2040، تستقطب الإمارات شركات عالمية رائدة، مما يُعزز مكانتها كوجهة آمنة ومُبتكرة في مجال التمويل الرقمي وتقنية الترميز.