«ساكسو بنك»: تهديدات «ترامب» تهيمن على المشهد الاقتصادي العالمي

كتب: محمد بدوي

قال جون هاردي، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي في ساكسو بنك، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية جديدة تهيمن على المشهد الاقتصادي، إذ هدد بفرض رسوم بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم.

وأضاف هاردي أنه على الرغم من أن واردات الصلب لا تمثل سوى أقل من 15% من إجمالي الاستهلاك الأمريكي، فإن الألمنيوم يعد قصة مختلفة، إذ تستورد الولايات المتحدة أكثر من نصف احتياجاتها منه، مما يشير إلى أن الإدارة الأمريكية ترى في تعزيز الإنتاج المحلي لهذا المعدن ضرورة استراتيجية للأمن الاقتصادي.

وبينما تظل التفاصيل غير واضحة، تجدر الإشارة إلى أن رسوماً بنسبة 25% على الصلب و10% على الألمنيوم كانت قد فُرضت بالفعل خلال الولاية الأولى لترامب، مع استثناءات لاحقة لعدد من الدول، من بينها الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك. والآن، يبرز التساؤل حول ما إذا كانت كندا ستتأثر بهذه الخطوة، حيث تعتمد الولايات المتحدة عليها في استيراد نحو 40% من احتياجاتها من الألمنيوم. حتى الآن، تعاملت الأسواق مع هذه التطورات بهدوء، رغم تسجيل الدولار الأمريكي ارتفاعاً لحظياً عند افتتاح التداولات.

هل يتوسع التراجع في قيمة الدولار ليشمل عملات أخرى؟

قد يتحقق سيناريو هبوط الدولار الأمريكي إذا نفّذت إدارة ترامب ووزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت خططاً جادة لتقليص الإنفاق المالي، مما قد يسهم في خفض العجز لكنه قد يؤدي أيضاً إلى ركود اقتصادي لاحقاً هذا العام.

لقد كان التوسع المالي أحد العوامل الرئيسية التي عززت الأداء الاقتصادي الأمريكي، وبالتالي فإن تقليصه قد يؤدي إلى تباطؤ النمو، على الأقل حتى تبدأ فوائد تخفيف القيود التنظيمية أو أي إصلاح ضريبي محتمل في تحقيق نتائج إيجابية، ربما بحلول عام 2026 أو بعده. ويبدو أن إدارة ترامب تدرك أهمية ضبط المالية العامة، إلا أن تنفيذ ذلك يمثل تحدياً هائلاً، إذ إن جزءاً كبيراً من الإنفاق يذهب إلى خدمة الدين ونفقات إلزامية، مثل الضمان الاجتماعي، وهي ملفات شائكة سياسياً.

أما على صعيد برامج ميديكير وميديكيد، فقد تلجأ الإدارة إلى ممارسة ضغوط على شركات الأدوية ومقدمي الرعاية الصحية لخفض الأسعار. ومن ناحية الإيرادات، بلغ إجمالي العائدات الضريبية الفيدرالية لعام 2024 نحو 4.9 تريليون دولار، مدعوماً بعائدات قوية من ضرائب الأرباح الرأسمالية بفضل الارتفاع الكبير في أسواق الأسهم، بينما بلغ الإنفاق العام 6.8 تريليون دولار.

التوقيت مفتاح الحسم

حتى الآن، لم تظهر سوى إشارات محدودة على تحول فعلي في اتجاه الدولار الأمريكي، حيث يُعد الدولار/الين الزوج الوحيد الذي سجل انعكاساً واضحاً، لكن استمراره في الهبوط يعتمد على بقائه دون مستوى 156.00 وعلى نجاح وزير الخزانة في إبقاء العوائد على السندات لأجل 10 سنوات تحت السيطرة.

أما بالنسبة لزوج اليورو/الدولار، فلا يزال بحاجة إلى مزيد من التأكيد على انعكاس اتجاه الدولار. في المقابل، يقترب الدولار الأسترالي من تحقيق مكاسب ملحوظة، مدعوماً بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النحاس.

الرسوم الجمركية ومخاطر حرب تجارية جديدة

من المحتمل أن تثير تصريحات ترامب بشأن الرسوم الجمركية مخاوف حول اندلاع حرب تجارية، وهو ما قد يؤدي إلى تقلبات حادة في الأسواق، إذ يمكن لأي عنوان خبري جديد أن يعيد تشكيل المشهد.

على الأرجح، يهدف فريق ترامب إلى تعزيز الأمن الاقتصادي والاكتفاء الذاتي في القطاعات الاستراتيجية كأولوية وطنية، مع الضغط على الدول المجاورة، مثل المكسيك وكندا، للتعاون في حرب جديدة ضد المخدرات. كما تسعى الإدارة إلى تقليص النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، سواء فيما يتعلق بالإمدادات الكيميائية المستخدمة في إنتاج المخدرات غير المشروعة أو بالتأثير الاقتصادي والسياسي الأوسع للصين في المنطقة.

في الوقت ذاته، يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية تسير نحو تقليل الاعتماد الأوروبي على المظلة الأمنية الأمريكية، وهو ما قد يعني فرض رسوم جمركية انتقائية تُستخدم كأداة ضغط تفاوضية، بدلاً من شن حرب تجارية شاملة.

السياسات المالية تميل نحو التوسع

بوجه عام، تشير التوجهات المالية العالمية إلى مزيد من التوسع، لا سيما في أوروبا، التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متزايدة. ومن المتوقع أن تتعزز هذه التوجهات إذا ساهم الاتحاد الأوروبي في إعادة إعمار أوكرانيا في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق هدنة.

كما أن أحد العوامل التي قد تضعف الدولار الأمريكي هذا العام هو احتمال تراجع زخم أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، خاصة إذا فقد قطاع الذكاء الاصطناعي بعض زخمه بعد التراجع الأخير لشركة إنفيديا.

تحليل زوج اليورو/الدولار

حاول زوج اليورو/الدولار تحقيق انعكاس صعودي بعد إعلان ترامب عن رسوم جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا، والتي تأجل تنفيذها لشهر آخر. ورغم التعافي السريع من مستويات 1.0200، إلا أن استمرار التذبذب يبقي حالة عدم اليقين قائمة حول ما إذا كان هذا انعكاساً حقيقياً أم مجرد تقلبات مدفوعة بالأخبار.

بالنسبة للمضاربين على الصعود، فإن الإغلاق فوق مستوى 1.0400 سيكون خطوة أولى نحو استقرار الاتجاه، لكن المنطقة الفاصلة الحاسمة بين 1.0500 و1.0600 ستحدد ما إذا كان الاتجاه سيتحول نحو الصعود. أما على الجانب الهبوطي، فإن الإغلاق دون 1.0300 سيبقي احتمالات اختبار أدنى مستويات الدورة الحالية قائمة.