د. محمد راشد: التنوع الاقتصادي الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي لعب دوراً رئيسياً في جذب المزيد من الإستثمارات
كتب: أحمد أبو علي
صرح الدكتور محمد راشد – عضو مجلس غرفه صناعه التطوير العقاري ؛ بأن قطاع التطوير العقاري في منطقة الخليج العربي شهد تحولات هائلة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح المحركَ الأساسي للاقتصادات المحلية في الإمارات والسعودية، اللتين تعتبران من أبرز اللاعبين في هذا القطاع على مستوى المنطقة، حيث يتزامن هذا النمو مع رؤى اقتصادية طويلة المدى تتضمن استراتيجيات لتطوير بنية تحتية مستدامة ومدن ذكية تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز العوائد الاستثمارية
وأضاف راشد ، علي سبيل المثال تم تقدير حجم سوق العقارات السكنية الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 176.29 مليار دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 215 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تنمو السوق بمعدل نمو سنوي مركب نحو 2.98% خلال فترة التوقعات، أي من 2025 إلى 2030، ويأتي السبب الرئيسي وراء هذا النمو من رغبة الناس في العيش في المنازل الفاخرة التي تتمتع بعدة مزايا مثل المساحات الواسعة، والتصاميم الداخلية الجذابة، والخدمات الأمنية المميزة، بالإضافة إلى المرافق الراقية ، وذلك وفقا وفقاً لدراسة صادرة عن شركة «مارك نتل أدفايزرز» المتخصصة بأبحاث السوق.
وأشار راشد ، إلي أن التنوع الاقتصادي الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي بات يلعب دوراً رئيسياً في جذب المزيد من المشترين والمستثمرين، ويرجع ذلك إلى أن المنطقة تتمتع بالعديد من المعالم السياحية وتستضيف فعاليات كبرى مثل البطولات الرياضية، والمؤتمرات التجارية، والمعالم السياحية، وغيرها، التي تشكل نقاط بيع فريدة للعقارات التي يتم تطويرها هنا، وبالتالي تجذب المزيد من المستهلكين، لذلك،مدفوعةً بدخولهم العالية المتاحة، من العوامل الرئيسية المسؤولة عن نمو السوق، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في الفترة المقبلة أيضاً.
وفي السياق ذاته، أوضح راشد؛ تشير الإحصائيات الأخيرة إلى استمرار نمو سوق العقارات في الإمارات والسعودية رغم التحديات الاقتصادية العالمية، فقد شهدت أسعار العقارات الفاخرة في دبي ارتفاعاً في الأسعار بنسبة 30% سنوياً و6.5%على أساس ربع سنوي، مسجلة رقماً قياسياً جديداً عند 184.3 نقطة، مدفوعاً بإقبال المستثمرين على المشاريع الفاخرة والمشاريع التي تتماشى مع معايير الاستدامة ، وفي الوقت نفسه، تستمر أبوظبي في جذب الاستثمارات من خلال مشاريع ضخمة تدور حول توفير المساحات التجارية والمشاريع السكنية المستدامة التي تعتمد على أحدث التقنيات، وحقق القطاع العقاري في الشارقة خلال 2024 نمواً استثنائياً غير مسبوق بحجم تداولات بلغ 40 مليار درهم بنسبة نمو وصلت إلى 48% مقارنة بعام 2023.
أما في المملكة العربية السعودية، فشهدت السوق العقارية طفرة غير مسبوقة مع المشاريع الكبرى التي تتماشى مع رؤية السعودية 2030، مسجلة أداءً إيجابياً خلال الربع الثالث من عام 2024، مدعوماً بالنمو غير المسبوق في قطاع السياحة ومبادرات التنويع الاقتصادي.
وإستكمل راشد يشكل قطاع العقارات في الخليج نقطة جذب رئيسية للاستثمارات المحلية والأجنبية، فعلى سبيل المثال، تُعتبر دولة الإمارات مركزاً تجارياً استراتيجياً يقدم للمستثمرين الأجانب فرصة الدخول إلى الأسواق الإقليمية، فضلاً عن الحرية في تحويل الأموال والأرباح، بالإضافة إلى وجود نظم وتشريعات قانونية فعالة، ومحاكم محايدة، وقوانين وتشريعات لحماية رأس المال الأجنبي، كما تقدم السعودية مزايا ضخمة من خلال مشاريعها الجبارة التي تضمن للمستثمرين عوائد ضخمة، وهو مايؤكد أن السوق العقارية الخليجية تشهد تحولاً ملحوظاً من الاستثمار التقليدي في العقارات السكنية إلى الاستثمار في المشاريع التي تدمج بين السياحة، والترفيه، والتكنولوجيا، تشير التوقعات إلى أن العقارات التجارية والمكاتب الذكية ستكون من أكثر المجالات الجذابة للاستثمار خلال الأعوام القادمة، خاصة مع التطور السريع في القطاعات التقنية.
وألمح راشد ؛ إلي أن هناك تحولات كبرى أبرزها أن الاستدامة والتكنولوجيا في قلب مشاريع التطوير، أصبحت الاستدامة متطلباً رئيسياً في المشاريع العقارية الخليجية الحديثة كافة، ولم يعد المستثمرون وأصحاب المشاريع يقتصرون على التفكير في بناء المباني، بل أصبحوا مطالبين بتقديم مشاريع تتوافق مع معايير بيئية صارمة ، لكن التطور التكنولوجي في قطاع التطوير العقاري الخليجي لا يقتصر على الاستدامة البيئية فقط، بل يمتد ليشمل البنية التحتية الذكية التي تعتمد على أحدث الابتكارات، فلقد أصبحت المباني الذكية، التي تستخدم أنظمة تحكم في الطاقة والماء، وتستفيد من أحدث التقنيات لتحسين بيئة مفعمة بالحياة والراحة للمستخدمين، سمةً مميزةً للقطاع العقاري في المنطق، هذا بالاضافه إلي وجود معايير جديدة في التنقّل، الربط بين التطوير العقاري والنقل أصبح أمراً بالغ الأهمية، ففي دبي، تعتمد الكثير من المشاريع العقارية على قربها من شبكات النقل العامة، ما يعزّز من قيمتها السوقية، وفي الرياض، تأخذ رؤية السعودية 2030 في الاعتبار أهمية توفير بنية تحتية للنقل العام المتكامل الذي يتماشى مع المشاريع العقارية الكبرى ، وتُعد هذه المبادرات بلاشك عنصراً أساسياً في جذب الاستثمارات، حيث إن سهولة الوصول والتكامل مع شبكات النقل العام تزيد من جاذبية العقارات، خصوصاً تلك التي تهدف إلى جذب السكان العاملين الذين يعتمدون على وسائل النقل العامة.
وإختتم راشد ، بأن سوق التطوير العقاري في الخليج تتجه نحو تحول جذري يستند إلى الابتكار التكنولوجي والاستدامة البيئية. بفضل هذه التحولات، سيكون القطاع العقاري في الإمارات والسعودية قادراً على مواكبة التحديات المستقبلية، مستفيداً من استثمارات ضخمة تهدف إلى إنشاء مدن ذكية ومستدامة تحقق رفاهية السكان وتوفر فرصاً استثمارية واعدة ، ولن تقتصر التحولات في السوق على النمو في المشاريع السكنية والتجارية فحسب، بل ستشمل أيضاً تحسين بنية النقل، واستخدام التكنولوجيا في تحسين نوعية الحياة، ودمج ممارسات الاستدامة في كل مرحلة من مراحل التطوير العقاري، ومع استمرار هذه الاتجاهات، ستظل الإمارات والسعودية في طليعة الابتكار في قطاع التطوير العقاري، ما يعزز من مكانتهما كمركزين استثماريين رائدين في المنطقة والعالم.