بقلم د. محمد راشد
في عالمنا المعاصر، تتعدد خيارات تملّك العقارات وتتنوّع أساليب الاستثمار فيها.
ومن بين الأنظمة التي حظيت باهتمام متزايد في العديد من الدول، يبرز نظام الملكية الجزئية للعقارات كأحد الحلول المبتكرة التي تقدم فرصًا جديدة للمستثمرين والمشترين على حدّ سواء. ولكن، هل يمكن لهذا النظام أن ينجح في مصر؟ وهل سيكون له تأثير إيجابي على السوق العقاري المصري؟
ما هو نظام الملكية الجزئية للعقارات؟
الملكية الجزئية، أو ما يُعرف بـ الملكية المشتركة، هي نظام يتيح للأفراد أو الشركات امتلاك جزء من عقار معيّن بدلاً من امتلاكه بالكامل. يتم تقسيم العقار إلى حصص أو أسهم، ويُمنح كل مالك جزءًا من ملكية العقار مقابل استثمار مالي أقل بكثير من تكلفة شراء العقار بالكامل.
يسمح هذا النظام للمالكين بالمشاركة في المنافع والعوائد الناتجة عن العقار، مثل عائدات الإيجار أو الأرباح من البيع.
كيف يعمل نظام الملكية الجزئية؟
عند تطبيق هذا النظام، يُقسَّم العقار إلى حصص تتناسب مع قيمة الاستثمار.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت قيمة عقار معين 10 ملايين جنيه، يمكن تقسيمه إلى 100 حصة، تُباع كل حصة مقابل 100 ألف جنيه. بهذه الطريقة، يمكن للمستثمرين امتلاك حصص صغيرة من العقار، مما يُخفف العبء المالي ويتيح دخول شرائح أوسع من المستثمرين إلى السوق.
هل يمكن أن ينجح هذا النظام في مصر؟
تتميز مصر بموقع استراتيجي واقتصاد متنوع وسوق عقاري يشهد نموًا ملحوظًا، إلا أن التحديات، مثل ارتفاع الأسعار وصعوبة التملك، تخلق حاجة مُلحّة لاستكشاف حلول بديلة. ومن هنا، يبرز نظام الملكية الجزئية كخيار عملي قد يُحدث تحولًا في السوق المصري. ومن أبرز العوامل التي تدعم فرص نجاحه:
ارتفاع أسعار العقارات: شهدت السوق المصرية ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، خصوصًا في المدن الكبرى، مما يجعل من الصعب على الأفراد شراء عقار كامل.
زيادة الطلب على العقارات الاستثمارية: مع تزايد الإقبال على الاستثمار العقاري، يوفر النظام الجزئي وسيلة مناسبة للمستثمرين للدخول في السوق دون الحاجة لرأس مال ضخم.
تحفيز الشباب: يمثل النظام فرصة للشباب الباحثين عن استثمار عقاري ميسّر، حيث يُمكنهم تملّك حصة من العقار بدلاً من تحمل كلفة الشراء الكامل.
تحقيق التوسع العمراني: يمكن أن يسهم في جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ودعم خطط الدولة لتطوير المدن الجديدة والمشروعات الكبرى.
نماذج عالمية ناجحة للملكية الجزئية
الولايات المتحدة: تعتمد شركات مثل “Pacaso” على تقسيم العقارات الفاخرة إلى حصص متعددة، مما أتاح للمستثمرين امتلاك جزء من منازل فاخرة في مواقع متميزة.
المملكة المتحدة: يُطبّق نظام “Shared Ownership” الذي يتيح شراء جزء من العقار وتأجير الجزء المتبقي، مما ساعد شريحة واسعة من المواطنين في تملك منازلهم.
كندا: تستخدم العديد من الشركات العقارية هذا النظام في مشاريع كبرى، خاصة في تورنتو وفانكوفر، مما يمنح المستثمرين فرصًا واعدة دون أعباء التمويل الكامل.
كيف يمكن تطبيق النظام في مصر؟
لضمان نجاح الملكية الجزئية في مصر، لا بد من اتخاذ عدد من الخطوات الأساسية:
وضع إطار قانوني واضح: يجب سنّ تشريعات تنظم العلاقة بين الملاك، آلية التقسيم، إدارة العقار، وتوزيع العوائد.
تشجيع التمويل العقاري: من خلال البنوك والمؤسسات المالية لتقديم تسهيلات تمويلية للراغبين في شراء حصص من العقارات.
حملات توعية وترويج: لتعريف الجمهور بهذا النموذج، وتسويقه كحل عملي ومناسب لمواجهة ارتفاع الأسعار.
استهداف المشاريع التجارية والسياحية: مثل الفنادق والمراكز التجارية والمنتجعات، مما يعزز فرص الاستثمار ويزيد من الجاذبية الاقتصادية للقطاع العقاري المصري.
ختامًا، فإن نظام الملكية الجزئية للعقارات يُمثل فرصة حقيقية لتحقيق طفرة في السوق العقاري المصري. وإذا تم تنفيذه بطريقة مدروسة ومنظمة، يمكن أن يسهم في تعزيز فرص التملك، وتوسيع قاعدة المستثمرين، وجعل مصر أكثر جذبًا للاستثمارات العقارية المحلية والدولية.