فينتك جيت : محمد بدوي
استعرضت شركة سيلزفورس اليوم، وعلى لسان ممد الخوتاني، نائب الرئيس الأول والمدير العام في منطقة الشرق الأوسط لدى سيلزفورس، دور الذكاء الاصطناعي والقوى العاملة في إعادة رسم معالم بيئة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط.
ولطالما كان للتطورات التقنية آثار كبيرة على طريقة عمل البشر، فالطاقة البخارية أطلقت العنان للثورة الصناعية الأولى، وساهمت في نقل العمال من الحقول إلى المصانع. أما الثورة الصناعية الثانية فقد انطلقت بفضل الطاقة الكهربائية وتجسدت في خطوط التجميع والإنتاج الضخم على نطاق واسع. وتميزت الثورة الصناعية الثالثة بالأجهزة الإلكترونية والحواسب ووضعت أسس العصر الرقمي. واليوم فإننا نجد أنفسنا في خضم الثورة الصناعية الرابعة التي تتميز بالتقنيات المترابطة مثل البيانات الكبيرة والروبوتات والذكاء الاصطناعي.
ويمكننا القول أن الذكاء الاصطناعي مر بفترة حضانة طويلة، حيث يعود البحث في مفهومه إلى خمسينيات القرن الماضي. والآن، وبعد سبعة عقود لاحقة جاءت لحظة انطلاقته الكبرى. لقد ساهم “تشات جي بي تي” (ChatGPT) في تحويل ما كان يبدو كخيال علمي إلى واقع يومي، كما أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي واسع الانتشار، حيث يقوم بتشخيص الحالات الطبية، ويُحسّن سلاسل التوريد، ويؤهل العملاء المحتملين في المبيعات، وغير ذلك. ولقد مهد هذا الاختراق الطريق أمام بزوغ نجم الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يعد تقنية قادرة على توليد المحتوى وصنع القرارات واتخاذ خطوات بإشراف بشري محدود.
ويحاكي وكلاء الذكاء الاصطناعي المستقلين السلوك البشري من خلال قدرات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) ومحركات الاستدلال القوية، ما يجعلهم مثاليين للتعامل مع مجموعة واسعة من المواقف المعقدة والمتغيرة باستمرار، بما في ذلك تطوير ونشر وكلاء قابلين للتخصيص لمعالجة مجموعة واسعة من حالات الاستخدام التجاري من تتبع حالة الطلبات إلى جدولة المواعيد وإدارتها.
وينطوي هذا التحول بالنسبة للشركات على تأثيرات عميقة، مع إمكانية وجود قوة عاملة رقمية تعمل جنباً إلى جنب مع العنصر البشري لتبسيط العمليات، وتعزيز الإنتاجية، وخفض التكاليف، وإطلاق مستويات جديدة من الابتكار وإمكانية التوسع. وأصبح ممكناً ولأول مرة أن تتجاوز القوى العاملة حدود القدرات البشرية من خلال توظيف وكلاء ذكاء اصطناعي مستقلين وموثوقين يعملون على مدار الساعة لتعزيز وتوسيع الإنتاجية والكفاءة والابتكار والمنافسة التجارية بشكل كبير.
كيف تسهم القوى العاملة الرقمية في تغيير ملامح العمل؟
لقد أدت كل ثورة صناعية إلى إيجاد وظائف وفرق عمل جديدة وأكثر تخصصاً مثل مشغلي الآلات والفنيين والمشرفين، مع قيامها في ذات الوقت بزيادة الإنتاجية والنمو. ومن المتوقع أن تسهم إضافة وكلاء الذكاء الاصطناعي المستقلين إلى صفوف القوى العاملة إلى إحداث تغيير جذري في الهياكل التشغيلية والتنظيمية، ما يخلق قوى عاملة هجينة تجمع بين العمل البشري والرقمي، وتخلق طرقاً جديدة تماماً للعمل.
أما على الصعيد التشغيلي، فستقوم الشركات بتغيير طريقة تنفيذ العمل وإسناد المهام المعقدة والمتكررة إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي وذلك حتى يتمكن أفراد العنصر البشري من التركيز على المسائل الأخرى ذات الأهمية الأكبر.
على سبيل المثال، بالنسبة لمعظم الشركات يجب على مندوبي الخدمة الإجابة على أسئلة يتم طرحها بصورة متكررة، والتعامل مع حالات إعادة استرداد أموال مدفوعة، وإيجاد حلول للمشاكل التقنية.
ويمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي القيام بأغلبية هذه المهام وأحمال العمل الروتينية، ليصبح دور مندوبي الخدمة من العنصر البشري القيام بمعالجة الحالات المعقدة فقط، أو دعم الفرق التي تخضع للتدريب وصقل مهارات نماذج الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين الدقة والاستجابة. وسيؤدي هذا الأمر إلى نقل العمل البشري من التنفيذ إلى القيام بالمهام الاستراتيجية الإبداعية والإشراف.
وتدرك المؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة على الدوام الحاجة إلى الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي من أجل تحرير القوى العاملة البشرية من أداء هذا النوع من المهام المتكررة والعادية والتي غالباً ما تؤدي إلى خفض الإنتاجية. على سبيل المثال، يُمضي مندوبو المبيعات في دولة الإمارات نحو 27% من ساعات العمل الأسبوعية في التواصل مع العملاء، ولكن المؤسسات ترى في الذكاء الاصطناعي حلاً محتملاً مع قيام 75% من فرق المبيعات في الدولة إما بإنجاز نشر كامل للذكاء الاصطناعي أو بأنها لا تزال في طور تجربة هذه التقنية.
الأدوار الموجهة نحو الخدمات
ويمتد نطاق التحول باتجاه الذكاء الاصطناعي أيضاً ليشمل الأدوار الموجهة نحو الخدمات. وفي حقيقة الأمر فإن 93% من مؤسسات الخدمات في دولة الإمارات العربية المتحدة تستخدم الذكاء الاصطناعي أو تقوم بتقييمه من أجل توسيع نطاق الخدمات دون المساس بالجودة، حيث شملت أبرز حالات الاستخدام المساعدين الرقميين الافتراضيين في المواقع المواجهة للوكلاء، والمساعدين الرقميين الافتراضيين في المواقع المواجهة للعملاء، والردود المتعلقة بالخدمات، والعروض والتوصيات الذكية[2].
ولا يُعتبر وكلاء الذكاء الاصطناعي مجرد أدوات يستخدمها الأفراد بين الحين والآخر، بل سيكونون متعاونين أساسيين في أسلوب العمل الجديد هذا. على سبيل المثال، قد يتعامل وكيل الذكاء الاصطناعي مع استفسار أولي لخدمة العملاء، ولكن عند ملاحظة شعور بالإحباط لدى العميل، يقوم بتحويله إلى وكيل بشري للحصول على ردود أو تدخل شخصي. وبعد ذلك، يقدم مندوب الخدمة ملاحظات حول كيفية تعامل وكيل الذكاء الاصطناعي مع الحالة، ما يساعد الذكاء الاصطناعي على التعلم والتحسن بمرور الوقت وتقليل الحاجة إلى التدخل البشري في الحالات المماثلة.
ونتيجة لذلك، سيسهم وكلاء الذكاء الاصطناعي في تغيير الهيكل المؤسسي، وتطوير الوظائف والفرق الحالية، وإيجاد وظائف جديدة في مجالات مثل إدارة وكلاء الذكاء الاصطناعي، ومخاطر الذكاء الاصطناعي والحوكمة، وإدارة عمليات الذكاء الاصطناعي، وتطوير وتدريب الذكاء الاصطناعي، ودمج القوى العاملة المعززة بالذكاء الاصطناعي.
دمج الثقة بالوكلاء على امتداد المؤسسات
تعتبر الثقة بالتكنولوجيا أمراً أساسياً لدمج الوكلاء. وتنبع أهمية ذلك من حقيقة أن 93% من العاملين في المكاتب حول العالم لا يعتبرون نتائج الذكاء الاصطناعي موثوقة تماماً في إطار المهام المتعلقة بعملهم.
من جانبهم يرى 60% من المستهلكين عالمياً أن التطورات التي يشهدها الذكاء الاصطناعي تجعل الثقة أكثر أهمية. لذلك، يجب على الشركات تطبيق مقاربات اختبار صارمة لضمان أن تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي بعدل وإنصاف عبر السياقات الثقافية والاجتماعية المختلفة. على سبيل المثال، يكشف اختبار الثقة من سيلزفورس بشكل منهجي عن تحيزات دقيقة ويخفف منها من خلال دمج وجهات نظر متنوعة لمستخدمين مختلفين.
وضع أسس تقنية للقوى العاملة الرقمية
لا شك بأن كل تحول معزز بالذكاء الاصطناعي يبدأ بتحضير التكنولوجيا الأساسية لذلك. وتحتاج المؤسسات إلى نظام لربط البيانات التجارية القيّمة والبيانات الوصفية من أجل توفير المحتوى والسياق اللازمين للوكلاء ليكونوا فاعلين.
ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي الوكيل وإعادة رسمه لملامح القطاعات المختلفة، فإن الطريق إلى الأمام يصبح أكثر وضوحاً. ويجب على الشركات إعادة تصور هياكلها التشغيلية والتنظيمية وتبني تقنيات الوكلاء من أجل الاستفادة الكاملة من إمكانيات قوة العمل الرقمية، الأمر الذي سيشكل لحظة محورية فارقة في سياق الثورة الصناعية الرابعة، إذ سيصبح التعاون المبسط بين القوى العاملة البشرية والرقمية هو المعيار الجديد.
ولن تقوم أكثر المنظمات تقدماً في تفكيرها بالتكيف فحسب، بل ستسعى إلى قيادة الجهود لترسم بذلك ملامح مستقبل يعمل فيه الإبداع البشري والذكاء الرقمي جنباً إلى جنب لتعزيز الكفاءة والإبداع والنمو على نحو غير مسبوق. وإن المؤسسات التي ستتبنى هذا النوع من التحول هي التي ستحدد شكل الحقبة المقبلة للعمل.
- اقرأ أيضا:
- الشركات الناشئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا تجمع 17 مليون دولار عبر 8 صفقات منذ بداية مارس
- الشركات الناشئة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا تجمع 476 مليون دولار عبر 61 صفقة خلال فبراير
- شركة «CQR» السعودية تجمع 3 ملايين دولار فى جولة تمويلية بقيادة «Shorooq»
- شركة «Just Salad» الأمريكية للمطاعم تجمع 200 مليون دولار للتوسع وتطوير التكنولوجيا
- شركة «Flow48» الإماراتية تجمع 69 مليون دولار في جولة تمويلية من الفئة «A» للتوسع في جنوب أفريقيا والسعودية