«استراتيجي أند الشرق الأوسط»: فرصة واعدة أمام شركات الاتصالات الخليجية لتحقيق نمو من البيانات إلى الذكاء الاصطناعي

فينتك جيت : محمد بدوي

تبرز أمام شركات الاتصالات الخليجية فرصة لتحسين القيمة المقدمة للمتعاملين وتحقيق أرباح تصل إلى 5.90 دولارًا (قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك) مقابل كل دولار تستثمره في تطوير «محرك» مدعوم بالذكاء الاصطناعي لإطلاق حملات التسويق المخصصة وإدارة القيمة المقدمة على نطاق واسع

تتوفر لدى شركات الاتصالات مجموعات بيانات قيّمة، ولكنها لا تستخدم سوى 30% إلى 50% منها؛ وفي حال الاستفادة الكاملة من هذه البياناتـ ستتمكن الشركات من تحقيق نمو ملحوظ

المنافسة بين العلامات التجارية

في ظل احتدام المنافسة بين العلامات التجارية سعيًا لجذب اهتمام المتعاملين، ازدادت جهود التسويق وإدارة القيمة المقدمة تعقيدًا حتى باتت الثغرة الواحدة كفيلة بتقويض سنوات من التطور على صعيد القيمة التجارية. ويطال هذا التحدي بشكل خاص شركات الاتصالات في منطقة الخليج. مع ذلك، تلوح في الأفق فرصة فريدة لتعزيز القيمة المقدمة للمتعاملين، إلى جانب تحفيز مسار النمو عن طريق توظيف الذكاء الاصطناعي في أنشطة التسويق.

وفي هذا السياق، يشير تقرير صدر مؤخرًا عن شركة استراتيجي أند الشرق الأوسط، وهي جزء من شبكة شركات «بي دبليو سي»، إلى أن شركات الاتصالات قادرة على تحقيق أرباح تصل إلى نحو 5.90 دولارًا أمريكيًا (قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك) مقابل كل دولار واحد تستثمره في محركات التسويق المخصصة والمدعومة بالذكاء الاصطناعي والبيانات، وذلك على مدار خمس سنوات. ويُعزى ذلك إلى قدرة هذه المحركات على تقديم معلومات مفصلة عن المتعاملين، ودعم اتخاذ قرارات مدروسة، فضلًا عن تطوير استراتيجيات موجهة لفئات محددة لتحسين الإيرادات.
ويؤكد هذا التقرير على أن تقديم خدمات مخصصة للمتعاملين لم يعد ميزةً إضافية قد تتغاضى عنها الشركات، بل أصبح عاملًا أساسيًا للحفاظ على مكانة الشركات وتنافسيتها وتعزيز إيراداتها.

على مشغلي الاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي التحرك الآن استنادًا إلى التقرير، تتوفر لدى شركات الاتصالات مجموعات بيانات قيّمة وضخمة تشمل بيانات المواقع وأنماط الاستخدام وتفاعلات المتعاملين، إلا أنها لا تستخدم سوى 30% إلى 50% منها، ما يحد من قدرتها على تعزيز تفاعل المتعاملين وزيادة الإيرادات.

تسخير قوة الذكاء الاصطناعي

وفي هذا الصدد، أشار محمود مكي، شريك وقائد قطاع الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا والتحول الرقمي في الشرق الأوسط لدى شركة استراتيجي أند الشرق الأوسط، إلى أنه: «يتعين على شركات الاتصالات الخليجية تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتحقيق أقصى استفادة من بياناتها وتجاوز التحديات المتعددة التي تعيق نموها. ففي عصر بات المتعاملون يتوقعون تفاعلات فورية ومخصصة بحسب احتياجاتهم، لا يزال أداء شركات الاتصالات ضعيفًا. ويعود ذلك إلى عدم الاستفادة بالكامل من مجموعات البيانات المتاحة، والنقص في قدرات التسويق الموجه، والفجوات في النماذج التشغيلية التي تحول دون التعاون الفعال. في المقابل، يمكن الاعتماد على محرك مدعوم بالذكاء الاصطناعي لإدارة القيمة المقدمة للمتعاملين، وذلك من خلال تحويل البيانات إلى ميزة تنافسية، وتقديم تجارب شخصية للمتعاملين، وتحقيق أثر ملموس».

المبادرون من داخل القطاع وخارجه يحققون نتائج واعدة يُحتذى بها

كشف التقرير عن شركة اتصالات إقليمية بادرت بتطوير أداة قائمة على الذكاء الاصطناعي للبحث عن المتعاملين المحتملين وتحديد الأسعار تلقائيًا، ثم اعتمدتها ضمن تطبيق المبيعات لديها، ما أسفر عن رفع معدلات كسب المتعاملين المحتملين حتى 15% وخفض التكاليف المترتبة على ذلك. في حين أن شركة أخرى استخدمت الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول استباقية ومخصصة للمتعاملين عقب تعطل الشبكة، ما أسهم في تعزيز ثقة المتعاملين وخفض المعدلات المرتقبة لفقدانهم عقب هذه الحوادث بنسبة تتراوح بين 40% و60%. هذا وقامت شركة أخرى بخفض أعداد العملاء المستهدفين في مجموعة واحدة للتسويق إلى 100 متعامل أو أقل بدلًا من الملايين الذين تستهدفهم عادةً شركات الاتصالات، وقد أدى ذلك إلى تحسين معدلات تحويل المتعاملين بنحو ضعفين إلى ثلاثة أضعاف دون التأثير على المعدلات المرتفعة لرضا العملاء.

إطار عمل من أربعة مستويات
يعتبر جي بيه سينغ، شريك في شركة استراتيجي أند الشرق الأوسط، أن: «شركات الاتصالات في منطقة الخليج تمتلك القدرات اللازمة لخوض المسار الحتمي لتقديم الخدمات المخصصة، غير أن نجاحها يعتمد على تسخير قدراتها المختلفة ومواءمتها. وللاستفادة من التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي، يتعين على الشركات تطوير محرك متكامل يجمع بين قدرات البيانات، والتحليلات، والتكنولوجيا، والتسويق، وتجربة المتعاملين ضمن إطار عمل شامل ونموذج تشغيلي متسق. وهذا هو السبيل الوحيد لتقديم تجربة مخصصة على نطاق واسع وتحقيق نمو حقيقي وملموس».

ويشير التقرير إلى أن المحرك المدعوم بالذكاء الاصطناعي يتألف من أربعة مستويات رئيسية:
قاعدة البيانات: إنشاء مجموعة بيانات موحدة وعالية الجودة وواسعة النطاق تتيح نظرة شاملة على المتعاملين
قدرات التسويق المعرفي: الاستعانة بالذكاء الاصطناعي والتحليلات لاستخلاص مرئيات فورية وقابلة للتنفيذ وتوقع سلوك المتعاملين، انطلاقًا من النظرة الشاملة
أدوات تحقيق القيمة: إعداد حملات مدعومة بالذكاء الاصطناعي وتطوير حالات استخدام تركز على التسويق الموجه، والمبيعات الموجهة، والبيع المتقاطع /التركيز على المتعاملين، وخدمات الدعم الذكية، والاستراتيجيات المخصصة للحفاظ على المتعاملين في مختلف المراحل
التفعيل: الحرص على التواصل السلس مع المتعاملين عبر مختلف القنوات الرقمية والتقليدية، لضمان توجيه الرسالة المناسبة لكل متعامل في الوقت المناسب

الذكاء الاصطناعي هو المسار الحتمي للمستقبل
أصبح التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي ضرورة استراتيجية لا يمكن أن تتغاضى عنها شركات الاتصالات الخليجية للحفاظ على تنافسيتها في قطاع يشهد تغيرات سريعة ومتواترة. وعليه، يوصي التقرير بأن تقوم شركات الاتصالات بدمج حزم تكنولوجيا التسويق، والاستثمار في قدرات الذكاء الاصطناعي، واعتماد نموذج تشغيلي مرن لتسريع اعتماد البيانات في اتخاذ القرارات.

ويؤكد أنكيت كوشواها، الاستشاري الرئيس لدى استراتيجي أند الشرق الأوسط، على أهمية اعتماد الذكاء الاصطناعي، قائلًا: «لم يعد اعتماد التسويق المدعوم بالذكاء الاصطناعي خيارًا مطروحًا أمام شركات الاتصالات، بل ضرورةً استراتيجية لمواكبة التطور والحفاظ على التنافسية ومعرفة احتياجات المتعاملين الفعلية. وقد بدأت الشركات تتجه نحو التفاعلات المخصصة من خلال استهداف فئات صغيرة ومحددة من المتعاملين أو حتى شريحة الفرد الواحد، وتحقيق قيمة لطالما اعتقدنا أنها صعبة المنال. ولكننا ما زلنا في بداية الطريق؛ وستكون الصدارة للشركات التي تبادر باتخاذ خطوات جريئة على نطاق واسع لتحقيق قيمة مميزة. أما الشركات التي لا تتكيف مع الواقع الجديد، فستفقد ميزتها التنافسية لصالح الشركات الجديدة المبتكرة وستقتصر أعمالها على خدمات الاتصالات التقليدية».

اقرأ أيضا: