فينتك جيت:أحمد أبو علي
أكد محمد فؤاد، خبير التنمية والتطوير العمراني وعضو جمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية، أن السوق العقاري المصري يشهد تحولًا جوهريًا خلال الفترة الأخيرة، ما يستدعي ضرورة تبني نموذج “التطوير من أجل التأجير” كبديل فعّال عن الاعتماد الكامل على نموذج البيع الفوري كوضع افتراضي للمطورين العقاريين.
وأضاف فؤاد أن هذا التوجه لا يأتي من فراغ، بل يُمثل استجابة طبيعية لمتغيرات اقتصادية واجتماعية متسارعة، ويهدف إلى تلبية احتياجات شرائح متعددة من المجتمع، لا سيّما فئة الشباب والطبقة المتوسطة.
ما هو نموذج “التطوير من أجل التأجير”؟
أوضح فؤاد أن هذا النموذج الاستثماري يقوم على تطوير العقارات السكنية أو التجارية أو الإدارية بغرض تأجيرها على المدى الطويل، بدلاً من بيعها مباشرة بعد الإنشاء. ويوفر هذا النهج تدفقات نقدية منتظمة للمطورين والمستثمرين، كما يعزز من استدامة السوق مقارنة بنموذج البيع الفوري.
أسباب تبني النموذج في مصر
ولفت فؤاد إلى وجود عدة عوامل تدفع نحو تبني هذا النموذج، أبرزها تراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار العقارات، مقابل الحاجة المستمرة للسكن.
كذلك، فإن تغير أنماط الحياة لدى الأجيال الجديدة، وتفضيلها للمرونة وعدم الالتزام طويل الأجل، يجعل الإيجار خيارًا أكثر جاذبية، خاصة في المدن الكبرى.
كما أن ارتفاع معدلات التضخم والتذبذب في السوق العقاري يقللان من جدوى البيع الفوري، في حين يوفر الإيجار عوائد دورية أكثر استقرارًا. وأخيرًا، فإن السوق المصري يشهد تحولًا تدريجيًا نحو النضوج، حيث تزداد أهمية العوائد المنتظمة والتدفقات النقدية في تقييم المشاريع العقارية.
أثر النموذج على تنشيط القطاع العقاري
وأشار فؤاد إلى أن تطبيق هذا النموذج من شأنه أن يحقق إنعاشًا ملموسًا للسوق العقاري، من خلال توفير عوائد مستدامة للمطورين وتقليل المخاطر المرتبطة بالبيع المباشر. كما أنه يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، نظرًا لكون الأصول المؤجرة تُعد خيارًا مفضلًا لدى المستثمرين الباحثين عن دخل منتظم.
ويُتيح هذا النموذج أيضًا إعادة تدوير رأس المال، حيث يمكن استخدام العقارات المؤجرة كضمانات للحصول على تمويلات جديدة، ما يعزز من توسع النشاط الاقتصادي.
كما يساهم في تحفيز الطلب الحقيقي من خلال جعل السكن والتجارة أكثر سهولة من حيث التكلفة، ويمنع حالة الركود الناتجة عن الفجوة بين العرض والطلب.
التحديات وآليات المواجهة
رغم المزايا العديدة، أشار فؤاد إلى وجود تحديات أمام تطبيق النموذج، أبرزها ضعف ثقافة الإيجار طويل الأجل في المجتمع، والحاجة إلى تشريعات تضمن حقوق الطرفين. كما أن النموذج يتطلب تمويلًا ضخمًا في البداية، ويفتقر إلى خبرات إدارية متخصصة في إدارة العقارات المؤجرة.
ولمواجهة هذه التحديات، دعا فؤاد إلى إدخال شركات إدارة متخصصة، وتوفير حوافز حكومية، وتطوير قوانين الإيجار، إلى جانب إطلاق صناديق استثمار عقاري (REITs) تركز على العقارات المؤجرة.
نماذج عالمية ملهمة
اختتم فؤاد حديثه بالإشارة إلى نماذج دولية ناجحة يمكن الاستفادة منها، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث يُطبق هذا النموذج بنجاح في مشاريع الإسكان المؤسسي. كما بدأت الإمارات والسعودية في تبنيه ضمن مشاريع المدن الجديدة مثل الرياض، جدة، ودبي.
واعتبر فؤاد أن تبني مصر لهذا النموذج قد يُشكل طوق نجاة للقطاع العقاري في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، إذ يُوفر توازنًا عمليًا بين احتياجات السوق وقدرات العملاء، ويُؤسس لسوق عقاري أكثر نضجًا واستدامة، بشرط وجود دعم حكومي وتشريعات تنظيمية مناسبة.