«بوسطن كونسلتينج جروب» : الإمارات تتصدر الاقتصادات الناشئة الأكثر جاهزية لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي عالميا
فينتك جيت:محمد بدوي
احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة رائدة بين الاقتصادات الناشئة عالمياً في جذب المواهب والكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي، حسب تقرير «نبض الذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي» الصادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على مستوى جاهزية المنطقة لمواكبة مستقبل الذكاء الاصطناعي.
جاء هذا التقرير، الصادر حول مصفوفة جاهزية الذكاء الاصطناعي الصادرة عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب لعام 2024، كأحد أهم الموضوعات التي ناقشها “مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي” خلال “أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي”.
مكانة تنافسية
وفقًا للتقرير الأول لمصفوفة جاهزية الذكاء الاصطناعي الصادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب، حققت الإمارات العربية المتحدة مكانة تنافسية رائدة على الصعيد العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، بجانب 31 اقتصادًا دوليًا ناشئًا، من بينها المملكة العربية السعودية.
تُصنّف مصفوفة جاهزية الذكاء الاصطناعي الاقتصادات العالمية الناشئة إلى أربعة مستويات رئيسية حسب استعدادها لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدءاً من المستوى «الأول»، ثم «مستوى الدول التي تطبق تقنيات الذكاء الاصطناعي»، و«الدول المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي»، وصولاً إلى مستوى «الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي».
تم تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مثل قطر والكويت وعُمان والبحرين ضمن فئة «الدول التي تطبق تقنيات الذكاء الصناعي»، حيث بدأت بالفعل في تبني وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ عملي.
على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تصل بعد إلى مكانة الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي التي تتمتع بها دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، إلا أن التقرير يشير إلى وجود فرص هائلة أمام هذه الدول لتعزيز جاهزيتها في مجال الذكاء الاصطناعي وتحقيق الريادة على الصعيد الإقليمي، حيث حققت دولة الإمارات بالفعل إنجازات متميزة في هذا المجال.
«تمضي دولة الإمارات العربية المتحدة بخطوات راسخة نحو تعزيز مكانتها الإقليمية كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب العديد من الاقتصادات العالمية المتقدمة، مستفيدةً من بنيتها التحتية الرقمية المتطورة وإطلاق مبادرات استراتيجية داعمة لتبنّي الذكاء الاصطناعي كجزء جوهري من رؤيتها الاقتصادية المستقبلية»،
وفقًا للدكتور أكرم عوض، المدير المفوض والشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينغ جروب. «تؤكد جميع المؤشرات الرئيسية أن دولة الإمارات تتبنى نهجًا استراتيجيًا متقدمًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وتضع خارطة طريق واضحة لتعزيز قدراتها وتحقيق طموحاتها المستقبلية.
«بينما تواصل الجهات المعنية تقدمها نحول المستقبل، ستلعب هذه الرؤى دورًا حاسمًا في تسريع جهود دولة الإمارات لتحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي».
الأدلة الإرشادية للجهات الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة:
دولة الإمارات تمضي بخطى واثقة من الصدارة الإقليمية إلى الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي
انطلاقًا من مكانتها الرائدة في حوكمة الذكاء الاصطناعي وريادتها العالمية كأول دولة تؤسس صناديق سيادية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، تتبنّى دولة الإمارات أفضل المعايير العالمية والممارسات المتطورة المتّبعة لدى الدول الرائدة في هذا المجال، ما يؤكد نجاحها في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة على الصعيد الوطني.
تؤكد الرؤية الطموحة لدولة الإمارات، التي تجلّت في إطلاق العديد من المبادرات الرائدة مثل الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 وتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي عالميًا عام 2017، التزامًا راسخاً باستثمار الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإحداث نقلة نوعية على الصعيد الوطني.
تمتلك دولة الإمارات قاعدة كبيرة من المواهب البشرية في مجال الذكاء الاصطناعي تقدّر بنحو 7,000 متخصص، مما يشكل نقطة انطلاق قوية لدعم جهود الابتكار والتطوير؛ ومع ذلك فإن تعزيز الاستثمار في تنمية هذه المواهب وتوسيع نطاقها يمثل ركيزة أساسية لمواصلة التقدم والريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال.
تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة رائدة على الصعيد الإقليمي في مجال البحوث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، حيث ساهمت بنحو 700 بحث ومنشور علمي متخصص في هذا المجال. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي حققته دولة الإمارات، لا تزال هناك حاجة لسد الفجوات الحالية، والوصول إلى مستوى الابتكارات الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
رغم تفوق دولة الإمارات وتجاوزها متوسط الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بمجموعة الاقتصادات المنافسة في هذا المجال، إلا أن زيادة استثمارات القطاع الخاص وتعزيز دوره في المشاريع الابتكارية سيتيح لدولة الإمارات تحقيق الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقد تجلّى الطموح العالمي لدولة الإمارات من خلال العديد من المبادرات الاستثمارية الكبرى على المستوى الدولي، بما يتضمن إنشاء صندوق “إم جي إكس” الذي تبلغ قيمة أصوله 100 مليار دولار، وهو ما يعكس حرص دولة الإمارات على لعب دور استراتيجي فعال في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي عالميًا.
تتمتع الإمارات بمكانة متقدمة في مجال البنية التحتية الرقمية، إذ تضم 35 مركزًا للبيانات، فضلاً عن تحقيقها لأعلى مستوى إنفاق في المنطقة مجال الحوسبة السحابية العامة بمعدل 228 دولارًا أمريكيًا لكل موظف، مما يوفر أرضية خصبة وبيئة مثالية لنمو وازدهار تقنيات الذكاء الاصطناعي.
«تؤكد نتائج بحوثنا أن تعزيز مشاركة واستثمارات القطاع الخاص، والارتقاء بنتائج البحث والتطوير إلى مستوى الابتكارات العالمية الرائدة، وبناء قاعدة أوسع من المواهب المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي، ستسهم بشكل كبير في ترسيخ مكانة دولة الإمارات كإحدى الدول الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي».
«إن تعزيز هذه العناصر الأساسية سيُمكّن دولة الإمارات من ترسيخ مكانتها كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية كبيرة ومستدامة على المستوى الوطني»، كما أوضح رامي مرتضى، شريك ومدير في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب.
نهضة إقليمية شاملة: دول مجلس التعاون الخليجي تتقدم بخطى واثقة نحو مستقبل الذكاء الاصطناعي
وبالتزامن مع الجهود الرائدة لدولة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي بأكملها حراكًا متسارعًا ومكثفًا نحو تعزيز جاهزيتها لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي.
حققت المملكة العربية السعودية، المُصنفة أيضًا كأحد الاقتصاديات التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً، تقدمًا ملحوظًا بفضل بنيتها الرقمية القوية، وقيادتها التنظيمية المتمثلة في الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، ورؤيتها الطموحة بأن تصبح واحدة من بين أفضل 15 دولة عالميًا في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
تشهد كلٌ من قطر وعُمان جهودًا متسارعة لتعزيز جاهزيتهما في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال بناء بنية تحتية رقمية متطورة وإطلاق مبادرات طموحة لتأهيل المواهب المحلية، مثل «الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي» في دولة قطر، وبرنامج «برنامج مكين للشهادات التقنية المتقدمة» في سلطنة عُمان.
في الوقت نفسه، تسعى البحرين إلى تعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير منظومة ابتكارية قائمة على التكنولوجيا المالية، فيما تركّز الكويت على صياغة وتنفيذ استراتيجيات شاملة لتعزيز بنيتها الرقمية.
«تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانةً رائدةً كنموذج عالمي في قيادة وتطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، إلا أن ما يُميّز هذه المرحلة بشكل خاص هو الزخم الجماعي والتحول الشامل الذي تشهده منطقة مجلس التعاون الخليجي بأكملها نحو تبنّي مستقبل قائم على الذكاء الاصطناعي»، وفقًا للدكتور لارس ليتيغ، المدير الإداري والشريك لدى شركة بوسطن كونسلتينغ جروب.
«تشهد المنطقة حاليًا زخمًا استثنائيًا، وفي حال تم استثماره بشكل فعّال، فإنه سيُمكّن دول مجلس التعاون الخليجي من أن تصبح من أهم المراكز العالمية لقيادة الابتكار والتطور في مجال الذكاء الاصطناعي».
ويُبرز ذلك الاتجاه المتنامي لدى العديد من الدول نحو تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات الرئيسية، ومن أهمها، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة قطاع النفط أو الارتقاء بأداء سلاسل التوريد، مما يوفّر لتلك الدول فرصة كبيرة لتحقيق نتائج حقيقية وفعالة، ويعزز جاهزية هذه القطاعات لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع”.
تطبيق نهج تكاملي لتحقيق الريادة العالمية في الابتكار، وتعزيز جاهزية دول مجلس التعاون الخليجي لتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي
يشكّل تقرير «نبض الذكاء الاصطناعي» الصادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب مرجعًا استراتيجيًا مهمًا لدعم الرؤى الوطنية الهادفة إلى تعزيز تنافسية الدول على المستوى العالمي، من خلال تسريع الجهود المبذولة لتبني وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
إن تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي عبر إطلاق برامج متخصصة لتطوير الكفاءات المحلية واستقطاب أفضل المواهب العالمية سيسهم بشكل كبير في تنويع وتعزيز قاعدة المواهب الحالية، وإثراء السوق الإقليمية بالخبرات الدولية، الأمر الذي يُشكّل ركيزة أساسية لدعم الابتكارات النوعية، وترسيخ مكانة المنطقة كوجهة عالمية رائدة في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
إضافةً إلى ذلك، ينبغي إعادة مواءمة هياكل الحوكمة لتتواءم بشكل أفضل مع الأطر الأخلاقية والمعايير العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يضمن تطوير واستخدام هذه التقنيات بطريقة مسؤولة وفعّالة ومستدامة.
سيسهم تحسين السياسات الخاصة بالذكاء الاصطناعي في ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة رائدة عالميًا في تطبيق الممارسات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، ما يجعلها مرجعًا دوليًا ونموذجًا يُحتذى به للدول الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فرص واسعة لتعزيز الاستثمارات في مجال البحث والتطوير، ما يعزز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والقطاعات الصناعية المختلفة، ويدعم الابتكار والنمو المستدام في مجال الذكاء الاصطناعي.
إن تكثيف هذه الجهود من شأنه أن يسرّع عجلة الابتكار ويرسّخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز ريادي عالمي في مجال التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي، مما يضعها على قدم المساواة مع أهم الدول الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي مثل الولايات المتحدة والصين وسنغافورة والمملكة المتحدة وكندا، بل وقد تتفوق عليها في بعض المجالات المتخصصة.
اقرا ايضا: