كيف تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة في مشهد رأس المال المخاطر والشركات الناشئة؟

فينتك جيت: مصطفى عيد

تشهد بيئة الشركات الناشئة ورأس المال المخاطر تحوّلًا جذريًا بفعل تقدم الذكاء الاصطناعي، حيث تُصبح النماذج التقليدية التي بنت شركات مثل «Uber» و«Airbnb» و«DoorDash» غير فعّالة.

بدلاً من الاعتماد على التمويل المتكرر والنمو المكلف، يتّجه مؤسسو الشركات إلى بناء شركات صغيرة، فعالة، سريعة الربحية، وأقل اعتمادًا على القوى العاملة.

فبفضل أدوات مثل «Shopify» للتجارة الإلكترونية و«Stripe» للمدفوعات، أصبح بالإمكان تشغيل شركة ناشئة باستخدام برامج جاهزة وتكاليف تشغيل منخفضة.

ومع دخول الذكاء الاصطناعي في المعادلة، ازداد هذا التحوّل تسارعًا، إذ باتت المهام التي كانت تتطلب فرق عمل كبيرة – من التسويق إلى التصميم وتحليل البيانات – تُنفَّذ الآن بواسطة خوارزميات ذكية وبشكل أكثر كفاءة.

الذكاء الاصطناعي يقلل الحاجة لرأس المال والموظفين

النتيجة؟ لم يكن إطلاق شركة وتوسيعها نحو الربحية بهذه السهولة من قبل.

يُمكن اليوم لشركة ناشئة أن تحقق إيرادات بملايين الدولارات باستخدام عدد محدود جدًا من الموظفين، بفضل استغلال الذكاء الاصطناعي في تنفيذ المهام التشغيلية اليومية، مثل كتابة المحتوى، تصميم الإعلانات، تحليل البيانات، وتوجيه القرارات الاستراتيجية.

نهاية عصر الطرح العام والاستحواذ كأهداف رئيسية

في النموذج التقليدي، كانت الشركات تبدأ بفكرة مبتكرة، ثم تصمم منتجًا أوليًا وتبدأ بجذب المستخدمين، ومن ثم تُموَّل من خلال جولات رأس مال مخاطر متتالية تُفقد المؤسسين نسبة من ملكيتهم مع كل جولة.

وكان الهدف النهائي إما الطرح في البورصة أو البيع إلى شركة كبرى، إلا أن أقل من 1 إلى 1.5%.فقط من الشركات الناشئة تنجح في تحقيق “خروج ناجح” خلال السنوات الخمس الأولى، وحتى في حال البيع، قد يكون العائد الفعلي للمؤسسين ضئيلًا نتيجة التخفيف الكبير في الملكية.

شركات بمليارات الدولارات وموظف واحد

يُتداول حاليًا الحديث حول أول شركة تُحقق إيرادات بـ100 مليون دولار بموظف واحد فقط، وهو سيناريو لم يعد مستبعدًا في ظل تسارع قدرات الذكاء الاصطناعي.

تُعد شركة «Midjourney» مثالًا بارزًا على هذا الاتجاه؛ حيث لم تجمع أي تمويل خارجي، لكنها قُدّرت في 2023 بأكثر من 10 مليارات دولار، والرقم مرشح للزيادة مع نموها المستمر.

التمويل عبر الدَّين: البديل الأرخص والأكثر مرونة

هذا التحول يطرح سؤالًا محوريًا: لماذا تحتاج الشركات الناشئة إلى جمع الأموال من الأساس؟ ومع سهولة تحقيق الربحية، أصبحت خيارات التمويل عبر الديون أكثر جاذبية. فإذا كانت الشركة تحقق أرباحًا، يمكنها بسهولة الحصول على قروض مصرفية أو تمويل مقابل الإيرادات المستقبلية، دون الحاجة إلى التخلي عن الملكية أو الخضوع لمطالب المستثمرين.

في المقابل، يُعتبر رأس المال المخاطر أغلى أنواع التمويل، لأنه يتطلب حصة من الشركة وإشرافًا دائمًا من المستثمرين. في عصر الذكاء الاصطناعي، قد يُصبح التمويل عبر الديون الخيار الأكثر شعبية، إذ يتيح للمؤسسين الحفاظ على السيطرة الكاملة وتنمية شركاتهم حسب رؤيتهم.

مستقبل صناديق رأس المال المخاطر

أما بالنسبة لصناديق رأس المال المخاطر (VCs)، فهي مضطرة لإعادة تقييم نماذجها، إذ لم تعد الأموال التي تقدمها ضرورية كما في السابق. فقد كانت تعتمد على تحقيق أرباح ضخمة من عدد قليل من الشركات “الرابحة” لتعويض خسائر الغالبية الأخرى، لكن الآن ومع تراجع الحاجة للتمويل الكبير، باتت ملكيتهم أصغر وعائداتهم أقل.

لذلك، قد يتوجب على هذه الصناديق توسيع نطاق رؤيتها لتشمل شركات الخدمات والتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، حتى إن بدا النموذج أقرب إلى استراتيجيات الملكية الخاصة (Private Equity) منه إلى رأس المال المخاطر التقليدي.

عصر جديد لبناء الشركات

العِقد القادم لن يُغير فقط ما تبنيه الشركات الناشئة، بل كيف تبنيه. فالشركات الناجحة لن تكون الأكثر تمويلاً، بل الأكثر كفاءة في استخدام التكنولوجيا لتحقيق أكبر تأثير بأقل موارد. بالنسبة للمؤسسين والمستثمرين على حد سواء، فإن التكيف مع هذا الواقع الجديد لم يعد خيارًا – بل ضرورة وجودية.

اقرا ايضا:

«جوجل» تطلق أدوات الذكاء الاصطناعي لتعلم اللغات

«ويكيبيديا» تنوي استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير ميزات جديدة

«شاومي» تدخل سباق الذكاء الاصطناعي في الصين بمنافس «ديب سيك»

«آي صاغة»: 310 جنيهات ارتفاعًا في أسعار الذهب بالأسواق المحلية خلال شهر أبريل