فنتيك جيت: مصطفى عيد و أحمد منصور
تدرس وزارة الخزانة الأمريكية آلية جديدة لتسريع فحص واعتماد الاستثمارات الأجنبية داخل الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى تسهيل دخول مليارات الدولارات من صناديق الثروة السيادية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، وفقًا لمسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن الجهود تشمل جمع معلومات مسبقة من المستثمرين في دول شريكة قبل تقديم طلبات الموافقة إلى الجهات التنظيمية الأمريكية،من خلال بوابة جديدة تُعرف باسم “بوابة المستثمر المعروف” (Known Investor Portal)، والتي تديرها لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS).
ونقلت مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الإدارة الأمريكية ناقشت بالفعل إدراج الدول الخليجية الثلاث ضمن هذه المبادرة، بالتزامن مع استعداد الرئيس ترامب لزيارة المنطقة الأسبوع المقبل. وأضافت المصادر أن دولًا أوروبية وآسيوية أخرى طُرحت أيضًا كشركاء محتملين في البرنامج، رغم أن الأمور لا تزال قيد الدراسة ولم تُحسم بعد.
وتهدف هذه الآلية السريعة إلى إزالة أحد أبرز العوائق التي تواجه صناديق الثروة السيادية الخليجية، والتي تُشرف على تريليونات الدولارات، وكانت قد خضعت لتدقيق مشدد من قبل CFIUS خلال إدارة الرئيس جو بايدن، بسبب ما اعتُبر حينها علاقات وثيقة بالصين.
وقد ينضم وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى الوفد الأمريكي المتجه إلى الخليج الأسبوع المقبل، لمتابعة المحادثات التي شهدت زخمًا متزايدًا خلال اجتماعات عقدت في واشنطن الشهر الماضي على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ورغم تبني إدارة ترامب موقفًا أكثر تشددًا تجاه بكين، فإنها أبدت ارتياحًا إزاء ما وصفه مسؤولون بخطوات مشجعة من بعض الدول الخليجية لإظهار أن واشنطن لا تزال شريكها الأساسي في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والاستثمار.
وقال بيسنت في البيان: “وزارة الخزانة ملتزمة بالحفاظ على بيئة استثمارية مفتوحة تخدم الاقتصاد الأمريكي، مع ضمان ألا تؤثر كفاءة الإجراءات على قدرتنا في التعرف على المخاطر الأمنية المصاحبة للاستثمار الأجنبي والتعامل معها”.
ورفض مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض التعليق على الأمر، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.
وتقول إميلي كيلكريس، الزميلة البارزة في مركز الأمن الأمريكي الجديد والمسؤولة السابقة عن ملف CFIUS في مكتب الممثل التجاري الأمريكي: “بعض المستثمرين معروفون جيدًا للجنة، يستثمرون بكثافة ويتقدمون بطلبات متكررة، أو يأتون من دول منخفضة المخاطر، لذلك من المنطقي أن يتم تسريع إجراءاتهم مقارنة بالاستثمارات الصينية مثلًا”.
وخلال مؤتمر عقد في واشنطن أواخر الشهر الماضي، لمح مسؤولون في وزارة الخزانة إلى أن أحد عناصر إصلاحات CFIUS سيكون إنشاء “قاعدة معرفية” عن الكيانات الاستثمارية الخليجية لتقليل كمية المعلومات المطلوبة عند تقديم طلبات جديدة، بحسب مصادر مطلعة.
يُذكر أن صناديق الثروة الخليجية شكلت خمسة من بين أكثر عشرة كيانات نشاطًا في إبرام الصفقات عالميًا العام الماضي، وفقًا لشركة Global SWF.
وشمل ذلك ثلاثة صناديق إماراتية: شركة مبادلة للاستثمار، وجهاز أبوظبي للاستثمار، و”القابضة” (ADQ)، إلى جانب صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز قطر للاستثمار.
ومنذ عودة ترامب إلى الحكم، أعلنت الإمارات والسعودية عن تعهدات ضخمة بالاستثمار في الولايات المتحدة، تماشيًا مع مطالبه بجذب أموال أجنبية.
ومع ذلك، فإن أي تيسير للقيود المفروضة على دول الخليج قد يواجه معارضة داخلية، مما يستلزم أن تعمل إدارة ترامب على صياغة التفاصيل الدقيقة لهذه السياسات.
وتساءلت كيلكريس: “كيف ستوازن الإدارة بين الفوائد الجيوسياسية والاقتصادية لتعزيز الروابط الاستثمارية مع الخليج، مقابل مخاطر الأمن القومي، مثل احتمالية تسرب التكنولوجيا للصين؟”، مشيرة إلى الطموحات الخليجية في أن تصبح رائدة عالميًا في التكنولوجيا، واستثماراتها القائمة بالفعل في هذا المجال.
وتسعى الإمارات، التي تعمل على ترسيخ مكانتها كقوة تكنولوجية صاعدة، إلى الحصول على مزيد من الوصول إلى شرائح شركة Nvidia الأمريكية المتقدمة، والتي قُيد تصديرها خلال إدارة بايدن.
وكانت الدولة الخليجية قد وعدت الرئيس ترامب في وقت سابق من هذا العام بضخ 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال العقد المقبل، وهو ما ساهم في تسريع المباحثات بشأن تخفيف القيود على مبيعات الرقائق إلى أبوظبي، حسبما أفادت بلومبرج.
وتخطط إدارة ترامب حاليًا لإلغاء بعض القيود التي فرضتها إدارة بايدن على شرائح الذكاء الاصطناعي، ضمن توجه أوسع لإعادة صياغة قواعد تجارة أشباه الموصلات عالميًا، مع التركيز على التفاوض المباشر مع دول مثل الإمارات والسعودية.
اقرا ايضا:
بسبب رسوم «ترامب».. «مايكروسوفت» تزيح «آبل» من صدارة الشركات الأعلى قيمة
«ترامب» يواجه تحديات اقتصادية مع اقتراب مرور 100 يوم على ولايته الثانية
التصعيد الأمريكي ضد الصين لا ينتهي..«ترامب» يفرض قيودا على «ديب سيك»
«ترامب» يلمّح إلى استثناء بعض الدول من الرسوم الجمركية الأساسية