تحول نحو مجتمع غير نقدي: «محمد عاصم» يكشف استراتيجيات «ماستركارد» لتعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر

حوار:ريهام علي

في إطار التوجه المتسارع نحو التحول الرقمي في مصر، تلعب التقنيات المبتكرة دورًا أساسيًا في إعادة تشكيل مشهد المدفوعات وتعزيز الأمان والشمول المالي.

وفي هذا الحوار الذي أجرته معه بوابة التكنولوجيا المالية «فنتيك جيت FinTech Gate» ، يتحدث السيد محمد عاصم، مدير عام ماستركارد في مصر والعراق ولبنان، عن جهود ماستركارد لتعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر، بما في ذلك شراكاتها مع المؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية، وكذلك دورها في دعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة.

كما يستعرض المبادرات التي تطلقها الشركة لتعزيز الشمول المالي والرقمي، وتسريع اعتماد المدفوعات الرقمية، وإنشاء بنية تحتية آمنة ومستدامة تمكن مصر من تحقيق أهدافها الوطنية في إطار رؤية 2030. يناقش عاصم أيضًا أهمية تكنولوجيا الترميز وتأثيرها على المدفوعات الرقمية، بالإضافة إلى دورها في دعم استراتيجية البنك المركزي المصري نحو مجتمع غير نقدي.

* التحول الرقمي: رؤية ماستركارد في مصر:

مصر هي أرض التطور المستمر، وهو ما ينطبق أيضًا على اقتصادها الرقمي الذي أصبح قوة دافعة للتقدم والنمو في البلاد. ولكي ينجح هذا الاقتصاد الرقمي في التوسع وزيادة الفرص لخدمة الأفراد والشركات المصرية، فهو بحاجة إلى حلول دفع رقمية تعزز الشمول المالي .

على مدار عقدين من الزمن، لعبت ماستركارد دورًا فاعلاً في تقديم أحدث حلول الدفع الرقمي في مصر، منسجمةً مع رؤية مصر 2030، الهادفة إلى تحقيق اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة.

فمن خلال كونها شريكًا تقنيًا موثوقًا، تتعاون ماستركارد مع الحكومات والمؤسسات المالية ومشغلي شبكات الهاتف المحمول ورواد التكنولوجيا المالية لبناء منظومة رقمية متكاملة تدعم الابتكار والنمو الاقتصادي المستدام.

قال محمد عاصم: “يتجسد التزام ماستركارد بالتحول الرقمي من خلال مبادرات رائدة مثل إطلاق أول بطاقات خصم إلكتروني، وتقديم حلول دفع مشتركة مع شركات الطيران، وإنشاء بوابات دفع للتجارة الإلكترونية، والمحافظ الرقمية، وأنظمة دفع الأجور إلكترونيًا.

كما تم تطوير منصات مخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، واعتماد تقنيات الترميز لتسريع الانتقال من المدفوعات النقدية إلى الرقمية.

ومن أبرز المبادرات إطلاق أول نظام دفع عبر الهاتف المحمول القابل للتشغيل البيني في مصر عام 2013، والذي أحدث تحولًا جذريًا مكّن ملايين غير المشمولين ماليًا من الوصول إلى الخدمات المالية عبر هواتفهم، مما سمح لهم بإجراء معاملات آمنة وسداد الفواتير وتحويل الأموال. ولا يزال هذا النظام يدعم نحو 40 مليون مصري حتى اليوم”.

وفي إطار تعزيز وجودها في السوق المصري، أطلقت ماستركارد مركزها الإقليمي لخدمات مستشاري العملاء (Advisors Client Services Hub) لخدمة الأسواق الإقليمية والعالمية انطلاقًا من مصر.

يضم هذا المركز فريقًا متخصصًا يعمل على تقديم حلول مالية ودفع مبتكرة تشمل أحدث الاتجاهات مثل “اشترِ الآن وادفع لاحقًا(BNPL)”، والأمن السيبراني، وتسييل البيانات، مما يعزز مكانة مصر كمركز مالي إقليمي جاذب للاستثمارات الاستراتيجية.

* جهود ماستركارد لتعزيز الشمول المالي والرقمي في مصر:

تلتزم ماستركارد بدورها المحوري في دفع عجلة الشمول المالي والرقمي في مصر،  من خلال توظيف التكنولوجيا وتوسيع نطاق الوصول إلى حلول الدفع الرقمي والمعرفة، لتمكين الأفراد والمجتمعات من المشاركة الفاعلة في الاقتصاد المصري.

قمنا بتحسين الشمول والوصول إلى الخدمات المالية الرقمية من خلال مبادرات مثل بطاقات الرواتب للموظفين الحكوميين، ورقمنة الأجور لعمال المصانع، وتوزيع المساعدات الاجتماعية للنساء المحتاجات، وحلول رقمية للمشروعات الصغيرة، مما يساهم في تمكينها من النمو والازدهار.

وعن الخدمات المصرفية التي أطلقتها الشركة، قال عاصم: “في إطار التزامنا بالابتكار الشامل، طرحت ماستركارد بطاقة “Touch Card” بالتعاون مع أحد البنوك الرائدة، كأول حل في مصر يُصمم خصيصاً لتمكين المكفوفين وضعاف البصر من استخدام البطاقات المصرفية بسهولة وأمان. كما أطلقت مساعداً رقمياً مدعوماً بتقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة المعاملات غير المالية، مما يعزز تجربة الخدمات المصرفية الرقمية بشكل غير مسبوق”.

وحققت مبادرة ماستركارد لرقمنة أجور العاملين في مصانع الملابس في مصر، التي أطلقتها عام 2019 بالتعاون مع أحد الشركاء البارزين في هذا المجال، تقدماً ملحوظاً، حيث تمكنت المبادرة من إدماج 24,000 عامل، من خلال 9 مصانع في 5 محافظات ضمن منظومة الاقتصاد الرقمي.

وقد ساهمت هذه المبادرة في تقليل الفجوة في الأجور بين الجنسين وتمكين المرأة؛ إذ حصلت العديد من النساء على حسابات رقمية للمرة الأولى.

كنا جزءًا من أول نموذج حكومي لصرف المساعدات الاجتماعية رقميًا في مصر، حيث عملنا مع وزارة التضامن الاجتماعي المصرية على صرف المساعدات الاجتماعية لـ 60,000 امرأة عبر محافظ رقمية آمنة ومريحة.

كما كانت ماستركارد جزءًا من أول نموذج حكومي لصرف المساعدات الاجتماعية رقميًا في مصر، حيث عملنا مع وزارة التضامن الاجتماعي لتوزيع المساعدات على 60,000 امرأة من خلال محافظ رقمية آمنة وسهلة الاستخدام.

* التقنيات المبتكرة في المدفوعات الرقمية: تكنولوجيا الترميز:

تُعتبر مصر واحدة من أسرع الأسواق نموًا في مجال التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن المتوقع أن تتجاوز مبيعات التجزئة عبر الإنترنت 8 مليارات دولار بحلول عام 2025، مدفوعة بانتشار الهواتف الذكية وتحسين خدمات الاتصال بالإنترنت.

ومع ذلك، فإن هذا النمو يصاحبه تحديات متزايدة تشمل الاحتيال والهجمات الإلكترونية، حيث أفاد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بارتفاع حالات الاحتيال عبر الإنترنت بنسبة 30% خلال العامين الماضيين.

في هذا السياق، يُعتبر تطبيق تكنولوجيا الترميز نقطة تحول رئيسية في التصدي لهذه التحديات، من خلال تعزيز الأمان وضمان حماية البيانات في بيئة المدفوعات الرقمية.

تُعد تكنولوجيا الترميز إحدى الابتكارات الرائدة التي تحدث تحولًا في عالم المدفوعات الرقمية، حيث تُستخدم عبر وسائل دفع متعددة تشمل معاملات نقاط البيع في المتاجر، وعمليات الشراء عبر الهواتف المحمولة.

تُتيح هذه التقنية للشركات قبول المدفوعات باستخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية دون الحاجة إلى معدات مكلفة، كما تُسهل عمليات التسوق الآمنة عبر الإنترنت والتطبيقات الذكية. والنتيجة هي تجربة تسوق مريحة وفعّالة للمستهلكين، تُشجع على تبني حلول الدفع الرقمية وتعزز من ولائهم.

وأوضح محمد عاصم أن الترميز ليس مجرد أداة تقنية، بل هو نظام مبتكر لإدارة وتأمين البيانات الحساسة المرتبطة ببطاقات الدفع. تعتمد هذه التقنية على تحويل بيانات البطاقة الحساسة، مثل رقم الحساب الأساسي (PAN)، إلى رمز بديل يُعرف بـ “التوكن”، مما يقلل بشكل كبير من مخاطر تخزين ونقل البيانات. في حالة تعرض قاعدة بيانات التاجر للاختراق، تبقى المعلومات الشخصية للمستهلكين محمية بفضل هذه التقنية، وهو ما يدعم الثقة في المدفوعات الرقمية.

يوفر الترميز مزايا كبيرة للتجار والمستهلكين والمصدرين، ويدعم نظام المدفوعات الرقمية بالكامل.

يشهد التجار زيادة في المبيعات بفضل تسريع عمليات الدفع، وتقليل حالات الاحتيال، وانخفاض عدد المعاملات المهجورة. كما يستفيدون من خيارات جديدة لقبول المدفوعات ومعدلات موافقة أعلى للمعاملات المعتمدة، مما يتيح لهم التفاعل مع العملاء بطرق أكثر ابتكارًا.

أما بالنسبة للمستهلكين، تضمن تقنية الترميز أمان الحسابات وتتيح الاستمرارية في استخدام المدفوعات.

كما يحقق المصدرون فوائد كبيرة من تقنية الترميز، حيث تسهم في تقليل مخاطر الاحتيال،  وتمكنهم من تقديم تجارب متميزة للمستخدمين عبر قنوات دفع مبتكرة، مما يعزز الكفاءة ويسهم في تحسين رضا العملاء.

عقدت ماستركارد شراكات استراتيجية مع البنك المركزي المصري وشركة بنوك مصر لدعم الابتكار في قطاع المدفوعات الرقمية، شملت تنفيذ لوائح ترميز بطاقات الدفع الصادرة عن البنك المركزي.

كما شهد السوق المصري إطلاق خدمة Pay  Apple بالتعاون مع الجهات التنظيمية، لتُصبح متاحة كوسيلة دفع موثوقة وآمنة في المتاجر، وداخل التطبيقات، وعلى الإنترنت.

وتوفر هذه الخدمة تجربة دفع عالية الخصوصية، يتم تأمينها من خلال التحقق البيومتري مثل بصمة الوجه أو الإصبع، إلى جانب استخدام رمز أمان يُستخدم لمرة واحدة فقط.

وبفضل هذه المعايير، تُعد الخدمة خيارًا مثاليًا لمجموعة واسعة من القطاعات، تشمل تجارة التجزئة، والرعاية الصحية، وخدمات النقل، وقطاع المأكولات والمشروبات.

ووفقاً لماستركارد، تتيح عملية الترميز للبنوك تقليل التكاليف التشغيلية بشكل كبير، مع تحسين أمان المعاملات الرقمية وزيادة رضا العملاء.

بفضل توفير طرق دفع أكثر راحة وأمانًا، تعزز هذه التقنية من تنافسية البنوك، مما يمكّنها من الحفاظ على مكانتها في سوق يشهد تحولًا رقميًا متسارعًا، مع تقديم حلول مبتكرة تواكب الاتجاهات العالمية.

أضاف عاصم أن تكنولوجيا الترميز تُعتبر ركيزة أساسية في تعزيز مكانة مصر في الاقتصاد الرقمي، حيث تسهم بشكل كبير في جذب مزودي خدمات الدفع العالميين والمستثمرين، مما يؤدي إلى طفرة في الاستثمارات الأجنبية ويدفع النمو الرقمي في البلاد.

ومن خلال تقليص الاعتماد على النقد وتعزيز نظام مالي شامل ومرن، تُساهم هذه التكنولوجيا في تمهيد الطريق لمصر للاستفادة الكاملة من الفرص الاقتصادية العالمية، مما يعزز من قدرتها على التنافس في الأسواق الرقمية.

تعزيز الأمان السيبراني في الاقتصاد الرقمي

في ماستركارد، نعمل على ترسيخ الثقة في النظام الرقمي من خلال حماية بيانات المستهلكين وتأمين نقاط الاتصال الرقمية، إلى جانب اعتماد نهج استباقي لمواجهة المخاطر المستقبلية. نحن نؤمن بأن الأمان السيبراني يُشكّل أحد أهم ركائز الاقتصاد الرقمي، ولذلك نستثمر بشكل متواصل في أحدث التقنيات لضمان بيئة آمنة لجميع أطراف المنظومة الرقمية، من حكومات وبنوك وتجار ومستهلكين.

نعتمد على محرك متطور قائم على الذكاء الاصطناعي لحماية أكثر من 125 مليار معاملة سنويًا من محاولات الاحتيال، بكفاءة وسرعة استثنائية.

هذا المحرك يتيح لنا اكتشاف الهجمات السيبرانية وتسريبات البيانات والاحتيال الرقمي قبل وقوعها، مما يسهم في تعزيز أمن النظام الرقمي.

ثم أضاف عاصم في تعليقه عن خدمات ماستركارد في مجال الأمن السيبراني: “ومن أجل تعزيز قدراتنا في مجال الأمن السيبراني، استحوذنا على عدد من الشركات الرائدة التي تدعم هذا التوجه.

شركة  RiskRecon، على سبيل المثال، تسهم في تسريع تطوير حلول الأمن السيبراني من خلال الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات، والتقييمات الآلية للمخاطر.

أما شركة  Ethoca، فتعمل بالتعاون مع أكثر من 5,000 جهة إصدار و8,000 تاجر حول العالم لمكافحة الاحتيال الودي، وقد ساهمت في خفض حالات الاسترجاع بنسبة تصل إلى 80%. وتُعد شركة NuData   Security  من بين أبرز الأصول، إذ تُدير أكبر شبكة سلوكية في العالم وتراقب مليارات الأحداث سنويًا للحد من هجمات التحقق”.

* رؤية نحو المستقبل: دعم الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة:

يتوجه مستقبل المدفوعات نحو الشركات التي تستفيد من إمكانيات التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة لتحقيق مستقبل أكثر ابتكارًا وكفاءة.

وفي هذا السياق، تكتسب الشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية متزايدة، كونها عنصرًا محوريًا في دعم التحول الرقمي وتعزيز النمو الاقتصادي. ففي مصر، تمثل هذه الشركات أكثر من 90% من إجمالي المؤسسات، وتسهم بشكل مباشر في خلق فرص العمل وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى الرغم من هذا الدور الحيوي، فإن أكثر من نصف هذه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال تواجه تحديات جوهرية في الوصول إلى التمويل، ما يعيق قدرتها على التوسع والابتكار وتحقيق إمكاناتها الكاملة.

وعن دور ماستركارد خلال رحلة الشركات الناشئة، أوضح عاصم: “انطلاقًا من التزامها بتمكين هذه الشريحة المهمة من الشركات، توفر ماستركارد أدوات رقمية متطورة، ورؤى متخصصة، وخدمات تكنولوجية، وتقييمات أمن سيبراني، وتدريبًا رقميًا، بالإضافة إلى منصات للإرشاد والمبادرات المعرفية التي تساهم في تعزيز قدراتها التنافسية.

وقد نجحت الشركة في تحقيق هدفها العالمي المتمثل في ربط 50 مليون شركة صغيرة ومتوسطة، من بينها 25 مليون رائدة أعمال، بالاقتصاد الرقمي بحلول عام 2025، بما يعكس التزامها بدعم التمكين الاقتصادي الشامل”.

وفي هذا الإطار، تمكّن ماستركارد الشركات الصغيرة والمتوسطة من قبول المدفوعات والانضمام إلى السوق الرقمية والتجارة الإلكترونية، من خلال حلول مبتكرة مثل “Tap on Phone” ، التي تتيح لأصحاب المشروعات الصغيرة استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية كأدوات آمنة لقبول المدفوعات اللاتلامسية باستخدام البطاقات والمحافظ الرقمية والساعات الذكية، دون الحاجة إلى أجهزة إضافية أو تكاليف إعداد مرتفعة.

كما تولي ماستركارد اهتمامًا خاصًا بالتعليم الرقمي لرواد الأعمال، حيث أطلقت برنامج”Entrepreneurs Odyssey” ، وهو منصة تعليمية مجانية عبر الإنترنت، تهدف إلى تزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لتخطي العقبات وتحقيق أهدافهم بثقة وكفاءة.

وأعلنت ماستركارد عن شراكة استراتيجية مع إحدى الشركات الرائدة في حلول الدفع، بهدف توفير حلول دفع رقمية مُبسّطة ومتكاملة تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر. من خلال هذا التعاون، ستستفيد الشركات من قدرات شبكة ماستركارد العالمية، عبر إتاحة منصة دفع رقمية تحمل علامتها التجارية.

اقرا ايضا:

«بنك أبوظبي الأول» يعتمد البطاقات الافتراضية من «ماستركارد» والمُدمجة في نظام «أوراكل» لتسهيل المدفوعات بين الشركات

«معهد ماستركارد للاقتصاد» يصدر تقريره السنوي 2025 حول أبرز اتجاهات السف

«ماستركارد» تطلق برنامج «Agent Pay» لتوسيع مستقبل التجارة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

«بنك إلى» و«ماستركارد» يعززان من تعاونهما لإطلاق حلول مصرفية مبتكرة والتوسع في أسواق جديدة