فينتك جيت:مصطفى عيد
في تطور يهدد مستقبل برامج الفضاء الأمريكية، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة علنية مع الملياردير إيلون ماسك، مالك شركة «SpaceX»، بعدما لوّح الرئيس بإلغاء العقود الفيدرالية الممنوحة للشركة.
وجاء الرد سريعًا من ماسك الذي هدّد بتعليق العمل بكبسولة «Dragon» التي تعتمد عليها وكالة «ناسا» في إرسال رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، قبل أن يتراجع لاحقًا عن تصريحه.
هذا التصعيد المفاجئ بين الطرفين أثار قلق أوساط الفضاء والدفاع، في ظل العلاقة المتشابكة بين الحكومة الأمريكية وشركة «SpaceX» التي أصبحت عصبًا رئيسيًا في قطاع الفضاء والاتصالات العسكرية والتجارية على حد سواء.
منذ تأسيسها عام 2002، نجحت «SpaceX» في تجاوز شركات الدفاع والفضاء التقليدية، لتتحول إلى المزود الأول لخدمات الإطلاق الفضائي في العالم.
ويعتمد برنامج الفضاء الأمريكي بشكل شبه كامل اليوم على الشركة التي توفر كبسولة «Dragon» لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، وقد أنجزت حتى الآن 10 مهمات مأهولة.
كما تعمل الشركة على تطوير صاروخ «Starship» العملاق ضمن عقد قيمته 4 مليارات دولار مع «ناسا» بالإضافة إلى خدمات إطلاق لصالح القوات الجوية الأمريكية بقيمة تقارب 6 مليارات دولار، ومشروع «Starshield»، وهو شبكة أقمار صناعية تجسسية سرية يُقدر تمويله بـ1.8 مليار دولار.
ويمثل أي توقف لكبسولة «Dragon» ضربة قوية لبرنامج الفضاء الأمريكي، إذ سيضطر من جديد للاعتماد على صواريخ «Soyuz» الروسية، كما حدث بين 2011 و2020، وهو سيناريو غير مرغوب في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية.
يُهدد هذا الخلاف أيضًا مستقبل برنامج «Artemis» التابع لـ«ناسا» للعودة إلى القمر. إذ تعتمد المهمة الثالثة والرابعة إلى سطح القمر على نسخة معدلة من صاروخ «Starship»، وفي حال انسحاب الشركة من المشروع، ستكون «Blue Origin» البديل المحتمل، ما قد يؤخر البرنامج ويمنح الصين فرصة لتسبق الولايات المتحدة في سباق العودة إلى القمر بحلول 2030.
وفي المقابل، تسعى «ناسا» إلى إظهار وجود بدائل، إذ أعلنت أنها تدرس جدولة أول رحلة مأهولة بكبسولة «Starliner» التابعة لشركة «Boeing» مطلع 2026، لكنها تواجه تحديات تقنية متواصلة بعد فشل اختبارها السابق.
ورغم أن «SpaceX» ليست معتمدة بالكامل على الحكومة الأمريكية، إذ تُحقق إيرادات ضخمة من اشتراكات خدمة «Starlink» وإطلاق المهمات التجارية والخاصة، إلا أن فقدان العقود الحكومية سيشكل ضربة قوية للشركة، وقد يربك خطط الفضاء الأمريكية بالكامل.
ويرى مراقبون أن قرار البيت الأبيض الأخير بسحب ترشيح رجل الأعمال «جارد إيساكمان» – أحد المقربين من ماسك وسبق له السفر للفضاء مرتين مع «SpaceX» – لرئاسة «ناسا»، هو مؤشر آخر على تصاعد التوتر.
وقال «إيساكمان» في بودكاست حديث إنه تم استبعاده لأن “بعض الأطراف كانت لديها حسابات قديمة، ووجدت فيّ هدفًا مناسبًا”.
أعادت هذه الأزمة النقاش حول اعتماد واشنطن الكبير على الشركات التجارية في برامجها الفضائية، وخاصة حين تكون شركة واحدة في موقع احتكار شبه تام.
وتشير التقارير إلى أن الجيش الأمريكي، وإن كان يفضل التعاقد مع القطاع الخاص، إلا أنه يفضّل امتلاك الأنظمة التي يعتمد عليها في المهام الاستراتيجية، قائلًا: “هذا الموقف يُظهر مدى هشاشة هذا النموذج، وربما يدفع صناع القرار لإعادة النظر في مدى الثقة الممنوحة لشركات القطاع الخاص”.
اقرا ايضا:
«ترامب» يهاجم «باول» مجددا: “أمريكا تشتعل.. خفضوا الفائدة الآن”
«الأسواق العالمية» تترقب «مهلة ترامب» النهائية.. و«الدولار» يهوى لأدنى مستوى في 6 أسابيع
شركة تابعة لـ«ترامب» تعتزم جمع 3 مليارات دولار لاستثمارها في العملات الرقمية