فينتك جيت: محمد بدوي
أكدت نشرة “اتجاهات الرأي العام العالمي”، الصادرة عن إدارة الباروميتر العالمي في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن العملات الرقمية باتت عنصراً فاعلاً في النظام المالي العالمي.
لكنها لا تزال تثير جدلاً واسعاً بين الفرص التي تتيحها والتحديات التي تفرضها، خصوصاً فيما يتعلق بالتنظيم والأمان والثقة العامة.
وسلط العدد الجديد من النشرة، الصادر تحت عنوان “وجهان للعملة الرقمية: تحليل آراء الجمهور حول العملات الرقمية”، الضوء على أبرز التحولات في المشهد الاقتصادي العالمي.
ثورة تكنولوجية متسارعة
مدفوعاً بثورة تكنولوجية متسارعة وتوسع غير مسبوق في الأنشطة الرقمية والاعتماد على الإنترنت، مما أسهم في تسريع رقمنة النقود وإعادة تشكيل منظومة المال التقليدية.
وبيّنت النشرة التصنيفات الرئيسية للعملات الرقمية، والتي تشمل العملات المستقرة (Stablecoins) المرتبطة بأصول تقليدية كالذهب أو الدولار، والعملات المشفّرة (Cryptocurrencies) مثل بيتكوين وإيثيريوم، التي تُدار عبر شبكات لامركزية وتواجه تحديات تنظيمية.
العملات الرقمية للبنوك المركزية
وأخيراً العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) التي تصدرها السلطات النقدية الرسمية لتعزيز الكفاءة المالية وتوسيع الشمول، مع ما تثيره من مخاوف حول مركزية الرقابة.
ارتفاعاً كبيراً في الأنشطة الرقمية
وأشارت النشرة إلى أن زخم التبني العالمي للعملات الرقمية ازداد بوضوح، حيث سجل “مؤشر التبني العالمي” لشركة “تشين أناليسيس” ارتفاعاً كبيراً في الأنشطة الرقمية بين الربع الأخير من عام 2023 والربع الأول من عام 2024.
متجاوزاً مستويات عام 2021، وذلك نتيجة نمو الاستثمارات المؤسسية وزيادة استخدام الأفراد للعملات الرقمية، خاصة في الأسواق الناشئة، إلى جانب انتشار التمويل اللامركزي.
وفي هذا السياق، كشفت نتائج استطلاع عالمي أُدرج في النشرة تبايناً ملحوظاً في آراء الجمهور تجاه العملات الرقمية، حيث عبّر 58% من المشاركين عن اعتقادهم بأنهم سيستخدمون هذه العملات في معاملاتهم اليومية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتوقع 75% أن تصبح وسيلة الدفع الأساسية عالمياً مستقبلاً، بينما رأى 57% أنها ستُسهِم في تعزيز الشمول المالي. وأشار 54% إلى أنها ستؤثر بوضوح على أداء البنوك والمؤسسات المالية التقليدية. ومع ذلك، لا تزال الثقة محدودة.
حيث يرى 55% أن العملات التقليدية أكثر أماناً من الرقمية، في حين عبّر 69% عن دعمهم لتشريعات تنظيمية رسمية، ما يعكس استعداداً أكبر للتبني بمجرد توفر ضمانات قانونية وتشريعية واضحة.
وأوضحت النشرة أنه رغم تصدّر الولايات المتحدة للتدفقات العالمية في سوق العملات المشفّرة، أظهر استطلاع لمركز “بيو” في أكتوبر 2024 أن 63% من الأمريكيين لا يثقون كثيراً أو إطلاقاً بمنصات تداول العملات الرقمية.
وهو ما أكدته نتائج تقرير “تبني العملات المشفرة ورأي المستهلكين 2025″، الذي أشار إلى أن 59% من الأمريكيين الملمين بهذا المجال لا يثقون بأمان هذه العملات، مرجعين ذلك إلى مخاوف من تقلب الأسواق، وصعوبة الوصول إلى المحافظ الرقمية، وغياب الرقابة.
في المقابل، أظهرت دراسة لشركة “Strategy&” أن المستثمرين الأفراد في الولايات المتحدة وألمانيا وتركيا والسعودية والإمارات يميلون إلى رفع حصة الأصول الرقمية في محافظهم الاستثمارية.
حيث يرى نصفهم أن الدول الكبرى ستحتفظ باحتياطيات استراتيجية من البيتكوين بحلول عام 2030، مما يعكس توجهاً تصاعدياً نحو دمج الأصول الرقمية في المشهد المالي العالمي.
أما على مستوى السياسات التنظيمية، فقد رصدت النشرة اختلافاً كبيراً بين الدول، حيث تتسم اللوائح في الولايات المتحدة بتباين واضح بين السلطات الفيدرالية؛ ففي حين تعتبر هيئة الأوراق المالية العملات المشفّرة أوراقاً مالية، تُصنّفها هيئة تداول السلع كسلع، وتعدّها مصلحة الضرائب ممتلكات.
نهجاً أكثر صرامة
أما الصين، فقد اختارت نهجاً أكثر صرامة، وفرضت منذ يونيو 2025 حظراً شاملاً على تداول وتعدين وحيازة العملات المشفّرة الخاصة، في خطوة تهدف لحماية نظامها المالي.
وخلصت النشرة إلى أن مستقبل العملات الرقمية سيتشكل بناءً على مدى القدرة على تحقيق توازن دقيق بين التقدم التكنولوجي والتشريعات الواضحة والثقة المؤسسية.
وبينما تُعد العملات المشفّرة أدوات مالية مبتكرة تحمل إمكانات واعدة، فإن استدامتها تتطلب بيئة تنظيمية تضمن الحماية دون أن تخنق الابتكار.
اقرأ ايضا:
فضيحة تهز عالم العملات الرقمية
«كاسبرسكي» تكشف عن حملة احتيال إلكترونية تستهدف مستخدمي العملات الرقمية عبر نماذج «Google»