فينتك جيت:وكالات
في خطوة جريئة شهدها وادي السيليكون مؤخرًا، رفضت ميرا موراتي، المهندسة الأمريكية الألبانية والمديرة التقنية السابقة في OpenAI، عرضاً من مارك زوكربيرغ، المدير التنفيذي لـ “ميتا” ، يقارب قيمته مليار دولار أمريكي، إضافةً إلى محاولات لانتزاع أعضاء فريقها من خلال عروض مغرية وصلت إلى 1.5 مليار دولار لكل موظف. لكن الجميع قال بكل وضوح: لا.العرض، الذي كشفته مجلة Wired، تضمن حزم تعويضات خيالية لأعضاء فريقها، تراوحت بين 200 مليون ومليار دولار لكل منهم، بهدف ضمهم إلى مختبر الذكاء الاصطناعي الفائق الذي أطلقته “ميتا” ،لكن الرد جاء بالإجماع: “لا” وفقا لما ذكره موقع البيان.
السبب يعود لإيمان الفريق بقدرة شركتهم على تحقيق قيمة أكبر بكثير على المدى البعيد، وتمسكهم باستقلاليتهم ورؤية موراتي.
موراتي، التي اشتهرت بدورها في صياغة سياسات الأمان والتوافق داخل OpenAI، بنت سمعتها كأحد العقول الاستراتيجية في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مسؤولة، إذ كانت من أوائل من دمجوا المعايير الأخلاقية في مراحل تصميم المنتج.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس عام 2025، حذرت بوضوح: “الذكاء الاصطناعي بلا قيم، هو ذكاء بلا ضمير”، في دعوة لربط الابتكار التكنولوجي بالمسؤولية الإنسانية.
اليوم، لا تكتفي موراتي بقيادة شركتها الناشئة، بل تشارك أيضًا في صياغة السياسات الدولية للذكاء الاصطناعي كمستشارة للمفوضية الأوروبية.
هذا الجمع بين البصيرة التقنية والحضور في دوائر صنع القرار جعلها ضمن قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخصية تأثيرًا في الذكاء الاصطناعي لعام 2024، وقائمة فورتشن لأقوى النساء في مجال الأعمال لعام 2023.
من هي ميرا موراتي؟
ميرا موراتي هي مهندسة ومخترعة أمريكية من أصول ألبانية، وُلدت عام 1988 في مدينة فلوره بألبانيا، وانتقلت لاحقًا إلى كندا ومنها إلى الولايات المتحدة. درست الهندسة الميكانيكية في كلية دارتموث المرموقة، ثم بدأت مسيرتها في مجال التكنولوجيا والعمل على مشاريع متقدمة في شركات عالمية.
قبل أن تصبح وجهًا معروفًا في سباق الذكاء الاصطناعي، عملت في تسلا على تطوير سيارات Model X، ثم انتقلت إلى مجال الواقع الافتراضي والمعزز في شركة Leap Motion.
وفي عام 2018، انضمت إلى OpenAI، حيث شغلت منصب المديرة التقنية (CTO) لاحقًا. خلال فترة عملها هناك، لعبت دورًا محوريًا في إطلاق منتجات مؤثرة مثل ChatGPT وDALL·E، وساهمت في وضع معايير السلامة والأخلاقيات في تطوير النماذج الذكية.
في فبراير 2025، أسست موراتي شركتها الناشئة Thinking Machines Lab في سان فرانسيسكو، كشركة ذات منفعة عامة تركز على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي شفافة وقابلة للتخصيص ومفتوحة المصدر، مع التزام واضح بالقيم والمسؤولية المجتمعية.
اشتهرت عالميًا بعد أن رفضت عرضًا ضخمًا من مارك زوكربيرغ، المدير التنفيذي لـ”ميتا”، للاستحواذ على فريق شركتها مقابل ما يقارب مليار دولار، إضافة إلى عروض فردية لبعض أعضائه وصلت إلى 1.5 مليار دولار. هذا الرفض لم يكن ماليًا بقدر ما كان موقفًا مبدئيًا للحفاظ على استقلالية الشركة ورؤيتها طويلة المدى.
حصلت موراتي على تقدير عالمي، حيث أدرجتها مجلة تايم ضمن قائمة أكثر 100 شخصية تأثيرًا في الذكاء الاصطناعي لعام 2024، ومجلة فورتشن ضمن أقوى 100 امرأة في مجال الأعمال لعام 2023. وتُعرف بأسلوب قيادي يمزج بين الرؤية التقنية العميقة والبوصلة الأخلاقية الثابتة، مما جعلها تُلقّب بـ “سيدة الذكاء الاصطناعي”.
وكانت موراتي أطلقت Thinking Machines Lab في فبراير 2025 بصفتها شركة ذات منفعة عامة مقرها سان فرانسيسكو، وتستهدف بناء أنظمة ذكاء اصطناعي شفافة وقابلة للتخصيص ومفتوحة المصدر.
ونمت بسرعة مدهشة، حيث جمعت في جولتها الأولى ما يقدر بـ2 مليار دولار، ما وضع قيمتها التقديرية عند 12 مليار دولار، بتمويل من أسماء ضخمة مثل Andreessen Horowitz وNvidia وAMD وCisco وجان ستريت، بالإضافة إلى استثمار رمزي من الحكومة الألبانية لدعم قيادتها، وفقا لـ “وول ستريت جورنال”.
تعد هذه الجولة تمويلًا غير مسبوق في تاريخ شركات ناشئة، حيث نادرًا ما يتم جمع 2 مليار دولار في جولة أولى — وهو مظهر واضح من ثقة المستثمرين في الرؤية التي تقودها موراتي. ورغم أن الشركة لم تُعلن عن منتجها الأول بعد، إلا أن موراتي وعدت بأنه سيكون متاحًا خلال أشهر، ويُفصح عن جزء مفتوح المصدر مفيد للباحثين والشركات الناشئة، إلى جانب نشر أبحاث لتحفيز فهم أوسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
هجوم زوكربيرغ
وحسب تقرير “Wired”، هاجم زوكربيرغ فريق Thinking Machines بعروض تتراوح بين 200 مليون و1.5 مليار دولار، إلى أن توصل إلى العرض الأكبر لأحد المؤسسين المشاركين، ولكن تم رفض جميع العروض — بلا استثناء. قالت موراتي: “حتى الآن، لم يقبل أي شخص من Thinking Machines Lab العرض”.
ذلك الرد يُظهر أن الفريق يثمّن استقلاليته ورؤية موراتي أكثر من المكاسب اللحظية، رغم ضخامة الأرقام المطروحة.
وسبق أن تولّت موراتي قيادة تطوير منتجات بارزة في OpenAI مثل ChatGPT وDALL·E وCodex، وساعدت في توجيه النهج نحو سلامة الذكاء الاصطناعي وانتشاره المسؤول. كانت صوتًا داعمًا لتنظيم القطاع، وألقت كلمة بارزة في دافوس 2025 تحت عنوان: “الذكاء الاصطناعي بلا قيم هو ذكاء بلا ضمير”.
وبتصميم لطيف بعيد عن الأضواء، اختارت مسارًا هادئًا يركز على العمل التأثيري بعيدًا عن الضجة الإعلامية.
بفضل قيادتها لشركة منافسة لـOpenAI، أصبحت موراتي إحدى أبرز النساء في مجال الذكاء الاصطناعي، لتشكل نموذجًا لتمكين القيادات المتنوعة في هذا القطاع المتسارع. تمثل شركتها التوازن بين الابتكار والشفافية والمسؤولية الاجتماعية.
رفض مليار دولار من ” ميتا” لم يكن فقط تصرفًا ماليًا، بل خطوة فلسفية تُعلن عن تحول في ثقافة غابات التكنولوجيا. حيث تُعلي الروح الجماعية والقيم والمستقبلية على المال. إن موراتي وفريقها باتوا رمزًا للابتكار المستقل، بإيمان أن مستقبل الذكاء الاصطناعي يُصاغ خارج هيمنة الشركات الكبرى، ومبني على الشفافية والتعاون المسؤولة.
اقرا ايضا:
«مارك زوكربيرغ »: «شركة ميتا» ستعتمد بشكل مكثف على الذكاء الاصطناعي في كتابة الأكواد البرمجية
«مارك زوكربيرج» : الذكاء الاصطناعي لـ«ميتا» ليس للجميع
«زوكربيرغ» يدفع 14 مليار دولار مقابل خدمات خبير ذكاء اصطناعي عشريني