فينتك جيت: عيسى جاد الكريم
في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية وتصاعد التوترات الجيوسياسية، يشهد الذهب عودة قوية كملاذ آمن للمستثمرين والمواطنين على حد سواء. لقد ارتفع سعر الذهب في مصر بشكل ملحوظ، حيث قفز سعر جرام الذهب عيار 21 من حوالي 1035 جنيهاً في مايو 2022 إلى ما يقرب من 4685 جنيهاً في أغسطس 2025 هذه القفزة التاريخية، مقترنة بتراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، تجعل من إنشاء بنك للذهب في مصر ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وحماية مدخرات المواطنين.
الرؤية الشاملة لبنك الذهب المصري
ولذلك فالتفكير بضرورة انشاء بنك الذهب المصري لم تعد رفاهية واري من وجهة نظري انها واجبة وضرورية ويجب ان يتبناها البنك المركزي المصري لانه هو القادر علي جعل المشروع من مجرد فكرة لواقع ملموس، ولدي البنك كوادر فنية وخبرات اقتصادية يمكن ان تناقش المقترح وتقرر فوائده الاقتصادية لمصر من عدمه.
لإن انشاء كيان مالي متخصص يدير الثروة الذهبية للمصريين في الداخل والخارج كبنك الذهب، ويوفر منتجات واستثمارات قائمة على الذهب، ويعمل كأداة لدعم قيمة الجنيه المصري مهم جدا في هذا الوقت .
واقترح ان يتم إنشاء هذا البنك من خلال تحالف البنوك الحكومية الرئيسية مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك الزراعي، وبمساهمة من البنك المركزي المصري الضامن للبنك والذي لديه القدرة علي حفظ ذهب المصريين ومدخراتهم .
انشاء بنك الذهب سوف يساهم في تعظيم الاستفادة من الثروة الذهبية للمصريين في الداخل والخارج
- توفير أدوات استثمارية آمنة قائمة على الذهب للمواطنين.
- دعم قيمة الجنيه المصري من خلال تغطيته باحتياطيات ذهبية.
- تنظيم سوق الذهب وتحقيق الشفافية في المعاملات من خلال الإعلان عن سعر الذهب من خلال البنك المركزي والبنوك.
كما ان بنك الذهب سيعمل علي مواجهة تحدي العملات الرقمية من خلال بديل مادي مضمون ملموس وواقعي، في ظل منصات تداول يمكن ان ينشاءها البنك المركزي تجتذب ملايين المصريين الذين يستثمرون في منصات التداول في الذهب والعملات الرقمية الأخرى علي الأنترنت كبداية وبعد ذلك جذب العرب والأجانب بما يوفر مزيد من الاستثمارات السريعة في القطاع المصرفي.
الآليات التشغيلية لبنك الذهب المصري
والمنتجات والخدمات التي مفترض ان يقدمها بنك الذهب المصري يجب ان تكون مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات مشابهة لتلك الموجودة في البنوك الأخرى ولكن مع تركيز على الذهب، مثل شهادات إيداع الذهب وهي شهادات تثبت ملكية كمية محددة من الذهب للأفراد و توفر استثمار آمن بدون مخاطر التخزين
كما ان حسابات الذهب التي سيتم فتحها للمواطنين حسابات تتيح شراء وبيع الذهب إلكترونياً من خلال البنك و مراقبة قيمة الذهب حسب تقلبات الأسعار العالمية.
كما ان اصحاب حسابات الذهب ومن يملكون ذهب سيودعونه في بنك الذهب سيتاخ لهم قروض نقدية بضمان الذهب و بضمان ما يملكه الشئ الذي سيعزز قيمة الجنيه والعملة المصرية لأن لها بالفعل رصيد من الذهب في خزائن البنك الشئ الذي يحد من التضخم النقدي.
ويوظف الثروة الذهبية الكامنة المخزنة لدى المواطنين بعيد عن الجهاز المصرفي لتكون داعم حقيقي للاقتصاد الوطني مع امكانية ان يستعيد المواطنين حجم ذهبهم في اي وقت مع هامش خدمة للبنوك او بيع الذهب بقيمته الحالية وسعره المعلن في وقتها .
كما ان خدمات تخزين الذهب وتخزين السبائك والمجوهرات في خزائن آمنة يحمي الممتلكات والمقتنيات الذهبية من السرقة أو الضياع.
كما ان ذلك سيتيح للبنك او البنوك المساهمة فيه بالمشاركة في صناديق استثمار الذهب أو في شركات التنقيب عن الذهب والمعادن والبترول بما يعزر تنويع خيارات الاستثمار للمستثمرين في ظل وجود غطاء ذهبي في ظل وجود اكثر من ٥ ترليون جنيه سيولة تقدية لدي المواطنين في البنوك تحتاج لاستثمار حقيقي ضخم يحقق عوائد كبيره خاصة في مجال التنقيب عن المعادن والذهب زي العوائد الكبيرة.
المصريون في الخارج سيكون لهم دور كبير ايضا مع المصريين في الداخل في ضخ ثروة ذهبية كبيرة في بنك الذهب يمكن توظيفها لخدمة الاقتصاد الوطني.
ومن المفترض ان يسمح بنك الذهب المصري للمصريين في الخارج بإيداع ما يملكونه من ذهب في فروع البنك أو عبر شركائه الدوليين، مقابل الحصول على شهادات إيداع ذهب أو قروض لتمويل مشاريع استثمارية في مصر.
مع ضرورة عمل تعديلات تشريعية تسمح بجلب الذهب من الخارج وإثباته على جوازات السفر عمل تسهيلات جمركية معقولة تحقق دخلاً للجمارك المصرية دون إثقال كاهل القادمين عمل فروع دولية للبنك في الدول التي يتواجد فيها مصريون بكثافة الشئ الذي يسمح لهم ايداع ما يملكون من ذهب في الخارج به.
ثروة تعدينية هائلة
كما ان مصر تمتلك ثروة تعدينية هائلة حيث يوجد بها 270 موقعاً منجمياً لإنتاج الذهب، أكبرها منجم السكري الذي أنتج حوالي 150 طنًا منذ عام 2009 يمكن لبنك الذهب المصري تمويل عمليات الاستكشاف والتنقيب عن الذهب عبر قروض ميسرة، وسن قوانين بما يسمح بالدهابه الذين يعملون في مناجم صغيرة او عبر تصاريح تنقيب عن الذهب ببيع ذهبهم بشكل قانوني لبنك الذهب مع دعم المشاريع الصغيرة في مجال صناعة الذهب والمجوهرات.
وتطوير صناعة التعدين من خلال توفير التمويل اللازم للشركات الوطنية المتوسطة الكبري بما يعزز انشاء مصافي للذهب وشركات لصناعة الذهب بما ينعكس علي تطوير هذه الصناعة ويجذب لها السائحين داخل مصر كما ان هذا البنك يمكن ان يستقطب الاشقاء السودانيين من مالكي الذين يأتون لمصر من بييع ما يملكونه من ذهب بشكل شزعي بعيد عن السوق الموازي غير الرسمية .
وبختصار يمكن ان نقول الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لبنك الذهب المصري هي تعزيز الاستقرار المالي والنقدي ودعم قيمة الجنيه المصري من خلال ربط جزء من عرض النقود باحتياطيات الذهب ،امتصاص الصدمات الاقتصادية التي قد تحدث لاي سبب كان حيث سيعمل الذهب كاحتياطي استراتيجي يحمي الاقتصاد في أوقات الأزمات
سيساهم في مكافحة التضخم
كما بنك الذهب سيساهم في مكافحة التضخم لأن الذهب المودع سيحافظ على قيمته الشرائية على المدى الطويل مع تنمية المدخرات المحلية وتشجيع الاستثمار من الخارج في ظل تفير أدوات ادخارية آمنة للمواطنين تحميهم من تقلبات العملات والتضخم والعمل علي تحويل المدخرات إلى استثمارات من خلال تمويل المشاريع المنتجة بضمان الذهب وجذب المدخرات الأجنبية من المصريين في الخارج والمستثمرين الأجانب معاَ.
كما سيعمل علي تنظيم سوق الذهب وزيادة الشفافية من خلال آليات قوية للمراقبة والتسعير، ووضع معايير واضحة للذهب وجودته ومكافحة الغش والتلاعب في أسعار الذهب وعياراتها مع توفير بيانات دقيقة عن سوق الذهب للمستثمرين والمستهلكين مع تطوير كبير في تقنيات الفحص والتقييم.
كما ان الحديث عن انشاء بنك الذهب المصري سيقودنا لتوضيح دوره المهم في مواجهة العملات الرقمية، ففي عصر التطور التكنولوجي المتسارع، ظهرت العملات الرقمية كمنافس قوي للعملات التقليدية، لكنها تحمل مخاطر كبيرة مثل التقلب الحاد وانعدام الرقابة في كثير من الأحيان هنا يأتي دور بنك الذهب المصري في كبديل آمن ومضمون
للأن الذهب له قيمة جوهرية بينما تعتمد العملات الرقمية على الثقة فقط الذهب أقل تقلباً من العملات الرقمية بشكل عام،المعاملات الذهبية تخضع لأطر قانونية واضحة، كما ان استخدام التكنولوجيا لتعزيز خدمات البنك مستقبلا بانشاء منصة رقمية لتداول الذهب إلكترونياً وبعد ذلك أصدار عملة رقمية مدعومة بالذهب (Digital Gold Currency) مع تطوير تطبيقات الموبايل لتتبع أسعار الذهب وإدارة المحافظ الذهبية.
تحالف البنوك الحكومية الرئيسية
وفي النهاية اقترح أن يتم إنشاء بنك الذهب المصري من خلال تحالف البنوك الحكومية الرئيسية البنك الأهلي المصري أكبر البنوك المصرية وأكثرها انتشاراً، بنك مصر ثاني أكبر البنوك المصرية وخبرته الطويلة في الصناعة المصرفية، بنك القاهرة أحد البنوك الرائدة في السوق المصري،البنك الزراعي المصري والذي تنتشر فروعه في المناطق الريفية والزراعية
بنك الذهب المصري يمكن دراسة جدوي انشاءه وتأسيسه وتجهيز مقر له مه وضع القوانين التشريعية والمؤسسية واللوائح له حتي افتتاحه خلال سنة من الآن، مع ضرورة اصدار قانون خاص بإنشاء بنك الذهب المصري وتنظيم عملياته ،تعديل القوانين الجمركية لتسهيل دخول وخروج الذهب،تطوير مصلحة الدمغة والموازين لتكون قادرة على فحص ودمغ الذهب القادم من الخارج وتدريب الكوادر.
وتوفيرها بقدر كافي مع ضرورة عمل حوار وطني حول أهمية إنشاء بنك الذهب المصري بمشاركة جميع الأطراف المعنية المصرفيين ومجتمع الأعمال والمستثمرين وتجار وصناع الذهب واصحاب المناجم، مع تشكيل لجنة خبراء من البنك المركزي والبنوك الحكومية ووزارة المالية لدراسة المقترح مع اجراء دراسة جدوى مفصلة تتضمن الجوانب الفنية والقانونية والمالية للمشروع، مع اطلاق حملة توعية للمصريين في الداخل والخارج عن فوائد البنك وأهدافه.
وفي الختام فإن إنشاء بنك الذهب المصري من وجهة نظري يمثل فرصة تاريخية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وحماية مدخرات المواطنين وتوظيف الثروة الذهبية للمصريين في الداخل والخارج لخدمة الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتزايدة وتصاعد المنافسة بين العملات التقليدية والرقمية.
وفي ظل وجود تحالف بين البنوك الحكومية الرئيسية لإنشاء هذا الصرح الاقتصادي الكبير سيكون رسالة ثقة قوية للمواطنين والمستثمرين على حد سواء، بأن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي، واستغلال كافة مواردها وطاقاتها لتحقيق الازدهار المنشود للشعب المصري.
اقرأ ايضا:
«البنك المركزي المصري»: أرصدة الذهب بالاحتياطي الأجنبي ترتفع لـ13.7 مليار دولار بنهاية مايو 2025
أرصدة الذهب بـ «البنك المركزي المصري» ترتفع إلى 599.6 مليار جنيه بنهاية فبراير 2025
ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي المصري إلى 498.24 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2024