«إيتيدا» : ارتفاع صادرات التعهيد المصرية بنسبة 80% لتسجل 4.3 مليار دولار خلال 3 سنوات

مصر تتحول من مقدم للخدمات إلى منصة عالمية لصناعة تكنولوجيا المستقبل

فينتك جيت:ريهام علي ومصطفى عيد

صرح الدكتور أحمد عبد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، أن مصر حققت قفزة تاريخية في صادرات خدمات التعهيد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث ارتفعت بنسبة 80% لتصل إلى 4.3 مليار دولار، وهو ما يؤكد على مكانة مصر المتنامية كإحدى الوجهات العالمية الأكثر جذبًا للشركات متعددة الجنسيات في صناعة تكنولوجيا المعلومات وخدمات الأعمال.

جاء هذا الإعلان خلال فعاليات النسخة الثامنة من مؤتمر DevOpsDays Cairo 2025، الذي ينظمه مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات (SECC) – الذراع الفنية والمعرفية للهيئة – والمقام تحت رعاية معالي الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبمشاركة واسعة من الجامعات والشركات العالمية والمحلية.

استثمار في رأس المال البشري يقود الطفرة

وأوضح عبد الظاهر في الكلمة التى ألقاها نيابة عنه الدكتور هيثم حمزة، القائم بأعمال رئيس مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات (SECC)، بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا أن هذه الطفرة غير المسبوقة جاءت نتيجة استثمار الدولة المصرية في رأس المال البشري وربط مخرجات التعليم بسوق العمل العالمي، وهو ما جعل مصر واحدة من أهم المراكز العالمية في هذه الصناعة الاستراتيجية.

وأضاف أن فرص العمل المباشرة المرتبطة بقطاع التعهيد قفزت بنسبة 70% خلال السنوات الثلاث الماضية، لتتجاوز 160 ألف وظيفة جديدة، بما يعكس قدرة السوق المصري على استيعاب المزيد من الكفاءات الشابة، واستعداده الدائم لتلبية متطلبات الشركات العالمية الكبرى.

ثقة الشركات العالمية في السوق المصري

وأشار الرئيس التنفيذي لإيتيدا إلى أن عدد الشركات العالمية التي اختارت مصر لتكون مركزًا إقليميًا لتقديم خدماتها المصدّرة قد تضاعف خلال الفترة ذاتها، حيث ارتفع من 64 شركة إلى أكثر من 180 شركة عالمية. واعتبر أن هذا النمو الكبير يمثل تصويتًا واضحًا بالثقة على قوة مصر التنافسية، واستقرار بيئتها الاستثمارية، وتفوقها في تقديم الخدمات الرقمية عالية الجودة.

الشباب المصري.. حجر الأساس في التنافسية

وأكد عبد الظاهر أن الميزة التنافسية الحقيقية لمصر تكمن في شبابها، حيث يدخل إلى سوق العمل سنويًا أكثر من 760 ألف خريج جامعي، يشكّل 30% منهم من تخصصات علمية وهندسية.

ولفت إلى أن استثمار الدولة في هذه الطاقات لم يكن مجرد استثمار عددي، بل كان استثمارًا نوعيًا في الجودة والتأهيل وربط المهارات بمتطلبات الاقتصاد العالمي، مما مكّن مصر من تقديم نفسها للعالم ليس فقط كمركز خدمات، وإنما كحاضنة للطاقات البشرية والإبداعية التي تقود التحول الرقمي العالمي.

طموح يتجاوز تقديم الخدمات

وأوضح عبد الظاهر أن طموح مصر يتجاوز حدود تقديم الخدمات الرقمية المتميزة، ليتجه نحو ترسيخ مكانتها كمنصة عالمية للحوار والتعاون التكنولوجي، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى وضع مصر على خريطة صناعة المستقبل عالميًا.

DevOpsDays Cairo .. من حدث تقني إلى منصة استراتيجية

وأكد عبد الظاهر أن مؤتمر DevOpsDays Cairo لم يعد مجرد حدث تقني تقليدي، بل أصبح ترجمة حية لاستراتيجية طموحة تتبناها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع إيتيدا، وتهدف إلى تعزيز نمو القطاع، وتأهيل الكوادر البشرية، والمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل صناعة البرمجيات.

وأشار إلى أن وراء نجاح هذه الرؤية يقف مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات (SECC)، الذي تأسس عام 2001 ليكون بيت الخبرة والدراع الفنية والمعرفية في مجال تطوير البرمجيات، ولا يزال منذ أكثر من عقدين يلعب دورًا محوريًا في دعم الصناعة المصرية.

SECC .. برامج تدريب واستشارات متخصصة

وأوضح عبد الظاهر أن المركز ساهم خلال العقدين الماضيين في بناء قدرات الشركات المصرية عبر:

برامج تدريب متخصصة تستهدف تأهيل الكوادر على أحدث التقنيات.

استشارات فنية متقدمة تدعم الشركات في تحسين جودة منتجاتها وخدماتها.

عمل ميداني مباشر مع الشركات لمساعدتها على تبني أحدث أساليب هندسة البرمجيات وتطبيق أفضل الممارسات.

وأضاف أن المركز أطلق مؤخرًا مسارات تدريب متطورة في مجالات حيوية، تشمل ، اختبارات البرمجيات، الذكاء الاصطناعي التوليدي وممارسات DevOps فضلا عن المنهجيات المرنة Agile.

وأوضح أن هذه البرامج تهدف إلى ضمان جاهزية المهندسين المصريين لمتطلبات المستقبل، وتعزيز قدرتهم على المنافسة في السوق العالمية، بما يجعل الكوادر المصرية عنصر جذب للشركات الدولية.

أرقام متنامية تثبت النجاح

ولفت عبد الظاهر إلى أن مؤتمر DevOpsDays Cairo أصبح خلال ثمانية أعوام فقط علامة بارزة على أجندة مجتمع المعلومات في مصر والمنطقة.

ففي نسخة عام 2023: شارك أكثر من 220 مشاركًا و9 متحدثين.

وفي نسخة عام 2024: تضاعفت الأعداد لتصل إلى 600 مشارك و34 متحدثًا.

أما في نسخة عام 2025: فيستضيف المؤتمر 55 متحدثًا، في دلالة واضحة على اتساع نطاق تأثيره وإقبال المجتمع التقني على المعرفة.

DevOps .. ثقافة عمل متكاملة

وشدد عبد الظاهر على أن DevOps ليس مجرد أدوات تقنية، وإنما هو ثقافة عمل متكاملة تعزز من سرعة تسليم الحلول البرمجية و رفع مستوى الثقة في جودة البرمجيات فضلا عن زيادة قابلية التوسع والتطوير.

وأوضح أن هذه الثقافة انعكست بشكل مباشر على الصناعة المحلية، حيث ساعدت الشركات الناشئة على إطلاق منتجاتها بسرعة أكبر، ودعمت الشركات الصغيرة والمتوسطة في رفع كفاءتها وتقليل تكاليفها، كما منحت المؤسسات الكبرى المرونة الكافية لمواكبة التغيرات العالمية.

سوق أكثر تنافسية واعتمادات دولية

وأكد عبد الظاهر أن هذه الجهود تسهم في صنع سوق أكثر تنافسية في مصر، قادر على تلبية احتياجات العملاء المحليين والدوليين بكفاءة عالية، وفي الوقت ذاته تمنح الكوادر الهندسية المصرية فرصة لتطبيق المعايير العالمية داخل بيئة عمل وطنية.

كما أشار إلى أن المركز يلعب دورًا محوريًا في مساعدة الشركات المصرية على الحصول على شهادات اعتماد دولية، موضحًا أن العام الماضي شهد اعتماد المزيد من خبراء المركز دوليًا، وهو ما يعزز ثقة الأسواق العالمية في الصناعة المصرية.

مصر منصة للتكنولوجيا وصناعة المستقبل

واستعرض عبد الظاهر جانبًا آخر من النجاحات، حيث أشار إلى أن القاهرة استضافت العام الماضي قمة التحالف العالمي لأشباه المواصلات (GSA) لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بمشاركة قيادات أكثر من 100 شركة عالمية ومحلية متخصصة في مجالات أشباه المواصلات وتصميم وتصنيع الإلكترونيات، وذلك عقب القمة الأولى التي استضافتها مصر في يناير 2023.

وأكد أن هذه الفعاليات العالمية تعكس أن مصر لم تعد مجرد مقدم للخدمات، بل أصبحت مركزًا عالميًا تلتقي فيه العقول لتبادل الخبرات وصياغة مستقبل الصناعة.

استراتيجية إيتيدا .. ثلاثة محاور رئيسية

واختتم عبد الظاهر كلمته بالتأكيد على أن استراتيجية إيتيدا تقوم على ثلاثة محاور أساسية:

1. الاستثمار المستدام في رأس المال البشري عبر التدريب وصقل المهارات الرقمية.

2. تطوير البنية التحتية التكنولوجية لتمكين الشركات المحلية والعالمية من التوسع والنمو.

3. تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتبادل الخبرات وجذب المزيد من الاستثمارات.

وقال إن هذه المحاور تجعل من مصر ليس فقط مركزًا عالميًا للتعهيد، بل منصة لصناعة تكنولوجيا المستقبل، ومكانًا يلتقي فيه المبدعون والخبراء لإعادة صياغة مشهد الاقتصاد الرقمي العالمي.