خبيرة في «Google Cloud» : «الذكاء الاصطناعي الوكيلي» يغير قواعد تطوير البرمجيات

فينتك جيت:مصطفى عيد وريهام علي

شددت رانيا محمد، مهندسة حلول العملاء في Google Cloud – DORA بهولندا، على أن الذكاء الاصطناعي الوكيلي (Agentic AI) أصبح قوة محركة تعيد صياغة قواعد دورة حياة تطوير وتسليم البرمجيات (SDLC)، من جمع المتطلبات الأولى وحتى الإطلاق النهائي للمنتجات.

جاء ذلك خلال كلمتها ضمن فعاليات النسخة الثامنة من مؤتمر DevOpsDays Cairo 2025، الذي يُعقد تحت رعاية معالي الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتنظمه هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) .

دورة حياة تطوير البرمجيات: من الأكواد إلى المنظومات المتكاملة

أوضحت رانيا أن تطوير البرمجيات لم يعد مجرد كتابة أكواد برمجية كما كان يُنظر إليه تقليديًا، بل أصبح منظومة متكاملة تضم مراحل مترابطة تبدأ بـ جمع المتطلبات وفهم احتياجات العميل أو السوق، مرورًا بعمليات التصميم والتطوير والاختبار وضمان الجودة، وصولًا إلى النشر والإطلاق.

وأشارت إلى أن التحديات الكبرى لم تعد مرتبطة فقط بالجانب التقني، وإنما تشمل ،التعاون بين فرق متعددة التخصصات (مطورون، مختصو اختبار، مهندسو أمن، مدراء منتجات) وإدارة التعقيدات الناتجة عن الأنظمة الموزعة والخدمات المصغرة (Microservices)، التي توفر المرونة لكنها تزيد مستوى التعقيد فضلا عن التكامل بين الأنظمة القديمة (Legacy Systems) والأنظمة الحديثة، وهو تحدٍ تواجهه معظم المؤسسات الكبرى عالميًا.

التحديات غير الوظيفية في قلب الاهتمام

شددت رانيا على أن المتطلبات غير الوظيفية (Non-Functional Requirements)، مثل الأمان، الامتثال للمعايير، سهولة التوسع، والمرونة، أصبحت اليوم الركيزة الأساسية لضمان استدامة الأنظمة.

لكنها حذرت من أن المؤسسات غالبًا ما تركز على الوظائف الأساسية (Functional Features) على حساب هذه المتطلبات، وهو ما يجعل الأنظمة عرضة لمشكلات مستقبلية تتعلق بالأمان أو القابلية للتوسع.

وأضافت أن تعدد اللغات البرمجية يمثل تحديًا آخر، إذ يمنح فرق التطوير حرية ومرونة، لكنه في المقابل يعقّد جهود التوافق والانسجام بين الفرق المختلفة ويؤثر على سرعة تسليم المشاريع.

إدارة المشاريع والتكلفة.. معركة يومية للمؤسسات

تطرقت رانيا أيضا إلى الصعوبات التي تواجه مديري المنتجات (Product Managers)، وأبرزها:

إدارة التكاليف والميزانيات في ظل بيئات تكنولوجية سريعة التغير.

منع انحراف نطاق المشاريع (Scope Creep) الذي يؤدي إلى تأخير التسليم وزيادة التكلفة.

الحفاظ على فعالية الأتمتة وتجديدها المستمر لتجنب المهام التكرارية التي تُرهق المهندسين وتقتل الابتكار.

وقالت المهام التكرارية لا يحبها أي مهندس، ولا حتى أي إنسان بطبيعته، ولهذا فإن الحفاظ على أتمتة فعالة وقابلة للتحديث أصبح من أهم أولويات المؤسسات.”

التصميم مع افتراض الفشل.. فلسفة جديدة للمرونة

شددت رانيا على أن البساطة والسرعة والأتمتة المستمرة أصبحت اليوم متطلبات رئيسية، مؤكدة أن المؤسسات بحاجة إلى الاستباقية بدلًا من رد الفعل، وأن عليها اعتماد فلسفة “التصميم مع افتراض الفشل” (Design for Failure).

وأوضحت أن هذا المنهج يعني بناء الأنظمة على افتراض أن الأعطال أمر وارد، وبالتالي تجهيز البنية التحتية للتعامل مع المشكلات تلقائيًا دون توقف العمل، وهو ما يمنح المؤسسات مرونة وقدرة أكبر على التكيف مع المتغيرات.

وأضافت: “التسريع لم يعد مقتصرًا على كتابة الأكواد أو إصلاح الأخطاء، بل أصبح يشمل الاختبارات، التصميم، التوثيق، والتحليل، فكل هذه العناصر أصبحت مترابطة في دورة متكاملة يقودها الذكاء الاصطناعي.”

الذكاء الاصطناعي في أرقام: جوجل نموذجًا

وكشفت رانيا أن الذكاء الاصطناعي أصبح لاعبًا أساسيًا في صناعة البرمجيات، مشيرة إلى إعلان سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لـ Google، أن:

25% من الأكواد المسلّمة عام 2023 كانت مقترحة من أدوات الذكاء الاصطناعي.

ارتفعت النسبة إلى 30% في الربع الأول من 2024.

وأكدت أن هذه الأرقام تعكس النمو المتسارع لاعتماد المؤسسات على أدوات الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في البرمجة بل في جميع مراحل تطوير البرمجيات.

LLM وNLP .. قلب الثورة التقنية

انتقلت رانيا في حديثها إلى النماذج اللغوية الضخمة (LLM) ومعالجتها للغة الطبيعية (NLP)، موضحة أن هذه النماذج أصبحت تمثل الركيزة الأساسية للتفاعل البشري مع الآلة.

LLM .. من التدريب الضخم إلى التخصيص

تدريب LLM من البداية عملية ضخمة تتطلب موارد هائلة.

لذلك أصبح التوجه نحو تخصيص النماذج الجاهزة (Fine-tuning) باستخدام بيانات المؤسسات.

هذا النهج يتيح لمؤسسات الأعمال والحكومات الاستفادة من قوة هذه النماذج مع دمج بياناتها الخاصة لإنتاج إجابات أكثر دقة وملاءمة.

التكامل بين LLM وNLP

لم يعد الهدف مجرد فهم النصوص، بل أصبح التركيز على:

تحليل السياق الكامل للسؤال أو المشكلة.

إدراك المجال والقطاع المرتبط.

الوصول إلى قرارات عملية وتوصيات دقيقة يمكن ترجمتها إلى أفعال.

تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي في المؤسسات

أعطت رانيا أمثلة على تطبيقات عملية توضح أثر الذكاء الاصطناعي الوكيلي:

بطاقات اتصال افتراضية لخدمة العملاء قادرة على التفاعل الذكي.

مساعدات تقنية تقدم حلولًا للمشكلات المعقدة في وقت قصير.

أنظمة دعم القرار للمؤسسات والحكومات، تساعد على صياغة السياسات واتخاذ القرارات المبنية على البيانات.

وأكدت أن هذه التطبيقات لا تعتمد فقط على معالجة النصوص، بل على فهم بيئة العمل وتقديم توصيات عملية قابلة للتنفيذ.

البُعد الحكومي والمؤسسي: من التقنية إلى الحوكمة

أوضحت رانيا أن التحديات لم تعد تقنية فقط، بل تشمل أيضًا حوكمة البيانات والتصميم المؤسسي. فالحكومات والمؤسسات الكبرى تسعى إلى:

تنظيم استخدام النماذج الذكية.

ضمان حماية البيانات الحساسة.

التحكم في كيفية دمج النماذج داخل عملياتها الداخلية.

وأضافت أن هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل تحول إلى نظام متكامل لإدارة القرار ودعم التصميم المؤسسي.

وأكدت على أن Agentic AI مع LLM وNLP يشكلان معًا البنية الأساسية لعصر جديد من تطوير البرمجيات. وأكدت أن المؤسسات التي تستثمر في هذه الأدوات ستكون أكثر قدرة على الابتكار بسرعة و التكيف مع التغيرات المستمرة فضلا عن ضمان مرونة وموثوقية أنظمتها.

وشددت على أن مصر والمنطقة العربية أمام فرصة ذهبية لاستغلال هذا التحول، خاصة مع التوسع الكبير في البنية التحتية الرقمية والاعتماد المتزايد على الأتمتة.