بعد زيادة انتشارها عالميا..أمريكا تحذر من سهولة اختراق نماذج «الذكاء الاصطناعي» الصينية

فينتك جيت:وكالات

دخل سباق الهيمنة على تقنيات الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين مرحلة أكثر سخونة وتوترًا، بعدما كشف تقرير حكومي أميركي جديد عن مخاطر وصفها بـ”الجسيمة” مرتبطة بالنماذج الصينية، وعلى رأسها نماذج “ديب سيك” (DeepSeek)، مؤكدًا أنها تمثل تهديدًا مباشرًا للمستهلكين والمطورين والأمن القومي الأميركي.

تقرير NIST ووزارة التجارة: تفوق أميركي مقابل فجوات صينية
أصدر مركز معايير الذكاء الاصطناعي والابتكار (CAISI) التابع للمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) ووزارة التجارة الأميركية تقريرًا مطولًا، جاء فيه أن النماذج الصينية، رغم انتشارها الواسع عالميًا، تظل متأخرة عن نظيراتها الأميركية من حيث الأداء والكفاءة والأمان وتكلفة التشغيل.

وأشار التقرير إلى أن هذه النماذج “أكثر عرضة للاختراق من قبل جهات خبيثة”، ويمكن استغلالها في أنشطة غير مشروعة مثل القرصنة الإلكترونية والجرائم السيبرانية، وهو ما يضعها في خانة “التهديدات الأمنية” التي تستوجب الحذر.

البعد السياسي: توافق مع الخطاب الرسمي لبكين

كشف التقرير أن الرقابة الحكومية الصينية مُدمجة بشكل مباشر داخل بعض النماذج المطورة في بكين. وأظهرت الاختبارات، التي أجريت وفق معايير جديدة بالتعاون مع وزارة الخارجية الأميركية، أن النماذج الصينية أظهرت توافقًا أكبر مع الروايات الرسمية للحزب الشيوعي الصيني مقارنة بالنماذج الأميركية.

وكان نموذج R1-0528 من “ديب سيك” هو الأكثر توافقًا بنسبة 25.7% عند طرح الأسئلة باللغة الصينية، ما اعتبره معدو التقرير دليلاً على “تسييس الذكاء الاصطناعي” في الصين.

خطة ترامب: تقييم الذكاء الاصطناعي الصيني

يأتي هذا التقرير استجابة مباشرة لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أعلنها في يوليو الماضي، والتي دعت إلى تقييم شامل لقدرات النماذج الصينية وقياس مدى ارتباطها بالخطاب الرسمي لبكين.
ويعكس ذلك توجّهًا سياسيًا واضحًا في الإدارة الأميركية الحالية لربط الذكاء الاصطناعي الصيني بمخاطر أمنية واستراتيجية تتطلب مواجهة مدروسة.

سباق عالمي على التبني والتنزيلات

رغم الانتقادات الأميركية، فإن النماذج الصينية واصلت تسجيل زخم عالمي غير مسبوق:

ارتفعت تنزيلات نماذج DeepSeek على منصة Hugging Face بنسبة تقارب 1000% منذ يناير الماضي.

ارتفعت تنزيلات سلسلة “كوين” (Qwen) المطورة من قبل علي بابا كلاود بنسبة 135% خلال الفترة نفسها.

وباتت علي بابا كلاود تقترب من مزاحمة شركة ميتا (Meta Platforms) – مطورة نماذج “لاما” (LLaMA) – لتصبح ثاني أكبر مطور عالميًا بعد OpenAI.

كما تجاوز عدد النماذج المشتقة من “كوين” تلك التي تقدمها جوجل وميتا ومايكروسوفت وOpenAI مجتمعة، ما يعكس القوة المتنامية للنماذج الصينية المفتوحة المصدر.

الأداء والتكلفة: مزايا وعيوب

أظهر التقرير أن تكلفة تشغيل GPT-5-mini من OpenAI أقل بنسبة 35% مقارنة بتشغيل نموذج V3.1 من DeepSeek لتحقيق الأداء ذاته، استنادًا إلى أسعار واجهات برمجة التطبيقات (API).

لكن، وعلى الجانب الآخر، تجاهل التقرير ميزة جوهرية لصالح النماذج الصينية، إذ تسمح DeepSeek للمستخدمين بتشغيل النماذج مفتوحة الوزن محليًا دون رسوم إضافية، بينما يظل مستخدمو النماذج الأميركية ملزمين بدفع رسوم عبر واجهات API مغلقة.

ولمواجهة هذا التحدي، أطلقت DeepSeek إصدارات محدثة خفضت أسعارها الرسمية بأكثر من 50% مع الحفاظ على مستويات أداء متقاربة، بحسب تقارير مستقلة من شركة Artificial Analysis.

رسائل أمنية وسياسية من واشنطن

كتب وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك على منصة “إكس” أن التقرير “يثبت تأخر DeepSeek في مجالات رئيسية، خصوصًا هندسة البرمجيات والأمن السيبراني”، مؤكدًا أن هذه النتائج “تكشف خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي الأجنبي”.

ويؤكد ذلك أن الصراع لم يعد تقنيًا فقط، بل بات أيضًا جزءًا من الاستراتيجية الأمنية والسياسية الأميركية لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي في مجال الذكاء الاصطناعي.

من بايدن إلى ترامب: إعادة هيكلة CAISI

الجدير بالذكر أن معهد CAISI تأسس في عام 2023 في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن تحت اسم “المعهد الأميركي لسلامة الذكاء الاصطناعي”، قبل أن يعاد تنظيمه مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تم تحويله إلى أداة استراتيجية لتعزيز الريادة الأميركية في قطاع الذكاء الاصطناعي.

ويعمل المعهد اليوم في شراكة وثيقة مع شركات أميركية كبرى مثل Anthropic وOpenAI، في خطوة تؤكد رغبة الإدارة الأميركية في دمج القطاع الخاص مع الجهود الحكومية لمواجهة التحديات الصينية.

خلاصة المشهد: سباق مزدوج الأبعاد

مع تصاعد هذه التطورات، بات من الواضح أن سباق الذكاء الاصطناعي بين أميركا والصين يتجاوز البعد التقني، ليصبح سباقًا مزدوج الأبعاد:

تكنولوجي: يتعلق بالأداء والتكلفة والقدرة على الابتكار.

سياسي/أمني: يرتبط بالخطاب الرسمي، الأمن السيبراني، وتأثير النماذج على السياسات العالمية.

وإذا كانت الصين تراهن على الانتشار العالمي والانفتاح مفتوح المصدر، فإن الولايات المتحدة تركز على التحكم والحوكمة والرسائل الأمنية، ما يجعل السنوات المقبلة مرشحة لمزيد من التوتر والتنافس الاستراتيجي.

قرا ايضا:

كليك «Qlik» تطلق «Qlik Predict» لتمكين المؤسسات من التنبؤ بالذكاء الاصطناعي بدون «أكواد»

حسن عبدالله: مصر تطبق نظامًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي لمتابعة التضخم يوميًا

«أمازون» تكشف عن أجهزة «Kindle Scribe» الجديدة وتطلق أول نسخة ملوّنة بخصائص الذكاء الاصطناعي

«ذا بزنس يير» و«مشيرب العقارية» تطلقان «تحدّي الذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام» في قطر