«رانيا المشاط» لـ FinTech Gate: «السردية الوطنية» ترسم ملامح نموذج اقتصادي جديد لمصر أكثر إنتاجية وتنافسية يعتمد على التصنيع والتصدير وتمكين القطاع الخاص

فنتيك جيت: خاص

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، تستهدف تحقيق التكامل بين برنامج عمل الحكومة، ورؤية مصر 2030، في ضوء المتغيرات المتسارعة التي فرضتها المستجدات الإقليمية والدولية، بهدف التحول نحو نموذج اقتصادي يرتكز بشكل أكبر على القطاعات الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديري ، مستفيدة مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تُمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد، بما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري ويحفز مشاركة القطاع الخاص، وذلك استكمالًا لمسار الإصلاح الاقتصادي.

ثلاث ركائز أساسية للنموذج الاقتصادي الجديد

وأوضحت في حوار خاص مع بوابة التكنولوجيا المالية «فنتيك جيت FinTech Gate» أن النموذج الاقتصادي الذي تستهدف السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تحقيقه، يرتكز على 3 ركائز رئيسية هي استقرار الاقتصاد الكلي، والتحول الهيكلي نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص.

البنية التحتية ركيزة التحول الصناعي والاستثماري

وأشارت إلى أن هذا التوجه يأتي كمرحلة متقدمة في مسار تنموي بدأ منذ أكثر من عقد، حيث ضخت الدولة استثمارات ضخمة في البنية التحتية، شملت تطوير شبكات الطرق، والطاقة، والموانئ، والنقل الذكي، بهدف تهيئة بيئة مواتية للنشاط الاقتصادي، ورفع الإنتاجية، وجذب الاستثمارات.

ولفتت إلى أن الاستثمارات في مجال البنية التحتية، أرست الأساس الضروري لبناء اقتصاد أكثر ديناميكية قادر على امتصاص الصدمات الخارجية وخلق قيمة مضافة حقيقية، وزيادة قدرة الاقتصاد على توليد موارد ذاتية، ورفع كفاءة تخصيصها، وتقليص الفجوة التمويلية، من خلال تحفيز النشاط الإنتاجي التنافسي، وتوسيع قاعدة الصادرات، وزيادة التعقيد الاقتصادي، والتوسع في إنتاج المعرفة وتطوير التكنولوجيا، مما يعزز قدرة الاقتصاد التنافسية على المستوى الدولي وتحقيق معدلات نمو مستدامة.

السردية الوطنية مظلة شاملة وليست وثيقة نظرية

ونوهت بأن السردية الوطنية، أشمل من مجرد برنامج إصلاح اقتصادي، لكنها مظلة شاملة تتضمن الرؤى والاستراتيجيات الوطنية، كما أنها ليست وثيقة نظرية، لكنها تتضمن خطوات عملية واستراتيجيات تنفيذية، مثل الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية تنمية الصناعة، والتجارة الخارجية، والتشغيل، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية، منها الصناعات التحويلية والسياحة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة، كما أنها تتسم بالمرونة من خلال تضمين الاستراتيجيات المقرر صدورها مستقبلًا في مجالات تنموية مختلفة.

ارتباط السردية بالإصلاحات الهيكلية والانتقال الأخضر

وتابعت قائلة «من أجل تحقيق ذلك تستند السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية إلى البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية من خلال السياسات الداعمة للنمو والتشغيل متضمنة في محاوره الثلاثة: تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الانتقال الأخضر»، لافتة إلى أن السردية تُعد أداة ترويج لركائز الاقتصاد المصري تعكس من خلالها السياسات والإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو وجذب الاستثمار وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتسليط الضوء على الفرص القطاعية الواعدة.

خمس فصول تُحدد خارطة الطريق للتنمية الاقتصادية

وأوضحت أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، تتضمن خمسة فصولًا، يتعلق الأول منها باستقرار الاقتصاد الكلي، الذي يعد حجر زاوية وركيزة أساسية لتحقيق التنسيق بين السياستين المالية والنقدية، والتوازن بين الضبط المالي والسياسات المحفزة للاقتصاد، فضلًا عن حوكمة الاستثمارات العامة لإفساح المجال للقطاع الحاص. كما يركز الفصل الأول على التمويل من أجل التنمية، باعتباره قاسم مشترك في مختلف الخطط التنموية، لتعظيم الاستفادة من مصادر التمويل المختلفة سواء من الخزانة العامة، أو تدفقات التمويل التنموي الميسر من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، بما يخدم خطط وبرامج الدولة وتوجهاتها التنموية، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية.

الفصل الثاني: الاستثمار الأجنبي المباشر وتوطين الصناعة

بينما يُركز الفصل الثاني على الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال صياغة محفزة للاستثمار وتوطين الصناعة، بما يحفز النمو الإنتاجي طويل الأجل، ويتضمن الفصل جهود الحكومة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، والترابط بين الأولويات القطاعية فيما يعلق بالاستثمار والصناعة، وتسليط الضوء على الفرص الواعدة في الاقتصاد المصري، والإصلاحات الهيكلية الهادفة لتبسيط الإجراءات وميكنة منظومة الاستثمار.

ويتناول الفصل الثاني جهود حشد التمويلات للقطاع الخاص المحلي والأجنبي من مؤسسات التمويل الدولية، حيث أصبحت مصر منصة لجذب التمويلات الميسرة المحفزة للاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاعات متعددة.

الفصل الثالث: تنمية الصناعة وتعزيز التجارة الخارجية

وأضافت أنه من خلال الفصل الثالث تتضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، جهود الحكومة لتنمية الصناعة وتعزيز التجارة الخارجية، من خلال العمل على إعداد استراتيجية التنمية الصناعية، وتنفيذ الخطة العاجلة للنهوض بالصناعة، ووثيقة السياسات التجارية، وتحديد القطاعات الصناعية الواعدة ذات الأولوية، مع التأكيد على التكامل بين استراتيجيات الصناعة والاستثمار الأجنبي المباشر والتشغيل.

الفصل الرابع: تعزيز كفاءة وسوق العمل والتعليم الفني

وفي هذا السياق، نوهت بأن الفصل الرابع يتناول تعزيز كفاءة ومرونة العمل، من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل باعتبارها محورًا أساسيًا لتحقيق النمو وتعزيز الإنتاجية وخلق فرص عمل مستدامة، فضلًا عن توسيع نطاق المدارس الفنية ومدارس التكنولوجيا التطبيقية وتعزيز التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.

الفصل الخامس: التخطيط الإقليمي وتوطين التنمية الاقتصادية

كما أشارت إلى أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، تضمنت فصلًا خاصًا بالتخطيط الإقليمي وتوطين التنمية الاقتصادية، من أجل زيادة جهود الدولة في توطين التنمية، والتركيز على الفئات الأقل دخلًا، وتعزيز كفاءة منظومة التخطيط ويضمن تكامل الأهداف التنموية.

ويبرز في هذا الإطار ثلاثية التوطين الفعّّال، التي تقوم على الدمج المتكامل بين البرامج المحلية المطوّّرة وخطط المواطن وآليات المشاركة المجتمعية، إلى جانب التركيز على توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات.

إصلاحات هيكلية مرتبطة بمؤشرات زمنية

وصرحت بأنه لتحقيق المستهدفات الكمية التي تتضمنها «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، فإنها تتضمن قائمة من الإصلاحات الهيكلية لكل قطاعات من القطاعات، وتلك الإصلاحات مرتبطة بتوقيتات زمنية محددة، وتستهدف تلك السياسات والإصلاحات دعم النمو والتشغيل بما يسهم في تكوين رؤية متكاملة للإصلاح الاقتصادي والتنمية.
تطور الناتج المحلي.

تطور الناتج المحلي وتحوّل نموذج النمو

وفي سياق متصل، أوضحت أننا نشهد بالفعل تحول في نموذج النمو للاقتصاد المصري، وهو ما يظهر في مؤشرات نمو الناتج المحلي للربع الرابع والعام المالي الماضي 2024/2025، حيث ارتفع مُعدّل نمو الناتج الـمحلي الإجمالي لـمصر خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي 24/2025، ليُسجّل نحو 5%، مُقارنة بمُعدّل النمو الـمُسجّل خلال الرُبع الـمُناظِر من العام الـمالي السابق والذي بلغ 2.4%، وهو أعلى مُعدّل نمو ربع سنوي تم تحقيقه منذ ثلاثة أعوام. وقد سَاهَم هذا الأداء في رفع مُعدّل النمو السنوي للعام الـمالي 24/2025 إلى نحو 4.4%، مُقارنة بمُعدّل النمو الـمُتواضِع الذي تم تسجيله خلال عام 23/2024 البالغ نحو 2.4%، مُتجاوزًا بذلك مُعدّل النمو الـمُستهدف للعام والـمُقدّر بنحو 4.2%.

مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات

وأكدت أن هذه المعدلات تؤكد التعافي الـمُحقّق مرونة الاقتصاد الـمصري في مُواجهة الصدمات الخارجيّة الـمُتتالية التي تعرّض لها خلال الفترة السابقة، وذلك نتيجة للسعي الدائم لتطبيق السياسات الداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي وحوكمة الإنفاق الاستثماري العام، وتحفيز زيادة مُساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد مدفوعا باستمرار الحكومة في الالتزام بأجندة الإصلاح التي تم وضعها في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكليّة.

القطاعات القيادية في دفع النمو

وذكرت أن مُعدّل النمو الرُبع سنوي الـمُحقّق خلال الرُبع الرابع من العام الـمالي 24/2025 مدفوعًا بتوسّع عدد من القطاعات الرئيسة، مثل السياحة (19.3%)، الصناعة التحويليّة غير البتروليّة (18.8%)، والاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات (14.6%)، والوساطة الـماليّة (10.8%). كما شهِدت قطاعات أخرى انتعاشًا كبيرًا، بما في ذلك التأمين، والكهرباء، وتجارة الجُملة والتجزئة، والتشييد والبناء، مما عزّز النمو الذي شهِده هذا الرُبع.

 

اقرا ايضا:

المشاط : قطاع «الاتصالات» في مصر يسجل نموا بنسبة 14.6% في الربع الرابع 2025/2024

د. رانيا المشاط: الشركات الناشئة المصرية جذبت 2.2 مليار دولار استثمارات منذ 2020 منها 254 مليون دولار في الأشهر الـ 8 الأولى من 2025

المشاط : الدولة تتبنى رؤية استراتيجية لتمكين القطاع الخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة

رانيا المشاط : توقعات أكبر مؤسستين ماليتين في العالم للإقتصاد المصري «إيجابية» رغم حالة عدم اليقين تجاه الوضع العالمي