«مهند ياقوت» كبير محللي الأسواق بالشرق الأوسط لدى «سكوب ماركتس» يكتب: تجارة فول الصويا بين الولايات المتحدة والصين تتعثر بسبب الرسوم الجمركية
بقلم مهند ياقوت، كبير محللي الأسواق بالشرق الأوسط لدى «سكوب ماركتس»
يشهد قطاع فول الصويا الأمريكي تراجعاً حاداً في صادراته إلى الصين، في أزمة سببها بالدرجة الأولى هي الرسوم الجمركية، التي أصبحت العامل الأكثر تأثيراً في تعطيل علاقة تجارية لطالما كانت مستقرة ومثمرة للطرفين. فعلى الرغم من أن فول الصويا الأمريكي كان يُعتبر الخيار الأمثل من حيث السعر والجودة بفضل كفاءة الإنتاج وسلاسة سلاسل الإمداد، فإن فرض الصين لرسوم جمركية انتقامية تجاوزت 30%، ألغى فعلياً تلك الميزة التنافسية.
أمام هذا الواقع، أصبحت الشركات الصينية تُفضّل استيراد فول الصويا من دول مثل البرازيل والأرجنتين، حيث يمكن الحصول على إمدادات أرخص وأكثر استقراراً من الناحية التجارية والسياسية.
هذا التحول الجذري ألقى بظلاله القاتمة على المزارعين الأمريكيين الذين بنوا أعمالهم لعقود على أساس الطلب الصيني المتزايد. اليوم، يواجه هؤلاء المزارعون خسائر مالية متراكمة، حيث امتلأت صوامع الحبوب بالمنتجات غير المباعة، وتراجعت الأسعار في الأسواق المحلية، وارتفعت تكاليف التخزين والنقل دون وجود بدائل تصديرية كافية.
كما تأثرت سلاسل الإمداد بأكملها، من مرافق التجفيف والتخزين، إلى أنظمة النقل والموانئ، التي كانت مصممة لاستيعاب صادرات ضخمة إلى الصين، لكنها الآن باتت شبه مشلولة. الأزمة لا تقتصر على المزارعين فقط، بل تمتد لتشمل الاقتصاد الريفي والبنية التحتية الزراعية بشكل عام.
الأخطر في هذا المشهد أن الأضرار قد لا تكون مؤقتة.
فهذه الأزمة تسلّط الضوء على نقطة بالغة الأهمية في التجارة الدولية: الرسوم الجمركية والتهديدات المرتبطة بها لا تؤدي فقط إلى خسائر مؤقتة، بل قد تتسبب في تغييرات هيكلية طويلة الأمد. الصين، التي بدأت فعلياً ببناء سلاسل توريد بديلة تعتمد على أمريكا الجنوبية، استثمرت في بنية تحتية وموانئ وعقود طويلة الأجل مع شركاء جدد.
حتى لو قررت في المستقبل إزالة الرسوم المفروضة على المنتجات الأمريكية، فإن من غير المرجح أن تعود إلى الاعتماد على السوق الأمريكي كما كانت في السابق.
إن القصة المتعلقة بفول الصويا بين الولايات المتحدة والصين هي بمثابة تحذير للأسواق العالمية: الثقة والاستقرار في العلاقات التجارية لا يمكن تعويضهما بسهولة، وحين يتم كسر هذه الثقة، فإن استعادتها قد تكون مستحيلة، بصرف النظر عن السعر أو الجودة.
اقرا ايضا:
«مهند ياقوت» كبير محللي الأسواق بالشرق الأوسط يكتب: توقعات الأسواق تقود تحركات النفط والذهب
«آي صاغة»: أسعار الذهب تستقر محليا.. والأوقية تحقق 1.2% مكاسب أسبوعية عالميا