«رئيس القطاع المالي بـcib»: الذكاء الاصطناعي يربط بين السياسة النقدية والمالية..ويُعيد تعريف إدارة البيانات في المؤسسات الاقتصادية

فينتك جيت: ريهام علي

أكد إسلام ذكري، رئيس القطاع المالي والاستراتيجي بالبنك التجاري الدولي (CIB)، أن السياسة النقدية والسياسة المالية ليستا سياسات متنافسة كما يُعتقد، بل منظومتان متكاملتان تهدفان في جوهرهما إلى تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز معدلات النمو على المدى المتوسط والطويل، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم الأداة القادرة على تحقيق هذا التكامل بشكل علمي وفعّال.


المؤتمر الدولي الأول

جاء ذلك خلال المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي الذي تنظمه جامعة القاهرة يومي السبت والأحد 18 و19 أكتوبر 2025، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، وبمشاركة واسعة من الوزراء وصناع القرار والخبراء والأكاديميين وممثلي مؤسسات الدولة والقطاع الصناعي، وبرعاية من منظمة اليونسكو، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، وعدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية وشركات التكنولوجيا العالمية.


تكامل السياسات

وأوضح ذكري أن السياسة النقدية بطبيعتها تركز على استهداف معدلات التضخم والتحكم في المستوى العام للأسعار من خلال أدوات مثل أسعار الفائدة، وإدارة المعروض النقدي، في حين أن السياسة المالية تستهدف ضبط الإنفاق العام، وإدارة الإيرادات، وتحفيز النشاط الاقتصادي عبر الموازنات العامة والضرائب، مؤكداً أن الاختلاف في الأدوات لا يعني التعارض في الغايات، بل يعكس توزيعًا تكامليًا للأدوار لتحقيق هدف واحد: الاستقرار والنمو المستدام.


دور الذكاء الاصطناعي

وأضاف أن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي فتح آفاقًا جديدة لتحقيق هذا التكامل بين السياستين، موضحًا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولاً في الفكر الاقتصادي العالمي نحو استخدام البيانات الضخمة ونماذج المحاكاة الذكية في تحليل أثر القرارات المالية والنقدية بشكل متزامن، وهو ما يمكّن صناع القرار من رؤية الأثر الفعلي لكل خطوة في الزمن الحقيقي بدلاً من الانتظار لنتائج لاحقة أو تقديرات جزئية.


نماذج المحاكاة

وقال ذكري “العلم الاقتصادي لم يعد يكتفي بالنظريات العامة أو النماذج الخطية التقليدية. اليوم نستطيع عبر الذكاء الاصطناعي بناء نماذج محاكاة تتكامل فيها السياسة النقدية والمالية، وتُظهر انعكاس كل قرار على التضخم، والاستهلاك، والائتمان، والاستثمار في لحظته.”
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يُسهم في بناء “Digital Twins” أو توائم رقمية للاقتصاد الكلي، وهي نماذج متقدمة تُحاكي سلوك الاقتصاد بناءً على تريليونات النقاط من البيانات، موضحًا أن هذه النماذج تساعد في تقييم أثر القرارات مثل رفع أسعار الفائدة أو التوسع في الإنفاق العام على سلوك الائتمان والاستهلاك، بمستوى دقة غير مسبوق.


التحليل التنبؤي

وأضاف أن هذا التحليل التنبؤي الدقيق أصبح ممكنًا بفضل التطور الكبير في قدرة الحواسيب على معالجة كميات ضخمة من البيانات، مشيرًا إلى أن بناء مثل هذه النماذج يحتاج إلى مزيج من رأس المال البشري المتخصص والخبرة الاقتصادية التحليلية، وهو ما يجعل الاستثمار في الكفاءات التحليلية أحد أولويات القطاع المالي المصري في المرحلة المقبلة.


النماذج المصرفية

وأوضح أن البنوك المصرية، وعلى رأسها CIB، بدأت منذ سنوات في بناء نماذج تحليلية قائمة على الذكاء الاصطناعي لدراسة العلاقة بين السياسات النقدية وسلوك الائتمان في السوق المحلي، مشيرًا إلى أن الاعتماد على البيانات الحية (Real-time data) مكن المؤسسات من توقع سلوك الاقتراض والإنفاق لدى الأفراد والشركات بشكل أدق من أي وقت مضى.


دورة القرار

وقال “الذكاء الاصطناعي جعلنا نرى ما كان خفيًا في دورة السياسة النقدية — من لحظة صدور القرار وحتى انعكاسه في سلوك السوق. أصبحنا نُحلل ليس فقط البيانات الكمية، بل أيضًا البيانات النوعية مثل توجهات المستهلكين، والأخبار، والتوقعات، وكلها تدخل في نموذج القرار.”
وأكد ذكري أن التكامل بين البنوك المركزية ووزارات المالية حول العالم أصبح اليوم أكثر فاعلية بفضل نماذج المحاكاة الذكية، حيث يتم مشاركة النماذج الاقتصادية بين الطرفين لتقييم الأثر المشترك للسياسات، لافتًا إلى أن بعض المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والـOECD بدأت بالفعل تطوير نماذج مفتوحة المصدر تسمح للحكومات والبنوك باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي لمحاكاة سيناريوهات الاقتصاد الكلي قبل تنفيذ القرارات.


التعليم الاقتصادي

وأضاف أن هذه التطورات تتطلب أيضًا تطوير التعليم الاقتصادي في الجامعات المصرية، داعيًا كليات الاقتصاد وإدارة الأعمال إلى إدماج مساقات في “التمويل الكمي” (Quantitative Finance) وتحليل البيانات الاقتصادية باستخدام الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية، مؤكدًا أن خريجي الاقتصاد اليوم يحتاجون إلى فهم الخوارزميات بنفس قدر فهمهم للنظريات الكلاسيكية.


جيل جديد

وقال “نحتاج إلى جيل جديد من الاقتصاديين القادرين على بناء النماذج الذكية، وليس فقط قراءتها. فالمستقبل الاقتصادي سيُدار بالخوارزميات بقدر ما يُدار بالسياسات.”
وأكد ذكري على أن الذكاء الاصطناعي يمثل الجسر الذي سيحقق التكامل الحقيقي بين السياسة النقدية والسياسة المالية، موضحًا أن مصر تمتلك بنية معلوماتية قوية وخبرات مالية راسخة تؤهلها لقيادة هذا التحول في المنطقة، قائلاً “حين نربط البيانات بالسياسات في منظومة واحدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، سنصل إلى إدارة اقتصادية أكثر كفاءة واستباقية، تحقق استقرارًا نقديًا وماليًا يعزّز النمو المستدام.”

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها. على سبيل المثال، نستعرض أهمها في القائمة التالية:

رئيس «البنك الزراعي المصري» يبحث مع وفد من «جمهورية أنجولا» تعزيز التعاون والاستفادة من خبرات البنك في دعم وتمويل القطاع الزراعي

وزير العدل يعين «محمد فاروق» رئيسا لمصلحة الشهر العقارى رغم عدم انتهاء مدة رئيس القطاع السابق