«خبراء عالميون» يناقشون دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل الإنسان والكوكب خلال منتدى دبي للمستقبل

فينتك جيت: محمد بدوي

توقّع خبراء عالميون في اليوم الثاني من “منتدى دبي للمستقبل 2025″؛ أكبر تجمع عالمي لخبراء ومصممي المستقبل ومؤسساته الدولية من حوالي 100 دولة في “متحف المستقبل”، أن مستقبل الإنسان يمكن تصميمه وموارد الأرض يمكن استدامتها بالتعاون والشراكة وتحفيز الخيال لتحقيق الطموح بالاستفادة من التقدم العلمي والتراكم المعرفي والذكاء الاصطناعي الواعي والمسؤول.
وضمن المحاور الرئيسة الخمسة لمنتدى دبي للمستقبل 2025 والتي شمتل نظرة متعمقة في المستقبل، استكشاف المجهول، مستقبل المجتمعات، مستقبل الصحة، مستقبل الأنظمة، عرض المتحدثون رؤى استراتيجية نوعية ترسم ملامح التوجهات المستقبلية العالمية.

أي مستقبل

وضمن محور استشكاف المجهول وفي جلسة بعنوان “أي مستقبل ينتظر الأرض عندما سيذوب الجليد القطبي؟” قالت الدكتورة أليسون كريستيتيلو من مختبر الجليد الكندي: “بعد عقود من العمل في المناطق القطبية، يمكن القول إن ذوبان الجليد بات جرس إنذار حقيقي. وتتمثل الحقيقة الصادمة اليوم في أن قراراتنا وتصرفاتنا، مهما بدت صغيرة، تترك تأثيراً في أعماق الجليد القطبي. فزجاجة البلاستيك التي نرميها أو الملابس التي نرتديها قد تؤثر في نهاية المطاف على بيئات القطبين الهشة.” وأضافت بأن الترابط بيننا وبين الكوكب يستدعي إدراك مسؤوليتنا الفردية والجماعية، واتخاذ خطوات فاعلة لفهم المخاطر غير المرئية والتصدي لها قبل فوات الأوان.

بدوره قال راغنار آكسيلسون، المصور وصناع الأفلام، إن ذوبان الجليد في القطبين يترك آثاراً مدمّرة على حياة وتقاليد ومستقبل شعوب بأكملها، مشاركاً قصصاً مؤثرة تعكس مدى القلق واليأس الذي يصيب الصيادين والسكان الأصليين وهم يشهدون انهيار نمط حياتهم نتيجة التغير المناخي. وأضاف: “أؤمن بأنّ الأمل لا يقل أهمية عن أي حل تكنولوجي، وأن الفن وسرد القصص أدوات قوية لإعادة الأمل وبناء القدرة على الصمود لدى المجتمعات المنسية.”

وأشار وسيم سعيد من برنامج الإمارات القطبي إلى أنّ ما يحدث في القطبين ليس مجرد مسألة بيئية بعيدة، وإنما دلالات لمخاطر عالمية حقيقية، من ارتفاع مستويات البحار وصولاً إلى الأمن الغذائي. وأضاف بأنه لا توجد دولة بمنأى عن تداعيات ذوبان الجليد في القطبين، والذي بات يهدد سلاسل الإمداد والمناخ والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي العالمي، واختتم بالقول: “نحن أمام مسؤولية مشتركة في المواءمة بين السياسات والعلم والابتكار، والعمل معاً كعلماء وحكومات وصناع قرار وأفراد، لتعزيز مواردنا ومرونتنا وجاهزيتنا لحماية المجتمعات والاقتصادات الأكثر عرضة للخطر.”

فن يصمم

وضمن محور مستقبل المجتمعات، وفي جلسة “كيف تسهم المتاحف ومعارض الفنون في تصميم المستقبل؟” قالت مارينا بيكيه، من ميوزيام أوف تومورو، إن الهدف الأساسي من عمل الفنان يتمثل في تجسيد الدوافع والتطلعات الإنسانية. وأكدت أن التركيز ينصبّ على توفير مساحات تُمكّن من خوض تجربة متكاملة تخاطب كل الحواس. وشددت على أن العمل الجماعي القائم على التنوع الفني يثمر نتائج أفضل، رغم الصعوبات التي تأتي مع تعدد اللغات واختلاف الرؤى.

من جانبها، اعتبرت ميغن تماتي كوينيل، القيّمة على فنون الماوري والشعوب الأصلية، أن الدور المستقبلي للفنان يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية وثقافية عميقة، والتزاماً بصون المعارف البشرية الأصلية. ودعت إلى الالتزام الواعي بتعزيز التعددية والشمولية في الأصوات ووجهات النظر.

بدوره، أشار حسن رجب من ستوديو HsnRgb إلى أن التعقيد عنصر جوهري في العمل الفني، مؤكداً أهمية استكشاف هذه التعددية والصدق مع الذات في المجال الفني، لأنه يعد مصدر إلهام للإبداع الأصيل.

ابتكارات الطب

وضمن محور مستقبل الصحة، وفي جلسة “كيف تعيد الابتكارات الطبية الجذرية رسم مستقبل صحة الإنسان؟” قال البروفيسور سير كونستانتين نوفوسيلوف، من جامعة سنغافورة الوطنية: “بعض القرارات التي يصدرها الدماغ يمكن استنساخها اليوم ونحاول في أبحاثنا تعلم كيف التعامل مع التيارات العصبية للدماغ بما يمكننا من تعزيز قدرات الشفاء عبر الأدوية أو الأجهزة المختصة”. وأضاف: “أعتقد أن عقلية الناس تغيرت من التحفظ على المخترعات الجديدة إلى الفضول نحو معرفة وفهم المزيد مهما كانت الأفكار جريئة، وربما نتعلم لغة الحيوانات لنتمكن من التواصل مع أنواع أخرى من الكائنات الحية.”

الدكتور تيم سيفرز

من جانبه، عرض الدكتور تيم سيفرز، من شركة بلاك روك نيوروتك، نبذة عن واجهات الدماغ الحاسوبية، وقال: “نقوم بتطوير إلكترونيات يمكن دمجها بالدماغ البشري لنقوم برصد التيارات العصبية ودراستها فيما يتعلق بالحركة والنطق وسواها، ويتم استخدام هذه التقنيات مع المرضى الذين يعانون من صعوبة في النطق أو الحركة. والتطور الحاصل في واجهات الدماغ الحاسوبية قد يصل لمرحلة إعادة إمكانية الحركة لفاقديها أو البصر أو السمع أو اللمس.”

استشراف استراتيجي

وضمن محور نظرة متعمقة في المستقبل، ناقشت جيرالدين ويسينغ من شركة شل، ولورين برافرمان من بيبسيكو، وماريا أكورلند من إنتر إيكيا جروب، “استراتيجيات الاستشراف في الشركات العالمية”.
وأشار المتحدثون إلى التحوّل المتسارع في دور الاستشراف المؤسسي داخل الشركات العالمية، إذ لم يعد الاستشراف مجرد إنتاج لأفكار مستقبلية، بل أصبح أداة محورية في التخطيط الاستراتيجي وبناء السيناريوهات بعيدة المدى.
وشدّد المتحدثون على أهمية إشراك مختلف فرق العمل في عمليات الاستشراف، مع ضرورة تضمين أثره المباشر في القرارات الآنية والمستقبلية لضمان تبنّي الإدارات له وعدم النظر إليه كرفاهية.

وناقش المتحدثون الدور المتنامي للتقنيات الحديثة، خصوصًا الذكاء الاصطناعي، في دعم عمليات تحليل العوامل والبيئات الداخلية والخارجية التي تحكم عمل الشركات، مؤكدين أن التكنولوجيا لا يمكنها تعويض مهارات الإنسان في تخيّل المسارات المستقبلية وفهم السياقات التنظيمية المعقّدة.

محرّك

وضمن محور مستقبل الأنظمة، وفي جلسة بعنوان “كيف يتحول الخيال إلى محرك للتغيير؟”، أكد الدكتور جوليان بليكر، من مختبر نير فيوتشر” أن الذكاء الاصطناعي مسرّع وقدرة مذهلة وإمكانات هائلة، وهو أداة تساعدنا على الاستكشاف والتدرب واختبار سيناريوهات مختلفة لكننا ما زلنا من يقرر وجهتنا وطبيعة العالم الذي نرغب في أن نكون فيه.
من جهتها، قالت داون لِم، من مجلس التصميم في سنغافورة، إن استخدام الذكاء الاصطناعي للخيال أفضل مما يستطيع أيٌّ منا فعله، ومع التكنولوجيا، أصبحنا قادرين على ترجمة أكثر تصوراتنا إبداعاً وابتكاراً إلى منتجات فنية واقعية.
وعرضت ديما بولاد، رئيسة قسم أبحاث التصميم في مختبر دبي للتصميم، حاجة الخيال إلى نوع من التوجيه، ومساحة دعم ورعاية ليحدث، قائلة: “هناك قوة في جعل عقلك ينطلق نحو الاحتمالات واستكشاف الفرص العفوية. ودورنا هو الاحتفاظ بثراء خيالنا، وأن نقرر ما نفعله به بمسؤولية وأخلاق“.

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: