«مايكروسوفت»: المرحلة الحالية تُلزم الشركات بتبنّي الذكاء الاصطناعي والتطوير السريع لقدراتها الرقمية

فينتك جيت: ريهام علي

أكدت ميرنا عارف، المدير العام لأسواق الشرق الأوسط وأفريقيا للنمو بشركة مايكروسوفت، أن المرحلة الحالية تتطلب من الشركات أن تبدأ بشكل جدي ومنهجي في تبنّي الذكاء الاصطناعي وتطوير قدراتها الرقمية، مؤكدة أن المؤسسات التي ستتأخر عن هذه الخطوة ستفقد قدرتها على المنافسة في المستقبل القريب.

وقالت خلال مشاركتها في جلسة بناء منظمات تتعلم وتتكيف الذي نظمتها جامعة إسلسكا إن العالم لم يعد يسمح بأي تباطؤ، وإن سرعة التحولات التقنية تفرض على المنظمات بكل مستوياتها أن تعيد التفكير جذريًا في نماذج عملها، وفي الطريقة التي تتعلم وتُدرّب بها موظفيها، وفي آليات الإدارة واتخاذ القرار.

 

وأوضحت عارف أن المؤسسات اليوم تواجه ثلاث قضايا جوهرية أصبحت تشكل الأساس الذي يُبنى عليه نجاح أي منظمة في العصر الرقمي، مشيرة إلى أن هذه القضايا لم تعد مجرد موضوعات جانبية أو رفاهية فكرية يمكن تأجيلها، بل تحولت إلى متطلبات بقاء واستمرارية.

القضية الأولى

وقالت إن القضية الأولى ترتبط بقدرة المؤسسات على تعزيز التفاعل والمشاركة والتعاون بين الموظفين، مؤكدة أن التكنولوجيا وخاصة الذكاء الاصطناعي غيّرت طبيعة العمل، وأصبح من الضروري أن تعيد الشركات بناء بيئات عمل أكثر انفتاحًا ومرونة، تسمح بالتشارك الحقيقي في المعلومات، وتدعم اتخاذ القرار الجماعي، وتُشجّع على الابتكار داخل الفرق.

 

وشددت على أن المؤسسات التي ما زالت تعتمد على الهياكل التقليدية والإجراءات الجامدة لن تتمكن من مواكبة الواقع الجديد، لأن العالم لم يعد قائمًا على العمل الفردي، بل على شبكات مترابطة من الموظفين، والإدارات، والمؤسسات، التي تتكامل فيما بينها وتبني حلولًا وتنفيذًا مشتركًا. وأكدت أن التحول من «التنظيم الهرمي» إلى «التنظيم الشبكي» أصبح ضرورة استراتيجية، لا مجرد اتجاه إداري حديث.

القضية الثانية

وانتقلت عارف إلى القضية الثانية التي تراها «العمود الفقري للمؤسسة الحديثة»، وهي آلية اتخاذ القرار. وأوضحت أن القرارات لم تعد تُبنى فقط على الحدس أو الخبرة السابقة، بل أصبحت تحتاج إلى تحليل معمق للبيانات، وإلى أدوات رقمية تترجم الواقع المعقد إلى مؤشرات تساعد القادة على اتخاذ خطوات دقيقة وسريعة.

وأكدت أن القيادة الحديثة لا يمكن أن تنجح دون بناء منظومات تعتمد على البيانات أولًا، وعلى الذكاء الاصطناعي ثانيًا، وعلى القدرة على ربط جميع الإدارات في منظومة رقمية واحدة تضمن دقة المعلومات وسهولة الوصول إليها.

 

وكشفت عارف أن مايكروسوفت نفسها خاضت تجربة طويلة في إعادة صياغة نموذج اتخاذ القرار داخل الشركة، مؤكدة أن التحول إلى العمل بالبيانات كان أكبر تغيير في الثقافة المؤسسية، وأن الشركة اليوم تعتمد على تحليلات عميقة، ونماذج ذكاء اصطناعي، وأنظمة تواصل داخلي تُسهّل حركة المعلومات وتقلص الوقت اللازم لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.

القضية الثالثة

ثم انتقلت إلى القضية الثالثة التي وصفتها بأنها «الأكثر حساسية وتأثيرًا»، وهي كيفية تبنّي المؤسسات للذكاء الاصطناعي بطريقة صحيحة لا تضر بجوهر العمل ولا تفقد المؤسسة هويتها. وقالت إن الذكاء الاصطناعي ليس غاية بحد ذاته، وليس مجرد أداة تقنية تضاف إلى المنظومة، بل هو إطار متكامل يحتاج إلى فهم، وتدريب، وتنظيم، ورؤية واضحة.

وأكدت أن بعض المؤسسات قد تُسرف في استخدام الذكاء الاصطناعي دون خطط واضحة، فتفقد الاتصال بالعامل البشري، بينما المطلوب هو إيجاد توازن دقيق يجعل من التقنية عامل تمكين للإنسان وليس بديلًا عنه.

 

وأضافت الذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع كفاءة المؤسسات بشكل غير مسبوق، لكنه لا يمكن أن يحل محل القيم الإنسانية أو الإبداع البشري. التكنولوجيا وسيلة أما الهدف فهو تمكين الإنسان وزيادة قدرته على إنتاج قيمة حقيقية.»

منظومة مستدامة

وأكدت ميرنا عارف أن المرحلة المقبلة تتطلب من الشركات والجهات الحكومية والقطاع الخاص أن يتحركوا ضمن رؤية واضحة لبناء منظومات مستدامة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأن تتوافر لدى المؤسسات القدرة على قياس أثر التقنية، وتقييم نتائجها، وربطها مباشرة باستراتيجيات النمو والابتكار.

وأوضحت أن المؤسسات يجب أن تتساءل باستمرار: ما القيمة التي نريد تحقيقها؟ كيف سنقيس نتائج الذكاء الاصطناعي؟ وكيف سنضمن أن هذه التقنية تُستخدم بطريقة أخلاقية ومسؤولة تخدم أهداف المنظمة ولا تضر بالعاملين أو المجتمع؟

التحول الرقمي الحقيقي

وشددت عارف على أن التحول الرقمي الحقيقي لا يتحقق بمجرد إدخال أدوات جديدة، بل يتحقق بالتكامل بين التكنولوجيا والبشر، وبناء ثقافة تعلم مستمر، وتطوير المهارات على كل المستويات.

دعم المؤسسات

وأكدت أن مايكروسوفت ملتزمة بدعم المؤسسات في هذا التحول، ليس فقط عبر الأدوات والبرمجيات، بل عبر بناء شراكات طويلة الأجل، ومبادرات تدريبية، ونماذج تعاون جديدة ترفع مهارات القادة والفرق وتمنحهم القدرة على الاستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي.
وقالت هذا التحول لم يعد خيارًا… إنه مسار إجباري لبناء مستقبل مستدام وقادر على المنافسة.

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: