«خبراء يؤكدون»: التكيف والمهارات الرقمية وتمكين الكفاءات أساس بقاء المؤسسات في عصر التحول السريع

فينتك جيت: ريهام علي

أكد خبراء أن المرحلة المقبلة تتطلب رؤية جديدة تتجاوز الأساليب التقليدية، وقدرة أكبر على التكيف مع التغيرات العالمية المتلاحقة، في ظل اتساع الفجوة بين ما تقدمه المؤسسات التعليمية من مهارات وما تحتاجه الأسواق من كفاءات قادرة على التعامل مع الاقتصاد الرقمي.

جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي عقدتها جامعة إسلسكا تحت عنوان “بناء منظمات تتعلم وتتكيف” نقاشًا واسعًا بين قادة التكنولوجيا والصناعة حول مستقبل التعليم والتدريب، وضرورة إعادة صياغة نماذج التطوير المؤسسي لمواكبة التحولات السريعة في أسواق العمل

أكدت ميرنا عارف

وفي هذا السياق، أكدت ميرنا عارف، المدير العام لأسواق الشرق الأوسط وإفريقيا للنمو بشركة مايكروسوفت، أن المنطقة تمر بنقطة تحول تاريخية تفرض على الجميع إعادة التفكير في مستقبل العمل، مشيرة إلى أن التطورات التكنولوجية لم تعد مجرد توجه عالمي، بل أصبحت واقعًا يفرض نفسه يوميًا على الأفراد والمؤسسات والحكومات. وقالت إن النقاش حول المهارات الجديدة لم يعد رفاهية فكرية أو موضوعًا مستقبليًا، بل ضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل، مؤكدة أن الطريقة التي نعمل ونتعلم بها تغيّرت بشكل جذري خلال الأعوام القليلة الماضية.

احتياجات سوق العمل

وأوضحت عارف أن نموذج التدريب التقليدي لم يعد قادرًا على دعم احتياجات سوق العمل، الذي يشهد كل يوم ظهور وظائف جديدة وتخصصات لم تكن موجودة قبل سنوات، موضحة أن هذا التغير السريع يفرض على الجميع بناء منظومات تدريب ديناميكية تعتمد على التعلم المستمر والقدرة على التكيف السريع. وأشارت إلى أن مايكروسوفت تعمل مع شركائها في المنطقة على تطوير برامج تدريبية تستهدف الشباب والمهنيين والقيادات بهدف سد فجوة المهارات الرقمية. وأضافت أن التدريب لم يعد خطوة إضافية داخل المؤسسات، بل أصبح شرطًا أساسيًا لاستمرار أي فرد أو منظمة في السوق الحديث، وأن التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية بات أمرًا ملحًا لبناء جيل قادر على قيادة مرحلة التحول القادمة.

 

ومن زاوية أخرى مكملة، شدد وائل فخراني، المدير الإقليمي لشركة أدوبي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، على أن نجاح المؤسسات في البيئة المتغيرة اليوم يعتمد بشكل كبير على قدرتها على تمكين الموظفين ومنحهم مساحة حقيقية للابتكار والعمل بحرية منظمة. وقال إن المؤسسات التي تفرض قيودًا صارمة على موظفيها وتحجم قدرتهم على التفكير خارج الأطر التقليدية تفقد تدريجيًا قدرتها على الابتكار، بينما تلك التي تسمح لهم بالمحاولة والتجريب—even مع احتمال الوقوع في الخطأ—تنشئ بيئة عمل أكثر حيوية وقدرة على إنتاج حلول جديدة.

توليد الأفكار والمبادرات

وأوضح فخراني أن الموظف الذي تمنحه المؤسسة ثقتها سيتحول من مجرد منفّذ للتعليمات إلى شريك فعلي في الإنجاز، وسيصبح أكثر قدرة على توليد الأفكار والمبادرات التي تساعد المؤسسة على النمو. وأشار إلى أن الشركات العالمية الكبرى مثل Google وAdobe حققت نجاحاتها لأنها تبنّت فلسفات تجعل الإبداع جزءًا من ثقافة المؤسسة لا ميزة اختيارية، وهو ما يدل على أن قيمة المؤسسة الحقيقية لا تكمن في مبانيها أو أنظمتها، بل في عقول موظفيها. وختم قائلًا إن المؤسسات التي لا تفتح أبوابها للأفكار الجديدة تحكم على نفسها بالثبات، في حين أن الابتكار يحتاج دائمًا إلى بيئة تسمح بالتجربة والتعلم.

 

وفي امتداد لمفهوم التكيف المؤسسي، أشاد طارق كامل، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة نستله مصر والسودان، بالدور الذي لعبه العاملون في الشركة خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الإنجازات التي تحققت تمثل نتاجًا مباشرًا للالتزام وروح العمل الجماعي داخل المؤسسة. وقال إن العاملين قدموا نموذجًا حقيقيًا للتفاني، سواء في مواقع التصنيع أو في سلاسل التوريد أو في التسويق والمبيعات أو الإدارات الداعمة، موضحًا أن هذا الجهد أصبح ركيزة أساسية تعتمد عليها الشركة في مواجهة التحديات العالمية التي يمر بها قطاع الأغذية والمشروبات.

تقنية متسارعة

وأضاف كامل أن العالم يشهد تغيرات اقتصادية وتقنية متسارعة تفرض على الشركات أن تكون أكثر مرونة وقدرة على اتخاذ قرارات سريعة، مؤكدًا أن التغيير خارج المؤسسات يحدث بوتيرة تفوق بمراحل ما يحدث داخلها، وأن هذا يفرض على الشركات إعادة النظر في نماذج التشغيل القديمة. وقال إن نستله تعمل على رفع درجة المرونة التشغيلية داخل إداراتها المختلفة، ليس فقط لمواجهة المتغيرات، بل لتقديم منتجات تلبي توقعات المستهلك في أسواق تتغير احتياجاتها يومًا بعد يوم. وشدد على أهمية تعزيز التعاون الداخلي بين فرق العمل لضمان استمرارية النجاح، معتبرًا أن المرحلة الحالية تتطلب من الشركات العالمية والإقليمية أن تُبقي ابتكارها في حالة حركة مستمرة.

 

وفي سياق موازٍ، أكد كريم ياسين، المدير العام لشركة بروكتر آند غامبل مصر، أن تمكين المرأة يمثل أحد العناصر الجوهرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحًا أن الشركة تبنّت استراتيجية واضحة لدعم المرأة داخل مكان العمل وخارجه. وقال إن النساء في المنطقة يواجهن تحديات لا تعكس إمكاناتهن الحقيقية، وإن تمكينهن يبدأ بإتاحة الفرصة لهن للتعلم والمشاركة وبناء المهارات. وأوضح أن بروكتر آند غامبل تعتمد على فلسفة “الفرصة للجميع”، والتي تقوم على توفير بيئة عادلة تسمح للجميع—رجالًا ونساءً—بالتطور والمشاركة في اتخاذ القرار.

التحولات المتسارعة

وأشار ياسين إلى أن التحولات المتسارعة في الأسواق العالمية تفرض على الشركات تعزيز ثقافة التغيير والانفتاح على التطورات الجديدة، محذرًا من أن الشركات التي لا تتبنّى التغيير ستكون خارج المنافسة خلال سنوات قليلة. وأكد أن بروكتر آند غامبل تمتلك تاريخًا طويلًا في دعم المرأة من خلال برامج التدريب والتمكين والشراكات المجتمعية، وأن هذا الالتزام ليس مجرد مبادرات رمزية بل جزء من إستراتيجية عالمية تعتمد على بناء قدرات النساء والشباب لمواجهة المستقبل.

 

وبذلك ربط الخبراء في هذه الجلسة بين ثلاث ركائز أساسية لتحوّل المؤسسات المعاصرة: التعليم المستمر، وتمكين الموظفين، وبناء بيئات عمل مرنة وشاملة. واتفقوا جميعًا على أن المنطقة تمتلك الإمكانات لتكون في مقدمة التحول العالمي، شريطة أن تتحرك بسرعة وتعيد صياغة نماذج العمل والتدريب، بحيث تصبح المؤسسات قادرة على التعلم والتكيف في عالم لا يتوقف عن التغيير.

في هذا السياق، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من الأخبار المرتبطة بالقطاع والتي يمكنك متابعتها: