«الرئيس التنفيذي لشركة بُكرة»: مشاركة الدولة في المراحل الأولى توفر ضمانًا أساسيًا لاستمرارية المشروعات وتنميتها
فنتيك جيت : مصطفي عيد
قال أيمن الصاوي، الرئيس التنفيذي لشركة «بُكرة» (Bokra)، إن أحد أهم الأسئلة المطروحة حاليًا يتمثل في كيفية إتاحة أدوات تمويل واستثمار تسمح بمشاركة شرائح أوسع من المستثمرين، خاصة من أصحاب القدرات المالية المحدودة، في مشروعات الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، متسائلًا عما إذا كان هذا الطموح قابلًا للتطبيق على نطاق واسع أم لا يزال فكرة صعبة التحقيق.
وأوضح الصاوي خلال كلمته فى الجلسة الثالثة ضمن فعاليات مؤتمر حابي السنوي السابع، أن طبيعة مشروعات الشراكة في مصر تتيح فرصًا استثمارية جذابة، حيث تطرح الدولة المشروع وتشارك فيه، أو تضمن جزءًا من تدفقاته، بما يجعل المنتج الاستثماري واضحًا ومحدد المعالم، سواء من حيث العائد أو المخاطر، وهو ما يمنح المستثمر قدرًا عاليًا من الاطمئنان. وأضاف أن قيمة المشروع تكون معروفة، والجهة التي تشتري أو تستثمر تكون على دراية كاملة بما تحصل عليه، وهو ما يمثل فرصة كبيرة حتى لصغار المستثمرين الذين قد لا تتاح لهم عادة فرصة الدخول في مثل هذه المشروعات.
وأشار إلى أن التحدي لا يكمن في غياب التمويل، بل في وضوح الفكرة وقوة الأساس الاقتصادي للمشروع، مؤكدًا أنه لا يوجد مشروع غير قابل للتمويل إذا كان تصميمه سليمًا، وكانت أسسه الاقتصادية صحيحة. ولفت إلى أن التمويل في مصر متاح، بعكس ما يعتقده البعض، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية عرض المشروع، ووضوح علاقاته التعاقدية، وتحديد مسؤوليات كل طرف بشكل صريح.
وأكد الصاوي أن الجهات الممولة، سواء بنوك أو مستثمرين، تنظر دائمًا إلى أساسيات المشروع، وليس فقط إلى الجهة القائمة عليه، موضحًا أن البنك في النهاية يبحث عن مشروع قادر على توليد تدفقات نقدية تضمن استرداد التمويل وتحقيق العائد. وأضاف أن النظرة السائدة التي تعتبر أن التمويل غير متاح أو شديد الصعوبة هي نظرة غير دقيقة، لأن التمويل يتدفق تلقائيًا عندما تكون دراسة الجدوى قوية ومبنية على أسس صحيحة.
وأوضح أن أي مشروع شراكة ناجح يجب أن يستند إلى مجموعة من الأسئلة الأساسية، من بينها: هل هناك دراسة جدوى سليمة؟ هل تم تحديد المسؤوليات بوضوح بين الدولة والقطاع الخاص؟ كيف سيتم التعامل مع المخاطر؟ وكيف سيتم توزيعها؟ وما هي آليات التدخل عند حدوث أزمات أو تأخيرات في التنفيذ؟
وأشار إلى أن تأخر تنفيذ المشروعات يؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة التكلفة وارتفاع الأسعار، وهو ما يخلق دورة من الأزمات، خاصة في مشروعات القطاع الخاص، مؤكدًا أن غياب الوضوح في توزيع الأدوار بين الصح والخطأ يؤدي إلى مشكلات كبيرة. وأضاف أن هناك نماذج نجحت الدولة في التعامل معها بحكمة، ونماذج أخرى تعثرت لأسباب تتعلق بسوء الإدارة أو غياب الإطار الواضح.
وأكد الصاوي أن دخول الدولة في المرحلة الأولى من أي مشروع شراكة يعد عنصر حماية أساسي للقطاع الخاص، حيث تتحمل الدولة جزءًا من المخاطر في البداية، ثم تتيح المجال للقطاع الخاص لاستكمال المشروع والبناء على ما تم إنجازه، موضحًا أن القطاع الخاص لا يمكنه العمل منفردًا في بعض المشروعات دون وجود مظلة حماية من الدولة.
وشدد على أن النموذج الأمثل يتمثل في حماية من الدولة مع إدارة من القطاع الخاص، بحيث تضع الدولة الإطار العام والضمانات، بينما يتولى القطاع الخاص الإدارة والتشغيل بكفاءة. وأضاف أن الخطأ في اتخاذ القرارات الضارة غير مقبول، خاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق المستخدمين أو المشترين، مؤكدًا أن المستثمر قد يتحمل المخاطر، لكن لا يجوز تحميلها للمستهلك النهائي.
وأوضح أن الدولة يجب أن تشارك في تحديد المخاطر التي يمكن تحملها، وفي إدارة المناطق الجديدة وفق نموذج عالمي، يعتمد على التخطيط المسبق والبنية التحتية القوية، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا أصبحت عنصرًا حاسمًا في نجاح هذه النماذج، وأن غيابها يمثل خسارة حقيقية.
وأشار الصاوي إلى أن مصر تمتلك فرصًا كبيرة مقارنة بتجارب إقليمية مثل السعودية والإمارات، مؤكدًا أن السوق المصري يضم جميع أدوات التمويل المتقدمة، مثل التوريق، والتصكيك، والسندات بمختلف أنواعها، وسندات رأس المال، وغيرها من الأدوات التي لا تزال غير مستغلة بالشكل الكافي.
وأضاف أن التمويل الصحي يجب أن يكون موجهًا لمشروعات محددة بوضوح، ذات مخاطر معروفة، وتكاليف محددة، وأطراف واضحة، بما يسمح للممول بحساب العائد والمخاطر بدقة. وأكد أن المستثمر لا يبحث فقط عن سعر التمويل، بقدر ما يبحث عن وضوح الرؤية، ومعرفة طبيعة المشروع، والمخاطر المحتملة، وآليات التعامل معها.
وأوضح أن المشكلة الكبرى تظهر عندما تتدفق الأموال دون رقابة أو حوكمة واضحة على تفاصيل المشروع، وهو ما يؤدي إلى إهدار الموارد وتعثر المشروعات، مؤكدًا أن الحوكمة تمثل العنصر الغائب في كثير من الأحيان، وأن تفعيلها بشكل حقيقي هو الطريق لضمان استدامة التمويل ونجاح مشروعات الشراكة.
وأكد على أن مصر تمتلك كل المقومات والأدوات اللازمة لإنجاح نماذج الشراكة والتمويل المتقدم، لكن التحدي الحقيقي يكمن في وضوح الأفكار، وقوة الحوكمة، وبناء المشروعات على أسس اقتصادية سليمة تضمن جذب التمويل وتحقيق العائد والتنمية في آن واحد.
روابط ذات صله :
مؤسس «بُكرة»: ضرورة بناء منتج يمكن اختباره فعليًا في السوق قبل البحث عن التمويل
شراكة حصرية بين «بُكرة» و«cardoO» لإطلاق برنامج «حوّشلي شكرًا»
«بُكرة» تستعد لإصدار صندوق صكوك بـ20 مليار جنيه لدعم المشروعات القومية









