فنتيك جيت : مصطفي عيد
قال عاطر حنورة، رئيس الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، إن الفترة الممتدة منذ عام 2011 وحتى ما بعد 2013 شهدت تحديات استثنائية أثّرت بشكل مباشر على مناخ الاستثمار، في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي استمرت آثارها حتى عام 2019، وهو ما انعكس على قدرة القطاع الخاص على العودة بقوة للمشاركة في المشروعات الكبرى.
وأوضح حنورة خلال مشاركته فى الجلسة الثالثة لمؤتمر حابي السنوى السابع، تحت عنوان “الشراكة مع القطاع الخاص.. رافعة مهمة للنمو المتوازن”، أن تلك المرحلة اتسمت بارتفاع مستويات المخاطر، ما انعكس بدوره على تكلفة التمويل، حيث كانت تكلفة الاقتراض مرتفعة نتيجة احتساب ما يُعرف بعلاوة المخاطر، الأمر الذي جعل الدخول في عقود طويلة الأجل تمتد إلى 20 و25 عامًا يمثل عبئًا كبيرًا، خاصة مع ارتفاع تسعير الخدمات طوال فترة التعاقد.
وأضاف أن الدولة، رغم تلك التحديات، نجحت في تمرير وتنفيذ عدد كبير من المشروعات خلال هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن مشروعات الشراكة التي تم العمل عليها كانت عالية المخاطر، لكن تم التعامل معها من خلال آليات مرنة سمحت باستمرار التنفيذ. ولفت إلى أن من بين أبرز هذه المشروعات مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، وعلى رأسها محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي أحدثت زخمًا كبيرًا في السوق.
وأشار إلى أن الدولة بدأت تنفيذ هذه المشروعات فعليًا منذ عام 2015، ودخل عدد منها حيز التشغيل بين عامي 2017 و2019، موضحًا أن بعض هذه المحطات يعمل منذ سنوات طويلة، وشملت مواقع متعددة في مناطق مختلفة، سواء داخل مصر أو في إطار شراكات إقليمية ودولية، وهو ما يعكس تطورًا ملحوظًا في منظومة الشراكة مع القطاع الخاص.
وأكد رئيس الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص أن جوهر هذه المنظومة يتمثل في التحول بدور الدولة من مقدم مباشر للخدمة إلى منظم ومراقب لها، مع إسناد التشغيل والإدارة إلى القطاع الخاص، معتبرًا أن هذا التحول يُعد نقطة محورية وأساسية في فلسفة الشراكة.
وشدد حنورة على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في إدارة المشروع ذاته، نظرًا لامتلاك مصر كوادر قوية في إدارة المشروعات، وإنما في إدارة العقود طويلة الأجل، وهي مهمة حديثة نسبيًا فرضتها طبيعة عقود الشراكة الممتدة لـ20 و30 عامًا. وأوضح أن إدارة العقد تمثل عنصر الحسم في نجاح المشروع أو تعثره، حيث إن أي خلل في إدارة العلاقة التعاقدية قد يؤدي إلى خسائر لجميع الأطراف، سواء الحكومة أو المستثمر أو جهات التمويل.
وأضاف أن الحكومة في مشروعات الشراكة لا تتدخل في التشغيل اليومي، لكنها تكون طرفًا أصيلًا في إدارة العقد، بما يضمن استمرارية المشروع وحماية مصالح جميع الأطراف على مدار سنوات التنفيذ. وأكد أن العقود يجب أن تكون محكمة الصياغة، تتضمن تفاصيل دقيقة تنظم العلاقة بين الطرفين، وتضع سيناريوهات واضحة للمشكلات المحتملة وآليات التعامل معها.
وأوضح أن مشروعات المرافق العامة، مثل محطات المياه أو التحلية، لا تحتمل التوقف أو التعثر، ولا يمكن إخضاعها لنفس منطق المشروعات التجارية التقليدية، نظرًا لارتباطها المباشر بحياة المواطنين، مشددًا على أن هذه المشروعات تتطلب أطرًا تعاقدية شديدة الانضباط تضمن استمرار الخدمة دون انقطاع.
وأشار حنورة إلى أن وزارة المالية تلعب في بعض المشروعات دور الضامن، دون أن تتحمل التزامات مالية مباشرة، موضحًا أن تمويل مشروعات الشراكة يعتمد بالأساس على نظام التمويل بالمشروع (Project Financing)، حيث يكون المشروع نفسه وتدفقاته النقدية هي الضمان الحقيقي، وليس الموازنة العامة للدولة.
وأكد أن هذا النموذج أتاح تطوير أدوات تمويل جديدة، وأسهم في جذب القطاع الخاص المحلي والإقليمي والدولي، لافتًا إلى أن مصر باتت تمتلك اليوم رأس مال بشري قادرًا على إدارة هذه العقود المعقدة، وهو ما انعكس في تقليل اللجوء إلى التحكيم الدولي، وتحسين كفاءة إدارة النزاعات التعاقدية.
كما أكد على أن ما تحقق يمثل نموذجًا متطورًا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة لم تعد تقتصر على مستثمرين محليين فقط، بل امتدت لتشمل شركاء عرب ودوليين، في إطار منظومة متكاملة تسعى لتحقيق التنمية المستدامة وضمان استمرارية الخدمات العامة بكفاءة عالية.
روابط ذات صله :
الحكومة المصرية توافق على طرح وإنهاء تعاقدات 9 مشروعات جديدة بنظام المشاركة مع «القطاع الخاص»
مصر تبحث مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين عقد شراكات استراتيجية تُدعم جهودها للتنمية الاقتصادية
«رئيس شركة القناة للتوكيلات الملاحية»: شراكة الدولة والقطاع الخاص ضرورة لاستدامة النمو الاقتصادي









