«بافل سبيرين» الرئيس التنفيذي للنمو في «روسترو» يكتب: الاستثمار المسؤول في «السوق الرقمية» بدولة «الإمارات»
فنتيك جيت: محمد بدوي
يتطور المشهد المالي في دولة الإمارات بوتيرة سريعة بفضل التقنيات الحديثة، التي أتاحت للمواطنين والمقيمين الوصول الفوري إلى الأسواق المحلية والعالمية من خلال التطبيقات الذكية والمنصات الإلكترونيه، مما فتح آفاقاً جديدة لتداول الأسهم والعملات والسلع والمشتقات المالية بسهولة ويسر. ومع ذلك، يتطلب تعزيز الوصول إلى الأسواق التحلي بالمسؤولية، إذ يتعيّن على المستثمرين وضع أهداف واضحة، وإدارة المخاطر بفعالية، وضمان الشفافية الكاملة، بما يمكنهم من اتخاذ قرارات مالية سليمة تحمي مصالحهم الاقتصادية.
تحديد الأهداف وإدارة المخاطر
تبدأ رحلة الاستثمار الناجحة بتحديد أهداف واضحة، فالمستثمر الذي يطمح إلى تنمية ثروته على المدى الطويل، أو تحقيق دخل ثابت، أو تنويع أصوله، أو اكتساب خبرة معمّقة في الأسواق، يجب أن يكون مدركاً للغاية من كل استثمار يقوم به. وبغياب هذا الوضوح، يتعرض المستثمرون لخطر دخول صفقات غير مدروسة تعتمد على اتجاهات السوق أو المضاربة قصيرة الأجل، مما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.
وتمثل إدارة المخاطر عاملاً مهماً أيضاً، لا سيما مع تنوع المنتجات المالية في السوق الإماراتية، مثل الفوركس والعقود مقابل الفروقات، والتي تعتمد على الرافعة المالية. وهو ما يرفع مستويات المكاسب والخسائر المحتملة، ويتطلب من المستثمرين فهماً دقيقاً لطبيعة المخاطر. وتشمل أبرز استراتيجيات إدارة المخاطر وضع حدود للخسائر، وضبط حجم التداول، وتنويع الاستثمارات لتشمل فئات أصول متعددة. ولا يتمثل الهدف من هذه الاستراتيجيات بتجنب المخاطر بالكامل، بل بضمان توافقها مع القدرة المالية للمستثمر وقدرته على تحمل الخسارة.
وتلعب الشفافية دوراً محورياً في تحقيق استثمار مسؤول. فالاختيار الواعي لمنصات التداول ومقدمي الخدمات الذين يوفّرون بنى سعرية واضحة وشروطاً مفهومة وكشفاً كاملاً عن الرسوم، يمكّن المستثمرين من اعتماد خيارات مدروسة. وفي هذا الإطار، تسعى الهيئات التنظيمية، مثل هيئة الأوراق المالية والسلع، وسلطة دبي للخدمات المالية، وسلطة تنظيم الخدمات المالية، إلى تعزيز اللوائح التي تشجع على الشفافية وتحمي حقوق المستثمرين. كما أن التعامل مع مقدمي الخدمات المرخصين لدى هذه الهيئات يقلل من المخاطر المتعلقة بالتكاليف الخفية والشروط التعاقدية غير الواضحة.
التكنولوجيا والانضباط في السوق
أحدثت التكنولوجيا تحولاً جذرياً في طريقة تعامل المستثمرين مع الأسواق المالية. فتطبيقات التداول على الهاتف المحمول، والبيانات الفورية، والأدوات الآلية رفعت من مستوى الكفاءة وسهّلت الوصول إلى المعلومات، مما يتيح للمستثمرين اتخاذ قرارات سريعة لمواكبة التغيرات في السوق. ورغم هذا التقدم، يجب النظر إلى التكنولوجيا على أنها أداة دعم لا تحل مكان خبرة المستثمر وتحليلاته.
ويجدر بالمستثمرين الجدد توخي الحذر من الاعتماد المفرط على الإشارات الآلية أو خوارزميات التداول، ما لم يكن لديهم فهم كامل للمبادئ المالية الأساسية. ويمثل الحفاظ على منهجية منضبطة، واتخاذ القرارات تستند إلى تحليلات شاملة بعيداً عن التأثير العاطفي، أمراً في غاية الأهمية. فردود الفعل المتسرعة تجاه تحركات السوق، وخاصة في البيئات المتقلبة، يمكن أن تقوض الأهداف المالية طويلة الأجل.
توسع نطاق المعلومات المالية المتاحة على نحو ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المصادر لم تكن جميعها موثوقة أو ملائمة للسياق في دولة الإمارات. ويمكن أن تقدم منصات التواصل الاجتماعي والمنتديات الإلكترونية آراءً تفتقر إلى العمق الواقعي والفهم المحلي الدقيق. لذا ينبغي على المستثمرين أن يمنحوا الأولوية للموارد التعليمية الموثوقة، وأن يعتمدوا نهجاً نقدياً في التعامل مع المعلومات التي قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة.
وتكتسب معرفة العوامل الاقتصادية المحلية أهمية كبرى، ففي حين تلقي الأحداث العالمية بظلالها على أسعار الأصول، يبرز التأثير الكبير لارتباط الاقتصاد الإماراتي بأسعار النفط والإنفاق الحكومي وأداء القطاعات الرئيسية مثل العقارات والسياحة، على سلوك السوق. وتساعد متابعة هذه التوجهات الإقليمية المستثمرين على تقييم المخاطر وتحديد الفرص الاستثمارية بدقة أكبر.
بناء منهجية استثمارية مستدامة
تواصل البنية التحتية للسوق الإماراتية تطورها، لتوفر للمستثمرين ظروفاً ملائمة تمنحهم القدرة على صياغة مستقبلهم المالي. ومع ذلك، لا يكفي الوصول إلى هذه الإمكانات وحده لتحقيق النجاح. فالاستثمار المسؤول يتطلب الجمع بين توظيف الفرص والتخطيط الدقيق والانضباط والتعلم المستمر.
ويحظى المستثمرون الذين يضعون أهدافاً واضحة، ويدركون المخاطر وكيفية إدارتها بفعالية، ويختارون مقدمي خدمات يتمتعون بالشفافية، ويستخدمون التكنولوجيا بحكمة، بأدوات أفضل للتعامل مع معطيات السوق. كما يضمن الاطلاع الدائم على التوجهات الاقتصادية على المستويين العالمي والإقليمي، اتخاذ قرارات قائمة على أساس اقتصادي سليم. والأهم من كل ذلك، يتيح التحلي بالانضباط لتجنب القرارات المتسرعة، للمستثمرين حماية رؤوس أموالهم وضمان نمو ثابت ومستقر.
وفي سوق تتسم بوتيرتها السريعة، تصبح القدرة على التريث واتخاذ القرارات المدروسة ميزة مهمة. ومع نضوج المنظومة المالية في دولة الإمارات، يعزز المستثمرون الذين يتبنون منهجية مستدامة ومدروسة قدرتهم على تحقيق أهدافهم المالية على المدى الطويل.
روابط ذات صلة:
«وزارة المالية الإماراتية» و «صندوق خليفة» يوقعان مذكرة تفاهم لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة









