«ستاندرد تشارترد»: طفرة الذكاء الاصطناعي تقود الأسواق نحو «فقاعة نمو» خلال 2026
مدعومة بتيسير السياسات النقدية وتراجع التوترات التجارية
فنتيك جيت: مصطفى عيد
أصدر بنك ستاندرد تشارترد تقريره السنوي الشامل لآفاق الاقتصاد العالمي لعام 2026، حيث يتوقع خبراء البنك أداءً استثنائياً للأصول الخطرة في العام القادم، مدفوعاً باستمرار طفرة الذكاء الاصطناعي واتباع سياسات مالية ونقدية توسعية في الاقتصادات الكبرى، مع الإشارة إلى أن الأسواق ستشهد حالة من التباين المتزايد في الأداء مما يستوجب اتباع استراتيجيات تنويع دقيقة تشمل فئات أصول أوسع،
كشف التقرير الاقتصادي عن ثلاثة محاور رئيسية ستحكم المشهد المالي في 2026، يأتي على رأسها قطاع الأسهم الذي يواجه جدلاً متصاعداً حول تقييمات الذكاء الاصطناعي، بينما يركز المحور الثاني على تفوق سندات الأسواق الناشئة على نظيرتها في الأسواق المتقدمة، في حين يتناول المحور الثالث الذهب والعملات البديلة مثل الين الياباني واليوان الصيني كأدوات أساسية للتحوط والتنويع في ظل ضعف متوقع للدولار الأمريكي،
أفاد محللو ستاندرد تشارترد بأن قطاع التكنولوجيا والمدفوعات الإلكترونية سيكون المستفيد الأكبر من تدفق السيولة الناتج عن خفض أسعار الفائدة عالمياً، حيث يسهم تراجع تكاليف التمويل في تسريع وتيرة تبني حلول الدفع المتقدمة القائمة على السحابة والذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يعزز من كفاءة العمليات التشغيلية للشركات ويدفع بأرباح قطاع التكنولوجيا إلى مستويات قياسية تتجاوز التوقعات المتفائلة، رغم التحذيرات من وصول بعض التقييمات إلى مستويات تشبه الفقاعات المالية،
أكد البنك في رؤيته الاستراتيجية أن طفرة الذكاء الاصطناعي ليست مجرد موجة عابرة بل هي محرك أساسي لنمو الإنتاجية العالمي، مشيراً إلى أن نمو الأرباح القوي المدفوع بالابتكار التكنولوجي سيكون كافياً للتغلب على التقييمات المرتفعة، ومع ذلك يشدد التقرير على ضرورة أن يبدأ المستثمرون في تنويع محافظهم بعيداً عن التركيز المفرط على شركات التكنولوجيا الكبرى فقط، والبحث عن فرص في قطاعات مكملة مثل أشباه الموصلات وبنية مراكز البيانات وأنظمة الدفع الرقمي عبر الحدود،
توقعت الورقة البحثية للبنك أن تشهد التجارة العالمية حالة من الهدوء النسبي مع تراجع حدة النزاعات التجارية، مما ينعكس إيجاباً على تدفقات رؤوس الأموال ونشاط شركات التكنولوجيا المالية التي تعتمد على حركة التجارة الدولية، حيث يؤدي استقرار سلاسل الإمداد وتخفيف القيود الجمركية إلى زيادة حجم المعاملات الإلكترونية ونمو قطاع “اشترِ الآن وادفع لاحقاً” وحلول الدفع للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر الائتمانية،
أشارت التقديرات المالية إلى أن عام 2026 سيكون عام “الدخل” بامتياز في الأسواق الناشئة، حيث يتوقع البنك أن تتفوق السندات المقومة بالدولار والعملات المحلية في الدول الناشئة على سندات الأسواق المتقدمة، وذلك بفضل العوائد الجذابة وقدرتها على توفير تنويع حقيقي للمحافظ الاستثمارية بعيداً عن التوقعات التي تركز فقط على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهو ما يمثل فرصة استثمارية هامة لمديري الأصول الباحثين عن عوائد مستقرة في بيئة تتسم بضعف العملة الأمريكية،
أوضح التقرير أن الهند والصين تم رفعهما إلى درجة “زيادة الوزن الاستثماري” (Overweight) ضمن المحفظة العالمية، حيث تستفيد الهند من نمو هيكلي قوي وتدفقات استثمارية في قطاع الخدمات التكنولوجية والبرمجيات، بينما تظهر الصين علامات تعافٍ مدعومة بسياسات تحفيزية حكومية تهدف إلى تعزير الاستهلاك الداخلي ودعم قطاع الابتكار الرقمي والمدفوعات الجوالة التي تقود فيها الصين العالم بأسره، مما يجعل الأسهم الصينية خياراً جذاباً من حيث القيمة والنمو المستقبلي،
حذّر ستاندرد تشارترد من أن الرهان على استمرار قوة الدولار الأمريكي قد يكون محفوفاً بالمخاطر في 2026، حيث تشير الدلائل إلى احتمالية ضعف إضافي للعملة الخضراء نتيجة العجز المالي المتزايد وتحول السياسة النقدية الأمريكية نحو التيسير، مما يجعل الذهب مرشحاً بقوة لمواصلة مكاسبه التاريخية، كما يبرز الين الياباني كأداة تنويع حاسمة في حال حدوث أي تقلبات مفاجئة في الأسواق أو تحول في سياسة بنك اليابان نحو رفع الفائدة بشكل أكثر عدوانية،
أفادت المراجعة الاقتصادية بأن قطاع المدفوعات الإلكترونية سيتأثر بشكل مباشر بتوجه البنوك المركزية نحو استكشاف العملات الرقمية (CBDCs)، حيث يرى البنك أن عام 2026 قد يشهد قفزة في التجارب العملية لهذه العملات، مما يتطلب من شركات التكنولوجيا المالية تحديث بنيتها التحتية لتتوافق مع هذه المعايير الجديدة، وهو ما سيخلق موجة جديدة من الاستثمارات في برمجيات المحفظة الرقمية وأنظمة التسوية الفورية التي تعتمد على تكنولوجيا السجلات الموزعة (Blockchain)،
نبه الخبراء إلى وجود مخاطر جوهرية قد تفسد هذا المشهد التفاؤلي، ومن أبرزها احتمال حدوث “خيبة أمل” في عوائد استثمارات الذكاء الاصطناعي إذا لم تترجم التكنولوجيا إلى أرباح ملموسة بالسرعة المتوقعة، أو وقوع أزمة ائتمانية معدية ناتجة عن مستويات الدين المرتفعة، بالإضافة إلى خطر قيام الفيدرالي الأمريكي بعكس مسار خفض الفائدة إذا عاد التضخم للارتفاع بشكل مفاجئ، مما قد يؤدي إلى تصحيح حاد في أسعار الأصول المبالغ في تقييمها،
ذكر التقرير أن استراتيجية الاستثمار المثالية للعام القادم يجب أن تعتمد على ثلاثة محاور: أولاً اقتناص فرص النمو في الأسهم العالمية مع التركيز على الهند والصين، ثانياً تعظيم الدخل من خلال سندات الأسواق الناشئة، وثالثاً حماية المحفظة عبر الذهب والعملات البديلة، مع ضرورة الحفاظ على مرونة عالية للتحرك السريع في حال تحقق أي من المخاطر الجيوسياسية أو المالية التي قد تطرأ على الساحة الدولية،
يرى ستاندرد تشارترد أن التكنولوجيا المالية “Fintech” ستنتقل من مرحلة النمو الكمي إلى مرحلة النضج النوعي، حيث ستلعب الشراكات بين البنوك التقليدية وشركات التقنية دوراً محورياً في تقديم خدمات مالية مخصصة تعتمد على البيانات الضخمة، وهو ما سيعزز من الشمول المالي في الأسواق الناشئة ويدفع بقطاع المدفوعات نحو آفاق جديدة من الابتكار، خاصة مع تزايد الاعتماد على المصادقة البيومترية وأنظمة كشف الاحتيال المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تزيد من ثقة المستهلكين في القنوات الرقمية،
ختم البنك تقريره بالتأكيد على أن مفهوم “الفقاعات” لا يعني بالضرورة انفجارها الوشيك، بل يشير إلى بيئة استثمارية تتسم بالوفرة النقدية والتفاؤل التكنولوجي، مما يتطلب من المستثمرين التحلي بالذكاء في اختيار الأصول والابتعاد عن القطيع، مع التركيز على الشركات التي تمتلك تدفقات نقدية حقيقية ونماذج أعمال مستدامة قادرة على الصمود في وجه أي تقلبات اقتصادية قد تنتج عن تحولات السياسة الكلية أو الصدمات الخارجية، حيث يظل التنويع هو الدرع الواقي في عالم مالي يزداد تعقيداً وترابطاً يوم بعد يوم.
روابط ذات صله :
شراكة بين «ستاندرد تشارترد» و«Bupa Global» و«WHOOP» لتعزيز التأمين الطبى والصحي للعملاء
رغم مخاوف «الفقاعة».. الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي يتجاوز تريليوني دولار في 2026









